مشاريع وأفكار

المسرح أداة للتنمية البشرية

جان داوود في مشروع: «شباب، وعي، إرادة، إبداع، نهضة»

 

من المعلوم أن المسرح – كما فنون أخرى – يمكن أن يؤدي دورًا علاجيًا على مستوى الأفراد والجماعات. وقد استخدم علم النفس الإجتماعي تمثيل الأدوار في إطار تقنيات العلاج التي تتيح للشخص إدراك وضعية ما وفهمها على نحو أفضل. وأن يصبح قادرًا في الوقت نفسه على إدراك وتفهُّم وضعيات الآخرين ووجهات نظرهم ومواقفهم منه.
اليوم يتقدّم المسرحي جان داوود (دكتور في الدراسات السينمائية والمسرحية، والخبير في مجال التربية الإبداعية والعلاج بواسطة فنون العرض) بمشروع طموح عنوانه: «شباب، وعي، إرادة، إبداع، نهضة».
هدف المشروع جعل المسرح أداة فاعلة في تحقيق التنمية البشرية – خصوصًا على مستوى الشباب – علمًا أن الخروج من حالة الفن للفن من أجل الإنسان سيخدم أيضًا الفن نفسه.
في ما يأتي يقدِّم داوود مشروعه الذي أحب وضعه في حيِّز التداول وتبادل الأفكار من خلال صفحات «الجيش».


مانيفست
الفنّ حالة جماليّة، تبني بما يحصّن الذات، فيها الوقائيّة التي تُغني عن العلاج، وتترك الإنسان في حال صفاء جميل وشغف بالجميل. من هُنا، وبهدف تحفيز الحياة الثّقافيّة والفكريّة والفنيّة، بما يرتقي بالوعي الجَماعي من التبعيّة للدعاية ومن حالات التمييز النّفعيّ على أشكاله (الجندري، الطائفي، الديني، الحزبي...)، ومن الانشغالات المَحصورة بتأمين الحاجات الدُّنيا، إلى وعي يبحث عن جماليّة الحياة والتواصل الإنسانيّ عبر الفنّ، وإلى حالة من الإبداعيّة على المستوى الاجتماعيّ والسّياسيّ القادر على ابتكار حلول للمشكلات الدائمة والطارئة، وعلى تطوير القدرات والإمكانات الفرديّة، والإبتعاد بالناس عن العدائية، نطلق مشروعًا تنمويًا يطرح الجمال مدخلاً الى العلاقات في المجتمع وينقل التّحدّي والتنافسية إلى مجالات التواصل الإنسانيّ التّعاونيّ الإبداعي تحت عنوان قبول التعدّديّة والاختلاف. كما يرغب بشكل أساسيّ في أن يطرح القيم الكبرى، ويعيد لها موقعها في الحياة.
العمل المركزي الذي نقوم به كمسرحيين أو كفنانين: المختبر، ورشة العمل، أساس كينونتنا واستمراريتنا, العرض المسرحي، المهرجانات إلخ... أعمال تدور حول الفنان نفسه وتخدم استمراريته كفنان، كما تخدم أنانيّةً ما هي بشكل من الأشكال حقّ للفنان في جانب من جوانبها الإيجابيّة وضرورة الاستمرارية...
إلاّ أنّ عملاً آخرًا وأساسيًّا في هذه المرحلة من المعيوش يجب أن يكون في صلب أهدافنا وحركتنا اللامركزية. هذا العمل أضعه تحت عنوان الإنطلاق الى الشعب، الى الكُلّ البعيد، إلى إنسان لَم يدخل المسرح إلى وعيه... كفعل فنّيّ ثقافيّ... إن الخروج من حالة الفن للفن من أجل الإنساني سيخدم المشروع الفني نفسه. فاحملوا المسرح الى الشباب في الريف كما في المدينة، إلى الجامعة كما في المصنع، إلى كُلّ انسان في كل مكان... ولتكن ثيمة العمل لهذا العام: القيم الإنسانية... لتكن سنة تؤسس للنهوض بالقيم وغسل النفوس من أدران النّفعيّة والمذهبيّة والطائفيّة وترسّباتها... ولا نفسحنَّ حتى لهذه المفردات في معالجاتنا مكانًا... أسقطوها ولنبحث عن صياغات إيجابيّة لمفاهيم وقيم تواصل بنّاءة تحت عنوان النّهوض بكرامة، النهوض من الفقر، النهوض من الجهل، النهوض بالحوار والتكامل والاختلاف... قبول الآخر في اختلافه، حلّ النزاعات خارج العنف...

