قانون إنساني

المصطلحات القانونية الخاصة بتعريف أفراد القوات المسلّحة والأفراد المدنيين والمرتبطين بهم
إعداد: أحمد زكريا

المندوب الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر لدى القوات المسلّحة - لبنان
 

بعد أن عرضنا في المقال الماضي أصول مبادئ قانون النزاعات المسلّحة، نعرض فى هذا المقال المصطلحات القانونية الخاصة بتعريف أفراد القوات المسلّحة والمرتبطين بهم، والأفراد المدنيين والمرتبطين بهم والذين يحميهم القانون، بالإضافة إلى بعض الأمثلة عن الأعيان والمناطق المحمية والعلامات الحامية لها بموجب القانون.
فعلى غرار اللغة الاصطلاحية التي يستخدمها العسكريون لوصف معداتهم وما يقومون به من أعمال، توجد أيضًا مصطلحات فنية تُستخدم في قانون النزاعات المسلّحة. وعلى الرغم من أن الكثير من هذه المصطلحات قد يبدو مألوفًا لكم، فقد لا تكونون مدركين لمعناه القانوني. ولذا فإنه من الضروري أن نفهم بدقة معاني المصطلحات.

اولًا، تعريفات متعلقة بالقوات المسلّحة والأشخاص المرتبطين بها:

 

القوات المسلّحة
تتكون القوات المسلّحة للدولة من كل الوحدات المنظمة والأفراد الخاضعين لقيادة مسؤولة عن سلوك مرؤوسيها، وهم يخضعون لنظام تأديبي داخلي يلزمهم بالامتثال لقانون النزاعات المسلّحة.
كيف تضمن قوة مسلّحة الامتثال للقانون؟ يعود الأمر ببساطة تامة لوجود تسلسل قيادي واضح المعالم، ولما لهذه القوة من منظومة قوانين عسكرية خاصة بها لفرض الانضباط والقانون، إضافة إلى ما تتمتع به من قيادة وتدريب جيدين.

 

المقاتلون
المقاتل هو أي عضو في القوات المسلّحة، رجلًا كان أو امرأة، باستثناء أفراد الفريق الطبي ورجال الدين. وللمقاتلين فقط حق المشاركة بشكل مباشر في الأعمال العدائية بموجب القانون. ويحق للمقاتلين الذين تم اعتقالهم التمتع بالوضع القانوني لأسير الحرب POW في أثناء النزاعات المسلّحة الدولية.
وينبغي على المقاتلين أن يميزوا أنفسهم عن السكّان المدنيين عندما يشاركون في أية عملية عسكرية، أو عند الإعداد لها. وعادة ما يميز أفراد القوات المسلّحة النظامية أنفسهم بارتداء زي عسكري.
وينبغي على المقاتلين أعضاء الجماعات المسلّحة لغير الدولة، أن يضعوا على ملابسهم علامة مميزة يسهل رؤيتها من على بعد وأن يحملوا أسلحتهم علانية.

 

القوات الخاصة
تضم جيوش كثيرة قوات خاصة في صفوفها، وغالبًا ما تتكون هذه القوات من وحدات على مستوى عالٍ من التدريب، تستخدم للعمل في عمق المناطق الخلفية للخصم، لشن الغارات أو للقيام بعمليات الاستكشاف أو التخريب. كما يمكن أيضًا أن تُكلَّف بمهمات الأمن الداخلي، مثل مقاومة محاولات اختطاف الطائرات والعمليات الإرهابية. ومثل هذه الوحدات تعدّ، على قدر مساوٍ، جزءًا من أية قوات مسلّحة على غرار تلك التي سبق وصفها. وعندما تكون هذه القوات مشاركة في إحدى العمليات، ينبغي التعرف إلى أفرادها كمقاتلين على أساس أزيائهم الرسمية العسكرية أو علاماتهم المميزة إلخ... ويصبح أفراد القوات الخاصة، الذين يعملون وهم يرتدون ملابس مدنية، أو أزياء رسمية عسكرية خاصة بعدوها، مخالفين للقانون. وعلى الرغم من ذلك فإن من حقهم الحصول على محاكمة عادلة، ويجب أن يعاملوا خلال محاكمتهم بطريقة مماثلة لمعاملة أسرى الحرب.

