من هنا وهناك

النجوم لا تسطع الى الأبد والشمس تفقد بريقها بعد بضعة مليارات من السنوات
إعداد: رويدا السمرا

ما هو النجم؟

 النجم كرة ضخمة من الغازات المتوهّجة، يتغيّر تألّقها، بحسب حجمها ودرجة حرارتها. وتعتبر هذه الكرة المشتعلة، محطة هائلة لتوليد الطاقة النووية. ويعتقد العلماء اليوم أن هذه الطاقة تولد، بعملية شبيهة بالتفاعل النووي ­ الحراري، الذي يُحدثه إنفجار القنبلة الهيدروجينية. والشمس هي النجم الذي يتوافر لدينا حوله، أكبر قدر من المعلومات، فهي مركز نظامنا الشمسي، وهي النجم الذي تدور أرضنا من حوله. ولكن شمسنا ما هي إلا نجم بين بلايين النجوم التي يشملها الكون، ونظامنا الشمسي ما هو إلا جزء صغير من المجرة الهائلة، أو مجموعة النجوم التي لا يتعدى حجم بعضها عِشر حجم الأرض، بينما يفوق حجم بعضها الآخر حجم شمسنا بمئة مرة.

 

ممّ يتكوّن النجم؟

يتكون النجم من غازات، قوامها جسيمات صغيرة جداً هي ذرّات المادة. وتكون هذه الذرّات شديدة التباعد عن بعضها، بحيث تشكّل غازاً أقل كثافة من الهواء الذي نتنفسه بألف مرة. ولكن على الرغم من رقّة قوام المادة التي يتألف منها النجم، فهو يحتوي منها على كمية، تفوق الكمية الموجودة على أرضنا بحوالى مليون مرة. وتضمّ هذه الكمية، غازات الهيدروجين والأوكسجين والنتروجين، وربما أيضاً الحديد والكالسيوم وغيرها. وفي النجوم الأقل حرارة، تكون المادة على شكل شبه سائل(*) ، مثل الحديد المنصهر في الفرن العالي. وفي بعض النجوم الهرمة والباردة نسبياً، تكون المادة شديدة الترّاص، بحيث يصل وزن 2.5 سنتمتر مكعب منها الى الطّن. ويقال عن هذه النجوم أنها ميتة أو مظلمة.

 

عدد النجوم في الكون

ترتكز إحدى وسائل تقدير عدد النجوم، على قياس كمية الضوء والتأثيرات الأخرى الناتجة عن عدد من النجوم معروف ومحدد، ثم مقارنة هذه المعطيات، مع التأثير الذي تعطيه السماء بكاملها. وفي تقدير بعض الفيزيائيين، أن مجرتنا وحدها، تضمّ أكثر من مئة بليون نجم، علماً أن هذه المجرة تتألف فقط من النجوم الأقرب إلينا. ويعتقد العلماء بوجود بلايين من المجرّات الأخرى. وهذا يعني أن عدد النجوم كبير، الى درجة لا يمكن تصوّرها.

 

النجم لا يسطع الى الأبد

يصنّف العلماء فئات النجوم بحسب عمرها. فقد أظهرت الدراسات أن حجم النجوم يتوقّف الى حد بعيد على المرحلة التي يمر فيها النجم، فهو يولد وينضج ويشيخ ويموت. وفي كل هذه المراحل من وجوده في الكون، تتفاعل فيه العناصر الكيميائية والحرارة، مما يؤدي الى تغيّرات متوالية من اللون والسطوع أو التألّق. ويكشف الرصد الفلكي لهذه الخصائص، عن المرحلة التي وصل إليها النجم في دورة حياته. فهناك النجوم فوق العملاقة أو العملاقة العظمى التي تتشكّل من سحب غازية هائلة، وهناك النجوم القزمة ذات الحجم الصغير والكثافة المتناهية في الكِبر.

