صحتك بين يديك

المنشطات الرياضية

هل تبرّر غاية الربح وسائل قاتلة غير مشروعة؟

الرياضة ممارسة سامية تهذّب الروح والجسد وتمنح ممارسها شعوراً بالتفوّق عبر النجاحات التي تحقّقها له المنافسة الشريفة. لكنها في عالمنا الحاضر،  تحوّلت صناعة تبغي الربح الوفير، وتسخّر في سبيل تحقيق غايتها مختلف الوسائل، المشروعة منها وغير المشروعة. من هنا شاع استخدام المنشّطات بين الرياضيين بالرغم من أنها من المحظورات في عالم الرياضة، ويهدّد تعاطيها المستقبل الرياضي للاعب في حال ثبوت استخدامها.
ولا تقف أضرار المنشّطات عند هذا الحد، وإنما هي تهدّد ايضاً صحة الرياضيين وتشكّل خطراً على حياتهم بحسب ما يؤكد الدكتور كمال كامل الإختصاصي في الطب الرياضي وإصابات الملاعب وطب الطوارئ. وهو يوضح أنه خلال السنوات الأخيرة دفع عدد من الرياضيين حياتهم ثمناً لتعاطيهم المنشّطات المحظورة، حيث أثبتت التحاليل الطبية أن أسباب وفاتهم بأزمات قلبية أو دماغية مرتبطة بتعاطيهم المنشّطات الرياضية بشكل متكرّر.

 

المنشّطات الرياضية وأنواعها
يعرّف الدكتور كامل المنشّطات بالمواد أو الأدوية الصناعية التي تستخدم لرفع الكفاءة البدنية والنفسية للفرد في أثناء المباريات الرياضية أو التدريب للحصول على إنجاز رياضي بطرق غير مشروعة، وهو أمر يؤدي الى الإخلال بعدالة المنافسة ويعرّض المتعاطي الى العقوبات والإستبعاد عن اللعب.
يرتبط استخدام المنشّطات بالعديد من الآثار الجانبية التي تتفاوت في حدّتها، بدءاً من القلق والتوتر وصولاً الى الأمراض السرطانية وتصلّب شرايين القلب. ويؤكد الدكتور كامل على ضرورة توعية الرياضيين على مختلف أخطار المنشّطات تفادياً للوقوع في المحظور. ويعرض البعض منها على الشكل الآتي:
 

 

• الهورمونات البنائية (Steroids): هي مجموعة من العقاقير المصنّعة التي تعمل بطريقة مشابهة للهرمون الذكري التستوسترون (Testosterone)، وتستخدم لزيادة حجم العضلات وتقويتها. تؤدي هذه الهورمونات الى مشاكل صحية مختلفة من بينها ظهور حب الشباب والصلع المبكر، والتقلبات المزاجية ونشوء النزعة العدوانية. أما الأخطر فهي أمراض الكبد وأمراض تصلّب الشرايين. ويتعرّض مستخدمو الستيرويدات الى تأثيرات سلبية أخرى من بينها ضمور حجم الخصيتين وزيادة حجم الصدر، إضافة الى انخفاض معدل الرغبة الجنسية والإصابة بالعجز الجنسي، وانخفاض عدد الحيوانات المنوية.
وبالنسبة الى الرياضيات الإناث، فإن استخدامهن الهورمونات البنائية يعرّضهن لزيادة ظهور الشعر في الجسم والوجه، والخشونة في الصوت، والإضطراب في الدورة الشهرية.
 

 

• العقاقير المنبّهة للجهاز العصبي المركزي (Narcotics): تستخدم لزيادة القدرة التنافسية. من أبرز آثارها الجانبية الأرق، الرجفة اللا إرادية، غياب التركيز وفقدان التوازن في المشي، إضافة الى الإضطراب في نبضات القلب. أما أضرارها المميتة فتتلخّص بخطر الإصابة بأزمة قلبية أو سكتة دماغية.

 

• هورمونات النمو: الهرمونات الببتيدية (Peptide Hormones). كهرمون النمو البشري (HGH)، وهورمون الابرتيروبيوتين (EPO). تستخدم لزيادة حجم العضلات وقوتها، وتحسين قدرة الدم على حمل الأوكسجين. ويؤدي هورمون HGH الى تضخّم في الأطراف، وتضخّم في عظام الجبهة والحاجبين والرأس والفكّين التي لا يمكن إعادتها الى حجمها الطبيعي.
من أخطاره الفظيعة تضخّم عضلات القلب الذي يؤدي الى ارتفاع ضغط الدم والى فشل وظائف القلب. كما يلحق الضرر بالكبد والغدة الدرقية، ويؤدي ايضاً الى التهاب المفاصل.
ولا يقل هورمون Epo خطراً عن سابقه إذ يؤدي الى ارتفاع ضغط الدم، كما يدفع القلب الى العمل بجهد أكبر مما يعرّض اللاعب للإصابة بسكتة قلبية أو سكتة دماغية في مقتبل عمره.