 

أسرى الحرب Prisoners Of War – POW
ينطبق هذا المصطلح على المقاتلين الذين يقعون تحت سلطة العدو بعد القبض عليهم في أثناء نزاع مسلح دولي. كما ينطبق هذا المصطلح أيضًا على المدنيين الذين يصاحبون بشكل مباشر القوات المسلّحة للعدو، مثل المراسلين العسكريين أو متعهدي الإمدادات أو أفراد الخدمات الاجتماعية والترفيهية. ويتم اعتماد هؤلاء المدنيين بشكل مباشر لمصلحة القوات المسلّحة، ويجب تزويدهم بطاقات تحقيق الهوية لإثبات هذا الاعتماد الرسمي لهم.
ولا ينطبق هذا المصطلح على أفراد الخدمات الطبية العسكرية أو رجال الدين، والذين يعدون جزءًا من القوات المسلّحة، ويلقون في حالة اعتقالهم المعاملة نفسها التي يلقاها أسرى الحرب، إلاّ أنهم يخضعون لقواعد خاصة نعرضها لاحقًا.
إن أسرى الحرب هم أسرى لدى الدولة، وليسوا أسرى لدى الوحدة التي اعتقلتهم أو الفرد الذي قام بذلك. ويعني هذا أن الدولة تتحمل مسؤولية معاملتهم وأمنهم. وبطبيعة الحال فإن الأفراد مسؤولون أيضًا عن أي معاملة غير لائقة يتعرض لها أسرى الحرب.

 

أفراد الخدمة الطبية ورجال الدين بالقوات المسلّحة
لأفراد الخدمة الطبية ورجال الدين بالقوات المسلّحة وضع خاص للغاية في قانون النزاعات المسلّحة. وكما تعرفون، فليس لهؤلاء الأفراد دور فعلي في القتال على الرغم من أنه يمكن تزويد أفراد الخدمات الطبية أسلحة خفيفة للدفاع عن أنفسهم، وللدفاع عن الذين يكونون تحت رعايتهم الطبية. ويجب أن يضع أفراد الفئتين على الذراع الأيسر علامة (شارة) الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر لتمييزهم وتحديد هويتهم. وهاتان الفئتان محميتان بكل وضوح من الهجوم عليهما بموجب اتفاقيات جنيف. ولا يعدّ أفراد الخدمات الطبية ورجال الدين، في حالة إلقاء القبض عليهم، أسرى حرب إذا لم يكونوا مطلوبين لتكليفهم بأداء مهمات طبية ودينية. وينبغي إذًا، بموجب القانون، إعادتهم إلى أوطانهم. ولكن إذا كان هناك عمل يمكنهم القيام به، على سبيل المثال، رعاية المرضى في أحد معسكرات أسرى الحرب، أو في حالة رجال الدين، الاهتمام بالاحتياجات الروحية للأسرى، عندئذ يمكن الاستمرار في استبقائهم لتلك الأغراض. وفي تلك الحالة، يجب أن يحصلوا على المعاملة والمزايا التي يتمتع بها أسرى الحرب، كما تتوجب حمايتهم والسماح لهم بالمضي قدمًا في عملهم.

 

الجواسيس
يحدد لنا القانون بوضوح هوية هؤلاء الناس. فهم أشخاص يعملون في الخفاء، أو تحت مزاعم كاذبة، مع عدم ارتداء الأزياء الرسمية الخاصة بجيوشهم، ويقومون بجمع المعلومات في أراضي الخصم. إن حمايتهم بموجب القانون محدودة. وإذا ما جرى اعتقالهم فلا يحق لهم الحصول على الوضع القانوني لأسير الحرب. ويمكن معاقبتهم على ما يقومون به من أنشطة طبقًا للقانون المحلي للدولة. ومع هذا، يظل من حقهم الحصول على معاملة إنسانية ومحاكمة عادلة. ويجب ألاّ يكون هناك خلط بينهم وبين القوات الخاصة التي يمكن إرسالها إلى عمق مواقع العدو للقيام بدوريات استطلاع، أو بعمليات خاصة على أن تكون مرتدية الزي العسكري، ولا يجب معاملة أفرادها، بأي شكل، على أنهم جواسيس.

