- En
- Fr
- عربي
المفهوم القانوني والمسار القضائي للدعاوى المصرفية والمالية في لبنان
المقدمة
في ظل الأزمة المصرفية - المالية الحادة التي يشهدها لبنان منذ العام 2019، والتي ألقت بثقلها على القطاعَين العام والخاص، كما وعلى الشركات التجارية التي تعد العصب الرئيس للحياة الاقتصادية، ما أدى إلى تغيير جذري في المشهد العام لهذه المسألة في البلاد على الصعد كافة: العملية، القانونية، القضائية....
من هنا كان لا بد من مجاراة هذه الأزمة من قبل المراجع الرسمية والقضائية بغية احتوائها بأقل خسائر ممكنة، إذ صدر عدة قرارات عن وزارة المالية وتعاميم عن مصرف لبنان وجمعية المصارف واجتهادات قضائية جديدة في الدعاوى المصرفية، لكن ظل التخبّط قائمًا في المحاكم ولم يحسم الجدل القانوني في عدة أمور مثل: تحديد سعر الصرف الرسمي للدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، والطرق الصحيحة لإيفاء الديون وعلى أي سعر، الشيك وسيلة إيفاء أم لا، مدى صحة العرض الفعلي والإيداع في سداد الديون، مدى تحقق شروط الإفلاس في وضعية المصارف..... مع العلم بأنه تم مؤخرًا تحديد سعر الصرف الرسمي للدولار الأميركي بـ 89,500 ل.ل.
كما تطرقت المحاكم إلى مفاهيم قانونية عديدة، فتناولت بصورةٍ عرضية، نظرية الظروف الطارئة والتحاويل داخل لبنان وخارجه وأحقية المودع في سحب شيكات من حسابه الشخصي، أو إصدار شيكات مصرفية بالدولار الأميركي، والتفريق بين الدولار الحقيقي النقدي Fresh Money واللولار Lollar....
وقد عرّفت المحاكم ما يسمى ضوابط رأس المال Capital Control بأنها مجموعة إجراءات تتخذها السلطة أو البنك المركزي أو الهيئات الرقابية المتعددة للحد من تدفّق رأس المال الأجنبي داخل الاقتصاد المحلي وخارجه.
كل ذلك في ظل غياب صدور قانون للكابيتال كونترول الذي يسمح بالحفاظ على السيولة الموجودة في النظام المصرفي ويمنع الاستنسابية في التعامل مع المودعين، ويحدّ من الخسائر المتراكمة من جهة، ويحدد المسؤوليات من جهة أخرى.
وبالتالي، يتوجب علينا سبر غور ماهية المسؤوليات القانونية الناجمة عن هذه الأزمة والتي تقوم عليها الدعاوى المصرفية والمالية أكانت دعاوى مدنية أم جزائية.
القسم الأول
المسؤولية المدنية
بتاريخ 29/3/2019، صدر القانون الرقم 126 الذي أصبح نافذًا بتاريخ 2/7/2019 المتعلق بتعديل قانون التجارة البرية الصادر بالمرسوم الاشتراعي الرقم 304 تاريخ 24/12/1942 وتعديلاته1.
أضاف هذا القانون أحكامًا جديدة وعدّل المادة 844 من قانون الموجبات والعقود المتعلقة بتعريف الشركة، ليصبح متلائمًا مع التعديل الذي أدخله المشترع على الشركة المحدودة المسؤولية، وأصبح يمكن تأليفها من شريك واحد.
هذه لمحة عامة تتعلق بمسؤولية أعضاء مجلس الإدارة والمدير العام في البنك، مع مراعاة جميع القوانين المعمول بها وأنظمة مصرف لبنان.
إن المسؤولية المدنية لأعضاء مجلس الإدارة والمدير العام منصوص عنها بالتفصيل في المواد 166 إلى 171 من قانون التجارة، وهم مسؤولون أمام الشركة أو البنك ومساهميها عن أي خرق لواجباتهم.
فالمادة 166 من قانون التجارة2 نصت على أن أعضاء مجلس الإدارة والمدير العام مسؤولون حتى لدى الغير عن جميع أعمال الغش وعن كل مخالفة للقانون ونظام الشركة، أما الدعوى التي يحق للمتضرر أن يقيمها فهي دعوى فردية فلا يجوز ولو بالنظر إلى المساهمين، إيقافها باقتراعٍ من الجمعية العمومية يبرّئ ذمة أعضاء مجلس الإدارة والمدير العام.
والمادة 167 من القانون عينه3، نصت على أن الأشخاص المشار إليهم في المادة 166 مسؤولون أيضًا تجاه المساهمين عن خطئهم الإداري.
وبوجهٍ عام لا يكون أعضاء مجلس الإدارة والمدير العام مسؤولين عن خطئهم الإداري تجاه الغير على أنه في حالة إفلاس الشركة وظهور عجز في الموجودات يحق للمحكمة بناءً على طلب وكيل التفليسة أو النيابة العامة أو عفوًا من تلقاء نفسها أن تقرر أن ديون الشركة يتحملها أعضاء مجلس الإدارة و/أو المدير العام أو كل شخص، سواهم موكل بإدارة أعمال الشركة أو مراقبتها، بما في ذلك مفوّضي المراقبة. وتعيّن المحكمة المبالغ التي يكونون مسؤولين عنها وما إذا كانوا متضامنين في التبعة أم لا وللتملص منها يجب عليهم إقامة البرهان على أنهم اعتنوا بإدارة أعمال الشركة ومراقبتها اعتناء المهني الحريص والفاعل.
في حال الفصل بين وظيفة رئيس مجلس الإدارة والمدير العام من قبل مجلس الإدارة، لا يكون رئيس مجلس الإدارة مسؤولًا إلا عند مخالفة القانون أو نظام الشركة.
كما نصت المادة 168 من القانون عينه4، على أن حق إقامة الدعوى على رئيس مجلس الإدارة وأعضائه والمدير العام بناءً على الفقرة الأولى من المادة السابقة يختص بالشركة، وإذا تقاعست عنه، فيحق لكل مساهم أن يداعي بالنيابة عنها على قدر المصلحة التي تكون له في الشركة.
والمادة 170 من قانون التجارة5 نصت على أن تكون التبعة إما فردية مختصة بعضوٍ واحد من أعضاء مجلس الإدارة أو المدير العام وإما مشتركة في ما بينهم جميعًا، وفي هذه الحالة يكونون ملزمين كلهم على وجه التضامن بأداء التعويض إلا إذا كان فريق منهم قد اعترض على القرار المتخذ على الرغم منه وذكر اعتراضه في المحضر.
ويكون توزيع التبعة النهائي بين المسؤولين بحسب قسط كل منهم في الخطأ المرتكب.
والمادة 171 6 نصت على أنه تسقط دعوى التبعة، سواء أكانت مقامة من مساهم أو من الغير، بمرور خمس سنوات من تاريخ عقد الجمعية العمومية التي أدى فيها الأعضاء حسابًا عن إدارتهم.
وعليه، إن أعضاء مجلس الإدارة والمدير العام مسؤولون حتى تجاه الغير، عن أي أفعال احتيالية وأي خرق للقوانين أو لنظام الشركة، إذ يحق لأي فرد متضرر اتخاذ إجراء قضائي، بغض النظر عمّا إذا كانت الجمعية العامة قد منحت إعفاء لمجلس الإدارة. وعليه، يمكن تحميل أعضاء مجلس الإدارة والمدير العام المسؤولية عن الأضرار الناجمة عن فشلهم في الوفاء بالالتزامات القانونية والتنظيمية.
