بحث عسكري

المناورة الأرضية – الجوية في الأماكن المبنية ودور الطوافات فيها
إعداد: روجينا خليل الشختورة

في سياق البحوث العسكرية التي تعرضها قطع الجيش، تشاركت القوات الجوية وفوج المغاوير في إعداد بحث حول «تكامل المناورة الأرضية - الجوية في الأماكن المبنية ودور الطوافات فيه». جرى عرض البحث في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان بحضور عدد من قادة الأفواج والضباط المعنيين وهو يلقي الضوء على كيفية كسب الحرب بعد ربح المعركة خصوصًا في الأماكن المبنية، ودور القوات الجوية في المساعدة على كسبها.


الفصل الأول
في الفصل الأول، تحدث العقيد حسيب عبدو، مساعد قائد فوج المغاوير، عن القتال في الأماكن المبنية أي في مساحات من الأرض أقيمت فوقها شوارع ومساكن ومنشآت صناعية وبنى تحتية، بحيث يتطلَّب القتال بداخلها إتباع طرق وأساليب خاصة، وهو من أصعب أنواع القتال حيث يحتاج إلى تجهيزات وتحضيرات خاصة وأفراد على مستوى عالٍ من التدريب واللياقة البدنية وسرعة التصرف والقدرة على الابتكار والروح المعنوية العالية.
وتناول القسم الأول قتال الوحدات الخاصة في الأماكن المبنية حيث المناطق المبنية أربعة أنواع: قرى صغيرة وكبيرة، ومدن صغيرة وكبيرة. أما نوعا العمليات العسكرية الوحيدان في هذه المناطق فهما: العمليات العسكرية الجراحية، أي الحالات الدقيقة والسرية والعمليات العسكرية المركَّزة . أعقب ذلك شرح لمميزات هذه العمليات وإدارتها دفاعيًا وهجوميًا وذلك في ما يتعلق بالوحدات الكلاسيكية كما بالوحدات الخاصة.
في القسم الثاني, عرض دور الأسلحة في العمليات القتالية الدفاعية والهجومية في الأماكن المبنية.
وفي القسم الثالث جاءت إجراءات القيادة والسيطرة والمحظورات العسكرية والتقييدات الدولية. كما عُرِضَت كيفية معالجة الأهداف وتقسيم الوحدات المقاتلة إلى وحدات صغيرة (معارك الوحدات الصغيرة). وختامًا دور الاتصالات وتأثير الأماكن المبنية على العمليات القتالية الدفاعية والهجومية .

 

الفصل الثاني
إن التطور الذي طرأ على دور الطيران، وخصوصًا في الحروب الحديثة، جعل منه عنصرًا أساسيًا وفعالاً في جميع أنواع الأعمال القتالية، وبالتالي ارتبط عمله بعمل القوات البرية. ومهما اختلفت مهمة هذه القوات، فمن الصعب أن يكتب لها النجاح في عملها من دون تأمين غطاء جوي لها. ومن أجل تكامل عمل الطيران مع القوات الأخرى لا بد من وجود خطط للتنسيق والتعاون في ما بينها، لذلك قبل البدء بأي عمل عسكري، وفي فترة التحضير للأعمال القتالية، يتم وضع تعليمات لتنظيم التعاون والتنسيق بين القوات الجوية والبرية.
في هذا الإطار تحدَّث العقيد الركن بسام ياسين، معاون قائد القوات الجوية للتخطيط، عن دور القوات الجوية في الأماكن المبنية. وقد جاء في القسم الرابع الشرح عن المراقبة والقيادة والسيطرة الذي يبدأ بوصف المنطقة المبنيَّة وصعوبة الاتصالات واللجوء بالتالي إلى طائرات المراقبة أو الطائرات من دون طيار التي تزايدت أهميتها في العمليات العسكرية. فإلى جانب إلحاقها خسائر بالمقاتلين، تستطيع هذه الأخيرة أن تؤمن استطلاعًا تكتيًا حتى أصغر وحدة مقاتلة على الأرض، كما توفِّر المراقبة الدائمة. وكذلك يساعد استخدام الأجهزة الحرارية في تحديد الأهداف ليلاً، كونها تستطيع الرؤية من خلال الدخان والظلام، فتكون بالتالي فعالة في رفع مستوى المراقبة والاتصالات في الأماكن المبنية ما يزيد قدرة القائد على السيطرة على القوى ومجريات الأحداث بشكل أكبر.
القسم الخامس تناول مهمات القوات الجوية في الدعم الناري القريب والبعيد، من تأمين التغطية الجوية إلى الدعم أو المساندة بالنار والدعم بالنقل والإخلاء. كذلك تعرّض هذا القسم إلى مخاطر القتال في الأماكن الآهلة لناحية الدعم الجوي القريب والتدابير الواجب اتخاذها في اختيار الأسلحة المناسبة لهذا الدعم وتكتيك الطيران المقاتل والطوافات.
وفي القسم السادس شرح العقيد الركن ياسين العمليات المشتركة بين القوات البرية والقوات الجوية والتخطيط والتنسيق في ما بينها ليأتي التنفيذ لمصلحة المهمة وفي الوقت المناسب، وأشار إلى أن هذا التخطيط يكون بوضع برنامج عمل عام وآخر يومي يمكن تعديله لاحقًا حسب ما يفرضه تطور المعركة.
كما تضمَّن هذا القسم تعليمات التنسيق والتعاون ما بين القوات الجوية والبرية وتحديد العمليات المشتركة (المجوقلة) ومبادئ استخدامها وخططها (خطة مناورة أرضية، خطة هبوط، خطة تحميل وخطة ترتيب...)، وختامًا تحدث عن آلية تنفيذ العملية المجوقلة.