 

الجنود المرتزقة
منذ أن عرف الإنسان الحروب، كان الجنود المرتزقة موجودين فيها على الدوام. وهم في الأساس محاربون ينظرون إلى النزاع على أنه مهنة يزاولونها، للحصول على مكسب خاص. ويستخدم القانون في تعريفه للجنود المرتزقة ستة معايير يجب توافرها مجتمعة. ولا يُعَد هؤلاء الذين ينطبق عليهم ذلك التعريف مقاتلين، وبالتالي لا يحق لهم الحصول على الوضع القانوني لأسير الحرب.
وينطبق مصطلح «المرتزقة» على هؤلاء الذين يعملون كأفراد أو على شكل مجموعات. وفي حالة أسرهم، يقدم المرتزقة الذين قاموا بدور مباشر في الأعمال العدائية إلى المحاكمة، على أساس أنهم «محاربون غير شرعيين».والجنود المرتزقة سواء كانوا يعملون كأفراد أو على شكل مجموعات هم أناس:
- يُجَندون على وجه الخصوص إما محليًا أو في الخارج لكي يقاتلوا في نزاع مسلح؛
- يشاركون فعلاً بدور مباشر في الأعمال العدائية؛
- تحفزهم الرغبة في مغنم شخصي، ويُوعدون بواسطة أحد أطراف النزاع أو من ينوب عنه بمقابل مادي يتجاوز بشكل مفرط ومبالغ فيه، ما يوعد به أو يدفع لمقاتلين في الرتبة أو الوظيفة نفسها في القوات المسلّحة لذلك الطرف؛
- ليسوا من رعايا أي من أطراف النزاع أو من المقيمين في إقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع؛
- ليسوا أفرادًا في القوات المسلّحة لأحد أطراف النزاع؛
- ليسوا موفدين في مهمة عسكرية رسمية من قِبَل دولة ليست طرفًا في النزاع.

ثانيًا، تعريف المدنيين والأفراد المرتبطين بهم المحميين بموجب قانون النزاعات المسلّحة:

 

المدنيون
لا ينبغي مهاجمتهم. والمدني هو ليس مقاتلًا أي ليس عضوًا في قوات أو جماعة مسلّحة. وفي حالة الشك، يجب معاملة الافراد على أنهم مدنيون حتى يثبت العكس. ولا يسمح للمدنيين بالمشاركة بشكل مباشر في الأعمال العدائية، وإذا ما قاموا بذلك، فإنهم يفقدون الحماية من الاستهداف طوال فترة مشاركتهم المباشرة في هذه الأعمال.
المدنيون المصاحبون للقوات المسلّحة:
لقد أشرنا باختصار إلى هذا المصطلح في القسم المتعلق بأسرى الحرب. والمدنيون الذين يصاحبون القوات المسلّحة هم أناس مثل المراسلين الحربيين، الأفراد العاملين في نشاطات الرعاية الاجتماعية والإمداد أو لدى مقاول، أو الأفراد المدنيين في أطقم الطائرات العسكرية. وعادة ما يتم تزويد كل منهم بطاقة هوية خاصة. وهم في وضع مماثل للمدنيين من حيث ضرورة عدم مشاركتهم بشكل مباشر في الأعمال العدائية، لكي يتمتعوا بالحماية ضد الهجمات. وهم يتعرضون لأخطار النزاع على قدر مساوٍ وبالطريقة نفسها التي يتعرض لها أفراد القوات المسلّحة المصاحبين لها. وفي حالة وقوعهم في الأسر يحق لهم الحصول على معاملة أسير الحرب.