كما أن المسؤولية المشددة تكون على عاتق أعضاء مجلس الإدارة والمدير العام في حالة الإفلاس، كما ذكرنا آنفًا، حيث تنص الفقرة 2 من المادة 167 من قانون التجارة على أن مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة والمدير العام عن سوء الإدارة والأخطاء الإدارية لا تقوم تجاه الغير. ومع ذلك، ففي حالة الإفلاس يصبح من الممكن تحميل أعضاء مجلس الإدارة ديون الشركة.
بشكلٍ عام، تحجز تلقائّيًا احتياطّيًا جميع الأموال المنقولة وغير المنقولة المملوكة لأعضاء مجلس إدارة (الشركة المفلسة) البنك المفلس أو الأشخاص المخولين بالتوقيع نيابة عن البنك أو مراقبي حسابات البنك الذين تولوا إدارة البنك أو تدقيق حساباته خلال الثمانية عشر شهرًا السابقة على توقّف الدفع، وذلك من دون الحاجة إلى اللجوء إلى إجراءات قضائية لإثبات الحجز، وذلك لضمان أي مسؤولية قد تنشأ عليهم، وما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك.
من جهة أخرى، فإن رئيس مجلس الإدارة لا يعد تاجرًا في تطبيق المادة 155 من قانون التجارة7، إلا في ما يتعلق بالأمور الآتية:
- لمحكمة التجارة المختصة أن تقضي عليه بإسقاط الحقوق الذي جعلها القانون ملازمة للإفلاس، إذا أفلست الشركة، وكان إفلاسها ناتجًا عن غش أو أخطاء مهمة في إدارة أعمال الشركة.
- إذا كانت وظائف الرئيس قد أحيلت كلها أو بعضها إلى أحد أعضاء مجلس الإدارة في الحالة المبينة في المادة 153، فإن هذا العضو يتحمل بنسبة ما أحيل إليه من تلك الوظائف، المسؤوليات المحددة في هذه المادة بدلًا من رئيس مجلس الإدارة.
أخيرًا لا بد من الإشارة إلى أن الجمعية العامة تتمتع بسلطة إقالة المديرين، ما يسمح لها بشكلٍ غير مباشر بإزالة الرئيس التنفيذي إذا كان هذا الأخير أيضًا عضوًا في مجلس الإدارة. تتوافق عملية الإقالة مع مبدأ فصل السلطات داخل شركات المساهمة، حيث تكون صلاحيات مجلس الإدارة منفصلة عن تلك الخاصة بالجمعية العامة. يزعم بعض علماء القانون أن الجمعية العامة قد تقيل الرئيس التنفيذي بشكلٍ مباشر، على الرغم من أن هذا لا يزال محل نقاش. بشكلٍ عام، تمارس الجمعية سلطتها على إقالة المديرين، إذ تكون أي إقالة للرئيس التنفيذي نتيجة لهذا الإجراء وليس عملًا منفصلًا، فاقتضى التنويه.
القسم الثاني
المسؤولية الجزائية
إن المفهوم القانوني الجزائي أو الجنائي العام في لبنان يقوم بشكلٍ أساسي على أحكام قانون العقوبات الذي يعد فرعًا من فروع النظام القانوني للدولة، إذ تمارس هذه الأخيرة سلطتها في التجريم والعقاب بعد إجراء المحاكمة وفق الأصول.
لكن بقيت المكتبة القانونية اللبنانية وخصوصًا الجزائية منها ناقصة لجهة تجريم الأشخاص الذين يقدمون على إساءة استعمال أصول الشركة أي سوء الإدارة لحين صدور قانون التجارة الجديد تاريخ 29/3/2019، كل ذلك في ظل غياب التقنين الملزم للحوكمة الرشيدة للشركات.
يُعرّف الباحث مايكل جونستون الحوكمة الرشيدة بأنها طرق شرعية وخاضعة للمساءلة وفعّالة للحصول على السلطة العامة والموارد واستخدامها في السعي من أجل تحقيق أهداف اجتماعية مقبولة على نطاق واسع. ويربط هذا التعريف الحوكمة الرشيدة بسيادة القانون والشفافية والمساءلة ويجسد الشراكة بين الدولة والمجتمع وبين المواطنين8.
بالعودة إلى الموضوع الراهن، فإن مسؤولية رؤساء مجلس الإدارة الجزائية في الشركات التجارية (من ضمنها المصارف) وأعضائها قائمة في عدة قوانين، وذلك على الشكل الآتي:
- إن نشر ميزانية عمومية للشركة غير صحيحة يعد تزويرًا وهو جرم معاقب عليه قانونًا بموجب المادتَين 453 و471 من قانون العقوبات9، إذ يمكن اعتبار أعضاء مجلس الإدارة مسؤولين عن تقديم الميزانية العمومية الكاذبة ونشرها، لا يجوز اعتبار من شارك في وضع هذه الميزانية العمومية مرتكبًا للخطأ بل شريكًا فيه. هذا هو الحال، على سبيل المثال، في حالة التوقيع المزور على محاضر اجتماعات مجلس الإدارة أو اجتماعات الجمعيات العامة.
- في حالة الإفلاس، يكون أعضاء مجلس الإدارة مسؤولين في المادة 692 من قانون العقوبات10 عن الإفلاس الاحتيالي إذا نشروا ميزانية عمومية كاذبة.
- بموجب المادة 655 من قانون العقوبات، يُحكم على عضو مجلس الإدارة المتهم بالاحتيال أو توزيع أرباح وهمية بالسجن والغرامة. تخضع محاولة ارتكاب أي من هذه الجنح لنفس العقوبة، ولكي يُحاسب عضو مجلس الإدارة، يجب أن يكون في منصبه وقت ارتكاب الجنحة في المادة 692 من قانون العقوبات11.
- وفق المادة 253 من قانون التجارة12، يُعاقَب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامةٍ لا تقل عن خمسة وعشرين ضعفًا ولا تزيد على مئة ضعف الحد الأدنى للأجور الرسمية، أو بإحدى هاتَين العقوبتَين كل من تسبب عمدًا في ضرر للشركة رئيس مجلس الإدارة، أو أعضاء مجلس الإدارة، أو المديرون، أو المفوض بالتوقيع، في الحالات الآتية:
أ - استعمال أموال الشركة أو خطوط الائتمان لمنفعةٍ شخصية على نحو يضر بمصالح الشركة.
ب - التصرف لصالح شركة أو مؤسسة أو فرد آخر له أو لشركائه مصلحة مباشرة أو غير مباشرة معه.
كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامةٍ لا تقل عن خمسة وعشرين إلى خمسين ضعف الحد الأدنى للأجور أو بإحدى هاتَين العقوبتَين رئيس مجلس الإدارة وأعضاؤها والمديرون والمفوضون بالتوقيع الذين يتعمّدون إعداد بيانات مالية كاذبة ونشرها بقصد إخفاء الحالة المالية الحقيقية للشركة.
تسقط الدعوى الجنائية عن الجرائم المنصوص عليها في المادتَين السابقتَين بمضيّ ثلاث سنوات، وتبدأ هذه المدة من تاريخ ارتكاب الجريمة إذا كانت واضحة أو من تاريخ اكتشافها إذا كانت مخفية.