 

كيف يولّد النجم؟

يبدأ تكوّن النجوم، عندما تنهار سحابة موجودة بين النجوم، ومكثّفة بكميات الهيدروجين وجسيمات الغبار، باتجاه الداخل تحت تأثير ثقلها. ويؤدي هذا الإنكماش الثقلي، الى ارتفاع بدرجة حرارتها الداخلية (في النواة) . وتتبخر حبيبات الغبار بفعل الحرارة الشديدة، ويبدأ تفاعل الغازات في نواة السحابة، بتوليد ضغط باتجاه الخارج، يؤدي الى موازنة قوى الثقل، فيتوقف الإنهيار نحو الداخل. وتحافظ النجوم على شكلها هذا، لمدة تتراوح بين مئات الملايين ومليارات السنين. أي إنها تبقى في حالة توازن بين القوى الجاذبة نحو النواة والتي تجعل النجم ينهار على نفسه، وبين القوى الناتجة عن الطاقة التي تحررها التفاعلات الحرارية ­ النووية، والتي تدفع بالمادة نحو الخارج. ويبلغ النجم مرحلته الرئيسة، عندما تصل الحرارة في نواته الى المستوى الذي تبدأ معه التفاعلات النووية (الإلتحام بين نواة الذرّات التي يتكون منها النجم) . ويبدأ النجم باستعمال هيدروجينه في هذه التفاعلات، بسرعة كبيرة جداً، فيحوّله الى غاز الهيليوم. ونقول عن هذه المرحلة من حياة النجم، أنها رئيسة، لأنه يُطلق فيها كميات هائلة من الطّاقة.

 

النجم الهَرِم

يدخل النجم في حالة من عدم التوازن، بين قوة جاذبيته، وقوة الطاقة المشعّة منه، عندما يبدأ مخزون الهيدروجين فيه بالنفاذ. ونقول عندئذ أن النجم انتقل الى مرحلة الشيخوخة. وهنا يرتبط مصيره النهائي بحجم كتلته. فإذا كانت كبيرة، يتحوّل الى نجم نيوتروني(**)، أو أيضاً الى ما يسمى بالثقب الأسود (نجم ميّت، كثافته غير متناهية لدرجة أنه لا يسمح حتى للضوء بالنفاذ منه) . أما إذا كانت كتلته متوسطة أو صغيرة، فإنه يتحوّل الى قزم.

 

شمسنا، أين أصبحت؟

ولدت شمسنا من 5 مليارات سنة، وهي الآن في منتصف عمرها. فالتفاعلات الهيدروجينية في نواتها، تحوّل في كل ثانية من الزمن، مئات ملايين الأطنان من غاز الهيدروجين الى غاز الهيليوم. وإذا بقيت سرعة التفاعل على هذا النمط، سوف ينفذ "الوقود" بعد نحو 7.5مليار سنة، وتصبح شمسنا حينها، عملاقاً أحمر يبتلع حجمه، مدار عطارد وفينوس وطبعاً مدار الأرض، علماً أن هذه الأخيرة تكون قد تحوّلت الى كوكب "مشوي" قبل ذلك الوقت بكثير، بفعل سطوع الشمس الهائل. وبعد هذه المرحلة بنصف مليار عام، تدفع شمسنا بغلافها الغازي نحو الخارج، فيشكل من حولها غمامة كوكبية. وتبقى شمسنا في آخر مراحل شيخوختها، قزماً أبيض، لا ينطفئ قبل عدة مليارات من السنين، ليتحوّل الى قزم خافت النور.

 

* كلما انخفضت الحرارة، تتقارب ذرات المادة، فيتحول الغاز الى سائل ثم الى صلب.

** النجم النيوتروني هو نجم صغير الحجم، هائل الكثافة تتحوّل فيه الإلكترونات والبروتونات الى نيوترونات بسبب التفاعل الكيميائي.

 

Science et Vie - Février 2004 : عن مجلة