متقاعد يتذكر

المعاون جرجس الزمار
إعداد: باسكال معوض بو مارون

علّمني الجيش أن آخذ بحق وأعطي بعدل

 

كان يعمل نجار موبيليا وبإمرته عشرون عاملاً، لكنه تخلّى عن كل ذلك ودخل المؤسسة العسكرية التي أحبّها، وبراتب كان مقداره في ذلك الوقت 48 ليرة شهرياً أمّن لعائلته حياة كريمة.
عن خدمته لمدة 33 سنة حدّثنا المعاون جرجس الزمار بصوت ملؤه الحنين والفخر والاعتزاز.

 

كان انتسابي إلى الجيش في العام 1965 يوم ذهبت إلى السرايا في صغبين وقدمت أوراقي وتم قبولي.
خضعت لدورة اغرار مدتها 6 أشهر في ثكنة بهجت غانم - طرابلس وعيّنت بعدها في معهد التعليم كاختصاصي تقني.
في تلك الفترة (منتصف العام 1966) كان العمل جارياً لتحويل مركز عرمان إلى ثكنة عسكرية، وكانوا بحاجة لتأهيلها إلى اختصاصين تقنيين. وفي خلال نحو 6 أشهر أصبحت الثكنة جاهزة وقد حوت مشغلاً صغيراً، وفيها تم استقبال وتدريب أول دورة لمدرسة الرتباء (في بداية العام 1967).
بعد أن انتهى العمل في ثكنة عرمان ونظراً للخبرة التي اكتسبتها في تجهيز الثكنات، تم في الشهر العاشر في العام 1978 تكليفي باستلام ثكنة الشيخ عبد الله في بعلبك والقيام بصيانتها وتجهيزها بشكل كامل مع فريق من 20 شخصاً يهتم كل منهم بناحية معينة من التجهيزات (نجارة، تدفئة، تبريد، كهرباء، حدادة...).
بقيت في مركزي حتى العام 1975، حيث كنت مشرفاً على التدفئة والكهرباء في معهد التعليم ومدرسة الرتباء.
على اثر اندلاع الحرب، نقلتنا القيادة إلى مركز بشلاّما قرب ضهور الشوير في مهمة مسح للمنطقة وحفظ أمن وتنظيف مخلّفات الحرب.
عدت بعدها إلى عملي الأساسي وهو تجهيز الثكنات، فتوجهت إلى أبلح وقمت ورفاقي بتصليح وتأهيل منشآت الثكنة التي بقيت فيها حتى العام 1980، حين نقلت إلى وزارة الدفاع وتحديداً إلى مقر عام الجيش فرع الصيانة وعملت هناك إلى أن أتى قرار تسريحي في 1/1/1998.
خرجت من الجيش برتبة معاون كما نلت عند تسريحي الميدالية العسكرية ووسام الاستحقاق والوسام الفضّي لسلوكي الجيد في الخدمة.
خلال خدمتي في الجيش، أصبت يوم سقطت قذيفة حربية من عيار 240 أمام وزارة الدفاع فقتل اثنان من رفاقي ورمتني القذيفة مسافة 20 متراً.
وختـم المعاون الزمار بالقول: إن المؤسسة العسكرية هي في الواقع مدرسة للقيم العالية التي تعلّمـها لجنودها، وهي إضافة إلى الانضباط والصدق تعلّم الانفتاح بحيث لا يعيش الإنسان متقوقعاً على ذاته. وقد علّمني الجيش ألاّ أؤجّل عمل اليوم إلى الغـد، وأن آخذ بحـق وأعطـي بعدل، وأن لكل إنسان حدوداً ولا ينبغي له أن يتطـاول على حريـة غيره.