اقتصاد ومال

المعاينة الميكانيكية الإلزامية انطلقت وسط تساؤلات كثيرة

آلات متطوّرة تتولى الكشف ونتيجة الإمتحان إفادة مفصلة حول وضع السيارة

 

 المهندس فرج الله سرور

 

 السيارات التي لن تحصل على إفادة نجاح لا تتعدى الـ15 في المئة وهي تشكل خطراً على السلامة العامة

 المعاينة الميكانيكية خطوة متطوّرة وحضارية، تعتمد المعايير الدولية، وهي جزء لا يتجزأ من برنامج الإصلاح الإداري، وقد أصبحت حيّز التنفيذ ابتداءً من أول شباط 2004، ومن شأنها أن تحدّ من حوادث السير وتخفف من تلوث الهواء. فبعد تأجيل استمر من العام 1998، بدأ تطبيق قانون المعاينة الإلزامية الميكانيكية في ˜شركة فال السعودية المحدودة ­ فرع لبنان، التي رسا عليها مشروع الـ"B.O.T" الذي وضعته وزارة الداخلية والبلديات. والشركة جاهزة للكشف على نحو مليون سيارة، إضافة الى الدراجات النارية والشاحنات والمركبات، وذلك في مراكزها الأربعة: الحدت، صيدا، زحلة وزغرتا. حدد القانون تعرفة المعاينة الإلزامية بـ13 دولاراً أميركياً للسيارات ما دون 3.5 طناً و35 دولاراً للشاحنات، فيما أعفى المعاينة التأكيدية من التعرفة. أسئـلة عديدة تـطرح نفسـها في ظل الظـروف الإقتصاديـة الخانـقة التي يتخـبط بها لبـنان، وثـغرات كثـيرة قد تـطرأ مع بدء تطبـيق القانون، لكن لا بد من القـول أن سـنة 2004 ستشـهد تحـولاً كبيـراً في موضـوع سلامة السير والسيارات والمركبات والآليات إذا ما تم تطبيق القانون بجدية. مجلة الجيش التقت رئيس مجلس إدارة ومدير عام هيئة إدارة السير والآليات والمركبات المهندس فرج الله سرور وكان لها هذا الحديث.

 

■ قانون إلزامية المعاينة الميكانيكية تجربة متطورة وجديدة يمكن أن تعيد لبنان الى سكة الدول المتحضرة، هل حدثتنا عنها؟

-­ قانون إلزامية المعاينة الميكانيكية أصبح حيّز التنفيذ بدءاً من شباط 2004، بعد تأجيل استمر منذ عام 1998، تاريخ صدور القانون 671 ضمن موازنة 1998، إذ تنص المادة 20 منه على وضع نظام خاص للكشف الميكانيكي على السيارات والمركبات والمقطورات من دون استثناء. وفي العام 1999 أجاز قانون الموازنة لوزارة الداخلية والبلديات إجراء مناقصة عالمية وفقاً للأصول، والإستعانة بشركات خاصة للمعاينة الميكانيكية. وفي العام 2002 أجريت المناقصة واشترك فيها عدد من الشركات العالمية، ورسا على الشركة التي تقدمت بالسعر الأفضل وهي شركة ˜فالŒ السعودية ­ فرع لبنان. هذه الشركة جاهزة اليوم لمباشرة إجراء المعاينة في مراكزها الأربعة في لبنان: الحدت (لبيروت وجبل لبنان), صيدا (للجنوب) ، زحلة (للبقاع) وزغرتا (للشمال) . والمراكز مجهزة بأحدث آلات المعاينة الميكانيكية التي صنعتها شركة "MAYA" الألمانية وهي معدة لإستيعاب أعداد السيارات التي وردت في دفتر الشروط والمقدّرة بنحو 900 ألف سيارة إضافة الى الدراجات النارية والشاحنات والمركبات. أما العاملون في هذه المراكز فهم من خريجي المدارس المهنية في لبنان، في اختصاص ميكانيك السيارات. ولا مجال لأية شبهة على عمل الموظفين في الشركة، فالمراقبة صارمة، كما أن نظام العمل ومنهجيته يمنعان أي تلاعب، أما تعرفة الكشف على المركبات الصغيرة فهي 13 دولاراً و35 دولاراً للشاحنات. وتدفع التعرفة مرة واحدة فقط، في المعاينة الدورية الإلزامية وليس في المعاينة التأكيدية.

