وجهة نظر

المواطن والقانون والسلامة المرورية
إعداد: الدكتور الياس ميشال الشويري
رئيس الجمعية اللبنانية للسلامة العامة (LAPS) وعضو مجلس إدارة منظمة السلامة العالمية وممثل المنظمة لدى الأمم المتحدة

لا شك بأن تطبيق القانون هو ما نصبو إليه جميعاً علّنا نحد من «المصائب» المرورية التي أضحت كالكابوس الذي يطرق الباب من دون أية رحمة أو شفقة، وشبابنا هم الضحية الرئيسة في غالبية الأحيان. إلا أن للقانون وجهاً يتجاهله البعض سواء عن قصد أم عن غير قصد، وهو العدالة التي يجب أن تظلّل رسالته السامية. فالمواطن (وسنداً للآراء التي إطلعنا عليها، سواء عبر وسائل الإعلام أم بصورة شخصية في إبان فترة «إرشاد المواطن» حول المخالفات المرورية) يسأل وبمنتهى الوضوح «هل تُطبق هذه الإرشادات المشددة على... الجميع»؟ (وهناك تأكيد وإصرار على هذا التعبير بالذات)، وهل يتحسس «الجميع» بالمعاناة نفسها التي يعيشها المواطن الذي يستعمل الطريق كل يوم؟ وهل قام «الجميع» بما يترتب عليهم من واجبات للحؤول دون الوصول إلى هذه النتائج المؤسفة؟

 

نحن ندرك جيداً بأن لا مبرر لأحد بتجاوز حدود القانون تحت أي شعار، ولكن المواطن لن يشعر بأنه «ملزم» حقاً هذه التدابير إلا إذا إقتنع فعلاً بأن الهدف هو «سلامته» فحسب من دون أي هدف آخر.
علينا جميعاً أن نتفهم «هواجس» المواطنين ونعمل على تعزيز الإحساس لديهم بأن أي إجراء هو «لحمايتهم» حتى من أنفسهم! والتوصل بالتالي إلى نتيجة مؤداها تطبيق حازم لمفاهيم السلامة في الطريق، ولن يتم ذلك إلا عبر حملات توعية مستمرة تقوم على أسس وعناوين واضحة يقتنع المواطن من خلالها بأن حياته فعلاً هي الأساس وهي حقاً فوق كل إعتبار وبأن القانون هو الخيمة التي تأوي الجميع ومن دون أي... إستثناء. علينا جميعاً أن نبادر إلى إنجاح أي نشاط في هذا السياق لأن التوعية هي السبيل الأنجع لتطبيق القانون، فالغرامة ستبقى دوماً كالسيف لن يشعر المواطن بجدواها وأهميتها وقيمتها، كون الكثيرين يعتبرونها مجرد «رقم» حسابي تستطيع «المحسوبيات» المتعددة محوها، وشطب كل أثر لها، فضلاً عن أنها وجه من أوجه «الإنتقام» منهم كمواطنين! لا يستغرب أحد هذا التعبير، فهذا بالفعل ما نسمعه كوننا من المتابعين في هذا المجال ونحرص على معرفة الحقيقة من الشارع من دون أية واسطة.
من هنا نرى ضرورة إقناع المواطن بأن الغرامة هي «البديل» عن رقابته الذاتية على تصرفاته، فحين يستهتر بحياته أو بحياة الآخرين هناك عين ساهرة تعيده إلى الطريق الصحيح وتتمسك به للمحافظة على حياته وتذكره بوجوب الحفاظ على حسن السلوك وتطبيق القانون. فإذا لم نصل يوماً إلى هذا المستوى من التفكير ستبقى «تنقلاتنا» مجرد رحلة نحو... المجهول، وتبقى النصوص جافة لا حياة لها أو طريق.
وحرصاً منا على سلامة الجميع، فإننا نسلّط الضوء على بعض النقاط التي نرى أنها يمكن أن تساعد في تحقيق السلامة المرورية:


• إعتماد التوجيه والإرشاد بصورة دائمة ومستمرة، من هنا ضرورة البحث في تخصيص وقت محدد وفي كل يوم وعلى جميع وسائل الاعلام، لا سيما المرئي منها (يتم شرح نقطة معينة بصورة واضحة من قانون السير: التجاوز - أولويات المرور - الخطوط - المسافة المثلى بين السيارات...) لأنه من المؤسف الإعتراف بأن هذه المفاهيم شبه مغيّبة عن فكر المواطنين، وبمجرد ذكر قانون السير فإنهم يتكلمون تلقائياً عن حزام الأمان والسرعة القصوى فقط.