وبما أن الاجتهاد مستقر على اعتبار أن العنصر الأساسي لهذه الجريمة يقوم على سوء النية بحيث يُقدِم المسؤولون على الإضرار بمصالح الشركة عن سوء نية. فإذا لم يتوافر سوء النية فلا يكون العنصر المعنوي لهذه الجنحة متحققًا13.
هنا لا بد من الإشارة إلى أنه ليس في جميع الجرائم المالية تتطلب سوء النية لدى المرتكب، فالمشترع اللبناني مثلا تنبّه لخصوصية جريمة الشيك من دون مؤونة وأهميته وألغى عنصر سوء النية فيها، فمجرد سحب الشيك من دون مؤونة يشكل جرمًا بقطع النظر عن النية، مع أن القانون الفرنسي أبقى عليه:
14«Dans l’intention de porter atteinte aux droits d’autrui»
- هناك جنح أخرى منصوص عليها في قانون التجارة الجديد15، حيث يجوز تغريم أعضاء مجلس الإدارة في حال ارتكابهم إحدى الحالات الآتية: عدم الإشارة على الرسائل والفواتير والمستندات الأخرى إلى البيانات الإلزامية كاسم الشركة، رأس المال وغير ذلك في المادتَين 37 و100، كل بيان كاذب، بسوء نية، بهدف تأسيس الشركة في المادة 38، عدم نشر إعلان الشركة قبل أي طرح عام في الجريدة الرسمية وفي جريدتَين محليتَين في المادة 82، عدم إتمام الإجراءات المتعلقة بنشر الميزانيات في المادة 102، توزيع أرباح وهمية في المادة 107، إصدار سندات قبل سداد رأس مال الشركة بالكامل في المادة 122، عدم إتمام الإجراءات المتعلقة بإصدار السندات في المادة 126، عدم تسجيل إصدار السندات في السجل التجاري في المادة 129، عدم الالتزام بالأحكام المتعلقة بزيادة رأس المال في المادة 206، تخفيض رأس المال بشكلٍ غير قانوني في المادة 209، مع الإشارة إلى أنه لا يجوز للبنك تخفيض رأس ماله.
- تنص المادة 196 على أن من يخالف المحظورات المنصوص عليها في المادة 127 من قانون النقد والتسليف16 (الشروط الواجب توافرها في إدارة البنك) يعاقب بالحبس شهرًا على الأقل وثلاثة أشهر على الأكثر، بالإضافة إلى الغرامة، أو بإحدى هاتَين العقوبتَين فقط.
- تنص المادة 197 من قانون النقد والتسليف على أن مخالفة المادتَين 152 و153 من قانون النقد والتسليف في المعاملات بين الأطراف ذات الصلة17 يعاقب بالحبس شهرًا على الأقل وثلاثة أشهر على الأكثر، بالإضافة إلى الغرامة، أو بإحدى هاتَين العقوبتَين فقط.
- تنص المادة 201 من قانون النقد والتسليف18 على أن كل عضو في مجلس إدارة زوّد مصرف لبنان عن علم بكشوفات حسابات، أو إحصاءات، أو معلومات، أو إيضاحات غير كاملة، أو مخالفة للواقع، يعاقب بالحبس من 8 إلى 30 يومًا بالإضافة إلى الغرامة أو بإحدى هاتَين العقوبتَين فقط.
- تنص المادة 204 من قانون النقد والتسليف19 على أنه في حال وقوع مخالفة ضد مصرف، تفرض العقوبات المادية التي من المحتمل أن تترتب على هذه المخالفة على المديرين المسؤولين عن المخالفة. ويكون الأشخاص المسؤولون مسؤولين بالتضامن مع المصرف عن دفع الغرامات والأضرار والرسوم كافة.
- يعاقب بالحبس كل من خرق قانون سرية المصارف عمدًا في المادة 8 من القانون الصادر في 3 أيلول 1956. لكن بتاريخ 3/11/2022 صدر القانون الرقم 306 فيه تعديل بعض مواد سرية المصارف20 الذي ألغى بموجب المادة الثانية منه تطبيق أحكام السرية المصرفية بالنسبة إلى رؤساء مجالس المصارف وأعضائها.
- تنص المادة الرابعة من القانون الرقم 44 تاريخ 24/11/2015 في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب21 على تحديد موجبات المصارف لمكافحة جريمة تبييض الأموال.
بعد استعراض الأفعال الممكن ارتكابها من الأشخاص المسؤولين عن مسار الشركات التجارية وأدائها ومن ضمنها المصارف بطبيعة الحال والتوصيف الجرمي لها ننتقل إلى القسم الأخير وهو المسار القضائي للدعاوى في هذا المجال.
القسم الثالث
المسار القضائي
أولاً: لجهة الدعاوى الجزائية
تجدر الإشارة إلى أن الجرائم المنوه عنها سابقًا، تتصف بالطابع الجنائي والجنحي، لذا سنتطرق إلى الأصول الجزائية في كلتا الحالتَين التي يجب أن تراعى في هذا المجال وفق ما يأتي:
1. كيفية تحريك الدعوى العامة
من قبل النيابة العامة
النيابة العامة هي المرجع المخوّل قانونًا ممارسة دعوى الحق العام، وهي تطّلع على الجرائم الواقعة من خلال وسيلة أو أكثر من الوسائل الآتية:
- التحقيقات التي تُجريها بنفسها.
- التقارير التي تردها من السلطة الرسمية، أو من موظف علم بوقوع جريمة في أثناء قيامه بوظيفته أو في معرض أو مناسبة قيامه بها.
- الاستقصاءات الأولية التي تقوم بها الضابطة العدلية عند تكليفها بتقصّي الجرائم، والمحاضر التي تضعها عند علمها بوقوعها.
- الشكاوى والإخبارات التي تردها مباشرة أو بواسطة النيابة العامة التمييزية أو معاونيها. والمقصود بالشكوى تلك التي تصدر عن الشخص المتضرر بالذات أو عن وكيله. أما الإخبار، فيصدر عن مُخبر عَلِمَ بالجريمة أو سمع عنها.
- أي وسيلة أخرى مشروعة.
إذا كان الجرم من نوع الجناية، أو من نوع الجنحة التي تتطلب التحقيق، يجب على النيابة العامة الادعاء أمام قاضي التحقيق الأول.
أما إذا كان الجرم من نوع الجنحة التي لا تتطلب التحقيق، أو من نوع المخالفة، فإن الدعوى العامة تُقدّم أمام القاضي المنفرد الجزائي.
بموجب الادعاء الشخصي
إذا كانت ممارسة الدعوى العامة منوطة بقضاة النيابة العامة كما سبق ذكره، إلا أنه يمكن للمتضرر بالذات أي الشخص الذي وقعت عليه الجريمة أن يقوم بتحريكها عن طريق الادعاء الشخصي.
فالواقع أن المشترع أجاز له إقامة دعواه المدنية الرامية إلى التعويض إما أمام المرجع الجزائي الناظر في الدعوى العامة، أو أمام المرجع المدني على حدة.