 

حركة بنّاءة
أكثر من أي وقت، أرى ضرورة العمل على بناء فضاءات ومساحات حوار وتعبير عن الذات وبحث وتواصل مع المشروع الإنساني والقيم.
أكثر من أي وقت، أرى ضرورة العمل على بناء فضاءات ومساحات للتعبير، للتواصل، لصوغ وإعادة صوغ المفاهيم... لحوار ونقاش.
أكثر من أي وقت، تبدو الحاجة ملحّة إلى بناء الوعي والنقد البنّاء لما يتلقاه الشباب في حركة استباقية تسمح بالادراك (إدراك المشكلات) وبالتفاعل بحثًا عن رؤى. عندما تعي أمرًا وتتعامل معه بوعي متخطٍّ وارادة، فأنت بعد هذا الفعل غير أنت ما قبله.
أكثر من أي وقت مضى، يبدو اللقاء بين الشباب والتفاعل الحيوي بينهم ضرورة.
الأحداث الكبيرة والكثيرة التي تجتاح بعض المناطق في العالم تؤكد الحاجة إلى هذا المشروع ولمِثله حتى على مستوى دولي، من هُنا أطرح مشروعًا وأدعو الى التعاون لتحقيقه تحت عنوان: شباب، وعي، إرادة، إبداع، نهضة.  والمشروع قائم في مراحل وفي أكثر من مروحة، وسنعلن عنه بتفاصيله في مؤتمر صحافي نعقده في الأسبوع الأخير من آذار 2011، إلا أننا ورغبة منّا في تلقي أصداء أولى والتفاعل مع الفاعليات والشباب أنفسهم ورغبة في مشاركة أوسع لإرساء قاعدة وآليات ومنطلقات، نذيع وننشر اليوم هذا المانيفست وندعو إلى التواصل معنا بشأن مضمونه ونعلن عن واحدة من مراوح المشروع: «النهضة: مهرجان المسرح البلدي». علماً أن المراوح المكملة ستعمل على حركة أفقية تجعل من المشروع حركة بنّاءة تطال المجتمع بمختلف شرائحه ومكوناته ومؤسساته.

 

