مناورات

المغاوير وقوى أخرى في أعالي الجبال
إعداد: ندين البلعة الحاج موسى

مناورة بالذخيرة الحية والـ م 60 في الميـدان راسخـة الخطـوة تـرمـي بـدقـة

 

هي الأفواج الخاصة في الجيش اللبناني، تثابر على التمارين والتدريبات، دائمة الاستعداد لكل ما يواجهه الوطن، ولأي مهمة تطرأ. وهو فوج المغاوير الذي عوّدنا على التمارين المميّزة، في أعالي الجبال وبمشاركة عدة قوى أخرى.
17 أيلول 2010 كان الموعد مع تمرين تكتي جديد بالذخيرة الحيّة، نفّذه فوج المغاوير بالإشتراك مع فوج المدرعات الأول وفوجَي المدفعية الأول والثاني، الفوج المضاد للدروع، القوات الجوية، فوج الهندسة والطبابة العسكرية، في منطقة جرود العاقورة.
حضر التمرين رئيس الأركان اللواء الركن شوقي المصري، عدد من كبار ضباط الجيش وقادة الوحدات الكبرى، الى جانب عدد من الملحقين العسكريين العرب والأجانب، ضباط دورة قائد كتيبة الدفعة 37 في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، وحشد من المدعوين المدنيين.


المثابرة على التمرين... خبرة ووقاية
اللواء الركن المصري توجّّه بالتقدير للذين حضّروا هذا التمرين ونوّه بمهارة المنفّذين وأدائهم وحرفيتهم. «فتمرين كهذا لمدة ساعة، يتطلّب أياماً وأسابيع من التحضير، وجهداً كبيراً ومتقناً». وتابع: «الهدف الأساسي من هذا التمرين هو أن يبقى العسكري متآلفاً مع سلاحه، بالإضافة الى التركيز على كيفية التعاون بين مختلف الأسلحة العسكرية (طيران، مدفعية، صواريخ، دبابات، هندسة...) وذلك في ظروف المعركة الحقيقية».
بعدها، انتقل اللواء الركن المصري لشرح نقاط الإختلاف بين التمرين النظري والمعركة الحقيقية: «خلال التدريبات يمكن دراسة كل خطوة وكيفية التحرّك بدقة، على عكس الواقع حيث نواجه عدواً لا يرحم بسلاحه وذخيرته. هذا بالإضافة الى المشاكل التقنية التي يمكن أن تطرأ على الآليات، ونسبة ضمان صلاحيتها حتى نهاية المعركة، والنقص بالذخائر...». كما لفت الى ضرورة حماية النفس وتجنّب الإرباكات التي قد تحدث في صفوف العسكريين.
وشدّد رئيس الأركان على أن «الأهم من مشاهدة التمرين، هو تقييمه ونقده من خلال لجنة متخصّصة. فكما تُخصّص غرفة عمليات مشتركة لتطبيق التمرين، يجب أن تُحدّد لجنة، ليس بهدف النقد والمحاسبة بل للإضاءة على الأخطاء التي ارتُكبت لتلافيها. وتطرّق الى أهمية كل سلاح شارك في هذه المناورة من حيث دقة الرماية وفعالية مشاركة هذه الأسلحة.

 

جيش محترف
رئيس الأركان تابع موضحاً، أن المهمات التي ينفّذها الجيش بإمكاناته المتواضعة، الى جانب المهمات التي ينفّذها باستمرار على الأرض، جعلته مميّزاً ومحترفاً. من هنا يجب الإستفادة وخلق الفرص للتدريب، إذ تنتظرنا مهمات كبيرة من حفظ الأمن ومواجهة العدو الإسرائيلي...
وأكد أنه «لا يمكن التهاون مع أي خلل أمني، فكل مخلّ بالأمن هو خصم لنا مهما كانت هويته. علينا أن نبقى كتلة واحدة متراصّة وجسماً واحداً، همّنا الأول والأوحد الوطن والمواطن».
كما نوّه رئيس الأركان بدور الوحدات الخاصة، وختم بالتشديد على توجيهات قائد الجيش للعسكريين بالمزيد من الاستعداد واليقظة لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي على لبنان، وبذل أقصى الجهود لطمأنة المواطنين، وترسيخ مسيرة الأمن والاستقرار في البلاد.