فإذا أقام المتضرر دعواه المدنية أمام المرجع الجزائي المختص في النظر في الدعوى العامة، يُحرّك بذلك الدعوى العامة، إذا لم تحرّكها النيابة العامة. وله أن يرجع عن ادعائه الشخصي أو أن يُجري مصالحة، من دون أن يؤثّر ذلك في الدعوى العامة، إلا في الأحوال التي تسقط فيها الدعوى العامة تبعًا لسقوط دعوى الحق الشخصي. وله أيضًا أن يَعدُل عن دعواه المدنية، ليعود ويقيمها أمام القضاء المدني، وهو المرجع الصالح والطبيعي للنظر بها.
أما لجهة تحديد المرجع الجزائي المختص، الذي يُفترض بالمتضرر الادعاء أمامه، فيما لو اختار الطريق الجزائي، فهو:
- قاضي التحقيق الأول، إذا كان الجرم من نوع الجناية.
- قاضي التحقيق الأول، أو القاضي المنفرد الجزائي، إذا كان الجرم من نوع الجنحة.
- القاضي المنفرد الجزائي، إذا كان الفعل من نوع المخالفة.
- لكن في جميع الأحوال، يستطيع المتضرر التقدم بالشكوى الجزائية مهما كان نوع الجرم أمام النيابة العامة الاستئنافية المختصة التي تحيل بدورها ملف القضية إلى المرجع القضائي المختص بعد إجراء التحقيقات الأولية فيه.
مع العلم أن المرجع الجزائي المختص من الناحية المكانية من حيث المحافظات والأقضية هو ذلك الذي وقعت الجريمة ضمن نطاق دائرته، أو ذلك التابع له محل إقامة المدعى عليه أو محل إلقاء القبض عليه.
أخيرًا، تجدر الإشارة إلى أنه عند تقديم شكوى مباشرة أمام قاضي التحقيق الأول أو أمام القاضي المنفرد الجزائي يقرر القاضي تكليف مقدّمها بدفع سلفة معجلة تتضمن الرسوم والنفقات القضائية على أن لا تزيد عن واحد في المئة من قيمة الدعوى. وعلاوة على ذلك يكلّف الشاكي، إذا كان أجنبيًا، بأن يقدّم كفالة نقدية أو عقارية يعيّن في قراره مقدارها، وفي المقابل لا يتوجب دفع أي رسم عند التقدم بالشكوى أمام النيابة العامة.
2. سلطات الملاحقة والتحقيق والحكم
يتميز نظام القضاء الجزائي في لبنان بتعدد السلطات التي تقوم بمهام الملاحقة والتحقيق والحكم في الدعوى، بحيث تتولى سلطة أولى إقامة الدعوى وملاحقة الجرم، ثم تحيل الدعوى إلى سلطة ثانية لتحقّق فيها، وهي بدورها تحيل الملف إلى سلطة ثالثة تتولى المحاكمة والحكم.
أما السبب في الفصل بين سلطتَي الملاحقة والتحقيق، فمردّه أنه يخشى أن يكون من يتولى سلطة الملاحقة أي الادعاء بالجرم قد وقع في خطأ ما، فإذا أوكلت إليه سلطة التحقيق في القضية أيضًا، قد يستمر في الخطأ طوال مرحلة التحقيق. ولذلك، منع القانون على النائب العام الذي ادعى في قضية ما أن يتولى التحقيق أو الحكم فيها، كذلك الأمر بالنسبة إلى الفصل بين سلطتَي التحقيق والحكم.
أ. سلطات الملاحقة
توصّلًا لإجراء التحقيق والمحاكمة، لا بد من سلطة تتولى الملاحقة لتضع مرتكبي الجرائم بين أيدي سلطة التحقيق ومن ثم أمام المحاكمة. وكما ذكرنا، أناط القانون بقضاة النيابة العامة حصرًا سلطة الملاحقة، إلا أنه أجاز للمتضرر تحريك الدعوى العامة بادعائه الشخصي، وحصر في حالات معينة حق تحريكها به.
فيكون القانون اللبناني بذلك قد تبنّى طريقة الاتهام القضائي العام، وأخذ بنظام الاتهام الشخصي أيضًا.
نذكر أن قانون أصول المحاكمات الجزائية نظّم النيابة العامة بطريقةٍ هرمية، ووضع على رأسها النائب العام لدى محكمة التمييز، الذي تشمل سلطته جميع قضاة النيابة العامة، بمن فيهم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، وفي مرتبة أدنى، تقوم نيابة عامة استئنافية لدى محكمة الاستئناف، ونيابة عامة مالية، يرأس كل نائب عام دائرته، ويوزّع الأعمال الداخلة في اختصاصه على المحامين العامين الذين يعاونونه.
ب. سلطات التحقيق
تتمثل سلطات التحقيق بالهيئات التي تتولى جمع الأدلة على الجرائم وفاعليها، حتى إذا تبيّن لها أن الجرم قائم، والأدلة كافية، والفاعل معروف، اتخذت قرارها بإحالته إلى المحكمة المختصة أي محكمة الجنايات أو القاضي المنفرد الجزائي لتتولى إصدار الحكم بحقه.
في الواقع، إن مهام التحقيق يتولاها مبدئيًا قاضي التحقيق، أما الهيئة الاتهامية، فلا تقوم بها إلا عند الضرورة، إلى جانب وظائفها الأخرى المحددة قانونًا وذلك إشارة إلى أن الهيئة الاتهامية هي المرجع الاستئنافي لقرارات قاضي التحقيق، تتولى وحدها سلطة الاتهام في الجناية، وتمارس حق التصدي في الحالات المبيّنة قانونًا.
من الضروري التوضيح أنه إذا كان الأصل أن الدعوى العامة تمر بالمراحل الثلاث، وهي الملاحقة والتحقيق والحكم، إلا أنه، وفي الجنحة، ولا سيما في الجنحة المشهودة، قد ترى النيابة العامة أن الأدلة متوفرة بحق الفاعل، وأنه معروف، فتدّعي عليه مباشرة أمام سلطة الحكم أي القاضي المنفرد الجزائي، من دون أن تحيل الدعوى إلى قاضي التحقيق ليحقق فيها.
ج. سلطات الحكم
يتولى سلطات الحكم، كل بحسب اختصاصه، القاضي المنفرد الجزائي، محكمة الاستئناف، محكمة الجنايات، محكمة التمييز.
l القاضي المنفرد الجزائي
ينظر في قضايا الجنح والمخالفات، ما عدا ما استُثني منها بنصٍ خاص. ولا تُمثّل النيابة العامة لديه. يضع يده على الدعوى بإحدى الطرق الآتية:
- ادعاء النيابة العامة.
- الدعوى المباشرة التي يقيمها المتضرر ويتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي.
- القرار الظني الصادر عن قاضي التحقيق أو الهيئة الاتهامية.
- دعوى بدل العطل والضرر المبنية على قرار مع المحاكمة أو التبرئة أو إبطال التعقبات.
- حالة وقوع جنحة في أثناء انعقاد جلسة المحاكمة.
- المخالفات المُثبتة في محاضر.
l محكمة الاستئناف
أخذ المشترع اللبناني بمبدأ المحاكمة على درجتَين في الجنحة وفي بعض المخالفات، فأجاز الطعن بالأحكام الصادرة عن القاضي المنفرد الجزائي، إذا ما توفرت شروط معينة حددها، وذلك أمام محكمة الاستئناف.
وهذه المحكمة توجد في كل محافظة، وتتألف كل غرفة فيها (غرفة واحدة أو أكثر) من رئيس ومستشارين.