المشروع في واحدة من محطاته في صيغة أوليّة
أ - عنوان المشروع: «النهضة: مهرجان المسرح البلديّ».
ب - يقام سنويًّا، وفي ختام الدورة الثقافيّة السنوية في إطار البلديّات، مهرجان مسرح (يبقى في إطار الهواة) تحت عنوان«مهرجان المسرح البلدي».
ج - يحدّد المهرجان لكلّ عام ثيمة يُعمَل عليها بشكل فنيّ جميل.
د - تُقدِّم كلّ بلدة (أو تجمّع لقرى أو بلدات متجاورة) منتجها بدايةً في البلدة نفسها (أو في إحدى قرى التجمّع)، ثمّ في إطار مسابقة الاتّحاد البلديّ.
ه - يتمّ اختيار أفضل الأعمال المتنافسة في إطار الاتّحاد البلديّ لكلّ قضاء (بمعدّل ثلاثة أعمال) لعرضها في إطار مهرجان المسرح البلديّ على مستوى المحافظات.
و - يتمّ اختيار أفضل الأعمال المتنافسة في إطار المحافظات، لعرضها في إطار مهرجان المسرح البلديّ المركزي في منطقة بيروت الكبرى.
ز - يشرف على كلّ عمل أو مشروع في كلّ بلدة (أو تجمّع قريتين متجاورتين) اختصاصي في المسرح، تتعاقد معه البلديّة (أو بلديّات التجمّع) بناءً على معايير تحدِّدها اللجنة العليا للمهرجان (على ألاّ يتمّ التعاقد مع الشخص نفسه في أكثر من بلدتين أو أكثر من تجمّع قُرى واحد).
ح - يتولّى الإعداد لهذا المهرجان ومتابعة أعماله لجنة مرجعية تعمل جمعية «المسرح للحياة» مع الجهات المعنية على تكوينها بما يخدم المشروع وأهدافه.
ط - يطرح هذا المشروع وجوب تقديم الإنسان على التقنيات وسواها، فالهدف من المشروع التنمية البشرية الإنسانيّة. لذلك نطرح الأولوية للإبداعيّة الفنيّة، والمسرح المتقشف، والابتعاد عن الانتاجات المكلفة في مقاربة الأعمال.
ي - يتمّ تبادل المنتج الثقافي بين البلدات المختلفة في إطار تفاعليّ بما تراه البلدات نفسها.
ك - من المهمّ أن تحمل الثيمة موضوع الأعمال ما يحقّق الهدف النهضوي العام ويُعزِّز في الوقت نفسه القيم والتراث.
ل - يسعى القيّمون على الأعمال إلى تحقيق الغاية التنمويّة على مستوى المضمون والشكل، وإلى احترام الخصائص الثقافيّة لكل منطقة على المستوى التنفيذي.
م - تُنقَل الأعمال القيّمة تلفزيونيًّا (لقاء تغطية نفقات الإنتاج أو لقاء المساهمة فيها) بما يُعمّم فائدة المشروع ويفتح المجال أمام حوار ثقافيّ بشأن الأعمال.
ن - تجري المسابقة الكبرى النّهائيّة وتحكّمها لجنة متخصّصين في المسرح.
س - يتمّ تخصيص مكافآت ماليّة لجميع العاملين في المشروع.

 

مسار مهرجان المسرح البلدي
أ - تضع اللجنة العُليا الثيمة التي تدور حولها أعمال المهرجان أو الإبداعات.
ب - تفسح كلّ بلديّة في المجال، خلال الصّيف أو الفترة التي تراها مناسبة، أمام مجموعة شبابيّة للعمــل على إنتــاج عمـل مسرحيّ يشترك في المهـرجان وتتعــاقد البلــديّــة لهذه الغاية مع اختصـاصيّ يلـتزم تحقـيق المـشروع.
ج - يتمّ خلال شهر أيلول من كُلّ عام عرض الأعمال في إطار البلدات ويتمّ اختيار أفضلها للمشاركة في عروض مهرجان المسرح البلديّ على مستوى القضاء.
د - يتمّ اختيار أفضل أعمال الأقضية (بمعدّل عمل أو اثنين عن كل قضاء شرط أن يتوافر فيها المستوى الفني اللائق)  لعرضها في إطار مهرجان المسرح البلديّ على مستوى االمحافظة الذي يُقام سنويًّا خلال تشرين الثاني من كلّ عام.
هـ - يتمّ اختيار أفضل أعمال المحافظات (بمعدّل عمل أو اثنين عن كل محافظة على أن  يتوافر فيه المستوى الفني اللائق) لعرضها في إطار مهرجان المسرح البلديّ المركزيّ الذي يُقام سنويًّا خلال كانون الأول من كلّ عام.
و - تخصَّص جوائز للأعمال وللتميُّز في المحافظات وفي المهرجان المركزي.
 

