تحقيق عسكري

المركز الرئيس لتدريب أفواج الحدود البرية
إعداد: ندين البلعة خيرالله

الحرفيّة القصوى في إدارة الحدود

 

يشكّل تطوير قدرات العسكريّين من خلال التدريب المتخصّص واحدة من أولويات قيادة الجيش، لذا أنشأت القيادة بالتنسيق مع لجنة مراقبة وضبط الحدود التي يرأسها العميد الركن مروان عيسى، المركز الرئيسي لتدريب أفواج الحدود البرية، وكان ذلك في 1/12/2017.
يرتبط المركز بقيادة الجيش- أركان الجيش للعمليات - مديرية التعليم، ويتمركز في ثكنة جورج رحال - رياق، وقد تمّ افتتاحه منذ بضعة أشهر.
«الجيش» زارته واطّلعت من رئيسه المقدّم الركن محمد العفّي على ما يشهده من نشاطات...

 

يذكّر المقدّم العفّي بدايةً، بأن المركز الرئيسي لتدريب أفواج الحدود البرية هو جزء من مشروع الإدارة المتكاملة للحدود في لبنان IBM، الذي ينفّذه المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة ICMPD، وقد تبنّاه الاتحاد الأوروبي بُعَيد حرب تموز 2006 وعلى أثر صدور القرار 1701.
بدأ المشروع بإنشاء القوة المشتركة، وأعقبَ هذه الخطوة إنشاء أفواج الحدود البرية، ومن ثم المركز التدريبي. موّل الاتحاد الأوروبي أعمال ترميم المبنى الذي خُصِّص للمركز في قاعدة رياق الجوية (مبنى قديم يعود إلى حقبة الانتداب الفرنسي)، وتولّى التنفيذ فوج الأشغال المستقلّ، كما قدّمت بعض الدول الأوروبية هبات عينيّة لتجهيزه (قاعة تدريب وكمبيوترات وتجهيزات مكتبيّة وغيرها).
يضمّ المركز بالإضافة إلى رئاسته ثلاثة فروع: المناهج والتدريب، الإدارة واللوجستيّة، والتأليل. أمّا عديده فلا يتجاوز حاليًا بضع عشرات من العسكريّين، بينهم نسبة عالية من الإناث. هذا العديد المتواضع يتولّى تنفيذ مهمّات نوعية بكفاءة عالية.

 

المنشآت التدريبيّة
بالإضافة إلى القرية التدريبيّة النموذجية التي أنشأتها المملكة المتحدة وتمثّل قرية على الحدود اللبنانية فيها مخيّم للّاجئين، ومجمّع سكني، ونقطة تفتيش حدودية، ومركز عمليات متقدّم وبرج مراقبة، يتضمّن المركز غرفة مؤتمرات (العمل جارٍ لتجهيزها بواسطة هبة من الاتحاد الأوروبي)، قاعات تدريب (للدروس النظرية وأخرى للدروس التقنية)، بالإضافة إلى قاعات تدريب خاصة بالمدرّبين الأميركيّين، ومكاتب دائمة لفرق التدريب الأجنبية، وغرف منامة للعسكريين تستطيع استيعاب سرية كاملة.
يستفيد مركز التدريب الخاص بأفواج الحدود البرية من حقل رماية تابع لفوج التدخل السادس ومن منشأة تدريبيّة لفرق التدريب الأميركية، ما يوفّر له مجال تطوير نشاطاته التدريبيّة، فجولة المقاتل مثلًا تتيح تدريب سرية كاملة.

