مواسم وخيرات

اليقطين: متعدد الأشكال والألوان والفوائد
إعداد: د. حسين حمود
كلية الزراعة - الجامعة اللبنانية

من بلاد العم سام إلى مختلف البلدان والموائد


مستدير الشكل أو مستطيل، أبيض أو برتقالي ضارب إلى الحمرة، أو حتى أصفر مرقط بالاخضر، اليقطين بجميع أشكاله وألوانه، من الثمار اللذيذة والمتعددة الفوائد. كيف، وأين يزرع اليقطين، وما هي أوجه استخدامه؟

 

تعريف اليقطين
اليقطين هو واحد من أربعين صنفًا من الخضروات التي تنتمي إلى فصيلة القرعيّات وتنتج ثمارًا مستديرة ، بيضاويّة أو مستطيلة، ذات قشرة صلبة ولبّ قاسي الألياف، وفي داخلها فجوة تحتوي على البذور.
تزن معظم أنواع اليقطين ما بين 7 و10 كلغ، ويصل وزن بعضها إلى 90 كلغ. ويغلب على معظمها اللون البرتقالي، ولكن بعضها أبيض أو ذو ألوان أخرى، ويعرف اليقطين بإسم القرع العسلي. لليقطين أوراق كبيرة مغطّاة بالوبر، وهو ينتج أزهارًا صفراء. تتفتّح الزهرة الأنثويّة للتلقيح لمدّة يوم واحد فقط، علمًا أن معظم الزهرات تكون ذكريّة، ونتيجة لذلك فإن أزهارًا قليلة فقط هي التي تعقد وتنتج ثمرًا. ويعتقد أن الموطن الأصلي لليقطين هو أميركا الشمالية.

 

شروط زراعة اليقطين
يحتاج اليقطين مثل بقية القرعيّات إلى موسم من النمو الدافىء، إلاّ أنّه يتميّز عن الخيار والبطّيخ بأنّه يتحمّل البرودة إلى حدّ ما. تنجح زراعة اليقطين في الأراضي الجيدة الصرف والخالية من الأملاح. وهو يعتبر من الخضروات التي يمكن زراعتها طوال العام في المناطق ذات المناخ الدافىء والمعتدل كما هي الحال عليه في مصر، ويختلف الوضع بالنسبة الى سوريا ولبنان حيث تؤخذ البذور في وقت النضج في أواخر الصيف وتزرع في الربيع.

 

نصائح
يمكن زراعة اليقطين شتولًا يمكن شراؤها، أو بذورًا، لكن الخيار الأول هو الأفضل. إذا كان الطقس باردًا تزرع البذور في مكان داخلي ومغلق تصله أشعة الشمس، وذلك لمدّة مؤقّتة أي حتّى تمضي فترة الصقيع نهائيًّا. أمّاأإذا كان الطقس معتدلًا أو حارًا ولا يوجد إحتمال لهبوب موجات صقيع في الأشهر الثلاثة التالية للزراعة فتزرع في الخارج، وفي بقعة من الأرض تصلها أشعة الشمس بشكل مستمر لأن اليقطين يحب الشمس. تغرس الشتلات على مسافة متر بين الواحدة والأخرى، وفي حال عدم توافر الشتول، تستعمل البذور، حيث يمكن طمرها على عمق 2 سم تحت التراب. يجب ري الشتلات ثلاث مرّات بالأسبوع، وبما أن اليقطين من النباتات المعربشة التي تمتد وتطول، يجب قص النبتة ومنعها من الإمتداد أكثر عندما تظهر بعض الثمار. وعند ظهور الثمار يوضع لوح صغير من الخشب أو الكرتون أو قطعة من النيلون تحت كل ثمرة حتّى لا تتعفّن من جرّاء إحتكاكها بالتربة.