 

■ ما هي الشروط الرئيسية، التي تمنح وفقها المركبات والشاحنات شهادة ˜رسوب أو نجاح؟

 ­ لقد اعتمدنا في دفتر الشروط الموضوع، المعايير العالمية والأوروبية مع بعض التعديلات عليها وفق قانون السير اللبناني، بما يتناسب والمجتمع اللبناني والظروف الإقتصادية الصعبة التي يواجهها اللبنانيون. وإن البلبلة والشائعات التي تثار اليوم حول قضية إلزامية المعاينة الميكانيكية عارية عن الصحة. فهناك 132 نقطة يتم فحصها في السيارة، ولكن معدل النجاح أو الرسوب سوف يتوزّع، وبناء على قرار صادر عن وزير الداخلية الياس المر بتاريخ 31\12\2003، على نقاط خمس رئيسية يتفرّع عنها نقاط فرعية جانبية. وهذا القرار جاء حرصاً من وزارة الداخلية على مصلحة المواطن وسلامته وتفهماً للظروف الإقتصادية الخانقة التي يعاني منها الشعب اللبناني. والنقاط الخمس هي:

1-­ تعريف المركبة، أي مطابقة اللون، واللوحة، ورقم الهيكل، والنوع مع دفتر السيارة.

2-­ صحة الإنارة الكاملة في المركبة.

3-­ صحة الفرامل وما يتفرع عنها، وكذلك صحة الإطارات (الدواليب) . ولا بد هنا من الإشارة الى أن القانون اللبناني لم يعتمد المعايير الأوروبية التي تشدد على ضرورة وجود أربع إطارات جيدة ومن النوعية نفسها مع سماكة محددة (2 غوما) ، واكتفى بضرورة وجود إطارين صالحين للسير من النوعية نفسها.

4-­ دقة ميزانية السيارة (تفقد التربيعة...) .

5-­ معاينة الغاز المنبعث من عادم السيارة والتأكد من أن غاز الـCO المنبعث هو ما دون الـ4.5 وغاز HC ما دون الـ1000.

 

■  وماذا عن إفادة الجمرك أو إفادة المنشأ في حال تم تغيير المحرك؟

 إن عملية تغيير المحرك واللون... قضايا ترعاها أحكام وقوانين صادرة عن الجهات المختصة في الدولة (الجمارك) ، ولا علاقة لوزارة الداخلية بها. وإن هذا الأمر غير موجود في دفتر شروط قانون المعاينة الميكانيكية الإلزامية، وبالتالي فإن شركة ˜فالŒ غير مخوّلة الكشف على رقم المحرك.

 

■  نظراً للظروف الإقتصادية الصعبة، يبدو من المؤكد أن 70 في المئة من أسطول المركبات اللبنانية لن يستوفي الشروط المنصوص عنها، وهذا يعني تأخير في دفع رسوم الميكانيك وبالتالي تكبيد المواطن رسوم غرامات التأخير، وكذلك انخفاض في نسبة موارد الخزينة، فما هو تعليقك؟

­ إني على ثقة أن النقاط الخمس الأساسية لن تساهم إلا برسوب 15 في المئة من الأسطول اللبناني، وهذه النسبة تضم المركبات والشاحنات والسيارات غير الصالحة للسير على الطرقات، وتشكل خطراً على السلامة العامة. ولا بد من الإشارة الى أننا وضعنا برامج المعاينة الإلزامية قبل شهر من موعد رسوم الميكانيك، لكي يتسنى لاصحاب الآليات تصليحها بعد تسلّمهم الإفادة المفصلة التي تتضمن أسباب نجاح الآلية أو رسوبها في المعاينة، مع تفصيل مجمل الأعطال الواجب تصليحها قبل المعاينة التأكيدية المجانية. وفي حال النجاح يمكن أن يدفع المواطن رسوم الميكانيك في حرم مركز المعاينة أو في المصارف أو حتى في مصلحة تسجيل السيارات في كل محافظة، شرط إبراز إفادة النجاح في المعاينة.