 

الصحفيون
إضافة إلى المراسلين الحربيين المعتمدين، يمكنك أن تجد أيضًا صحفيين يقومون بالعمل في مهمات خطيرة مرتبطة بمهنتهم في مناطق النزاع. وهؤلاء يتوجب معاملتهم بكل الاحترام على أنهم مدنيون، يجب حمايتهم وعدم مهاجمتهم. ومع هذا، ينبغي عليهم أن يتصرفوا بطريقة تميزهم وتساعد على التعرف إليهم كمدنيين، وبما يضمن حقهم في الحصانة، ويعني هذا ألاّ يشاركوا بشكل مباشر في الأعمال العدائية. كما يتحتم عليهم الحصول أيضًا على بطاقة هوية من حكوماتهم تؤكد وضعهم كصحفيين. مرة أخرى يجب عليهم أن يقبلوا ما قد يتعرضون له من أخطار ومجازفات ناجمة عن النزاع. وفي حالة اعتقالهم، يجب أن يلقوا معاملة إنسانية ويتوجب تامين حمايتهم، طبقًا لأحكام محددة في القانون تنطبق على المدنيين الأجانب. وعلى عكس المراسلين الحربيين، لا يتمتع الصحفيون بوضع أسير الحرب.

 

الأفراد المدنيون في الخدمات الطبية ورجال الدين
يكفل القانون للأفراد المدنيين في الخدمات الطبية ورجال الدين، الوضع نفسه الذي يمنحه لأفراد الخدمة الطبية العسكرية ورجال الدين الملحقين بالقوات المسلّحة. وينبغي احترام الفئتين وحمايتهما، وبذل كل جهد ممكن لتمكينهما من الاستمرار في أداء عملهما. والفرق الوحيد هو أنه إذا ما أُسِر أي من الفئتين وتطلب الأمر احتجازه، فإن أفراد الخدمات الطبية ورجال الدين الملحقين بالقوات المسلّحة يحصلون على معاملة أسير الحرب كحدّ أدنى لأنهم يعدون جزءًا من القوات المسلّحة، علمًا أنه عليم أن يضعوا على الذراع علامة مُمَيِزة (الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر).

 

الدفاع المدني
إن الغرض من الدفاع المدني هو حماية السكان المدنيين، على قدر الإمكان، من آثار الأعمال العدائية ومساعدتهم على البقاء على قيد الحياة. وقد تشمل أعمال الدفاع المدني الإنذار وعمليات الإنقاذ ومكافحة النيران وبناء الملاجئ وتقديم المساعدات الطارئة لإعادة النظام والحفاظ عليه في الأماكن المنكوبة. وتتبع مؤسسات الدفاع المدني القطاع المدني، على الرغم من أن وحدات عسكرية قد تُكلف بمساعدتها. ويجب أن يحمل الأفراد العاملون في مؤسسات الدفاع المدني والمباني والمعدات العائدة لها، الشارة المُمَيِزة الخاصة بالدفاع المدني، وهي مثلث أزرق على أرضية مربعة برتقالية اللون.
كما يجب تزويد العاملين في الدفاع المدني بطاقات تحقيق الهوية لتأكيد وضعهم القانوني. ويجوز للعاملين في الدفاع المدني حمل أسلحة فردية خفيفة لغرض الحماية الشخصية أو حفظ النظام.
كما يجب احترام مؤسسات الدفاع المدني والعاملين فيها وحمايتهم. وينبغي عدم إعاقتهم عن أداء مهمات الدفاع المدني، إلا في حالات الضرورات العسكرية المُلِّحة.
ويفقد أفراد الدفاع المدني حقهم بالحماية إذا ما ارتكبوا أعمالًا منافية لواجباتهم النظامية وتلحق ضررًا بالعدو. لكن حتى في هذه الحالة، لا تتوقف الحماية إلى أن يُوَجه لهم تحذير، ويحصل المخالفون منهم على وقتٍ كافٍ يسمح لهم بمراعاة هذا التحذير والاستجابة له.
وعلى نحو مماثل، يتوجب احترام أفراد القوات المسلّحة المكلفين بشكل حصري القيام فقط بأعمال الدفاع المدني وحمايتهم. حيث يتوجب عليهم أن يضعوا خلال فترة تكليفهم الشارة الدولية المميزة للدفاع المدني.
ثالثًا، أعيان ومناطق معينة وعلامات محمية بموجب قانون النزاعات المسلّحة:

