في كل بيت

النرجسية! المتسلّطة! والقاتلة!!!
إعداد: ريما سليم ضوميط

هل يدرين ماذا يفعلن؟

أنجبن لكنّهن لسن بأمهات

 

الأم كما تعرّفها المجتمعات كافة هي رمز التضحية والحنان. هي القدوة والمثل الصالح، ويد المحبّة التي تدفع الأولاد للتقدّم بثقة وأمان في دروب الحياة.ولكن ماذا يحصل عندما تفقد الأم معايير الأمومة التي تجعل منها مربّية صالحة؟

 

العلاقة الوثيقة
 منذ اللحظة التي يتكوّن فيها الطفل في رحم أمه تبدأ علاقته الوثيقة بها. هذه العلاقة التي تتوطّد بعد أن يبصر النور ثم تتطوّر مع تطوّر نموّه، تشكّل عاملًا أساسيًا في رسم شخصيته المستقبلية وتحديد سلوكه الذي سيرافقه طوال سنوات عمره. لذلك فإن فشل الأم في بناء علاقة سليمة مع طفلها يؤدي الى فشله اجتماعيًا في المستقبل، وإلى اضطرابات نفسية قد تقوده إلى أخطاء سلوكية لا يمكن معالجة نتائجها.
حول فشل الأم في دورها التربوي، تؤكد الدكتورة روزماري شاهين المتخصصة في علم النفس أن الأمومة مسؤولية كبيرة، ودور الأم لا يقتصر على الإنجاب والعناية بصحة الطفل والاهتمام بتعليمه، وإنما عليها متابعة نموّه العاطفي والنفسي والفكري والأخلاقي والديني. وتشير إلى أن الأم الناضجة تهتم بالصحّة النفسيّة والفكرية للولد التي لا تقل أهميّة عن الصحة الجسدية وتعتبر أساسًا في سعادة الإنسان وفي تكوين شخصيته كفرد ومواطن.
وتوضح الدكتورة شاهين أن الأم الناضجة تملك حظًّاً أوفر لتكون أمًا صالحة قادرة على منح أولادها تربية سليمة، أساسها النمو المتزن ما يجعله قادرًا على الاستقلالية والنضوج والتكيّف بعقلانيّة مع الواقع وتغيّراته. وتضيف: بعض الأمهات وللأسف يعانين من خلل ما في الشخصية أو من عدم اتزان نفسي وعاطفي ما يجعلهن أمهات غير مؤهلات لتربية الأولاد. وتقدّم في ما يلي نماذج عن هذه الأمهات.

 

نماذج سلوك الأمهات

• الأم النرجسية:
 هي الأم الأنانية التي تأخذ الحب ولا تعطيه. تطلب من الأولاد أن يقدّموا لها بشكل مستمر: تريد الهدايا والإطراءات والعطاءات كافة. وفي المقابل تلقي اللوم في فشلها على أولادها. هؤلاء الأولاد سوف يعانون نقصًا عاطفيًا كبيرًا. وفي مرحلة المراهقة ستشعر الإبنة أنها هي الأم.لوالدتها وليس العكس، فتفقد السند الذي تحتاجه كل إبنة في هذه المرحلة.
ووضع الإبن المحروم من عطف الوالدة لن يكون أفضل من وضع شقيقته، فأين يبحث عن الحنان الضائع؟


• الأم المتسلطة:
 هي الأم الخانقة، الضاغطة، التي تفرض تدخّلها في كل الأمور، وتضع نموذجًا يجب أن يكون الولد مثله. هذه الأم تريد وضع الطفل في قالب يمكن أن يكون ضيقًا فيخنقه أو واسعًا فيضيع فيه. وهي في سعيها لبناء شخصية ترضيها لن تحصد سوى شخصية تابعة وضعيفة، يتمرّد صاحبها على الأم لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع العيش من دونها.