أما قرارات محكمة الاستئناف فتقبل بدورها الطعن أمام محكمة التمييز ضمن الشروط والأسباب المحددة قانونًا.
l محكمة الجنايات
تتألف محكمة الجنايات من رئيس ومستشارين. تنعقد بحضور النائب العام أو المحامي العام والكاتب. تضع يدها على الدعوى بموجب قرار اتهام صادر عن الهيئة الاتهامية، مشفوع بادعاء النيابة العامة.
تنظر هذه المحكمة في الجرائم ذات الوصف الجنائي، وفي الجنح المتلازمة معها؛ ولا يجوز لها أن تنظر في أي فعل جرمي لم يتناوله قرار الاتهام، أو أن تحاكم شخصًا لم يُتّهم فيه؛ إلا أنه يجوز لها أن تغيّر في الوصف القانوني للأفعال موضوع قرار الاتهام.
لا يجوز أن يشترك في تشكيل هذه المحكمة من سبق له أن مارس في الدعوى عملًا من أعمال الملاحقة أو التحقيق، أو كان عضوًا في الهيئة الاتهامية التي أصدرت قرار الاتهام في الدعوى. تتميز المحاكمة أمامها بإجراءاتٍ تمهيدية تسبقها، وبأصولٍ تنفرد بها عن غيرها من المحاكم.
l محكمة التمييز
تتألف محكمة التمييز من عدة غرف، وكل منها من رئيس ومستشارين. هي واحدة في لبنان، ومركزها العاصمة بيروت، تنظر هذه المحكمة في:
- طلبات تمييز الأحكام النهائية الصادرة عن محاكم الجنايات، والقرارات النهائية الصادرة عن محاكم الاستئناف الجزائية، وعن الهيئة الاتهامية.
- طلبات النقض الأخرى الداخلة في اختصاصها بموجب القوانين الخاصة.
- طلبات النقض لمصلحة القانون.
- طلبات إعادة المحاكمة في الدعوى الجزائية.
- طلبات تعيين المرجع.
- طلبات نقل الدعوى.
- جرائم القضاة.
أخيرًا لا بد من الإشارة، إلى أن هذا السرد للمسار القضائي الجزائي يشمل جميع الجرائم المالية بطبيعة الحال وخلافها من الجرائم الجنحية والجنائية من دون المخالفات. فتحديد المعيار بينهم يعود إلى مقدار العقوبة المحدد لكل منها وذلك على الشكل الآتي:
- المخالفة، تتراوح مدة الحبس التكديري فيها بين يوم وعشرة أيام.
- الجنحة، تتراوح مدة الحبس فيها بين عشرة أيام وثلاث سنوات.
- الجناية، تتراوح مدة الأشغال الشاقة فيها إلى ما فوق ثلاث سنوات وصولًا إلى الإعدام.
ثانيًا: لجهة الدعاوى المدنية
القضاء المدني هو تلك المحاكم التي تنظر في الدعاوى التي تنشأ عن النزاعات المدنية بمفهومها الواسع، أي تلك التي تستند إلى القوانين المدنية والعقارية والتجارية والإيجارات وسواها والتي ترمي إلى التعويض عن الأضرار و/أو تنفيذ العقود، أو إبطالها، أو فسخها، أو إلغائها، أي القواعد والقوانين التي لا تتصف بالطابع الجزائي.
وإذا أردنا أن نعطي تعريفًا للدعوى المدنية الأقرب إلى الواقع: فهي الحق في الحماية القضائية حال الاعتداء على حق من الحقوق المصونة رغبة في الحصول على حكم قضائي مقررًا أو منشأ لحقٍ أو مركز قانوني، فالدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء للحصول على حماية قانونية للحق المدعى به.
تتعين صفة الدعوى بالنظر إلى الحق الذي تحميه، فهي شخصية إذا كان الحق شخصيًا، وعينية إذا كان عينيًا، ومختلطة إذا تناول موضوعها الحقَّين معًا أو كانت ترمي إلى تنفيذ عقد قائم على حق عيني، أو إلغاء هذا العقد، أو فسخه، أو إبطاله. أما الدعاوى التي لا تدخل في الفئات المشار إليها في الفقرة الأولى لا سيما المختصة بحقوق غير مالية فتعتبر بحكم الدعاوى الشخصية في المادة 16 من قانون أصول المحاكمات المدنية22.
لكن، وبالعودة إلى الموضوع الراهن، لا بد من التركيز على ماهية الدعوى المنقولة، وهي التي تهدف إلى حماية حق منقول، ويستند في تصنيف الدعوى إلى موضوع الحق المتنازع عليه وليس إلى طبيعته.
تنص المادة 17 من قانون أصول المحاكمات المدنية23، على أنه تكون الدعوى منقولة إذا كان موضوع الحق الذي ترمي إلى حمايته منقولًا، وتكون عقارية عندما تتعلق بحق عينِيّ على عقار أو بحيازته.
من هنا، كل ما هو ليس بعقارٍ يعتبر منقولًا سواء أكان منقولًا بطبيعته أم بمآله أو منقولًا ماديًا.
وعلى هذا، إذا ارتكزت الدعوى على غير عقار فتعتبر منقولة ما يوجه إلى القول إن الدعوى المنقولة هي الدعوى العادية التي تتناول جميع أنواع النزاعات التي لا تدخل في فئة الدعاوى العقارية24.
تعتبر من الدعاوى المنقولة الدعاوى التي تهدف إلى المطالبة بشيءٍ منقول، أو بدفع دين. كذلك دعوى الإبطال أو الإلغاء أو الفسخ المتعلقة ببيع أشياء منقولة، وتلك التي تستند إلى استعمال حق منقول ولو كان الهدف منها تسليم عقار عندما تنشأ عن مجرد حق شخصي بالانتفاع كدعوى المزارع أو المستغل25 (إدوار عيد: موسوعة أصولالمحاكمات المدنية، الجزء الأول، المجلد الثاني ).
1. المرحلة الابتدائية (قاضي منفرد – محكمة ابتدائية)
بالعودة إلى الموضوع الراهن، فإن الدعاوى الممكن إقامتها في هذا الخصوص بوجه المصارف هي الدعاوى المالية التي تقدّم بحسب قيمتها أكان أمام القاضي المنفرد أو المحكمة الابتدائية، مع إمكانية إلقاء الحجز الاحتياطي على أموال المصارف سندًا لهذه الدعاوى.
تنص المادة 86 من قانون أصول المحاكمات المدنية المعدلة بتاريخ 5/11/1998على أنه:
تحال إداريًا إلى القاضي المنفرد المختص الدعاوى الشخصية والدعاوى المتعلقة بمنقولٍ أو غير منقول التي توازي قيمتها أو تقل عن مئة مليون ليرة لبنانية العالقة أمام محاكم الدرجة الأولى، باستثناء الدعاوى التي تكون قد خُتمت فيها المحاكمة.
صدر المرسوم الرقم 13909 26 بتاريخ 12/9/2024، والذي نص في مادته الأولى على أنه:
تُعدّل جميع المبالغ المالية على اختلاف أنواعها أينما وردت في قانون أصول المحاكمات المدنية بنسبة خمسين ضعفًا.
وبالتالي، أصبح اختصاص القاضي المنفرد المدني يشمل الدعاوى التي لا تزيد قيمتها عن خمسة مليارات ليرة لبنانية (100 مليون × 50)، والتي تزيد قيمتها عن هذا المبلغ تقدّم أمام المحكمة الابتدائية.
