سينما

النادي اللبناني للصواريخ
إعداد: ريما سليم ضوميط

التجربة الحلم في فيلم وثائقي

شهدت صالات سينما متروبوليس أمبير - صوفيل الدورة السابعة من مهرجان «أيام بيروت السينمائية» الذي أطلقته الجمعية الثقافية بيروت دي سي من 15 ولغاية 24 آذار.
ضمّت هذه الدورة أكثر من خمسين فيلمًا من دول عربية مختلفة، وتنوّعت الأفلام المعروضة ما بين الفيلم القصير والروائي الطويل، والوثائقي. وكان من بين المجموعة الأخيرة فيلم « النادي اللبناني للصواريخ» للمخرجين الزوجين خليل جريج وجوانا حاجي توما، الذي بدأ عرضه في الصالات اللبنانية في نيسان الحالي.
يكشف الفيلم بأسلوب شيّق، وقائع تاريخية عن تصميم صواريخ علمية وإطلاقها من لبنان في بداية الستينيات من القرن الماضي، وهي معلومات غابت تمامًا عن الذاكرة الجماعية للبنانيين، على الرغم من أنها تشكّل مدعاة فخر لهم.
ويتناول السرد مشروع الصواريخ الذي ولد في جامعة هايغازيان في القنطاري على يد أستاذ الرياضيات مانوك مانوكيان، حيث قام مع مجموعة من طلابه بتصميم صواريخ وإطلاقها في إطار تجارب علمية فضائية. والأستاذ الذي بات أكاديمياً بارزاً في فلوريدا، يحتفظ بصور وتسجيلات عن حقبة مشروع الصواريخ الذي استمر بين 1960 و1964، وهي شكّلت المصدر الرئيس للفيلم الوثائقي.
تظهر هذه الوثائق، كيف كان طلاب مانوكيان يمزجون الوقود الصلب للصواريخ التي يصنعونها من الأنابيب المعدنية المتوافرة في السوق، بما أنّ الدول الكبرى كانت ترفض تزويد لبنان وقود الصواريخ. كما يعرض الشريط الوثائقي تجارب إطلاق الصواريخ في الجبال اللبنانية حيث كانت أول تجربة ناجحة إطلاق صاروخ «أرز» الذي وصل مداه الى كلم واحد.
ويروي الفيلم أيضًا كيفية دخول الجيش اللبناني العام 1962 شريكاً في المشروع، الذي أصبح مشروعاً وطنياً تموّله الحكومة اللبنانية، ويشترك فيه المدنيون والعسكريون. وقد ساعد الجيش في تطوير التجارب تحت إشراف العميد يوسف وهبة ورفعها إلى مستويات أعلى، وهكذا ولد «النادي اللبناني للصواريخ».
في سياق الشريط، يروي مانوكيان كيف تحوّل مشروع الصواريخ الى مدعاة فخر للبنانيين، وكيف أثار في المقابل مخاوف الدول المجاورة، بما فيها اسرائيل، كون لبنان كان السبّاق في مجال صناعة الصواريخ. أما العميد يوسف وهبة فيؤكّد في الفيلم أن «الضباط كانوا يفكرون بأن الصواريخ يمكنها أن تكون مشروع تسلّح، ولكن قلنا للمدنيين أنه مشروع علمي».
ويتابع السرد كيف تطورت صواريخ «أرز» التي حملت أرقامًا من 1 الى 8، وكانت تزداد ضخامة ودقة إلى أن بلغ مداها أكثر من ستمئة كلم. وكان رمز هذه المغامرة صاروخ «أرز 4» الذي تم إطلاقه في 21 تشرين الثاني العام 1963، وكان مؤلّفًا من ثلاث طبقات، أما ارتفاعه فبلغ الـ 200 كلم قبل أن يقع في البحر بالقرب من قبرص، ما دفع بريطانيا الى الإحتجاج رسميًا ضد لبنان أمام مجلس الأمن.
وينتهي الحلم العام 1964، بقرار من رئيس الجمهورية اللبنانية اللواء فؤاد شهاب يقضي بوقف المشروع. ويؤكد مانوكيان أن ضغوطات سياسية خارجية هي التي أدت الى هذه الخطوة.
في ختام الفيلم، يعيد المخرجان صناعة مجسم بالحجم الأصلي لصاروخ «أرز 4»، ويضعانه في باحة جامعة هايكازيان.