- En
- Fr
- عربي
صحة ووقاية
السمنة من الأمراض الشائعة في عصرنا الحالي، وترتبط بمشكلاتٍ تؤرق الكثيرين، خصوصًا الراغبين في الإنجاب من دون مواجهة تحديات العقم. كما يمكن أن تشكّل عائقًا أمام استمرار الحمل لدى النساء اللواتي يعانين البدانة. في هذا السياق، نعالج تأثير السمنة على خصوبة المرأة، ومخاطرها المحتملة في أثناء الحمل، إضافةً إلى الحلول الفعّالة للتخلص منها.
غالبًا ما تغفل النساء العلاقة بين السمنة وتأخر الحمل، إذ يعتقدن أن تأثيرها يقتصر على المظهر الخارجي، من دون إدراك انعكاساتها على صحة الجسم عمومًا. ووفق الدكتور جورج بدر، الاختصاصي في الجراحة النسائية والتوليد، فإن تجاوز مؤشر كتلة الجسم حدّ زيادة الوزن (25-29 كجم/م²) إلى فئة السمنة (أكثر من 30 كجم/م²) قد يؤدي إلى اضطراب في التوازن الهرموني، مما يؤثر سلبًا على عملية الإباضة. فالمبيضان يفرزان هرمون الأستروجين، وهو أيضًا ما تنتجه الخلايا الدهنية مع زيادة الوزن. من هنا، فإن زيادة الأستروجين الطبيعي بهذا الشكل المكثّف يوحي للجسم بحالة تشابه تناول حبوب منع الحمل الهرمونية الأستروجينية وهو إيحاء كفيل بمنع الجسم من الإباضة وحدوث الدورة الشهرية. كذلك، تحفّز الخلايا الدهنية على إفراز هرمون البرولاكتين في الدم، المعروف بمفعوله السلبي على الخصوبة للمرأة.
يزيد الخلل الهرموني الناجم عن السمنة من مقاومة الأنسولين، وهو عامل رئيسي يرفع خطر الإصابة بمرض السكري، لكنه يؤثر أيضًا في القدرة على الإنجاب. فمقاومة الأنسولين يؤدي إلى دورات شهرية غير طبيعية، فضلًا عن ضعف عملية الإباضة، مما يمنع الجسم من إنتاج البويضات بشكل سليم.
ويشير بدر إلى أنّ السمنة لا تمنع حدوث الحمل بشكلٍ مطلق، لكنّها قد تؤخره أو تقلّل فرصه مؤقتًا بسبب اضطراب عملية الإباضة. كما أنّ قدرة بطانة الرحم على استقبال البويضة الملقَّحة تكون أقل نتيجةً لخلل في تركيب البطانة، مما قد يعيق انغراس البويضة داخل الرحم، حتى مع استخدام الأدوية المنشطة للمبيض أو اللجوء إلى تقنيات المساعدة على الإنجاب، مثل التخصيب خارج الرحم أو حمل الأنابيب IVF والحَقن المجهري .In Vitro Fertilization وتضاعف السمنة معدل الإصابة باضطراب تكيّس المبايض (PCOs) مما يعيق فرص الحمل الطبيعي كذلك.
مخاطر على الأم والجنين
تتعدد الوسائل المساعدة على فقدان الوزن، وأبرزها تغيير نمط الحياة بشكل عام، بما في ذلك المتابعة مع اختصاصي التغذية لضمان خسارة الوزن بطريقة صحية ومدروسة. أما في حالات السمنة المفرطة، فقد يكون اللجوء إلى عمليات المعدة الحديثة خيارًا فعالًا، إذ شهدت تطورًا كبيرًا جعلها أكثر أمانًا، مع تحقيق نتائج ملموسة خلال فترة زمنية قصيرة.
وفي حال حدوث الحمل لدى النساء اللواتي يعانين السمنة، يحذّر الدكتور بدر من المخاطر الصحية التي قد تؤثر على الأم والجنين، إذ تزداد احتمالات الإجهاض التلقائي والمتكرر، والإصابة بسكري الحمل وارتفاع ضغط الدم، إلى جانب ارتفاع خطر تسمم الحمل، وجلطات الساق والرئة، واضطرابات التنفس، وزيادة فرص الاختناق أثناء النوم. كما تؤثر السمنة على سير الولادة، حيث تزيد من احتمالات تعسّر الولادات الطبيعية وارتفاع معدلات الولادات القيصرية نتيجة زيادة وزن الجنين.
ولا تقتصر المخاطر على الأم فحسب، بل تمتد إلى الجنين أيضًا، إذ يكون الأطفال المولودون لأمهات يعانين السمنة أكثر عرضة للإصابة بتشوّهات خلقية مقارنة بأقرانهم من أمهات بوزنٍ طبيعي. ومن بين هذه التشوهات، يبرز عيب الأنبوب العصبي (Spina Bifida)، الذي يُسجَّل بمعدل مضاعف لدى أطفال الأمهات المصابات بالسمنة.
بعد الولادة، قد يعاني الأطفال مشكلات صحية مثل السكري وأمراض الجهاز التنفسي، بما في ذلك حساسية الصدر وضيق الشُّعَب الهوائية. كما تشير الدراسات إلى احتمال تأثر مستواهم الأكاديمي مستقبلًا، إذ إنّهم قد يواجهون صعوبات في التركيز وضعفًا في القدرات المعرفية، مما قد ينعكس سلبًا على تحصيلهم العلمي.
اعتماد غذاء متوازن
وفي هذا السياق، يؤكد الدكتور بدر أن فقدان الوزن بطريقة صحيحة يحمي الأم والجنين، ويساعد في الحدّ من المخاطر الصحية المرتبطة بالسمنة. لذا، من الضروري اتباع نظام غذائي متوازن بإشراف اختصاصيي التغذية، يضمن توفير المغذيات الأساسية والمعادن والفيتامينات الضرورية لصحة الأم وجنينها من دون إفراط أو نقصان.
ويشمل ذلك تجنّب الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية ذات القيمة الغذائية المنخفضة، مثل الأطعمة المقلية، والوجبات السريعة، والحلويات، والنشويات المكررة، والمشروبات الغازية. وفي الوقت نفسه، يُحذَّر من اتباع الحميات القاسية من دون إشراف طبي، لما قد تسببه من نقص في العناصر الغذائية الأساسية، ويؤثر سلبًا على نمو الجنين.
كما يُنصح بممارسة التمارين الرياضية المناسبة للحمل، على أن تكون معتدلة ولا تتطلب مجهودًا بدنيًا قد يضرّ بصحة الأم أو يؤثر على استقرار الحمل.











