كلمتي

المناورة والحرب

في مناورتها العسكرية الأخيرة، تحاول إسرائيل التوضيح والتلميح، ليس فقط الى أنها مستعدة لتلقي ضربة ما، إنما الى إطلاق عدوان آخر ضد لبنان تعويضاً عما فاتها من انتصارات يحلم بها قادتها. يعرف الجميع أن المناورة في العلم العسكري هي درس من الدروس، أو شرح من الشروحات، من هنا فإن الأجدى بإسرائيل أن تتعلم الدرس الأساسي في حربها وفي سياستها، ألا وهو عدم إضافة محاولة جديدة الى محاولاتها السابقة الرامية الى النيل من لبنان، أو التعدي على ترابه وعلى مجاله الجوي ومياهه الإقليمية. نحن لا ندعو إسرائيل الى نزال أو الى مباراة، لكننا نلاحظ باستغراب واستهجان تلك الثواني المعدودة التي تمضيها المراكب العسكرية الإسرائيلية في بعض الأمتار من مياهنا الإقليمية قبل أن تفرّ وتهرب، والتي نرى فيها محاولة يائسة لاستعادة سيطرة عسكرية تمتعت بها إسرائيل في وقت من الأوقات، ثم ما لبثت أن وهنت وخانتها العزائم وتدحرجت رؤوس قادتها عند منزلقات مبدأ حق القوة الذي طالما اعتمدت عليه وسلكت سلوكه، وطالما شجعتها في اعتماده دولة من هنا ودولة من هناك، قبل أن تستفيق شعوب العالم وتقول: لا، لا لتشجيع العدوان، ولا لتسليم الكيان الدخيل المغتصب أي أسلحة أو عتاد.
لعلّ الجنود الإسرائيليين يرون، من خلال مناظيرهم الحديثة، المغطى منها والمكشوف، الشعب اللبناني خصوصاً في الجنوب، منصرفاً الى العمل في الحقول، يستقبل الشمس عند السفوح، ويودّعها عند مشارف الأودية، فيستغربون أن تكون الأوامر الموجّهة اليهم تقضي بضرب جسر يعبره العامل وهو في طريقه الى العمل، أو تخريب مدرسة يقصدها الأطفال للدرس واللعب، أو تهديم سد تغذّيه مياه نبع أطلقه الله في أرض هذا الوطن. فلا المعمل لإسرائيل، ولا المدرسة ولا النبع، ولا الشعب الذي يستفيد منها جميعاً دخيل أو متعد أو قادم من المجهول الى أرض الغير، للسلب والنهب والسيطرة والإستيطان.
في غضون ذلك، وقبله وبعده، تؤكد القيادة على أوامرها المعروفة، وتعليماتها المرعية، بأن الجيش جاهز دائماً للدفاع عن الأرض، الى جانب شعبه ومقاومته، كما أنه مستمر في التعاون مع قوات حفظ السلام الدولية لحفظ السلام المنشود الذي تحتاج اليه المنطقة بأسرها، ويحتاج اليه لبنان، كما أنه يقف معها من أجل وضع حد للعدوان وشرحه وعرضه أمام الرأي العام العالمي، إذ، يجب أن يعرف العالم مَن هو المعتدي ومَن هو المعتدى عليه، ويجب أن يقف الى جانب أصحاب الحق وأن يؤازر استعدادهم للدفاع عن شعوبهم وعن كرامتهم الوطنية.


العميد الركن صالح حاج سليمان
مدير التوجيه