مبدعون من بلادي

المصمم ايلي صعب أناقة الإبداع رسمت الطريق نحو العالمية
إعداد: تريز منصور

شغفه بالتفاصيل وتوقه الى الكمال يمنعانه من النوم على أمجاد الشهرة

 

بين الألوان الزاهية الجميلة والراقية، وبين الحسناوات يتمايلن بالأزياء الرائعة المزخرفة بأثمن الأحجار وأرق القصّات المميزة، في أهم دور الأزياء الباريسية والعالمية، يتلألأ نجم مصمم الأزياء اللبناني المبدع ايلي صعب، منافساً المصممين العالميين الكبار في عقر دارهم، أمثال شانيل، كريستيان ديور وغيرهم.
رسم بريشته خطوط الأزياء الراقية، فرسمت له طريق المستقبل والشهرة العالمية. استوحى من المرأة أروع التصاميم، فمنحها قصّات مميزة متقنة وتشكيلة أزياء رائعة، تأنقت بها في أرقى الحفلات العالمية، فاقترن اسمه بـ «السجادة الحمراء» (Red Carpet).

 

سيرة مصمم مبدع

ولد مصمم الأزياء اللبناني  - العالمي إيلي صعب  في 4 تموز 1964، متزوج من السيدة كلودين صعب وله منها ثلاثة أولاد، إيلي (15 عاماً)، سيليو (12 عاماً) وميشال (10 اعوام).
برزت موهبته منذ نعومة أظافره، ففي الثامنة من عمره كان يرسم الفساتين على الورق ويقصّها، ويحلم بتجسيدها على القماش يوماً ما. إنتسب الى مدرسة لتصميم الأزياء في باريس ومن ثم بدأ الحلم يتحقق.
عرضه الأول للأزياء الراقية (Haute couture) وفساتين الأعراس، جرى على مسرح كازينو لبنان في العام 1982. لاقى هذا العرض النجاح الكبير، وتناولته وسائل الإعلام كافة، لتحكي عن ذوق إيلي صعب الرفيع وقدرته على الإبداع وإظـهار المرأة في أبهى حللها، من خلال قصاته المميزة التي تناسب كل الأذواق والقياسات، ولمسته الساحرة الخاصة، التي مزجت بين حضارتي الشرق والغرب.
هذا النجاح كان بمثابة قوة دفع كبيرة وثقة بالمستقبل الزاهر، الذي لم ينتظر هذا المصمم الشاب كثيراً ليراه واقعاً.
انكب إيلي صعب على تصميم الأزياء، وكان ينفّذها في دار الأزياء الخاص به، والذي أنشأه في بيروت في العام 1982. وبدأت فساتينه تجذب بشكل مدهش النساء من مختلف الدول العربية.
طموحه لم يتوقف عند هذا النجاح، فتابع تصاميمه المميزة وقصاته التي تتناسب وذوق المرأة في كافة أصقاع العالم. وبدأت أنظاره تتجه عبر البحار، الى عاصمة الموضة باريس، فعرض فيها مجموعاته من الأزياء الراقية، كما عرض في سويسرا وغيرها... إلى ان عرض في العام 1997 مجموعة أزيائه لربيع وصيف 1997  خلال أسبوع الموضة في روما (Atlas Moda-week)، كانت المرة الأولى التي يعرض فيها مصمم أجنبي أو عربي في روما.

 

الألبسة الجاهزة

تابع إيلي صعب مسيرة النجاح وحقق نقلة نوعية من خلال الألبسة الجاهزة. ففي خريف العام 1998 وضع تصاميمه الخاصة للألبسة الجاهزة (مجموعة خريف وشتاء 1998-1999) التي نفذت في مشغله في ميلانو  - ايطاليا. ولقد حققت هذه المجموعة نجاحاً كبيراً وملفتاً في العاصمة الإيطالية وصدّرت الى معظم دول العالم،  وهي موجودة حالياً في أفخم المحلات الباريسية والعالمية على حد سواء مثل، روسيا، المانيا، بريطانيا، تركيا، دبي وغيرها... وهو يحلم بتوسيع هذه التصاميم لتشمل مختلف دول العالم.
في تشرين الأول من العام 2005 وخلال مهرجان باريس لموضة ربيع وصيف 2006، أذهل المبدع اللبناني إيلي صعب خبراء الأناقة بتصاميمه المبتكرة للألبسة الجاهزة، والتي كان من الصعب التمييز بينها وبين تشكيلات الخياطة الراقية، والتي كانت وراء شهرته العالمية وتحوّله الى المصمم الأول لدى نخبة السيدات الأنيقات في مختلف أرجاء العالم.
أظهر هذا العرض في باريس، شغف إيلي صعب بالتفاصيل وتوقه الدائم الى الكمال.