 

الفصل الثالث
في هذا الفصل شرح الرائد محمد الأمين من الفرع الثالث في فوج المغاوير «تكامل المناورة الأرضية الجوية» فتناول في القسم السابع من البحث دور الطوافات في القتال في الأماكن المبنية، أنواعها، مميزاتها، وكيفية تحديد الأهداف والدلالة عليها وتقنية مهاجمة الأهداف المدرعة المتحركة.
أما في القسم الثامن الذي يدور حول إدارة العمليات فقد تناول القوة البشرية والتدريب في البداية، ثم تطرَّق إلى موضوع دمج العمليات البرية الجوية وتوفير ميدان معركة إلكتروني إضافة إلى العمل والتنسيق بين مختلف الأسلحة (القوات المدرعة والميكانيكية، عمليات القوات الخاصة، الأسلحة المضادة للدبابات، أسلحة الرمي غير المباشر وعمليات الطوافات).
بعدها أعطى تعليمات التعاون والتنسيق مع القوات البرية، ثم تناول جهاز مساندة العمليات: مهمته وأنواع طلبات المساندة الجوية ودور ضابط التوجيه المتقدم فيه. وختم هذا الفصل بقسم تاسع قدم فيه أمثلة عن استخدام الدعم الجوي منها: معركة نهر البارد وهي خير مثال يمكن تقديمه لتدعيم ما سبق شرحه نظريًا.

 

الخلاصة العامة والتوصيات
«إن عمل الدعم الجوي هو أساسي ومهم في دعم المناورة الأرضية في القتال في الأماكن المبنية. لكن بقي هناك بعض الصعوبات التي يمكن أن تؤثر على المناورة....»، بهذه الكلمات أنهى قائد فوج المغاوير العميد الركن شامل روكز هذا اللقاء متحدثًا في الخلاصة العامة عن الصعوبات التي تواجه مختلف القوات البرية والجوية في المعارك في الأماكن المبنية ومنها، الطقس والعوامل الطبيعية وحركة الرياح ما يؤثر على الرؤية ويصعِّب دقة تحديد الأهداف، كما أنّ قرب الصديق من العدو في المناطق المبنيَّة يقيِّد القوات الجوية في دعمها ويصعّب عليها التحرك بحرية وراحة...
هذه وغيرها من العوامل تحول دون استطاعة القوات الجوية تأدية دورها الداعم بشكل كامل، غير أنها تبقى قوة مساندة قد تساعد على تقصير زمن المعركة وتخفيف الخسائر في صفوف القوى المهاجمة. أما الاقتراحات والتوصيات فقد أتت على الشكل الآتي:
- يمكن لقيادة الجيش أن تضع تقريراً تفصيليًا بكل الدروس والعبر التي استقتها القوى المهاجمة من خلال التجربة الميدانية التي واجهتها، ومنها ما يعود إلى النقص في التدريب الفردي أو تدريب الوحدات لمواجهة هذا النوع من القتال.
- برزت الحاجة خلال أكثر من محطة إلى وجوب اهتمام القيادات الميدانية بأمن منطقة العمليات الأوسع (كامل منطقة الشمال)، وأمن محاور الانتقال والتموين، منعًا لأي مفاجآت قد تحضّر لها الجماعات الإرهابية، والتي يمكن أن تحتفظ بالمبادرة لإقامة كمائن وتحضير تفجيرات من أجل قطع التموين أو قتل عسكريين ومدنيين أو أسرهم لتستعملهم للمساومة على وقف العملية العسكرية.
- العمل على إنشاء قيادة وحدات خاصة تعنى بهذه الوحدات وتعمل على تفعيل عملها حتى أصغر وحدة فيها، على أن يتم التدريب بحيث يتناسب مع طبيعة الأماكن المبنية.
- العمل على عدم زج جميع الوحدات الخاصة في معركة طويلة، والاحتفاظ باحتياط من هذه الوحدات بشكل دائم.
- استعمال أنواع ذخيرة موحَّدة وخصوصًا للسلاح ذي الرمي المباشر وغير المباشر لتجنُّب الأخطاء والإصابات الجسيمة التي حصلت.
وفي الختام استشهد العميد الركن روكز بقول جوليو دوهيت: «يبتسم النصر لهؤلاء الذين يتوقَّعون التغييرات في طابع الحرب وليس لهؤلاء الذين ينتظرون لتكييف أنفسهم بعد أن تحدث التغييرات».