 

■ عادة، تحصل بعض الأخطاء في الأشهر الأولى لتطبيق القوانين، هل ان قانون إلزامية المعاينة الميكانيكية قابل للتعديل، أو هل من إتجاه لدى وزارة الداخلية للأخذ بعين الإعتبار الإستثناءات التي قد تحصل أثناء التطبيق؟ ­

إن هذا القانون حديث ومتطوّر، وينص على معايير دولية، وتطبيقه يتم عبر الفحص الفني الدقيق. قد يكون من الممكن ظهور بعض الثغرات أثناء الممارسة، ولكني أشك بذلك، لأن دقة الآلات لن تسمح بالأخطاء. فإما أن تكون المركبة صالحة للسير أو غير صالحة. وكما ذكرنا سابقاً فإن وزارة الداخلية عدّلت بعض المعايير الأوروبية تحسساً منها مع المواطنين في هذا العام، ولكن هذه المعايير الـ132 سوف تطبّق تدريجياً في السنوات المقبلة وبدقة متناهية.

 

■  تطبيق المعايير الأوروبية أمر يستحق التقدير والمتابعة، ولكن ألا تعتقد أن هذه المعايير نفسها يجب أن تطبق في القطاعات الأخرى كافة (الطرقات ­ إشارات المرور ­ البنزين وغيرها) في الوقت عينه؟

­ إن وزارة الداخلية والبلديات تسعى بصورة مستمـرة لتقديم الأفضـل، وهـي على أتم الإستـعـداد للتـعاون الوثيـق مـع جميـع الوزارات. أما قضـية الطرقــات فهـي من مسؤولـية وزارة الأشغال العامـة.

 وختم سرور أخيراً بالقول: إن قانون المعاينة الميكانيكية الإلزامية هو جزء لا يتجزأ من برنامج الإصلاح الإداري. وهذا القانون يحرص حرصاً شديداً على مصلحة المواطن وعلى السلامة العامة والبيئة، وسوف تظهر نتائجه على المدى البعيد رغم كل الظروف الإقتصادية والإجتماعية الصعبة المحيطة به.

 

 تصوير: المجند كريم عرمان

 

 مراكز المعاينة ومراحلها

 

رسوم الميكانيك هي نفسها لكن، وبموجب قانون إلزامية المعاينة الميكانيكية، لا يمكن تسديدها ما لم تحمل السيارة شهادة نجاح من شركة المعاينة فال. لذا يجب التوجه أولاً الى أحد مراكز المعاينة الأربعة في لبنان: الحدت، صيدا، زحلة وزغرتا. وفي المركز يتوجه مالك السيارة أو من ينوب عنه وفي حوزته دفتر السيارة فقط ­ لا حاجة الى أية أوراق ثبوتية شخصية ­ الى مكتب الإستقبال حيث يعمل أكثر من عشرة موظفين على استقباله وإدخال المعلومات المتعلقة بالسيارة ومواصفاتها على الكومبيوتر. بعدها يتوجه المواطن الى رقم خط المعاينة الذي يجب أن يتوجه إليه بعد أن يكون دفع بدل المعاينة سلفاً. في أول خط المعاينة يتأكد الموظف الموجود من أن رقم السيارة التي يتسلمها موجود فعلاً على جهاز الكومبيوتر لديه، ثم يترك المواطن سيارته من دون أن يبقى فيها إلا دفتر التعريف فقط. ومن الضروري أن يتأكد من خلوها من الأغراض، وخصوصاً صندوقها، وينتظر في ممر المشاة حتى تتم معاينة سيارته. وبهذه الطريقة لا مجال لأية علاقة بين الموظف والمواطن. في كل خط أربع مراحل معاينة منفصلة، وفي كل مرحلة يعمل موظف أو إثنان. ويتناوب الموظفون على كل المراحل والخطوط بشكل يومي، مع وجود مراقبين على المراحل يتناوبون على كل الخطوط.

