هو وهي

المرأة تفاخر بنجاح زوجها المهني فهل يبادلها بالمثل؟
إعداد: ريما سليم ضوميط

في معظم المجتمعات، ولا سيّما العربيّة منها، تفاخر النساء بنجاح أزواجهن ويعتبرن ارتقاءهم في السلّم الوظيفي نجاحًا للأسرة بكاملها. لكنّ الوضع يختلف حين تنقلب الأدوار، فنجاح المرأة المهني قد لا يلاقي الترحيب نفسه، وخصوصًا إذا ما تفوّقت من خلاله على زوجها، لأنّه يمكن أن يؤدّي حينئذٍ إلى ردود فعل سلبيّة تهدّد استقرار الزواج ونجاحه.
فما الأسباب التي تجعل الرجل يخشى نجاح زوجته؟

 

إنّ نجاح المرأة في وظيفتها لا يُعتبر بحدّ ذاته تهديدًا لزواجها ولا يشكّل أي خطر عليه. أمّا الخطر الفعلي فينتج عن اختيارها الشريك غير المناسب، أي ذاك الذي لا تتوافر فيه مقوّمات الزوج المنفتح، المحبّ، والدّاعم لزوجته، بحسب ما تشير مستشارة العلاقات الزوجيّة السيدة أنجي سعاده. وهي توضح أن الرجل السوّي هو الذي يقف إلى جانب زوجته ويدعمها في نجاحها المهني، لا بل إنّه يساهم أيضًا في هذا النجاح بأشكالٍ مختلفة، قد يكون من بينها المساعدة في الواجبات المنزليّة أو العناية بالأولاد، بالإضافة إلى تأمين أجواء مريحة في المنزل. ويتميّز هذا النوع من الرّجال عادةً بالنضج الذهني والانفتاح الفكري، إذ إنّه ينظر إلى نجاح زوجته كنجاح للعائلة بأسرها ويتقبّله برحابة صدر وسرور.
أمّا الرجل الذي يعاني مركّبات نقصٍ، فينظر إلى نجاح زوجته نظرة مغايرة تمامًا إذ يرى فيه تهديدًا له، وبدلًا من أن يسعى إلى مساندتها في تقدّمها المهني، فإنّه يحاول عرقلته بمختلف الطرق، فتراه يتّهمها بالتقصير في واجباتها المنزليّة تارةً وبإهمالها الأولاد تـارةً أخـرى.

 

من هم المعرقلون؟
توضح السيدة سعاده أن هناك عدّة نماذج من الرّجال الذين يتعاطون بسلبية تجاه نجاح زوجاتهم لأسبابٍ تتعلق بخللٍ في شخصيتهم. فهناك مثلًا الزوج الأناني الذي يريد الاستئثار باهتمام زوجته، ولذلك فإنّه لا يشجّعها على النجاح أو التقدّم كي لا يسرق عملها جزءًا من اهتمامها به، بل يريدها حاضرة دائمًا لتلبية جميع حاجاته وطلباته من دون منافس. وهناك أيضًا الزوج الضعيف الشخصيّة، الذي يفتقر إلى الثقة بالنفس وتقدير الذّات، لذلك فهو يشعر بالغيرة من نجاح زوجته ويعتبره تحدّيًا شخصيًا له ومحاولةً منها للتفوّق عليه. من الرجال أيضًا من لا يزال يفكّر بذهنيّةٍ متخلّفة، إذ يعتقد أنّ تأمين احتياجات المنزل ومصاريفه هي واجب على رب الأسرة، وأن دور المرأة يقتصر على الاهتمام بنظافة المنزل وترتيبه بالإضافة إلى العناية بالأولاد. وهذا النوع يستمد سلطته الذكوريّة من تفوّقه المادّي والوظيفي، وبالتالي فإنّ نجاح المرأة وتفوّقها المهني يشكّل تهديدًا لسلطته المبنيّة في الأصل على أسسٍ خاطئة.
 

أحيانًا تكون المرأة هي السبب!
من جهة أخرى، تؤكّد مستشارة العلاقات الزوجيّة أنّ الرجل ليس دائمًا المسؤول عن التعاطي السلبي مع نجاح المرأة، ففي بعض الأحيان قد تكون هي من يضع الحواجز بينها وبين شريك حياتها. وهي تذكر في هذا الإطار أنّ نجاح النساء في حياتهن العملية لا يعني بالضرورة نجاحهنّ في الحياة الزوجيّة. فبعض النساء يُصبن بالغرور لدى بلوغهنّ النجاح، لا سيّما حين يتفوّقن في الوظيفة والراتب على أزواجهن، وقد يظن البعض منهنّ أن مساهمتهنّ الماديّة السخيّة في مصاريف المنزل، تمنحهنّ الحق في السيطرة على الأسرة والتحكُّم بقراراتها. وقد يصل الحال ببعضهنّ إلى النظرة بدونيّة إلى الزوج والتعالي عليه، وفي هذه الحالة تصبح المرأة هي المسؤولة عن أيّ ضررٍ يلحق بزواجها من جرّاء غرورها وسلوكها الخاطئ.
وهناك أيضًا بعض النساء ممن يندفعن وراء طموحهن المهني متناسيات واجباتهن الأسريّة، أو أنهنّ يضعنها في المرتبة الثانية بعد الواجبات المهنيّة، وهو ما يُعتبر سببًا رئيسًا في تهديد الزّواج وزعزعة استقراره.

 

الاستقرار العائلي هو الأهم
من هنا، تؤكّد السيدة سعاده أن ردود الفعل المترتبة على نجاح المرأة العاملة ترتبط إلى حدٍّ بعيد بسلوكيّات الزوجين وكيفيّة تعاطيهما مع واقع الزوجة المهني. وهي توضح أن المرأة الناجحة هي التي تستطيع أن تخلق توازنًا ما بين نجاحها المهني ومتطلبات أسرتها، وهي أيضًا من تحافظ على تواضعها تجاه زوجها مهما بلغت من مراكز عالية في وظيفتها. لذلك، فهي تحثّ النساء على حسن استغلال الوقت وإدارته كي لا يكون نجاحهنّ العملي على حساب الأسرة والزوج. وفي المقابل، فإنها تشجّع الرجال على الوقوف إلى جانب زوجاتهم ومساعدتهن على تحقيق النجاح، لأن الرجل الحق هو من كان سندًا قويًا لزوجته، ومعينًا لها في كل ما يعترضها من صعوبات.
وفي الختام، تؤكّد مستشارة العلاقات الزوجيّة أن المرأة المتّزنة تدرك أنّ الاستقرار العائلي هو النجاح الأهم بالنسبة إليها بصرف النظر عن واقعها الوظيفي، ومن دونـه لا قيمـة لأي نجـاح آخر.