• الأم الناقدة:
 هي الأم السلبية التي ترى السلبيات من دون الإيجابيات، فلا ترى الجهود التي يبذلها الولد كي يكون ايجابيًا. وكلما أعطى مجهودًا أكبر تترك لديه الإنطباع أن ما قام به غير كاف. هذا الولد سوف يعاني عدم التشجيع والرفض، فيفقد ثقته بذاته، ويخسر روح المبادرة والقدرة على الإنخراط بسهولة في المجتمع.


• الأم المنافسة:
 هي الأم المحطِمة التي تقارن بينها وبين أولادها والبنات منهم بشكل خاص. وتصل دائمًا في نتيجة المقارنة الى أنها هي الناجحة وأولادها الفاشلون. هذه الأم نسمعها تردّد دائمًا أمام إبنتها: «أنا في مثل سنّك كنت متفوقة في كذا وكذا... أما أنت فلا تحملين المسؤولية».  في هذه الحالة تشعر الإبنة المهانة بالفشل المستمر مما يولّد لديها عقدة نفسيّة فيصبح سلوكها فاشلاً إنطلاقًا من نظرتها السلبية إلى نفسها.


• الأم المذنِّبة:
 هي الأم «القاتلة» كونها تزرع في نفوس أولادها الشعور بالذنب، فتلقي اللوم عليهم في كل ما يصيبها أو يصيب العائلة من مشاكل ومصائب. هذه الأم تقود أولادها من الشعور بالذنب إلى عقدة الذنب والتي تولِّد لدى المصاب بها شعورًا قاتلاً بأنه مسؤول عن كل الأخطاء التي تحدث في محيطه ومجتمعه. هذا الإحساس يمكن أن يؤدي إلى الانتحار في إطار عقاب الذات، والشعور باليأس من الوضع القائم.


• الأم المستقيلة:
هي التي تظهر بصورة الأم الصديقة لأولادها، وهو أمر جيّد لو لم يكن ناتجًا عن استقالتها من سلطتها كأم. هذه الأم لا تريد تحمّل المسؤولية، وهي باستقالتها من السلطة تخلق مشكلة كبيرة لأن ضياع السلطة هو فقدان الأمان بالنسبة إلى الولد. فالأم التي لا تتمتع بالحزم والتي لا تضع مع الوالد قوانين الممنوع والمسموح في المنزل وتطبّقها على الأولاد هي أم ضعيفة في نظر أولادها، الأمر الذي يخلّف شعورًا بعدم الأمان وبفقدان الثقة بوالدتهم.


• الأم المنحرفة:
هي الأم المشوّهة لصورة المرأة: تستقبل عشيقها في منزلها، أو تلعب الميسر، أو تسرق أمام أطفالها، أو تمارس أي نوع من الإنحراف الخلقي مما يطبع الصورة السيئة والمشوّهة للمرأة في مخيّلة أطفالها. هذه الأم تخلق لدى إبنها الكره للنساء وحب الإنتقام منهنّ. أما إبنتها فيمكن أن تصاب بمرض فقدان الشهيّة كتعبير عن رفضها أن تصبح كأمها.


• الأم المسكينة المعنّفة:
هي التي تتلقّى العنف في المنزل وربّما في العمل أيضًا، وهي من الضعف بحيث أنها تفجّر غضبها في من هم أضعف منها، أي أطفالها. في هذه الحالة تصبح الأم المعنّفة عنيفة بدورها، وهي بسلوكها هذا تنمّي روح التمرّد داخل الطفل وتكون أول من يحصد النتائج السلبية إذ يتمرّد عليها أولًا ويستخفّ بها، وقد تمتد يده بالضرب عليها. في هذه الحالة سيتحوّل الولد المعنّف إلى مراهق معاد للمجتمع وشاب خارج عن القانون، لا تستبعد فكرة انخراطه في عصابات السرقة والقتل، والأسوأ أنه لا يعاني الشعور بالذنب، مما يعني أنه في حال تعرّض للسجن، فسوف يرتكب الجنحة او الجريمة نفسها عند خروجه منه.