 

حصرية التدريب
من العديد والمنشآت ننتقل إلى الحديث عن نشاطات المركز الذي ينفّذ مهمّات نوعية انطلاقًا من تخصّصه في تدريب عسكريّي أفواج الحدود البرية ووحدات أخرى، ويشمل التدريب عناصر من الأمن العام، والأمن الداخلي، والجمارك، والدفاع المدني، وآخرين من مصرف لبنان (يتدرّبون على كشف العملات المزوّرة).
يشير المقدّم الركن العفّي إلى أن الهدف من إنشاء المركز المتخصّص هو الوصول إلى الحرفية القصوى في إدارة الحدود، وذلك من خلال حصرية التدريب في هذا المجال. في ما يتعلّق بالمدرّبين، ينسّق المركز مع لجنة مراقبة وضبط الحدود، وإلى المدرّبين المتوافرين في عديده من ضباط ورتباء سبق أن تابعوا دورات في مجال ضبط الحدود، يمكنه الاستعانة بضباط من أفواج الحدود للتدريب، وبآخرين من قوى الأمن الداخلي، والأمن العام، ومستقبلًا سيتمّ التعاون مع الصليب الأحمر، إذ يشمل التدريب عمليات البحث والإنقاذ.
منذ إنشائه وحتى اليوم، نظّم المركز 21 دورة تخرّج منها 385 متدرّبًا بينهم 25 ضابطًا من الأجهزة الأمنيّة وعدد مماثل من عناصر هذه الأجهزة.

 

الدورات
تُقام الدورات بالتعاون مع فرق أجنبية، وفي هذا السياق يتحدّث المقدّم العفّي عن ثلاث فئات: دورات محقّقة، وأخرى مرتقبة وثالثة يجري التخطيط لها.
الدورات المحقّقة Completed Courses شملت حتى الآن: أمن الوثائق وكشف التزوير Document Security (المستوى الأساسي)، إعداد مدرّبين في مجال ضبط الحدود، إمرة المراكز الحدودية وحمايتها، أمن الحدود، الدوريات في المناطق الجبليّة، تقنيات الكاميرات والمراقبة، التهديدات الإلكترونية IT Threats Awareness، والوقاية من أسلحة الدمار الشامل CDRN (المستوى الأساسي).
وتشمل الدورات المرتقبة Planned Courses: البحث والإنقاذ، إمرة دورية (مستوى متقدّم)، ضبط الحدود (المستوى الأساسي) وهذه الدورة مخصّصة لسرية كاملة. يُضاف إلى ذلك دورات تقنية، منها: استخدام الكاميرات وتعهّدها، أجهزة التحسّس الأرضية والتدخل والاعتراض وإدارة المعلومات وجمعها ومراقبتها والمهارات الحدودية الأساسية والاستجابة الأولية عند حدوث كوارث طبيعيّة وغير طبيعيّة والإسعافات الأولية والتحقيق والإتجار بالبشر...
إلى ذلك، يجري التخطيط للتدريب مستقبلًا في مجالات: إدارة الحدود (مستوى ضباط Border Management Course) وتحليل المخاطر المتعلّقة بالحدود ومكافحة الفساد في المؤسّسات وإتخاذ القرار Planning Decision Making، المناورة المشتركة Multi Agency Exercise (مختلف القوى العاملة في الحدود)، وإدارة الأزمات الحدودية، فضلًا عن التدريب ضمن المنشأة النموذجية التي أنشأها الفريق البريطاني.
لم يعد خافيًا على أحد مدى الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي لإدارة الحدود اللبنانية، وفي حين يعرب الكثير من المسؤولين الأميركيّين والأوروبيّين عن تقديرهم للجهود التي يبذلها الجيش اللبناني في مواجهة الإرهاب، يحظى المركز الرئيسي لتدريب أفواج الحدود البرية بالكثير من الاهتمام. وفي هذا السياق يستقبل المركز أسبوعيًّا عدّة وفود. ويذكر المقدّم العفّي زيارتَين حصلتا في الآونة الأخيرة، وأبدى خلالهما الزائرون تقديرًا عاليًا لما حقّقه هذا المركز خلال وقت قصير. في الزيارة الأولى استطلع وفد هولندي رفيع مجالات الدعم والتعاون، أمّا الزيارة الثانية فكانت لوفد أردني عبّر عن إعجابه الشديد بالمستوى الذي بلغه التدريب في الجيش اللبناني مبديًا رغبته بالتعاون على هذا الصعيد.