هنا لا بد من الإشارة إلى أن الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية في بيروت، الغرفة الثانية، بتاريخ 21/6/2022 وبرقم 118/2022 والذي عالج النقاط الواقعية والقانونية المحورية الآتية:
l الوضعان النقدي والمصرفي في لبنان غير مستقرَّين بسبب الأزمة الاقتصادية، ما أدى إلى تدهور القوة الشرائية لليرة اللبنانية واحتجاز الودائع في المصارف ضمن شروط ضيقة وفق تعاميم مصرف لبنان. من بين هذه التعاميم:
- التعميم الرقم 158 بتاريخ ٨/٦/٢٠٢٠ الذي سمح للمودعين بسحب جزء من ودائعهم بالدولار الأميركي نقدًا وآخر بالليرة اللبنانية على أساس سعر 12,000 ل.ل. للدولار.
- التعميم الرقم 153 بتاريخ ١٩/٨/٢٠٢٠ الذي سمح لعددٍ محدود من الطلاب فقط بتحويل 10,000 دولار أميركي إلى الخارج.
l حاكم مصرف لبنان، بموجب سلطته التنظيمية، اعتاد إصدار تعاميم نافذة وملزمة للمصارف، إلا أن التعاميم الصادرة منذ بداية الأزمة في 2019 كانت ظرفية ومحصورة بفئةٍ من المودعين، ولم يتم إصدار تعميم شامل يحظّر تحويل الودائع بالعملة الأجنبية إلى الخارج.
l المحكمة لا ترى أن تعاميم مصرف لبنان تمنع المصارف من إجراء عمليات التحويلات بالعملة الأجنبية إلى خارج لبنان.
l قانون الدولار الطالبي الرقم 2020/193 بتاريخ ١٦/١٠/٢٠٢٠ حدد سقفًا للتحويلات إلى الخارج، ولكنه كان مخصصًا لفئة ٍمعينة من المودعين، ولم يُصدر لمنع المصارف من تحويل الودائع بالعملات الأجنبية بناء على طلب المودع.
l وفق المادة 248 ، يتحمل الطرف الذي يفسخ العقد مسؤولية دفع بدل العطل والضرر إذا أساء استعمال حقه في الفسخ، أي إذا كان الفسخ مخالفًا لروح القانون أو العقد. وفي القضية الراهنة، قام المدعى عليه بفسخ عقد فتح الحساب بشكلٍ يتعارض مع روح القانون الذي يفرض رد الوديعة للمدعي بطريقةٍ تمكّنه من الاستفادة منها وتسييلها من دون عوائق، ومع روح العقد الذي يتيح للمدعى عليه إغلاق الحساب فقط لأسبابٍ مبررة، وهي غير متوافرة في هذا الملف. بناء عليه، يقتضي إلزام المدعى عليه بدفع تعويض قدره 10,000 دولار أميركي Fresh Money للمدعي نتيجة الضرر الناتج عن هذا الفسخ التعسفي.
l المدعى عليه يبرر عدم تقديم خدمة التحويل إلى الخارج بقول إن المصارف قررت وقف التحويلات بسبب عدم كفاية الأموال المتوافرة لديها عند مراسليها خارج لبنان، وأن التحويلات يجب أن تقتصر على المبالغ الضئيلة المتعلقة بالحالات الاستثنائية والطارئة.
l هذه الأقوال غير مقبولة، إذ لا يحق للمدعى عليه التمييز بين عملائه بشكلٍ استنسابي، بحيث يسمح بتحويل ودائع عميل واحد إلى الخارج ويرفض طلب عميل آخر، لأن هذا الأمر يجب أن يُنظّم من قبل السلطة التشريعية من خلال إصدار قوانين عامة وشاملة، مثل قانون Capital Control الذي لا يزال قيد النقاش.
l يجب أن تكون هناك مساواة بين جميع العملاء أمام القانون، من دون تمييز أو مفاضلة.
l إن رفض المدعى عليه تنفيذ أمرَي التحويل تاريخ 23 و26 حزيران 2020 غير مبرر وغير مستند إلى أي نصوص قانونية، إذ إن المصرف ملزم بتنفيذ أمر التحويل الصادر عن العميل بمجرد تلقّيه، كما لم يقدم المدعى عليه أي سبب يمنعه من تنفيذ التحويل قبل إغلاق الحسابات27.
l السبب وراء إغلاق المدعى عليه لحسابات المدعي هو رفضه غير المبرر قانونًا تنفيذ أمر التحويل الصادر عن المدعي إلى الخارج، ما أدى إلى إيداع كامل وديعة المدعي من العملة الأجنبية واللبنانية لدى الكاتب العدل بواسطة شيكات مسحوبة على مصرف لبنان.
l اختيار المدعى عليه إيداع الوديعة عبر شيكات مصرفية بدلًا من تحويلها خارج لبنان يُلزم النظر في أثر هذا الإجراء ضمن الظروف الاقتصادية والمالية الراهنة في البلاد.
l أصبح من المعروف، وبخاصةٍ لدى المدعى عليه المصرف، أن تسييل الشيكات المصرفية أو إيداعها في مصرف آخر بات شبه مستحيل في ظل رفض المصارف قبول الشيكات أو فتح حسابات جديدة، ما يعيق حرية المدعي في التصرف بأمواله والاستفادة منها.
l هدف المدعى عليه من الإيداع عبر شيكات مصرفية هو الإبقاء على الودائع بالعملة الأجنبية داخل لبنان وعدم تمكين المدعي من التصرف بودائعه سواء أكان داخل البلاد أم خارجها، في ظل غياب قانون Capital Control.
l تصرّف المدعى عليه في إغلاق الحسابات واختيار الإيداع عبر الشيكات يُظهر تعسفًا وسوء نية، ويمنع المدعي من التصرف بودائعه بشكلٍ طبيعي، ما يجعل العرض والإيداع الفعلي غير مبرّئ للذمة، ويؤدي إلى بطلانه وقبول الطلب الإضافي أساسًا.
2. المرحلة الاستئنافية
بحسب أحكام المادة 93 من قانون أصول المحاكمات المدنية، تنظر محكمة الاستئناف في الطعن بالأحكام والقرارات القابلة للاستئناف والصادرة ضمن منطقتها:
- عن محاكم الدرجة الأولى في القضايا المدنية والتجارية.
- عن دوائر التنفيذ واللجان والمجالس الخاصة في الأحوال التي ينص عليها القانون.
كما تنظر في طلب رد قضاة محاكم الدرجة الأولى عن النظر في الدعاوى، وفي أي طلب أو طعن آخر يوليها القانون النظر فيه.
3. المرحلة التمييزية
بحسب أحكام المادة 94 من قانون أصول المحاكمات المدنية، تنظر محكمة التمييز:
- في طلبات نقض الأحكام القطعية الصادرة عن محاكم الاستئناف في القضايا المدنية والتجارية.
- في طلبات نقل الدعوى من محكمة إلى أخرى في الحالات المنصوص عليها في المادة 116 من هذا القانون.
- في كل طلب آخر يوليها القانون أمر النظر فيه.
ثالثًا: لجهة الأصول المتبعة في إفلاس المصارف
لا بد من التطرق إلى مسألة الإفلاس إذ ارتأى المشترع بوضع الأحكام الخاصة له، والنظام الخاص بالتجار والمعاملات التجارية، يتلاءم مع السرعة والثقة المبنية عليهما العلاقات التجارية، فوضع المشترع نظام الإفلاس وعزّزه بعديدٍ من الضمانات التي تكفل فعالية تطبيقه.