 

المواد الحاجبة
يحاول بعض الرياضيين التحايل على النظام باستخدام المواد المدرّة للبول (Diuretics) بهدف طرد المواد المنشّطة من الجسم أو حجبها خلال الفحص الطبي في البطولات الأولمبية. ما يجهله هؤلاء أن هذه المواد الحاجبة تؤدي الى الجفاف والضعف العام. كما تعرّض مستخدمها الى الهبوط في ضغط الدم، وتسبّب حالات الإغماء وفقدان التوازن عند المشي، وعدم التركيز والإضطراب في وظائف القلب.

 

المخدرات
يلجأ بعض الرياضيين الى المواد المخدّرة كالهيرويين والمورفين لمكافحة الألم. لكن هذه المواد تشلّ قدرتهم التنافسية حيث تؤدي الى ضعف في الجهاز المناعي، وانخفاض معدّل ضربات القلب وقصور في وظيفة الجهاز التنفسي، إضافة الى فقدان التوازن عند المشي، والمشاكل المعوية، وطبعاً الإدمان.

 

مكافحة المنشّطات
إنطلاقاً من الأضرار الصحية المميتة التي تسبّبها المنشّطات، وبهدف المحافظة على المنافسة العادلة والشريفة بين اللاعبين، حرّمت اللجنة الأولمبية الدولية استخدام المنشّطات تحت طائلة فرض العقوبات والجزاءات التي تصل الى حد إبعاد الرياضي نهائياً عن الملاعب. في هذا الإطار يشير الدكتور كامل الى دور الوكالة العالمية لمكافحة المنشّطات (AMA - WADA) التي تشرف منذ العام 1999 على البرنامج العالمي لمكافحة المنشّطات. ويتضمّن البرنامج المذكور مدوّنة (Code) تحدّد التعريف القانوني لتعاطي المنشّطات، وانتهاك قواعد مكافحتها.
وبحسب المدوّنة المذكورة يعرّف تعاطي المنشّطات قانونياً بأنه حدوث انتهاك أو أكثر لقواعد مكافحة المنشّطات، ويحدّد الإنتهاك على الشكل الآتي:
• وجود عقار محظور أو عناصره أو آثار دالة عليه في العيّنة التي تؤخذ من جسم اللاعب.
على كل لاعب أن يضمن ألاّ يدخل جسمه أي عقار محظور. وهو مسؤول سواء كان ذلك عن خطأ أو إهمال أو استخدام واعي.
• استخدام أو محاولة استخدام عقار محظور أو وسيلة محظورة، بصرف النظر عن نجاح اللاعب أو إخفاقه في استخدام العقار المحظور.
• رفض الخضوع، أو عدم التقدّم، لأخذ عيّنات من دون عذر قاهر بعد تلقّي إبلاغ بذلك، أو التهرّب بأي طريقة.
• الإمتناع عن تقديم معلومات عن مكان وجوده لإجراء اختبار خارج إطار المسابقة.
• التلاعب أو محاولة التلاعب، بأي جانب من جوانب مراقبة تعاطي المنشّط. مثلاً: التلاعب بالعيّنة (إضافة الماء) أو بهوية اللاعب.
• حيازة عقاقير أو وسائل محظورة من قبل اللاعب أو الطاقم المعاون له، في أي زمان أو مكان ما لم يثبت استخدامها للعلاج الطبي.
• الإتجار بأي عقار محظور أو وسيلة محظورة.
• إعطاء أو محاولة إعطاء عقار محظور أو وسيلة محظورة الى أي لاعب، أو مساعدته أو تشجيعه أو إعانته أو التغطية عليه أو أي تواطؤ.

 

الإعفاءات لأغراض علاجية
يُعفى الرياضي من إجراء فحص تعاطي المنشّطات لضرورات علاجية تفرض عليه تناول أدوية تحتوي على مواد منشّطة. وينبغي في هذه الحالة تقديم طلب الإعفاء قبل ثلاثين يوماً من الحدث الرياضي الى لجنة منح الإعفاءات، مرفقاً بجميع المعلومات والبيانات الطبية اللازمة.

