تحية لها

النائب بهية الحريري: النهوض يحتاج إلى قواعد ومعايير

وزيرة سابقة، نائب في البرلمان اللبناني ترأست أكثر من لجنة فيه. وجه من أبرز الوجوه السياسية في لبنان، وصاحبة حضور إقليمي وعالمي تولت مهمات كبيرة في عدة مجالات. لكن ومع ذلك كله، ربما كان أول ما يخطر في بال اللبنانيين عند ذكر اسمها هو أنّ دمعتها أسقطت حكومة.
إنّها النائب بهية الحريري، شقيقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري التي إضافة إلى ما تركته من بصمات في السياســة، كانــت ومــا زالــت صانعــة أثــر مهم في مسيــرة المــرأة اللبنانيــة نحــو النهــوض والتطــور.

 

أول ما يخطر في البال عند التوجّه إليها هو التساؤل عن أثر مسيرة شقيقها الرئيس الشهيد رفيق الحريري في رسم خياراتها، وهي تجيب بالقول:
«إنّ كل عملية نهوض وإعادة بناء تحتاج إلى ابتكار قواعد ومعايير تتلاءم مع الواقع وتحدّياته، ونحن نتحدّث عن مسيرة إنمائية جاءت بعد عقدين من النزاع والخروج على الدولة ومؤسساتها، مما أحدث خللًا كبيرًا في عملية الانتظام العام والانسياب المجتمعي التي تميّزت بها التجربة الوطنية اللبنانية على مدى عقود طوال. لقد كان تأسيس مدرسة بيروت للبنات في العام 1830 علامة ميّزت المسيرة المجتمعية اللبنانية من خلال اعتبار تعليم البنات إحدى قواعد المجتمع ومن معايير الانتظام العام. ومنذ مدة قريبة تشرّفت بتكريم رائدات من اللواتي تعاقبن على إدارة جمعية للمرأة في صيدا منذ العام 1930. لكنّ تطوّر دور المرأة اللبنانية في مسيرة النهوض الوطني عبر الأجيال قابله إجحاف كبير بحقّ المرأة اللبنانية».

 

قواعد ومعايير
وتوضح أنّها أرادت من هذه المقدمة أن تقول إنّ القواعد والمعايير التي وضعها رفيق الحريري في تأسيس مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة، وبخاصة في موضوع البعثات والمنح التعليمية، كان أساسها المناصفة بين الشابات والشباب. وتضيف: «لقد أراد أن أكون مسؤولة عن توجّهاته في إدارة هذه التجربة، ما وضعني في حالة امتحان دائم، أمام حلمه بوطنه وبأجياله المنفتحة على كل حديث وجديد».
كرئيسة للجنة التربية النيابية كيف تصف بهية الحريري تعاون الزملاء معها؟ تقول في هذا السياق: «أعتقد أنّ حضور المرأة اللبنانية في الحياة السياسية منذ تشريع حقّها في الانتخاب والتّرشح منذ العام 1953، ومشاركتها الواسعة في الانتخابات البلدية والنيابية، وفي جميع مجالات الأعمال والمهن والحِرف، وحضورها المميّز في القطاعات النقابية، كل ذلك سهّل إلى حدّ بعيد مهمتي كنائب في البرلمان إلى جانب العديد من الزملاء». وهي ترى أنّ اللافت هو تراجع نسبة تمثيل المرأة في البرلمان وليس سلوك الرجل مع المرأة البرلمانية، مشيرة إلى أنّه ليس في ذاكرتها البرلمانية منذ العام 1992وحتى الآن أي موقف أو تعامل يجعلها تتوقف عنده، وخصوصًا أنّ لجنة التربية النيابية مسؤولة عن الرقابة والتشريعات الخاصة ببناتنا وأبنائنا على مستوى لبنان كله.

 

المرأة تضاعف جهودها
تنظر النائب بهية الحريري باهتمام كبير إلى المشاركة الواسعة والمميزة للمرأة اللبنانية في البرلمانات المتعاقبة والحكومة، مؤكدة أنّ وجود ست وزيرات في الحكومة الحالية يجعلنا نرفع من توقّعاتنا، معربة عن يقينها بأنّ المرأة في مركز القرار تعطي جهودًا مضاعفة، إذ تكون تحت الرقابة الشديدة للمؤيّدين والمعترضين.
وبالنسبة لها فإنّ لديها كلّ الثقة بقدرة المرأة اللبنانية على الشراكة الكاملة في صناعة القرار.


اللبنانيون يستحقون حياة أفضل
كيف يخدم تولّي المرأة مسؤوليات سياسية مسألة المساواة في الحقوق والواجبات بين اللبنانيين؟ ترد النائب الحريري على السؤال بالقول: «عندما نتحدث عن الحقوق والواجبات، نعود إلى بداية حديثنا حول القواعد والمعايير التي هي أصل كلّ تقدّم وكل استقرار وكل ازدهار. وإنّ كل ظلم أو تهميش أو حرمان يصيب فئة أو شريحة أو منطقة من لبنان، يؤدّي إلى تصدّع التّماسك الوطني، ويأخذنا مجددًا إلى ما لا نريد العودة إليه من أيام التّفكك والضياع. ولا بدّ من الاعتراف بأنّ اللبنانيات واللبنانيين على حدّ سواء يستحقون حياة أفضل وتعليمًا أفضل وفرص عمل أفضل، ويستحقون أن يشعروا بالأمان والاستقرار والعدالة في وطنهم الحبيب لبنان.
وأودّ هنا أن أوجه تحية تقدير واحترام بمناسبة يوم المرأة العالمي وعيد الأم للبنانيات الرائدات في الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام، الضباط والرتباء والأفراد، واللواتي يتشرفن بمشاركتهن في إطلاق لبنانيات ٢٠٢٠ من على درج قصر الصنوبر حيث أعلن لبنان الكبير».


وفي الختام تتحدث كأم قد لا تستطيع أن تختصر هواجس الأمومة وقلقها الدائم والبديهي، وتقول: أستحضر معايشتي في 21 آذار قبل سنوات لأمهات لبنان حين أطلقت احتفالية تحت شعار: «لأمي ولوطني الأم». وإنّني أعتقد أنّ أمهات لبنان في هذه الأيام كما في كل الأيام لا يستطعن أن يميّزن بين حبهنّ لأبنائهنّ ولوطنهنّ الأم، وبين قلقهنّ على الأبناء والوطن معًا.