فالإفلاس هو وسيلة تنفيذ جماعية من شأنها أن تحافظ على المساواة بين جميع الدائنين، بحيث تصفّى أموال التاجر (أو الشركة) المتوقف عن الدفع ويوزع الثمن الناتج عنها بين الدائنين من دون أي أفضلية ما لم يكن أحدهم دينه ممتازة.
وعليه، إذا كان الشخص المتوقف عن الدفع تاجرًا، فإن قانون التجارة اللبنانية، في المواد 459 إلى 667، قد أوجد نظامًا خاصًا، هو نظام الإفلاس، الذي يشكّل وسيلة تنفيذ جماعية تحصل تحت إشراف السلطة القضائية ومن شأنها المحافظة على المساواة بين جميع الدائنين، بحيث تُصفّى أموال التاجر المتوقّف عن الدفع ويوزع الثمن الناتج عنها بينهم جميعًا من دون أي أفضلية، ما لم يكن أحدهم متمتعًا بامتيازٍ أو رهن. ويقوم نظام الإفلاس على تصفية أموال المدين تصفية جماعية وتوزيع الثمن الناتج عنها على الدائنين، كلٌ بنسبة دينه تحقيقًا للمساواة بين الدائنين وإبطال التصرفات التي يبرمها المدين خلال الفترة السابقة على الإفلاس المسماة بفترة الريبة، وغلّ يد المفلس عن إدارة أمواله والتصرف بها. وقد نصت المادة 489 من قانون التجارة على أنه «يعتبر في حالة الإفلاس كل تاجر ينقطع عن دفع ديونه التجارية، وكل تاجر لا يدعم الثقة المالية به إلا بوسائل يظهر بجلاءٍ أنها غير شرعية». فنظام الإفلاس هو نظام خاص بالتجار وحدهم، ولا يطبّق على غيرهم.
غير أنه قد يكون الإفلاس ناجمًا عن أفعال جرمية يرتكبها التاجر بقصد الاعتداء على حقوق دائنيه وحرمانهم من استيفاء حقوقهم أو جزء منها. وقد نصت المادة 689 وما يليها من قانون العقوبات اللبناني على الحالات التي يعد الإفلاس فيها جرمًا جزائيًا يعاقب عليه القانون. ويتبين أن هذه الجرائم هي على نوعَين: الإفلاس الاحتيالي والإفلاس التقصيري. هذا هو نظام الإفلاس للشركات التجارية بشكلٍ عام.
أما لجهة المصارف المتوقفة عن الدفع، فقد وضع المشترع أحكامًا قانونية خاصة بها بموجب القانون الرقم 2 تاريخ 16/1/1967 28 الذي يحدد طرق إفلاس المصارف وشروطها وفق الآلية الآتية:
نصت المادة 4 من القانون الرقم 2/1967، على أنه لكل دائن أن يطلب من المحكمة المختصة تطبيق أحكام هذا القانون في الحالتَين المنصوص عليهما في المادة 489 من قانون التجارة.
وقد نصت المادة 489 من قانون التجارة بأنه مع الاحتفاظ بتطبيق أحكام الباب السابق يعتبر في حالة إفلاس كل تاجر ينقطع عن دفع ديونه التجارية وكل تاجر لا يدعو الثقة المالية به لا بوسائل يظهر بجلاءٍ أنها غير مشروعة. كما نصت المادة 6 من قانون إخضاع المصارف التي تتوقف عن الدفع لأحكامٍ خاصة على أنه تنظر المحكمة بالطلب في غرفة المذاكرة، وفي حال استجابته تصدر القرار المعجل التنفيذ بإعلان التوقف عن الدفع وتحديد التاريخ المؤقت بعد أخذ رأي حاكم مصرف لبنان والاستماع إلى ممثل المصرف المعني، ويقضي القرار بتنحية أعضاء مجلس إدارة المصرف المتوقف عن الدفع.
ينهض من مضمون هذه النصوص بأن المحكمة غير ملزمة برأي حاكم مصرف لبنان (كون المشترع قد وضع كلمة «رأي» وليس «إذن») بل تكون للمحكمة سلطة تقريرية حول توافر شروط التوقف عن الدفع من عدمه، حيث يستفاد من نص المادة 6 بأن المحكمة تنظر في طلب إعلان حالة التوقف عن الدفع في غرفة المذاكرة بعد دعوة ممثل المصرف ذي العلاقة للاستماع إلى أقواله. فإذا ما ثبت لها حالة التوقف عن الدفع، تصدر القرار المعجل التنفيذ الذي يقضي بما يأتي:
1. إعلان توقف المصرف عن الدفع.
2. تحديد تاريخ بدء التوقف عن الدفع بصورةٍ مؤقتة، بعد أخذ رأي حاكم مصرف لبنان.
3. تنحية أعضاء مجلس إدارة المصرف أو الإدارات المحلية لفروع المصارف الأجنبية العاملة في لبنان29.
4. تعيين لجنة إدارة للمصرف30.
وفي كل ما لا ينص عليه هذا القانون وما لا يتنافى مع مضمونه تبقى نافذة وسارية المفعول في ما يتعلق بالمصارف المتوقفة عن الدفع، جميع أحكام قانون التجارة المتعلقة بالأصول والقواعد التي تطبّق لدى إعلان الإفلاس والنتائج المترتبة على إعلان الإفلاس، وذلك وضمن الشروط نفسها تطبّق القواعد المنصوص عليها في حالة إعلان اتحاد الدائنين لدى وضع المصرف تحت التصفية.
علمًا أن عديدًا من المتضررين/المودعين قد تقدّموا بدعاوى إفلاسية ضد بعض المصارف أمام القضاء المختص إلا أن أغلبية هذه الدعاوى قد تقرر ردها في الأساس، فاقتضى التنويه.
الخلاصة
إن هذا الموضوع القانوني/القضائي يُعد من المواضيع الأساسية والحيوية للمواطن اللبناني الذي ينتظر بفارغ الصبر رؤية بصيص أمل يُعيد له إمكانية استرداد ودائعه بشكلٍ عملي وفوري، عبر إصدار تشريعات تنظيمية تنهي هذه الأزمة.
إن استقرار الدول مرتبط بشكلٍ أساسي باستقرار إداراتها ومؤسساتها العامة واستمرارها كمرافق عامة، وبالتالي فإن التشريع يجب عليه مواكبة التطور في المجالات كافة المتعلقة بحقوق الإنسان وموجباته بغية تمكين المحاكم من القيام بعملها لإرساء العدالة وإحقاق الحق وفق الأصول القانونية المرعية الإجراء.
المصادر والمراجع
المراجع باللغة العربية: (كتب، قوانين، إنترنت)
1. المحامي إلياس أبو عيد – أصول المحاكمات المدنية – الجزء الأول – ص 98.
2. الدكتور إلياس ناصيف، شرح تعديلات قانون التجارة البرية، ص 326.
3. د. فيلومين يواكيم نصر – قانون العقوبات – جرائم وعقوبات – ص 627.
4. القاضي الدكتور إيلي صفا – كتاب أحكام الإفلاس والصلح الواقي – ص 234.