 

إنتاج اليقطين في البيوت البلاستيكيّة
منذ حوالى ثلاثين عامًا تشتهر بلدة بريقع الواقعة على مقربة من مدينة صيدا، بإنتاج اليقطين في البيوت البلاستيكيّة، حيث غدت حقول البلدة كأنها سهل من البلاستيك يحتوي على أكثر من 500 خيمة. عند أطراف هذه الخيم بدأت زراعة اليقطين تنمو حتّى صارت البلدة تنتج مئات الأطنان وتصدّرها إلى الأسواق اللبنانيّة وخصوصًا إلى محلات صنع الحلويات في مدينة صيدا التي ازدهرت فيها بشكل خاص صناعة حلوى الجزريّة المصنوعة من اليقطين. حول طريقة زرع اليقطين يقول المزارع قاسم قاسم: «بعد تنمية البذور في أكواب صغيرة نزرع النباتات الصغيرة على جانبي الخيمة البلاستيكية من الداخل، وعندما تبدأ النبتة بالتمدّد والإنتشار نخرجها من الخيمة لأن الحرارة الشديدة فيها تؤذيها ولا تساعدها على النمو. وفي الخارج يحتاج اليقطين إلى رعاية وعناية نحو خمسة أشهر قبل القطاف، إذ أنه يحتاج إلى ري دائم لكي ينمو ويكبر ويعطي ثمرًا ناجحًا».

 

أصناف اليقطين في لبنان
إشتهر المزارعون في لبنان بزراعة الصنفين الأبيض والأحمر من اليقطين: الأبيض ينمو بسرعة ويعطي رأسًا كبيرًا قد يصل وزنه إلى أكثر من ستّين كيلوغرامًا، والأحمر يتمتّع بنكهة طيّبة جدًّا تتميّز عن الصنف الأبيض، وتساعد رؤوسه التي تراوح أوزانها بين 7 و10 كلغ ربّات البيوت على استخدامه في إعداد كبّة اليقطين والمربّيات، وأنواع أخرى من الطعام. لكن مع لذّة طعم الأحمر يحظى الأبيض بالمرتبة الأولى لأنه يعدّ الصنف الأفضل للتجارة الرابحة بسبب أوزانه الكبيرة.
يزرع اليقطين في جميع أنحاء العالم بإستثناء القطب المتجمّد الشمالي على الأرجح لأن بذوره لا تنمو في التربة الباردة، أهم منتجي اليقطين في العالم هي الولايات المتّحدة الأميركيّة إذ يعتبر من أهم المنتجات والمحاصيل الزراعية فيها بحيث تنتج سنويًا ما لا يقل عن 1.5 مليار طن. كذلك، تزدهر زراعته في المكسيك والهند والصين.

 

تركيب اليقطين وفوائده الصحيّة
تحتوي ثمار اليقطين المقشّرة على: ماء 83%، ألياف 6%، بروتين 1%، كربوهيدرات 4%، دهون 1% ورماد 5%، والرماد يحتوي على الكالسيوم والفوسفور والحديد والصوديوم والبوتاسيوم والمغنيزيوم، كما يحتوي على فيتامين أ و ب1 و ب2 و فيتامين س. كذلك يحتوي على البيتاكاروتين الذي يعدّ من أقوى مضادات الأكسدة ومضادات الإلتهاب، وبالتالي فهو يساعد على عدم ترسّب الكوليستيرول في الشرايين. ولقد وجد العلماء الألمان في اليقطين مادة ذات تأثير عظيم في تقوية الذاكرة، وبناءً عليه ينصح العلماء في ألمانيا بضرورة توعية الطلاّب منذ طفولتهم على الإكثار من تناول اليقطين في وجباتهم اليومية.
لقد عرفت منذ زمن بعيد بعض الفوائد الطبيّة لليقطين، فتناوله يفيد في طرد السوائل الزائدة من الجسم، كما يعرف عنه في الطب القديم أنه غذاء بارد يسكّن اللهب ومليّن ومدرّ للبول. كذلك يساعد في التقليل من الإصابة بالأورام السرطانية ويحافظ على النظر ونضارة الجلد وصحّته وعلى نمو العظام والأسنان، وهو كذلك مطهّر للصدر ويفيد في معالجة إلتهابات المجاري البولية والبواسير والإمساك والأسر البولي والوهن وعسر الهضم وإلتهابات الأمعاء. ويفيد أيضًا المصابين بالأمراض القلبية والأرق ومرض السكّري، كما أنه يحتوي على أحماض اللوسين والتيروزين والبيوريزين.إلى ذلك فاليقطين منشّط للثّة ومكافح لأوجاع الأسنان وهو منشّط للكبد ومهدّىء للأعصاب ويمنع الصداع واليرقان وهو ومفتّت للحصى والرمل ويحمي من إلتهابات الكليتين.