 

إستراحة الصخور
العميد الركن شامل روكز، قائد فوج المغاوير، افتتح الملخص عن هذه المناورة في خيمة كبيرة نصبها عناصر الفوج قرب استراحة الصخور في العاقورة: «الهدف من هذه المناورة تمرين القادة والوحدات على مستوى ألفاف تكتية وفرعية، وهي (المناورة) تمرين مشترك مع عدة وحدات عسكرية أخرى».
بعدها أوضح العميد الركن روكز أنه تمّ تضييق المساحات المستخدمة في منطقة التمرين لتظهير المناورة بالإضافة الى كثافة التنسيق بين الوحدات المنفّذة ودقّته لتلافي الأخطار والحوادث. ثم أشار الى الوضع العام، أي السيناريو الذي نُفّذت على أساسه هذه المناورة: «يقوم العدو بعملية هجومية لتوسيع بقعة سيطرته في بلدات العاقورة - المجدل - أفقا، وفرض أمر واقع في دفاع دائري ثابت، كما لديه القدرة على الدفاع الجوي».
هدف العدو: توسيع بقعة سيطرته، لتشمل التلال المحيطة ببلدات العاقورة - المجدل وضهر عريض السنديانة، وتوسيع بقعة عملياته بالتنسيق مع باقي الخلايا الإرهابية لتشمل معظم الأراضي اللبنانية، بالإضافة الى فرض حالة من التوتر وعدم الاستقرار في البلاد.

 

معطيات المعركة
عن معطيات المعركة بتفاصيلها،  كان الكلام لرئيس الفرع الثاني في فوج المغاوير الرائد عمر مجلّد: «مهمة قيادة الجيش استعادة سلطة الدولة على المنطقة المهدّدة، حجم القوى حوالى 80 عنصراً، السكان موالون ويمكن الإستعانة بهم في الاستعلام واللوجستية، الطقس مؤاتٍ فهو مشمس، واحتمال وصول درجة الحرارة الى 30 درجة مئوية لا يؤثر بصورة كبيرة على الأعمال الحربية.  
بعد التحضير الإستعلامي لحقل المعركة، يخلص استنتاج دراسة الأرض الى أن المكان صالح لتنفيذ المهمة: منطقة مفتوحة لمرور جميع أنواع الآليات من المحاور كافة من دون أي حواجز أو عوائق، مع توقّع التفخيخات والعراقيل من قبل العدو.
الى ذلك، يُحتمل لجوء بعض العناصر الإرهابيين الى المنازل المدنية للإحتماء واستعمال السكان كدروع بشرية. كما يُحتمل تعاطف بعض السكان مع الإرهابيين وإنذار هؤلاء والعمل على عرقلة أعمال الصديق القتالية».

 

القوى والعمليات
المقدّم جورج صقر، رئيس الفرع الثالث في المغاوير، يشرح فكرة المناورة مفصّلاً كيفية التنفيذ: «يهاجم فوج المغاوير قوات العدو لاستعادة السيطرة على القطع ولمنعه من الإفلات والإنتشار داخل البلدات والقرى. أريد تدمير وحدات العدو في منطقة جرد العاقورة (وطى البريج - بركة الحمرا) ومحيطها، لذلك سأعمد الى عزل بقعة العمليات، بالقيام بعمليات إنزال جوية على مسافات آمنة وهجوم على محورين بلفيفين فرعيين وسرية مغاوير، مع الإحتفاظ بلفيف فرعي مدرّعات إحتياط طوال فترة العمليات، ضمن ثلاث مراحل».
وتابع المقدم صقر الشرح مضيفاً: «يكون التمركز دفاعياً على حدّ التقدم، هو مهمة فوج المغاوير وصولاً الى تسليم القطاع لفوج المدرعات الأول، والجهد الرئيس لناحية الغرب. يتمّ دعم المغاوير دعماً جوياً بطوافات قاذفة مزوّدة صواريخ «Hot» و«Hell fire»، هذا بالإضافة الى 3 هوكر هنتر و5 طوافات «غازيل» لمهات الدعم الجوي القريب.
يستفيد فوج المغاوير في أثناء الهجوم من نيران سرية المدفعية 100 ملم وراجمات صواريخ 122 ملم، بالإضافة الى مربض هواوين، دبابة م60 وم 48.

 

الدعم الهندسي
مجموعة من فوج الهندسة تدعم العمليات وتنفيذها. وعن دور هذه المجموعة كان الشرح لآمر سرية الهندسة الثانية المقدم جهاد بشعلاني الذي أوضح أن دور الهندسة يرتكز على المهاجمة والحركية والعرقلة والحماية: «تتألف مجموعة الهندسة المشاركة في هذه المناورة من أربع مجموعات بين حضائر نقابين، خبراء متفجرات ورهط كلاب بوليسية. في التنفيذ نبدأ بالخرق كمرحلة أولى ومن ثم السيطرة على مركز القيادة بالتفجير والكشف على الأجسام المشبوهة، يقوم بها رهط الكلاب البوليسية وخبراء المتفجرات».

