مؤسساتنا

الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية: اقسامها ومهامها وتجهيزاتها
إعداد: جان دارك أبي ياغي

في العام 1996، أنشأ المجلس الوطني للبحوث العلمية الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية بدعم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وذلك بغية إنشاء البنى التحتية اللازمة للوقاية من الإشعاعات المؤينة في لبنان وتطوير الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية في مجال البحوث العلمية التطبيقية. وللمزيد من الاضطلاع على مهام هذه الهيئة التقينا مديرها الدكتور بلال نصولي.

 

تكوين الهيئة ودورها
* ممَ تتألف الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية؟

- تتألف الهيئة من أربعة أقسام رئيسة (البحوث العلمية، والرقابة الإشعاعية، والخدمات العلمية، وضمان الجودة) يعمل لديها أكثر من خمسين شخصاً (باحثون، منهدسون تقنيون وفنيون متخصصون)، وذلك لتلبية حاجات العمل البحثي والتطوير العلمي والقيام بالأعمال الرقابية والخدماتية تطبيقاً لقرارات مجلس الوزراء ذات الصلة. ويتم العمل وفقاً للمعايير العلمية الموصى بها من قبل المنظمات الدولية، لا سيما الوكالة الدولية للطاقة الذرية.


* ما هو دور الهيئة تحديداً في مجالي الوقاية والرقابة الإشعاعية؟
- بموجب قرارات مجلس الوزراء كلّفت الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية بإجراء مهام الرقابة الإشعاعية الفردية ومسح المواد المشعة والتجهيزات المصدرة والكاشفة للإشعاعات المؤينة في لبنان، وباجراء الرقابة الاشعاعية في المرافئ والنقاط الحدودية على المواد الغذائية وبعض المعادن المستخدمة في البناء والصناعة التي يستوردها لبنان، كما تقوم الهيئة كمركز معتمد بإجراء الفحوصات الإشعاعية لبعض المواد الغذائية وبعض المعادن المصدرة وإصدار شهادات تعتمدها الدول المستوردة لدخول البضائع المذكورة إلى أراضيها.
ونتيجة للتعاون الوثيق بين الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية ووزارة الصحة العامة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وضمن إطار تنظيم استخدامات الأشعة المؤينة والحماية منها في لبنان، صدر المرسوم رقم 15512 (تاريخ 19/10/2005) الذي يحدد مهام الهيئة بوصفها هيئة رقابية وطنية  في ما يخص الاستخدامات السلمية للأشعة المؤينة.

 

خدمات متنوعة
* ما هي الخدمات العلمية التي تقدمها الهيئة في مختلف المجالات؟

- كما سبق وذكرت أن الهيئة تضم أربعة أقسام رئيسة، ولكل منها مهامها المحددة على النحو الآتي:


• الأبحاث العلمية: تقوم الهيئة بالبحوث العلمية لا سيما التطبيقية منها، وذلك في مجال العلوم البيئية والصحية وعلوم المواد. وتشارك ضمن هذا الإطار بعدة برامج بحثية إقليمية ودولية. كما يضم قسم الأبحاث العلمية بالهيئة مختبرات الأشعة السينية والمطيافية ألفا، وبيتا، وغاما، والمسرّع الأيوني الإلكتروستاتيكي، وفيزيوكيميائية السوائل، والهيدرولوجيا، والمناعة الإشعاعية، وعلوم المواد، والكواشف، والملوثات العضوية والمعدنية والإشعاعية.