الإلتزامات البلديّة والتمويل
لحُسن سير المشروع، ولتحفيز الاهتمام الثّقافيّ لدى المواطنين،  تُنشِئ كلّ بلديّة – بالإضافة الى ملاعب الرّياضة – مكانًا خاصًّا ودائمًا للقاءات الشباب، للتدريبات والعروض المسرحيّة والفنيّة والأنشطة الثّقافيّة. وتخضع هذه الأماكن لسياسة ولرؤيويّة تحترم الحاجات وتتنافس على مستوى الجماليّة. كما تعمل البلديّات على تغطية التعاقد مع اختصاصي يتولّى الاهتمام العلميّ الرّصين لإنجاح المشروع وتحقيق غايته النهضويّة الفنيّة والثّقافيّة.
ويتوزّع تمويل هذا المشروع على عدة مصادر، أبرزها: المؤسسات الإعلامية لقاء حقوق نقل الأعمال تلفزيونيًا، الهيئات غير الرسمية والمؤسسات الخاصّة:
أ - تغطّي المؤسّسات الإعلاميّة الراغبة في بثّ أعمال المهرجانات جزءًا من تكاليف المشروع وذلك لقاء حقوق نقل الأعمال تلفزيونيًا.
ب - يمكن للفرق المسرحية في البلدات أن تحصل على دعم لمشاريعها من هيئات غير رسميّة (دعم يقابله تقديم إعلام وشكر للهيئات الداعمة على الكتيّبات والملصقات الدعائية للأعمال، وعلى غلافات الأقراص المُدمَجَة التي توثِّق النتاج).
ج - يمكن للفرق في إطار البلديّات أن تبتكر بعض النشاطات التي تسمح لها بتمويل أعمالها (كرمس، سهرة بلدية، مسابقات رياضية...).
د - تتحمّل البلديّات مسؤوليّة عقد مع متخصِّص وتغطية نفقاته في إطار خطة تمويل لمشروعها.
هـ - يمكن أن يضع الممثلون المشاركون في المشروع صيغة تعاونيّة يتحمّلون عبرها الإنتاج ويتقاسمون بالمقابل جزءًا من المداخيل العائدة من الدعايات وسواها (مِمّا يُخفِّف من الأعباء الماليّة على البلديّات التي يقتصر دورها على تأمين تغطية تكاليف الاختصاصي ومكان العرض واحتياجاته التقنيّة...).
و - توضع صيغة خاصّة تسمح بإنشاء صندوق يموّل نفسه لإنتاج أعمال مسرحيّة لاحقة والقيام بنشاطات.
ز - يتكفّل اتّحاد البلديّات في كلّ قضاء بتمويل المهرجان الختاميّ للقضاء.
ح - تتكفّل المحافظات بتمويل المهرجان الختامي على مستوى المحافظة.
ط - تتكفّل الجهة الرسمية العليا أو الجهة الراعية والداعمة لهذا المهرجان بتمويل مهرجان المسرح البلدي المركزي.

 

تجربة أولى
إنّنا نطرح مشروع : شباب، وعي، إرادة، نهضة في محاوره المختلفة عبر روزنامة وخارطة طريق سنعلن عنها في حينه، أما المحور الذي يحمل عنوان «النهضة: مهرجان المسرح البلدي»، فنطرحه عبر البلديّات لوجود أرضيّة وآليّة انطلاق تشكّل حدًّا أدنى لمباشرة سريعة وتفعيل له، وإننا على استعداد لمناقشة جدواه والتعاون مع المرجعيات صاحبة الرؤى والهم الإنساني والوطني لتحقيقه في أفضل صورة لتجربة أولى بدءًا من العام 2011.
ختامًا، أذكر من المعنيين بالدعوة لتحقيق هذا المشروع: المسرحيين، النقابيين، الهيئات الأهلية، البلديات واتحادات البلديات، الهيئات الثقافية، الجامعات، الحركات الاجتماعية والجمعيات المعنية بالمسألة الثقافية عامة. أما الجهات الرسمية العليا والوزارات المختصة فدورها أساسي، وسنقوم بالتواصل معها من أجل توضيح هذا الدور وتوضيح ما يقدِّمه هذا المشروع على المستوى الإنساني، الفكري، الفني، الثقافي، والوطني...
هي مناسبة أيضًا لأشكر وسائل الإعلام للدور الذي يمكن أن تضطلع به في تحقيق المشروع وإنجاحه وأعتبرها شريكة أساسية في الهم والمسار.