5. القانون الرقم 126 الذي أصبح نافذًا بتاريخ 2/7/2019 المتعلق بتعديل قانون التجارة البرية الصادر بالمرسوم الاشتراعي الرقم 304 تاريخ 24/12/1942 وتعديلاته.
6. قانون العقوبات الصادر بموجب المرسوم الاشتراعي الرقم 340 تاريخ 01/03/1943.
7. قانون النقد والتسليف الصادر بالمرسوم الرقم 13513 تاريخ 1/8/1963.
8. القانون الرقم 306/2022 تاريخ 3/11/2022، الرامي إلى تعديل بعض مواد القانون الصادر بتاريخ 3/9/1956 المتعلق بسرية المصارف.
9. قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب الرقم 44 تاريخ 24/11/2015.
10. قانون أصول المحاكمات المدنية الصادر بالمرسوم الاشتراعي الرقم 90 تاريخ 16/09/1983.
11. قانون إخضاع المصارف التي تتوقف عن الدفع لأحكامٍ خاصة الرقم 2 تاريخ 16/1/1967.
12. المرسوم الرقم 13909 المتعلق بتعديل جميع المبالغ المالية على اختلاف أنواعها أينما وردت في قانون أصول المحاكمات المدنية.
13. القاضي فادي إلياس – دراسة «التحديات والخيارات المطروحة للنمو الاقتصادي في ضوء الإصلاحات الواجبة لقوانين الإفلاس لمنطقة الشرق الأوسط» تاريخ 26/11/2012.
14. مايكل جونستون، الحوكمة الرشيدة، متوافر على الموقع:
https://www.unodc.org/e4j/ar/anti-corruption/module-2/key-issues/what-is-good-governance.html
المراجع باللغة الأجنبية:
1-Fadi Nammour, Droit bancaire, Edition 2012, paragraphe 668
The legal concept and judicial process of banking and financial claims
in Lebanon
Lawyer Raymond El Helou
Amid the severe banking and financial crisis that Lebanon has been experiencing since 2019, both the public and private sectors have been impacted, leading to extensive legal and judicial changes. Despite the decisions issued by the Ministry of Finance and the Central Bank of Lebanon, courts have remained in confusion regarding cases such as determining the official exchange rate of the U.S. dollar against the Lebanese pound, the methods of debt repayment and at what rate, whether a check constitutes valid payment, the validity of actual offers and deposits for debt settlement, the conditions for declaring bankruptcy in the banking sector, and the legality of "capital control" in the absence of a law to regulate it.
Civil liability is governed by commercial laws and obligations and contracts law. Law No. 126 of 2019 defines the responsibilities of bank board members and general managers. In the event of the bank's bankruptcy, its management may be held liable for debts, with the possibility of their assets being seized automatically to ensure the fulfillment of any obligations resulting from mismanagement.
As for criminal liability, the general criminal legal concept in Lebanon is primarily based on the provisions of the Penal Code, where the state exercises its authority to criminalize and punish offenses by the procedures. However, the Lebanese legal system lacked provisions criminalizing mismanagement in companies until the issuance of the new Commercial Law in 2019, amid the absence of binding laws for corporate governance. The goal of this governance is to achieve transparency, accountability, and the rule of law.
Boards of directors in companies, including banks, undertake criminal responsibility under several laws. For example, publishing an incorrect balance sheet is considered forgery and is punishable under Articles 453 and 471 of the Penal Code. Furthermore, Article 253 of the Commercial Law imposes strict penalties on those who misuse company funds for personal gain or publish misleading financial information.
Some financial crimes do not require proof of intent, such as issuing a check without sufficient funds, unlike the French legal system, which necessitates proof of criminal intent. The new Commercial Law outlines other violations such as failure to disclose mandatory financial information, not publishing legal notices, the distribution of false dividends, and the illegal issuance of bonds.
The Currency and Credit Law its provisions stipulate the punishment of violators in the management of banks, such as providing inaccurate financial statements to the Central Bank of Lebanon, where the application of banking secrecy is excluded for the heads and members of bank boards under the 2022 law.
In conclusion, the banking insolvency crisis remains a critical legal issue for Lebanese citizens awaiting practical solutions to recover their deposits, whether through legislative reforms or judicial rulings. Legislation plays a fundamental role in ensuring justice and institutional stability.
Le concept juridique et le processus judiciaire des actions bancaires et financières au Liban
Maitre Raymond El Helou
Depuis 2019, le Liban traverse une grave crise bancaire et financière, affectant tant les secteurs publics que privés, ce qui a conduit à des changements juridiques et judiciaires considérables. Bien que des décisions aient été prises par le ministère des Finances et la Banque du Liban, les tribunaux sont restés incertains sur des questions telles que la définition du taux de change officiel du dollar américain par rapport à la livre libanaise, les méthodes appropriées pour le remboursement des dettes et à quel taux, la validité du chèque comme moyen de paiement, la validité des offres réelles et des dépôts pour régler les dettes, les critères de faillite dans les banques, ainsi que la légalité du "contrôle des capitaux" en l'absence d'une législation qui le régisse.
La responsabilité civile est régie par les lois commerciales et le Code des obligations et des contrats, où la loi n° 126 de 2019 définit les responsabilités des membres du conseil d'administration et du directeur général des banques. En cas de faillite de la banque, son administration peut être tenue responsable des dettes, avec la possibilité de saisir automatiquement leurs actifs pour garantir le paiement de toute obligation découlant de la mauvaise gestion.
En ce qui concerne la responsabilité pénale, le concept juridique pénal général au Liban repose principalement sur les dispositions du Code pénal, où l'État exerce son autorité en matière de criminalisation et de sanction conformément aux procédures appropriées. Cependant, la législation libanaise manquait de dispositions criminalisant la mauvaise gestion dans les entreprises jusqu'à l'adoption de la nouvelle loi commerciale en 2019, en raison de l'absence de lois contraignantes pour une gouvernance efficace. Cette gouvernance vise à garantir la transparence, la responsabilité et l'état de droit.
Les conseils d'administration des entreprises, y compris les banques, assument des responsabilités pénales en vertu de plusieurs lois. Par exemple, la publication d'un bilan incorrect est considérée comme une falsification et est sanctionnée en vertu des articles 453 et 471 du Code Pénal. L'article 253 du Code de Commerce impose des sanctions sévères à ceux qui utilisent les fonds de l'entreprise à des fins personnelles ou publient des informations financières trompeuses.
Certaines infractions financières ne nécessitent pas la preuve de la mauvaise intention criminelle, comme le crime d'émission de chèque sans provision, contrairement au système français qui exige la preuve de l'intention criminelle. La nouvelle loi commerciale prévoit également d'autres infractions, telles que l'absence d'indication des données obligatoires dans les documents, le non-publication des annonces légales, la distribution de bénéfices fictifs et l'émission illégale de titres.
En ce qui concerne la loi sur la monnaie et le crédit, ses dispositions prévoient des sanctions pour les contrevenants dans la gestion des banques, telles que la présentation de déclarations financières inexactes à la Banque du Liban où l'application du secret bancaire est exclue pour les présidents et les membres des conseils d'administration des banques conformément à la loi de 2022.
En résumé, la crise de la faillite bancaire constitue l'une des questions juridiques cruciales pour les Libanais, qui attendent des solutions pratiques pour récupérer leurs dépôts, soit par des législations réglementaires, soit par le biais des tribunaux. La législation joue un rôle clé dans l'instauration de la justice et dans la garantie de la stabilité des institutions publiques.