 

الأعيان المدنية
ينبغي ألا تُهاجم. والأعيان المدنية هي كل الأعيان التي لا تعد أهدافًا عسكرية. وتنحصر الأهداف العسكرية في تلك الأعيان التي تسهم مساهمة فعالة في العمل العسكري سواء كان ذلك بطبيعتها أم بموقعها أم بغايتها أم باستخدامها، والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك، ميزة عسكرية أكيدة. وفي ما يلي أمثلة عن الأعيان المدنية:
- المباني والمنشآت التي يستخدمها المدنيون، طالما لا تستخدم لأغراض عسكرية، ومنها على سبيل المثال المنازل والعمارات السكنية والمستشفيات والمصانع والورش التي تنتج بضائع ليست لها أهمية عسكرية؛
- المكاتب والأسواق والمخازن والمزارع والمدارس والمتاحف وأماكن العبادة وغير ذلك من المباني المماثلة، وأيضًا وسائل النقل مثل الطائرات المدنية والسيارات والقطارات والحافلات؛
- المواد الغذائية ومناطق إنتاج الغذاء وينابيع المياه والآبار وشبكات المياه والخزانات. وفي حالة الشك، يتم التعامل مع العين على أنه مدني إلى أن يثبت العكس.

 

البيئة الطبيعية
ينبغي مراعاة المبادئ الأساسية لقانون النزاعات المسلّحة والمتعلقة بالعمليات التي يمكن أن تؤثر على البيئة الطبيعية. وهل الوسائل والطرق التي يعتزم استخدامها، لها ما يبررها من أسباب؟ أو هل من المحتمل أن تؤدي إلى دمار للبيئة لا داعي له؟ هل الإضرار الجانبية التي يحتمل أن تتسبب بها للبيئة مفرط في آثارها الضارة مقارنة بالمزايا العسكرية الملموسة والمباشرة التي تتوقعها؟ وبالعودة إلى تدابير احتياطية معينة في القانون، فسوف نجد أنه يحظر استخدام طرق ووسائل حرب تهدف إلى، أو يمكن أن يتوقع منها، التسبب في دمار عنيف واسع النطاق وطويل الأجل للبيئة وتشكل ضررًا بصحة السكان وبقائهم على قيد الحياة.

 

الأشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة
يتضمن القانون تعريفًا محددًا للغاية للمصطلح «قوى خطرة»، الذي ينطبق فقط على السدود المائية والجسور والمحطات النووية لتوليد الكهرباء. وينبغي عدم مهاجمة مثل هذه المنشآت والأهداف العسكرية القريبة منها خشية أن يؤدي ذلك إلى انطلاق «قوى خطرة» قد تسفر عن خسائر فادحة بين السكان المدنيين. على سبيل المثال فيضان مدمر أو انطلاق مواد إشعاعية خطرة. وتفرض هذه القاعدة أيضًا التزامًا على خصومك. فلا ينبغي لهم نشر مواقع الأهداف العسكرية قرب هذه المنشآت. ومع هذا، يسمح لهم بإقامة وسائل حماية قريبة من المنشآت أو وسائل للدفاع عنها، على سبيل المثال مراكز مدفعية مضادة للطائرات، أو مجموعات حراسة لتوفير الحماية ضد الهجمات الإرهابية أو أعمال التخريب.
إضافة إلى ذلك، فإنه إذا أساء خصومك استخدام الحماية التي كفلها القانون، واستخدموا هذه المنشآت في تقديم دعم مباشر ومنتظم وملموس لعملياتهم العسكرية، فإن هذه الحماية تتوقف. وفي مثل هذه الحالات فإن الضرورة العسكرية الملحة قد تقتضي أن تُحَيد هذه المنشآت وتبطل مفعولها كآخر وسيلة لوقف إساءة استخدامها. وفي تلك الحالة يجب اتخاذ كل الاحتياطات العملية لتجنب انطلاق «القوى الخطرة» واتخاذ الإجراءات الكفيلة بسلامة السكان المدنيين، على سبيل المثال: التحذير لإخلاء مناطق معينة وحصر الهجوم في أضيق نطاق... إلخ. ومن الناحية العملية، فإن اتخاذ مثل هذه القرارات يتم على الأرجح على أعلى المستويات العسكرية أو حتى السياسية.
ويتضمن القانون أيضًا تعليمات إرشادية حول الطريقة التي يجب أن تُعَلَم بها هذه المنشآت حتى يسهل على القوات البرية والجوية التعرف إليها بوضوح على أنها مواقع محمية. وتتكون هذه العلامة (الشارة) من مجموعة من ثلاث دوائر ذات لون برتقالي على صف واحد. ويتوجب إضاءة هذه العلامات الحامية في الليل.

