بطاقة متقاعد

المعاون أول المتقاعد خطّار وعلى مشارف المئة عام
إعداد: ليال صقر الفحل

 دخل الجيش مزوّدًا قواعد الحساب وتقاعد حاملًا ذكريات وأوسمة ومبادئ

 

شعر بالكثير من الفخر حين كُتب على المستند الذي دُوِّنَت فيه المعلومات الشخصية العائدة له: «يجيد القواعد الأربع»، وهو ما زال يشعر بالكثير من الفرح كلّما تذكّر أنه خدم مع المقدّم (حينها) ميشال عون...
يبحث المعاون الأول المتقاعد روبير فرنسيس خطّار في دفاتر سنواته وهو بات قريبًا جدًا من مشارف المئة عام، تسعفه الذاكرة أحيانًا فتطفو على وجهه ابتسامة، يحك رأسه ويستغرق في السرد للحظات، قبل أن يعود النسيان ويخطف الكثير من التواريخ والأحداث.
أين بدأ مشواره الطويل في المؤسّسة العسكرية، وأين انتهى؟


من مركز التطوع في صيدا، قرب بلدته طنبوريت، انتقل الشاب روبير فرنسيس خطّار إلى ثكنة الأمير بشير في بيروت، بعد أن تمّ قبوله ضمن المرشّحين للتطوّع وكانوا كثرًا، غير أنّ الذين تطوّعوا فعلاً كانوا أقل بكثير. من المميّزات التي سهّلت قبوله في عداد المتطوّعين، إجادته للقواعد الأربع في الحساب، أي الجمع والطرح والضرب والقسمة. يخبرنا كم شعر بالاعتزاز عندما دُوِّنت هذه المعلومة على المستند الخاص بتطوّعه، ويردف قائلاً: كان ذلك في العام 1946، وكان فوج المدفعية المتمركز في ثكنة الأمير بشير أول قطعة التحقت بها.
تابع هناك دورة أغرار، ثمّ التحق بالسرية الثالثة للفوج الرابع في الفياضيّة ومكث فيها حتى العام 1962، بعد هذا التاريخ طلب أن ينقل إلى صيدا ليكون قريبًا من عائلته. تمّ تشكيله إلى الفوج السادس حيث عمل كأمين سرّ، وبهذه الصفة تنقّل بين الفوج السابع في طرابلس، والمدفعية الثاني في صيدا ومخيّم الألفة في اليرزة، ومن ثمّ تجمّع صيدا، فالشعبة الثالثة في جبهة الجنوب، إلى حين أحيل على التقاعد في العام 1977 وكان قد أصبح برتبة معاون أول.


... بفرح كبير
الحياة العسكرية أكسبته معارف وخبرات واسعة. في الجيش تعلّم أصول ممارسة وظيفة أمين سرّ، وهذه الوظيفة بالتحديد مارسها بفرح كبير في فوج المدفعية الثاني: كنتُ أمين سرّ قائد الفوج المقدّم ميشال عون (رئيس الجمهورية الحالي) لثلاث سنوات. تلك السنوات هي الأحبّ إلى قلبه كما يقول. وهو يضيف: في الجيش، تعلّمت الانضباط والمناقبية والأخوّة في ظلّ الاختلاف الطائفي والاجتماعي. الرقم العسكري 3956 جعلني فردًا في عائلة كبيرة، وعندما تقاعدت كنت أحمل القيم والمبادئ التي تزرعها هذه العائلة في نفوس أبنائها.


عقوبة لم ينسها
من الذكريات التي لا تزال حيّة في ذاكرة المعاون أول خطّار، عقوبة نظمها بحقّه أحد أفراد الشرطة في صيدا في العام 1953 بينما كان ينزل من الباص عائدًا إلى منزله. لم يكن هندامه العسكري على ما يجب أن يكون عليه، كانت العقوبة يوم توقيف، وكانت كافية لعدم تكرار الأمر مرّة أخرى طوال ما تبقّى من خدمته.
عندما سُرّح من الجيش كان في حوزته ثلاثة أوسمة وميدالية عسكرية، وهي ما زالت مصدر فخر له. يفتخر أيضًا بكونه شجّع شقيقَيه الياس وخليل لينخرطا في الحياة العسكرية. همـا متقاعـدان اليـوم، وغالبًا ما تجمعهم الذكريات والحنين إلى محطات وسنوات ورفاق السلاح...