 

* المرحـلة الأولى: تنقسم في هذه المرحـلة المعايـنة الى قسمين: قسم خارجي ويتضـمن معايـنة وضـع السيارة الخارجي، أي في الأمـور التي لا تتـعلق بالجـوانب الميكانيكـية. ويشمل هذا القـسم التأكـد من عدم وجـود أجزاء خارجة من السـيارة قد تسـبب ضـرراً للغير، وضـع مصابيح السيارة الأمامية والخلفية لناحية أنها غير مكسورة وأنها تعمل بشكل سليم. وضع واجهة السيارة والتأكد من وجـود غطـاء خزان الوقـود الذي لا يسمح بتسرب الوقود. وكذلك لوحة السيارة يجب أن تكون قانونية أيضاً وكذلك الأضواء الصغيرة التي تنير اللوحة، أي تكون الأرقام واضحة بالعربية والأجنبية، ولا وجود لأية علامات فارقة عليها كوجود علم لبناني مثلاً، أو أرقام نافرة أو متباعدة أو علامات أو شعارات كشعارات الصحافة أو مجلس النواب الصغيرة التي تلصـق فوق اللوحة. كل هـذه المخالـفات للقانـون لن تمر (مبدئياً) بعد اليوم.

 

 وفي هذا القسم يمـكن التأكـد من الزجـاج لناحية عدم وجود كسر فيه يمتد لأكثر من 30 سم، ولناحية عدم وجـود زجاج أمامي ملوّن يمنع رؤية من في الداخل وكذلك بالنسبة للنوافذ الأمامية. كما يجري التأكد من أن الأبواب الأمامية تفتح وتغلق بطريقة سليمة من الداخل والخارج، ومن عمل الزمور والإشـارات وحزام الأمان، والمساحات، والمقود، والمرايات، والإطارات والجنوطة والبراغي التي تثبت بها، الرفاريف والفخذ فوق الإطارات، كذلك يتم التأكد من مطابقة رقم الهيكل على السيارة للرقم المدوّن على الدفتر. أما القسم الثاني من المرحلة الأولى فيتضمن معاينة الغاز المنبعث من عادم السيارة والتأكد من أن غاز الـCO المنبعث هو ما دون الـ4.5 وغاز الـHC ما دون الـ1000 إضافة الى ذلك تتم معاينة السيارة والقطع المحيطة بها من الخارج للتأكد من عدم وجود تسرب في الزيت أو الوقود أو أعطال قد تكون ظاهرة للعين. وبعد معاينة كل ما تقدم في المرحلة الأولى، توضع ملاحظات على الكومبيوتر وترسل الى المرحلة الثانية.

 

*  المرحلة الثانية: يتم فيها معاينة ممتص الصدمات في السيارة فوق الإطارات الأربعة (Amortisseurs) ومدى صلاحيته، وذلك عبر الترددات التي تقرأها الآلة. ويوضع أيضاً تقرير، وترسل المعلومات عبر الكومبيوتر الى المرحلة الثالثة.

*  المرحلة الثالثة: تشهد هذه المرحلة معاينة الفرامل على الإطارات الإمامية والإطارات الخلفية وفرامل اليد. ومن الأهمية بمكان في هذه المرحلة أن تثبت الفرامل قوتها وتوازن توزع هذه القوة ما بين الإطارات أي أن نسبة الفرق في الإستجابة للفرامل ما بين إطار اليمين وإطار اليسار في الحالات الثلاث يجب ألا تتعدى الـ22 في المئة.

*  المرحـلة الرابعة والأخيرة: تتضمن معاينة السيارة من تحـت، وتشمل مراقبة وجود أي خلل: في الكاوتشـوك أو ما يعرف بـالبيضات، والميزانية، وعلبة الفيتاس، والملاقط، والتربيعات ونرابـيش زيت الفرامل، ومخـزن الوقـود، والعادم... وأي اهتراء فاضح في أرضية السيارة وكل ما يمكن أن تحويه من مشاكل ميكانيكية ويمكن أن تشكل خطراً بطريقة أو بأخرى على سلامة السائق وسلامة المواطنين وعلى الصحة العامة. بعـد المرحلة الرابـعة يتسلم المواطن مركبـته من جديد ويقصـد مكتب النتيجة التي قد تكون إيجابية أو سلبية. وفي الحالـتين يتسلم المواطـن إفادة مفصلة، فيها أسباب رسوب سيارته في المعاينة في حال الرسوب، مع تفصيل مجمل الأعطال الواجب تصليحها. وقد تتضمن الإفادة تفصيلاً بالتحذيرات (Warning) من بعض المشاكل التي بدأت تباشيرها تظهر ويجب تصليحها قبل أن تتفاقم على الرغم من نجاح السيارة في الإمتحان.