 

حماية الأعيان الثقافية وأماكن العبادة
يُحْظر ارتكاب أعمال عدائية ضد الآثار التاريخية والأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تمثل التراث الروحي والثقافي للشعوب. ويُحْظَر أيضًا استخدام مثل هذه الآثار والأعمال الفنية وأماكن العبادة في دعم المجهود الحربي.
وتتمتع الأعيان الثقافية وأماكن العبادة بالحماية بموجب القانون الدولي العرفي، ويعزز قانون المعاهدات الحديث تلك الحماية. وتُطالب لوائح لاهاي الأطراف التي تقوم بفرض الحصار والقصف بالقنابل أن تتجنب، بقدر الإمكان، المباني المخصصة للعبادة أو الفن أو العلوم والآثار التاريخية.
وإضافة إلى ذلك فإن حماية الأعيان الثقافية مكفولة بموجب معاهدة خاصة، هي اتفاقية لاهاي للعام 1954 المتعلقة بالأعيان الثقافية والتي أُسْتُكمِلت ببروتوكول جديد صدر في العام 1999. وتنطبق الاتفاقية والبروتوكول بالقدر نفسه على النزاعات المسلّحة الدولية وغير الدولية. وينص الصكان على ثلاثة أشكال من الحماية: «الحماية العامة»، «الحماية الخاصة» و«الحماية المُعزَّزة»، وتُوقَف الحماية فقط إذا ما أسيئ استخدام الموقع، أو في حالة الضرورة العسكرية الملحة. وينبغي ألا يُتخذ هذا القرار باستخفاف، كما يجب أن يصدر عن قائد كتيبة أو شخص من رتبة أعلى من ذلك. ولسهولة التعرف على مثل هذه الأعيان، يجب وسمها بوضوح بشارة الحماية الخاصة بها.
 

المستشفيات والخدمات الطبية
كفل القانون حماية شاملة وتفصيلية للمستشفيات والوحدات الطبية ووسائل النقل الطبي والمواد الطبية. ويجب احترامها وحمايتها في كل وقت، سواء كانت عسكرية أم مدنية. ولا ينبغي أن تكون أبدًا محلًا للهجوم. وتُعَلَّمْ المنشآت الطبية ووسائل النقل الطبي العسكرية بشارة الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر. ويحدث أن يقرر أحد القادة، في مواجهة موقف تكتيكي معين، أن يستغني عن الحماية التي تكفلها مثل هذه الشارات، ويعمد إلى إخفاء المنشآت الطبية بطرق تمويهية. يجب دائمًا وسم المستشفيات والمعدات المدنية بالشارات الحامية. ولا يسمح بأي حال من الأحوال وتحت أي ظرف باستخدام هذه الحماية المكفولة للمنشآت الطبية لحماية الأهداف العسكرية من الهجمات. تفقد المنشآت الطبية الحماية المكفولة لها إذا ما استخدمت في أعمال عدائية... وفي مثل هذه الحالات تتوقف الحماية، ولكن فقط بعد إنذار المخالفين وإعطائهم مهلة زمنية معقولة لوقف هذا الانتهاك.