 

لا يقف عند حدود الشهرة

لا يعتبر إيلي صعب نفسه منافساً قوياً لأهم المصممين العالميين، ولكنه يعيش في حالة منافسة دائمة مع ذاته، تدفعه للإستمرار في طريق النجاح والتألق.
ورغم ما حققه من نجاحات تخطّت حدود لبنان وانتشرت حول العالم، الا أنه ما زال يعتبر نفسه في بداية مسيرته الإبداعية المستمرة، باعتبار أن لكل مرحلة جديدة بداية.
بالنسبة اليه العالمية لا حدود لها، لأن الفرد يشتهر في بلد ويقف على باب الشهرة في بلد آخر. الأمر الذي يجعله يتحدى نفسه بشكل دائم عبر محاسبة أعماله، فيتسلح بالطموح اللامحدود، لكي يصل الى مبتغاه.
يقسو على نفسه انطلاقاً من ايمانه بقدرته على العطاء أكثر فأكثر، فيعمل 20 ساعة من أصل 24 في اليوم، في مشغله الكبير الواقع في بناية صعب وسط بيروت، والذي انشأه في بداية التسعينيات. كما أنه يتنقل بين المكاتب والفروع المنتشرة في لندن ونيويورك ومشغله في ميلانو - ايطاليا، حيث يشرف على أدق التفاصيل ويحرص على مراقبة كل تصميم قبل أن يراه أحد.
واللافت أن البصمات الإيجابية والمميزة التي طبعت كل إبداعات إيلي صعب، لم تشعره يوماً بالغرور. بل على العكس فإنه يزداد بعد كل نجاح تمسكاً بالتحدي وبالرغبة في التقدم، والمحافظة على اسمه، ويتملكه هاجس الاستمرارية، والعمل بتفان وإخلاص شديدين للمهنة.

 

مصدر إلهامه:المرأة ولبنان

يستوحي إيلي صعب تصاميمه من المرأة ومن نظرته الخاصة اليها. وفي نظره، المرأة الأجمل هي أبسط النساء، والأهم أن تكون سعيدة وفخورة بما ترتدي.
لبنان البلد الأحبّ الى قلبه، انه بلد الثقافات المتنوعة والمتفاعلة في نمط فريد، وبلد الانفتاح على شعوب العالم وعلى مختلف الحضارات. وهذه السمة الأساسية التي تميّز لبنان، طبعت الى حد كبير ابتكارات إيلي صعب.
يبتكر إيلي صعب أجمل الأفكار والتصاميم عندما يكون مضغوطاً في وقته من دون تحديد مكان أو زمان. وهو يقول، ليس هناك وقت للإبداع، فالعملية مرتبطة بمزاجه الجيد وذهنه الصافي. وعندما تولد الفكرة يعجز عن توقيفها. فقد تكون في معظم الأحيان قطعة قماش مصدر إلهام لتصميم رائع. وقد يكون اللون أيضاً مصدر الوحي، أما أحب الألوان الى قلبه، فاللون الأسود والبيج بتدرجاته ومشتقات اللون الزهري.
كم من الوقت يستغرق إعداد تصميم؟ قد يرى التصميم النور في لحظة، وقد يعمل لإنجازه يومين. أما إذا تردد حيال فكرة ما، فهو غالباً ما يتخلى عنها.
يشعر إيلي صعب بلذة النجاح، عندما يلمسه عبر الإقبال على المجموعة المعروضة وما تتضمنه من أشكال وألوان. وقد لمع اسمه في عالم الموضة، بعدما ارتدت الممثلة هالي بيري أحد تصاميمه في حفل توزيع جوائز الأوسكار للعام 2002، حيث حصلت بيري على لقب صاحبة أجمل زي، إضافة الى لقب أفضل ممثلة.
وتوالت الشهيرات في هوليوود على طلب ابتكاراته وأزيائه أمثال ديبرا مينغ، ومرسيا كروس، وشارون ستون، وكاترين زيتا جونز وغيرهم...
كما ان الملكة رانيا ارتدت زياً من تصاميه خلال حفل تتويجها ملكة للأردن، وهي الآن من أبرز اللواتي يصمم لهنّ.
ويعتبر صعب اليوم، المصمم الخاص لحفلات الأوسكار والمناسبات العالمية أو مصمم الـ «ريد كاربت» (السجادة الحمراء)، والمقصود بها الحفلات الهامة التي يبسط فيها السجاد الأحمر.

 

صعب والمستقبل

وضع إيلي صعب الآلاف من تصاميم الأزياء، فهو يصمم في السنة أكثر من 300 فستان خاص  بالأعراس و400 من الأزياء الراقية.
وتعتبر دار أزياء إيلي صعب، وفق إحصاءات أجرتها مجلة «باري ماتش»، الأولى في المبيعات، بالنسبة لأزياء الخياطة الراقية (Haute couture).
يحلم إيلي صعب بتوسيع مجالات تصاميمه، لتشمل العطورات والألبسة الرجالية، علماً انه كان قد بدأ تصاميم حقائب اليد. ويسعى الى إنشاء مكاتب علاقات عامة وصالات عرض له في معظم دول العالم. وبذلك يطبق ما يقوله دائماً: «أرفض النوم على أمجاد الماضي او التراجع الى الوراء. فكل تشكيلة جديدة، أجد فيها تحدياً لقدراتي».