 

البدائل للمنشّطات
إذا كان استخدام المنشّطات محظوراً ويؤدي الى الإستبعاد النهائي للاعب، فما البديل القادر على منح الرياضي النشاط المطلوب من دون الوقوع في العواقب الوخيمة للمنشّط؟
الجواب بسيط للغاية كما تؤكد الآنسة جويل فرحة الإختصاصية في علم التغذية. فاللاعب يحصل على لياقته البدنية والذهنية من خلال التمارين الرياضية والتغذية السليمة. وتشير فرحة الى أن الغذاء المتوازن يمدّ الجسم بالعناصر الغذائية اللازمة لقيامه بالوظائف الأساسية الحيوية، من إنتاج الطاقة اللازمة، الى نمو الخلايا والأنسجة والمحافظة عليها وتجديدها، إضافة الى تنظيم التفاعلات الكيميائية داخل الخلايا.
وتهدف التغذية السليمة للرياضي الى ضمان توازن طاقته، واستعادة قدرته على أداء التمارين في الفترة الفاصلة ما بين مباريات وأخرى. إضافة الى التقليل من حدوث تلف في العضلات والإحساس بالألم أو الإجهاد المزمن الناتج عن التمرين أو اللعب، وبالتالي أداء الرياضة على الوجه الأمثل والمطلوب.

 

الإحتياجات الغذائية للرياضيين
هناك مفهوم خاطئ لدى البعض بأن الرياضيين يحتاجون الى الكثير من البروتينات والڤيتامينات والمعادن. والصحيح بحسب ما تشير فرحة أنهم يحتاجون الى سعرات حرارية تتناسب مع الجهد الذي يبذلونه، والى كمية مرتفعة من النشويات والسوائل، والى كمية كافية من البروتينات والڤيتامينات والمعادن.
وتشير فرحة الى وجود عدة عوامل تؤثّر على الطاقة الغذائية للرياضيين من بينها حدة النشاط ومدته ومدى تكراره، إضافة الى مؤشر البدانة، حيث يحتاج البعض الى خسارة الدهون في حين يحتاج البعض الآخر الى زيادة كتلة الجسم.

 

العناصر الغذائية
تتألف العناصر الغذائية من الكربوهيدرات والدهون والبروتينات والڤيتامينات والأملاح المعدنية والسوائل.

 

• الكربوهيدرات: تؤكد فرحة أنه ينبغي إعطاء الطاقة الحرارية اللازمة لعمل العضلات في هيئة مواد كربوهيدراتية، حيث تمثّل وقوداً بدرجة أفضل من المواد الدهنية أو البروتينية، فالكربوهيدرات مصدر جيد للغلوكوجين وهو العنصر المهم لإنتاج الطاقة خصوصاً في بدايتها.
يستهلك الغلوكوجين في العضلات على المدى القصير في رياضات مثل الرمي والقفز والعدو، أما الغلوكوجين الموجود في الكبد مع الدهن فيستهلك في الرياضات العنيفة.
تشكّل الكربوهيدرات 65٪ من السعرات الحرارية اليومية ويساوي كل غرام واحد منها أربع وحدات حرارية. يوصي المختصون بالرياضة والتغذية بتناول الرياضي ما بين 5 الى 7 غرامات/كلغ من وزن الجسم من السعرات الحرارية اليومية من الكربوهيدرات وذلك للتمارين المتوسطة الجهد، ومن 7 الى 13 غرام/كلغ وزن الجسم من السعرات الحرارية اليومية من الكربوهيدرات وذلك للتمارين المرتفعة الجهد. تعتبر النباتات المصدر الرئيس للكربوهيدرات وتقسم كالآتي:
- سكريات أحادية (سكروز).
- سكريات ثنائية (قصب السكر - التمر - العسل).
- سكريات متعددة (النشويات - الخضار - الفاكهة).
المصدر الحيواني للكربوهيدرات: اللاكتوز في الحليب ومنتجاته.

 

• الدهون: تعدّ الدهون مصدراً أساسياً للسعرات الحرارية (الطاقة) حيث يساوي كل غرام منها 9 سعرات حرارية. تتكون الدهون الغذائية من الدهون والزيوت بنسبة 95٪ من الغليسيرول والأحماض الدهنية.
ومن وظائف الدهون تزويد الجسم الطاقة العالية، وهي تمنح الإحساس بالشبع كونها تمكث في المعدة فترة طويلة مقارنة بالكربوهيدرات والبروتين.
يوصي المختصون بالرياضة والتغذية بتناول الرياضي 20 - 30٪ من السعرات الحرارية اليومية من الدهون ولا ينصحون بالإكثار منها لأنها تسبّب زيادة في الوزن.

 

• البروتينات: هي مصدر من مصادر الطاقة، تحافظ على نمو الجسم، يحتاجها الرياضي لا لتقوية العضلات فحسب كما يعتقد الكثير من الرياضيين، وإنما للتعويض ايضاً عن الأنسجة التالفة. تعمل البروتينات على تكوين الهورمونات المختلفة والأنزيمات التي تساهم في تنظيم العمليات الحيوية داخل الجسم، والأجسام المضادة التي تعمل على مقاومة الأمراض.
يساوي كل غرام بروتين 4 سعرات حرارية.
توصي الجمعية الغذائية الأميركية والكندية بتناول الرياضي 1.2 الى 1.7 غرام/كلغ وزن الجسم من السعرات الحرارية اليومية من البروتينات وقد تصل في بعض أنواع الرياضات الى 2.5 غرام/كلغ في اليوم.
وتشكّل هذه الكمية 15٪ من السعرات الحرارية اليومية.
 