 

شارات الصليب الأحمر والهلال الأحمر
إن شارة الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر تشكل علامة حماية مرئية منحها القانون للآتي:
- الخدمات الطبية للقوات المسلّحة؛
- الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر التي أُعتِرِف بها على الوجه المطلوب وفوضتها حكوماتها بالعمل على مساعدة الخدمات الطبية للقوات المسلّحة. ويمكن لهذه الجمعيات استخدام الشارة لأغراض الحماية، ولكن فقط بالنسبة للعاملين والمعدات المُسَاعِدة للخدمات الطبية العسكرية الرسمية في وقت النزاع، والمستخدمة بشكل حصري على أغراض مماثلة لما تقوم به الخدمات الطبية للقوات المسلّحة، على أن تكون خاضعة للقوانين واللوائح العسكرية؛
- المستشفيات المدنية التي تعترف لها الدولة بهذه الصفة؛
- كل الوحدات الطبية المدنية (مراكز الإسعاف الأولي... إلخ) المعترف بها، والمفوضة بذلك من السلطات المختصة؛
- جمعيات الغوث الطوعية الأخرى، الخاضعة لشروط الجمعيات الوطنية نفسها.
- رجال الدين، إذ أن هذه الشارات تحميهم أيضًا.
 
 

اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC)
مخولة باستخدام الشارة في كل وقت وبدون قيد لتنجز أعمالها الأساسية، ومنها على سبيل المثال ما يتعلق بمعاملة المرضى والجرحى وأسرى الحرب، وإيصال مواد الإغاثة إلى ضحايا النزاعات المسلّحة.
كما تتمتع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بحماية خاصة في أداء التفويض الممنوح لها. وحتى من دون الاعتماد على هذه الحماية الخاصة، يُعَدُ العاملون في اللجنة الدولية للصليب الأحمر محميين بشكل دائم بصفتهم مدنيين.
 
 

معسكرات أسرى الحرب
من أجل تعزيز سلامة معسكرات أسرى الحرب وأمنها، يجب وسمها بوضوح بالعلامة الحامية PW أو PG (أسير الحرب بالفرنسية). وعادة ما تتبادل أطراف النزاع المعلومات المتعلقة بمواقع معسكرات أسرى الحرب لأسباب تتعلق أيضًا بالأمن والسلامة.
 

معسكرات الاعتقال
قد تقرر إحدى الدول، خلال وقت النزاع، أن تعتقل مدنيين معينين في معسكرات اعتقال. وهذا يحدث عادة في الأراضي المحتلة، وإن كان قد حدث أيضًا مع مدنيين من جنسية الطرف المعادي المقيمين على أراضي دولة ما. فعلى سبيل المثال، اعتقلت بريطانيا مواطنين عراقيين خلال حرب الخليج. ويُعامل المعتقلون أساسًا على أنهم أسرى حرب. والاحتجاز هو وضع قيود صارمة على الحرية الشخصية، ويسمح به فقط إذا لم يكن ممكنًا تحقيق المقتضيات الأمنية بإجراءات أقل شدة. والنقطة الهامة هي أن معسكرات الاعتقال تتمتع بالحماية من الهجمات، وأنها يجب أن تُعَلّم بوضوح بالشارة الحامية IC.

 

العلم الأبيض (أو علم الهدنة)
العلـم هو إحدى الوسائل العرفية المستخدمة في الحرب والتي ما زالت مستخدمة على نطاق واسع حتى اليوم. وهو يستخدم للكشف عن النية في التفاوض وحماية الذين يقومون بالتفاوض.
والعلـم الأبيض لا يدل بالضرورة، كما يُعتقد غالبًا، على عزم الخصم على الاستسلام.
ويجوز لك التفاوض مع الخصم لأسباب عسكرية عملية، مثل التوصل لترتيبات لوقف إطلاق النار لإخلاء القتلى والجرحى أو لتبادل الأسرى. ويجب ألا يلحق الأذى بالأشخاص الذين يستخدمون العلـم الأبيض خلال عملية التفاوض.