• إعتماد فرض العقوبة بالتزامن مع التوجيه والإرشاد، بمعنى محاولة المزج بينهما، أي أن تبقى عين القانون ساهرة وفي الوقت نفسه متسامحة بهدف بناء جسر من الثقة بين الدولة والمواطن الذي لا يرى في العقوبة سوى «هم جديد وعقاب من مسؤولين لا يعرفون معنى الرحمة».


• توزيع منشورات مختصرة بهذا الخصوص وفي مناسبات متعددة، فالتكرار والجدية في التعامل لا بد وأن يؤتيا ثماراً.


• إعتماد مبدأ الثواب والعقاب بصورة متوازية، عن طريق ابتكار اسلوب تكريم السائق المثالي - في أوقات محددة ومفاجئة - وبطريقة يتم إختيارها وتحديد توقيتها وأسلوبها من قبل أصحاب الشأن، بهدف التشجيع على الإنضباط.
أما النقطة الأخيرة، والتي تشكل حجر الأساس فهي تأهيل رجال الأمن الذين يتولون تطبيق الإرشادات وفرض الغرامات وتدريبهم وتعزيز معارفهم ومؤهلاتهم، فأية خطوة لن تؤتي ثمارها ما لم يتولَّ تنفيذها شخص مؤهل يعيد بناء جسر من الإحترام والمودة بينه وبين المواطنين. ورجل الأمن هو المدماك الأساسي لإنجاح أية مهمة في سياق السلامة المرورية. من هنا، يجب أن يتحلى بميزات فائقة، أبرزها المعرفة والدراية وحسن التصرف ودماثة الأخلاق والثقة بالنفس، وأن يدرك أهمية دوره ويقدّر حقوق الآخرين ويعتمد مبدأ الحزم مع اللين والشدة مع الرحمة... لأنه وبكل بساطة وجه وزارة الداخلية أمام المواطنين ومسؤوليتنا المحافظة على الصورة الراقية دائماً.


إنتخاب الشويري عضواً في مجلس إدارة منظمة السلامة العالمية
خلال شهر تشرين الأول 2008 تمّ إنتخاب الدكتور الياس ميشال الشويري رئيس الجمعية اللبنانية للسلامة العامة (LAPS)، عضواً في مجلس إدارة منظمة السلامة العالمية التي تتخذ من الولايات المتحدة الأميركية مقراً لها.
يجـدر بالإشارة أن الدكتور الشويري هو رئيـس لجنـة النقل البري في منظمة السلامة العالميـة وممثل المنظمة لدى الأمم المتحدة، إضـافـة إلى أنه يشغـل حالياً وظائف رفيعة إدارية في القطاعين العام والخاص.
وللدكتور الشويري عشرة كتب وأكثر من 300 بحث ومقال في مواضيع شتى في مجلات علمية ومؤتمرات عالمية، وفي الصحف والمجلات.
نال عدة جوائز منها:
• جائزة القصة القصيرة حول السلامة المرورية في مسابقة التوعية الأمنية، قوى الأمن الداخلي، 2008 (المرتبة الثانية).
• جائزة الإنجازات في الأبحاث العلمية والتنمية، منظمة السلامة العالمية، 2007.
• جائزة المحترفين المعنيين بمنظمة السلامة العالمية، 2005 و2007.
• جائزة الجهود المميزة على صعيد مكاتب منظمة السلامة العالمية في العالم، 2005 و2007.
• جائزة حوار الحضارات والأديان في فكر الإمام الصدر، مكتب العقيدة والثقافة - حركة أمل، لبنان 2006 (المرتبة الرابعة).
• جائزة الإنجازات الشخصية، منظمة السلامة العالمية، 2005.
• الجائزة التثقيفية،منظمة السلامة العالمية 2002 و2003.
• جائزة المواطنية، مركز التنمية والتخطيط، لبنان، 2003.