عادات وتقاليد

الهند مطلع الربيع قوس قزح يربط الحاضر بأساطير الماضي
إعداد: باسكال معوّض بومارون

الهند بلد يحب الألوان، فهو بتركيبته السكانية والدينية والتاريخية الغنية والفريدة لوحة فسيفساء متداخلة الألوان، ومع بداية فصل كل ربيع، يحتفي بمهرجان يجعل الطرقات والملابس والأجواء كلها كقوس القزح.
عيد الألوان أو «هولي» مهرجان شعبيّ، يَحتفل فيه الهندوس بفصل الربيع في يوم اكتمال القمر الأخير من الشهر القمري phalguna الذي يحلّ خلال شهري شباط وآذار. يعود هذا العيد إلى قرونٍ عديدة، ويُعتبر حتّى أيّامنا هذه يومًا مقدّسًا وعطلة رسميّة في بعض البلدان. تشمل احتفالات هذا العيد بلاد شبه القارة الهندية كالهند، ونيبال، وبنغلادش، وسريلانكا، وباكستان، وتمتد إلى أماكن وجود الجاليات الهندوسية الكبيرة.


كيف يتمّ الاحتفال؟
وفق الطقوس الشعبيّة، يخرج الناس إلى الشوارع ليلاً، مرتدين ثيابًا ملوّنة بألوان قوس قزح، ويتراشقون بالبودرة الملوّنة، مؤدّين الأغاني الخاصّة بهذه المناسبة، وسط الهُتاف والصراخ.
يرتبط عيد الألوان ببعض الأساطير الهندوسية، منها ما يُروى عن إحراق هوليكا، شقيقة ملك الشياطين هيرانياكاشيبو، الذي وضع ابنه برالاد على نار أشعلها في حجر هوليكا التي ارتدت عباءة تحميها من الاحتراق، لكنّ العباءة طارت وأحاطت بجسد برالاد، في حين التهمت النيران هوليكا. ولذلك فمن أهم الطقوس الدينية في «هولي» إشعال نار المعسكر الهائلة أول أيام المهرجان لتعيد إلى الأذهان احتراق هوليكا ونجاة برالاد من النار.

 

الغيرة تصيب الآلهة أيضًا
تقول رواية أخرى إنّ الإله كريشنا قد أصابته الغيرة الشديدة من بشرة توأمه رادا البيضاء، فذهب إلى والدته يشتكي غيرته وحزنه بسبب لون بشرته الدّاكن، فاقترحت عليه أن يقوم برشّ وجه رادا باللون الذي يريده. أمّا الرواية الثالثة فتحكي عن الإشعاعات التي تنشر الضوء في الكون من خلال موجات تسري في أرجاء الأرض كلّها، وتُكمل العناصر الأربعة الموجودة في الطبيعة وفق معتقدات الهندوسيين: الماء، والرياح، والنّار، والتُراب.
وفي كتابات من القرن السابع الميلادي، يُذكر تلطيخ الناس وجوه بعضهم البعض بالمساحيق الملونة ورمي العطور، والتي كان المعتاد أن تُصنع من الأعشاب الطبية المذكورة في منظومة تعاليم الطب التقليدي في الهند (الأيورفيدا)، من الطقوس القديمة.