• الرقابة الإشعاعية: ضمن إطار الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية في الطب والصناعة والزراعة والتعليم والبحث العلمي، تعمل الهيئة على دراسة وتقييم طلبات الترخيص لكل أنواع الممارسات التي تتعلق بالمصادر المشعة (انتاج، تكييف، استيراد، إعادة إدخال، بيع، شراء، نقل، حفظ، خزن، امتلاك، استعمال، إقفال، استثمار مادة مشعة أو جهاز مولد أو كاشف للأشعة المؤينة أو مصدر مقفل أو مصدر غير مقفل) وذلك للتأكد من تطبيق قواعد التعامل الآمن مع الأشعة المؤينة. كما تتعاون الهيئة مع الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة والمنظمات الدولية ذات الصلة في كل ما من شأنه حماية الإنسان والبيئة من آثار الإشعاع المؤين والمساعدة في حالات الطوارئ الإشعاعية.
من جهة أخرى وضمن الإطار الرقابي البيئي لمستوى الأشعة المؤينة، تقوم الهيئة بفحص عينات تربة ونبات ومياه بشكل دوري، وتقوم حالياً بمشروع رصد الإشعاعات المؤينة في الهواء عبر شبكة رصد تستخدم الكواشف الوميضية الحرارية، وتتم قراءة النتائج أسبوعياً. والهيئة بصدد إعداد خطة ليصار إلى تركيب شبكة رصد للإنذار المبكر تغطي مختلف المناطق التي من الممكن أن تتعرّض للتسربات الإشعاعية الناجمة عن الاستخدامات المشبوهة للطاقة الذرية أو عن أي حادث نووي في المنطقة والعالم.


• الخدمات العلمية: من مهام الهيئة في هذا المجال نذكر:
- المراقبة الإشعاعية الفردية: تقوم الهيئة بمراقبة أكثر من 2000 عامل في الحقل الإشعاعي موزعين على أكثر من 150 مؤسسة طبية وصناعية وبحثية، وتقدم تقارير دورية بالنتائج.
- فحص درجة الإشعاع في الحديد والخردة وبعض أنواع المعادن المصدرة والمستوردة: تجري الهيئة المسح الإشعاعي للحديد وبعض أنواع المعادن والخردة، وتعطي شهادات في هذا الإطار.
- فحص نشاط ونوعية الملوثات الإشعاعية في المواد الغذائية المصدرة: تقوم الهيئة بالفحوصات المخبرية والميدانية اللازمة لجهة فحص النشاط الإشعاعي لبعض المواد الغذائية المصدرة، وتعطي الهيئة إفادة تبين نتائج الفحوصات وذلك بطلب من الدول المستوردة التي تفرض على المصدر اللبناني إفادة إشعاعية.
كما قامت الهيئة بالتعاون مع كل من وزارة الصحة العامة ووزارة الزراعة ووزارة الاقتصاد والتجارة والمديرية العامة للجمارك، بإعداد آلية عملية للرقابة الإشعاعية الإلزامية على المواد الغذائية المستوردة إلى لبنان. وسيصار إلى صدور الآلية المذكورة بمرسوم.


• معايرة وضبط جودة الأجهزة الإشعاعية وفحص التسرب الإشعاعي: لدى الهيئة معدات وفريق متخصص لضبط الأجهزة الإشعاعية ولفحص التسرب الإشعاعي، وتقوم حالياً بتقديم هذه الخدمات في عدد من المستشفيات والعيادات الطبية، كما تقوم بمعايرة الأجهزة المتخصصة للكشف عن الأشعة المؤينة، وفحص التسرب الإشعاعي.


• النقل الآمن للمواد المشعة: لدى الهيئة  فريق يعنى بالإشراف على النقل الآمن للمواد المشعة، وتستحدث الهيئة حالياً خدمة تنفيذ النقل الآمن للمواد المشعة.


• معالجة النفايات المشعة وتخزينها: تهتم الهيئة عبر فريق علمي وتقني بتقديم الحلول حول معالجة وتخزين النفايات المشعة ذات النشاط الإشعاعي الخفيف والمتوسط. ويمكن بمساعدة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بتأمين الحلول للنفايات الخطرة العالية النشاط.