 

الدعم الجوي
العقيد الركن الطيار فادي لبكي، رئيس قسم الإستعلام في القوات الجوية، يبرز دور الدعم الجوي مع الإشارة الى أن الإهباط سيتم في أماكن مكشوفة لتسهيل رؤيتها: «ينتقل سرب من الطوافات من قاعدتي بيروت ورياق الجويتين، يأخذ مكان انتظار لبدء المعركة وعندها يتمّ تحميل العسكريين من مكان يسمى الـ«Pick Up Zone». يشترك سلاح الجو مع المشاة والقوى التي تتقدّم ضمن توقيتات محددة. هنا لا بد من الإشارة الى أن منطقة المعركة هي منطقة صعبة للرماية والإنزال الجويين، فهي متشابهة التضاريس ولا يمكن للطوافات المتحركة تحديد الهدف بسهولة».
وختم العقيد الركن الطيار لبكي شرحه بالقول أنه أُخِذَ بعين الإعتبار وقوع أي عطل بالطوافات أو سوء بالأحوال الجوية.
واختتم العميد الركن روكز من بعده هذا الشرح المفصّل عن المناورة لافتاً الى كثافة القوى والأوامر وتخصيص غرفة عمليات تضمّ ضباطاً من مختلف القوى المشاركة، لإعطاء أوامر مباشرة مركزية ودقيقة.

 

على الأرض... مختلف
«تمّ تحديد الهدف... افتتاح النار...» وأُعلن بدء المناورة بعد انتقال الجميع من مكان الشرح الى مكان تطبيق المناورة في جرود العاقورة.
المرحلة الأولى: دعم مدفعي لصالح الوحدات المشاركة خلال عمليات الإنزال وإعادة اللحمة وإحكام الطوق. تغطية تقدّم الوحدات والتركيز على ضرب مراكز القيادة والرمي والإحتياط لدى العدو.
دعم جوي على بقعة العمليات، رمايات 155 على ثلاث تلال هي الأهداف الأساسية وذلك خلال أربع دقائق، تليها 20 ثانية كحيطة لمجموعة المدفعية.
رمايات 124... «خفّف نمط الرمي...». «كفّ نيران الراجمات...» وتدخّل طوافات الـ«غازيل» مع رماية صواريخ و12.7... «عزل بقعة العمليات...» عمليات إنزال لهذا الهدف.
بقعة التمرين مكشوفة ويمكن رؤية سير الأحداث بتفاصيلها، بالإضافة الى الشرح المتقن والمفصّل الذي قدّمه العميد الركن روكز.
وتتابع العمليات: صواريخ مضادة للطائرات... رماية هاون 120 و81 وسط بقعة الأهداف... نقل رماية الهاون على الأهداف المتقدمة... تدابير حيطة... معالجة حقل ألغام بواسطة كاسحة ألغام... رماية على آخر منطقة العمليات لتغطية عملية إنزال «Fast Roop» على مركز القيادة... مهاجمة الأهداف تتمّ بحركة ونار.
إكتشاف أجسام مشبوهة داخل الهدف تطلب تدخّل خبراء متفجرات لتنظيف مركز القيادة وتجهيز عبوات لتفجيره... إصابة بليغة وحاجة للإخلاء الجوي للمصابين... «ATV» لمطاردة الهاربين... إطباق راجل على الهدف مع ملالات... مستشفى ميداني نقال... تمّ إخلاء الجرحى وسحب آلية معطلة بعد أن فتح فريق الهندسة ساتراً ترابياً كان صنعه العدو لشلّ حركة عناصر الجيش ومنعهم من التقدم. تمّ إحكام السيطرة على منطقة الحدث وتوقيف المخرّبين... انتهت العملية بنجاح!
بعد انتهاء المناورة، اجتمع رئيس الأركان بالعناصر الذين نظّموا هذه المناورة ونفّذوها وهنّأهم على كفاءتهم، لينتقل بعدها الجميع لتناول غداء حضّره الفوج للحضور.

تمّ في هذه المناورة، وللمرة الأولى، استخدام دبابة الـ م 60 التي ترمي في أثناء السير لتبيان أهميتها لأنها لا تتوقف للرماية وبالتالي لا تكون هدفاً سهلاً لرماية العدو. وقد تبيّن من خلال المناورة بأن إصابتها ممتازة ودقيقة.
كذلك، تمّ استخدام دبابة م 48 التي تتوقف للرمي، وكان الهدف من ذلك التركيزعلى مميّزات كل منها ونقاط الإختلاف بينها.