• مصادر البروتينات:
- مصادر حيوانية: الأبقار، العجول، الدواجن، الأسماك، البيض، الأجبان، الألبان، الجيلاتين.
- مصادر نباتية: البقوليات (الفول، العدس، البازيلا...)، والحبوب (القمح، الأرز، الذرة).
• الڤيتامينات: هي عناصر مهمة بكميات مناسبة للمساعدة على النمو والحفاظ على الحياة.
• المصادر الغذائية: الخضراوات الورقية، الفاكهة وعصير الفاكهة، اللحوم والألبان ومنتجاتها.
• الأملاح المعدنية: توجد في جسم الإنسان إما حرّة أو متّحدة مع مواد عضوية وهناك عناصر معدنية رئيسة مثل الكالسيوم والصوديوم والفوسفور وأملاح معدنية صغرى مثل الحديد والفليور والزنك.
قد يتعرّض الرياضي الى فقر الدم الناتج عن عوز الحديد للأسباب الآتية:
- فقدان الحديد من خلال التعرّق.
- تملُّل خلايا الدم الحمراء نتيجة الإصطدام بالأرض في أثناء الممارسة الرياضية، وزيادة التعرّض للكدمات والرضوض.
توجد الأملاح المعدنية في المصادر الغذائية الآتية: الخضراوات الورقية - الفاكهة وعصير الفاكهة - اللحوم والألبان ومنتجاتها.
وتوضح فرحة أنه يجب إعطاء الرياضي حاجته من ملح الطعام مع الأطعمة قبل المباراة أو التمرين بثلاث ساعات على الأقل وذلك للمحافظة على التوازن المائي وتوازن الأملاح في جسمه. كما يجب إعطاء الماء قبل المباراة بحوالى ساعة ونصف الساعة ليعود الى الجسم التوازن المائي في وقت مناسب قبل المباراة، واستهلاك الماء أمر مهم جداً للحدّ من الجفاف والتعب وفقدان الأملاح، اذ يفقد الرياضي غرامين من الأملاح/لتر من خلال التعرّق.

 

الماء
تشكّل الماء 75٪ من وزن الجسم. هي وسيط في عملية التفاعلات الكيميائية وعنصر أساسي في جميع الخلايا والأنسجة.
تنظّم المياه درجة حرارة الجسم، وتوصل الأوكسجين الى جميع الخلايا.
وتشير فرحة الى ضرورة استهلاك كميات كافية من الغذاء والسوائل خلال الـ24 ساعة التي تسبق المنافسة. وتوصي بتناول ما بين 400 و600 مل من المياه قبل ساعتين من المباريات الرياضية لضمان توفير رطوبة كافية للجسم، وإعطاء الوقت الكافي لخروج المياه الزائدة عن حاجة الجسم قبل الشروع في المباراة.

 

التغذية قبل المباراة أو التمرين
يوصي المختصون بأن تكون وجبة الرياضي قبل التمرين أو المسابقة خفيفة من 300 الى 800 سعرة حرارية حيث تتوقف الكمية على وزن الرياضي وطوله ونوعية اللعبة الرياضية وهذا يحدده إختصاصي التغذية المرافق للفريق.
يجب أن تكون الوجبة سهلة الهضم وعالية الكربوهيدرات وخصوصاً المركبة منها (الخبز، المعكرونة والبطاطا)، وتحتوي على نسبة عالية من السوائل (عصير الفاكهة).
على الرياضي تفادي الأطعمة الغنية بالألياف مثل الخضراوات الطازجة أو الحبوب حيث أنها تكوّن غازات في الجهاز الهضمي. وتناول كمية كافية من الماء تعادل 2 كوب قبل المباراة بساعتين ونفس الكمية قبل المباراة بنصف ساعة. عليه ايضاً تجنّب الإكثار من شرب الشاي والقهوة والمشروبات الغازية التي تحتوي على مادة الكافيين لأنها مدرّة للبول.
يجب أن يحتوي الغذاء على كمية كافية من الطاقة الحرارية لمنع الشعور بالجوع أو الإرهاق طوال فترة التمرين.

 

تأثير الأطعمة
على التحمّل الرياضي
محتويات الوجبة             الحد الأقصى للتحمّل
وجبة غنية بالدهون               57 دقيقة
الوجبة اليومية المعتادة           114 دقيقة
وجبة غنية بالكربوهيدرات        167 دقيقة