 

تنظيم استعمال الأشعة
* ما هي المعايير العلمية لتنظيم استعمال الأشعة المؤينة والحماية منها؟

- يتزايد استخدام الأشعة المؤينة في ميادين متعددة وفي طليعتها الطب والصناعة والزراعة والبحث العلمي ومؤسسات التعليم العالي. ويترافق هذا الواقع مع احتمال توليد مضاعفات سلبية على البيئة والصحة العامة، ليس على العاملين في هذا الحقل وحسب، بل على العامة المعرضة بشكل مباشر أو غير مباشر للإشعاعات المؤينة.
وقد بات ضرورياً تحديد المعايير الأساسية المتعلقة بحماية العاملين والعامة والبيئة من مصادر الأشعة المؤينة وخطرها، ومراجعة هذه المعايير انطلاقاً من تطور المعارف العلمية وإخضاع كل ما يتعلق باستخدام المواد المشعة والأجهزة المصدرة والكاشفة للأشعة المؤينة إلى نظام الترخيص وفقاً للمعايير العلمية والفنية المعمول بها عالمياً، تطبيقاً للمعاهدات المبرمة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهذا الشأن.


* ما هي أهمية الحصول على الترخيص في هذا المجال؟
- إن مهام الترخيص للمنشآت المستخدمة للأشعة المؤينة والرقابة الدورية عليها من جهة، ومنح أذونات استيراد المواد المشعة وتأمين نقلها للمنشآت المذكورة ومتابعة دورة هذه المواد من جهة أخرى، تتطلب بنى تحتية متخصصة. هذه البنى متوافرة لدى الهيئة اللبنانية للطاقة الدرية، التي تعمل بتعاون وثيق مع وزارة الصحة العامة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بموجب المرسوم 15512.
أخيراً اشارة إلى أن مختبرات الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية تم تجهيزها بأحدث التجهيزات العلمية، وتمّ تدريب العاملين فيها من علميين ومنهدسين وفنيين وتقنيين في مختلف ميادين الرقابة الإشعاعية والأمن والأمان النووي.
وهذه المختبرات من بين المختبرات الخمسين في العالم التي تعتمدها الوكالة الدولية للطاقة الذرية كمرجع (ALMERA NETWORK).

 

الرقابة الإشعاعية في لبنان
أبرمت الحكومة اللبنانية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية معاهدات تعنى بالرقابة الإشعاعية وأمن وأمان إستخدام الأشعة المؤينة، لا سيما معاهدة الحماية المادية للمواد النووية والامان النووي وتقديم المساعدة في حالة الطوارئ الناجمة عن وقوع حادث نووي أو إشعاعي، والإبلاغ المبكر عن الحوادث الإشعاعية وأمن إدارة النفايات المشعة.
ويلتزم لبنان العمل على تطبيق المعايير الدولية الموصى بها من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان امن وامان الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، وذلك لحماية الانسان والبيئة من مخاطر التعرض لهذه الاشعة. وقد التزم المجلس الوطني للبحوث العلمية بأن يكون البحث العلمي رديفاً ومساعداً في حل المشاكل الفنية والتقنية التي يتعرض لها المواطن والمستهلك والانظمة البيئية. كما التزمت الحكومة اللبنانية باتخاذ الاجراءات الكفيلة بحماية المواطنين وتسهيل عمل المؤسسات الخاصة والعامة، وضمان الجودة والنوعية في الاستخدامات السلمية للاشعة المؤينة في مجالات عديدة اهمها الطب والزراعة والصناعة ومشاريع البحوث العلمية في لبنان. وقد بني على ذلك وعلى الامكانات الفنية والبشرية المتخصصة التي تتوافر في الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية التابعة للمجلس الوطني للبحوث العلمية، وعلى المصداقية التي اكتسبتها الهيئة على الصعيدين المحلي والدولي من خلال تعاونها مع المؤسسات العلمية والمنظمات ذات الصلة.
فالهيئة اللبنانية للطاقة الذرية الى جانب دورها الرقابي في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة للذرية، تقدم خدمات متميزة واساسية في ميدان البحوث العلمية وتؤمن بالتالي خبرة تكنولوجية تضعها في خدمة المجتمع وضمان امنه.
وفي مناسبة اطلاق برنامج الرقابة الاشعاعية في لبنان بعد تكريسه بالمراسيم والاجراءات التنظيمية اللازمة، نتمنى ان يكون ذلك فرصة لتأكيد جدارة مراكز برامج المجلس الوطني للبحوث العلمية ودورها في لبنان.

تصوير: شربل طوبيا
طلال عامر