 

بذور اليقطين
تعدّ بذور اليقطين من الأغذية الرائعة لصحة الإنسان، فهي غنية بالعديد من العناصر الغذائية المفيدة، إذ أنها تحتوي على الكالسيوم والحديد والزنك والمغنيزيوم، كذلك تشتهر بأنها منشّط جنسي للرجال بسبب ما تحتويه من الزنك الذي يحمي غدّة البروستات وينشّط الحيوانات المنوية. إلى جانب ذلك، تعتبر بذور اليقطين من المصادر الجيّدة لدهون أوميغا-3 الأساسيّة المضادة للأكسدة، كما أنها مفيدة في حالات جفاف البشرة وخشونة المفاصل وإلتهابها، وكذلك في حالات إلتهابات الربو والحساسيّة.
ومن فوائد الزيت المستخرج من بذور اليقطين، تخفيض نسبة الكوليسترول في الدم لاحتوائه على حوامض دهنية غير مشبّعة، وأيضًا زيادة الحيويّة الذهنيّة، حيث اكتشف علماء في ألمانيا احتواءه مادة جديدة لها تأثير عظيم في تنشيط الدماغ وتنمية المخ.
وهناك أدلّة حديثة تشير إلى أن اليقطين يفيد في الوقاية من أمراض السرطان، فقد خلصت دراسة أجريت في المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحّدة الأميركيّة إلى أن لليقطين تأثيرًا واقيًا من سرطان الرئة عند سكّان نيوجرسي في الولايات المتحدة الأميركيّة.
ومعروف منذ القدم أن بذور اليقطين تساعد في علاج تضخّم البروستات الحميد، وقد أعطى تناول اليقطين المسلوق مع السكّر والحليب نتائج عظيمة في معالجة تضخّم البروستات عند الرجال بعد سن الخامسة والخمسين. وأثبتت الأبحاث أن تناول اليقطين يعيد غدّة البروستات إلى حجمها الطبيعي فتختفي الأعراض المرضية وتنتظم عملية التبوّل ويقل إحتمال الإصابة بسرطان البروستات.
كذلك تبين أن لليقطين فعّالية عالية في مكافحة أربعة أنواع من البكتيريا، كما يخترق اليقطين ومشتقّاته مسامات الجلد ويقلّل من التجاعيد ويساعد في إلتئام الجروح والحروق والتقرّحات الجلديّة لإحتوائه على جميع الفيتامينات تقريبًا.
وتستخدم بذور اليقطين لطرد الدودة الوحيدة من الأمعاء، وذلك بتناول مقدار 300 غرام من البذور الجافة، المسحونة والممزوجة بثلاثة كؤوس من الماء مع 50 غرامًا من العسل أو المربّى، على أن يؤكل المزيج على دفعات خلال ساعة واحدة شريطة أن تكون المعدة فارغة، وبعد ثلاث ساعات يعطى مسهّل ملحي( ملح إنكليزي).

 

اليقطين في مطابخ العالم
يستعمل الناس اليقطين في الكثير من الدول مقليًّا بعد غمره بالطحين والماء، ويحشوه الأتراك واليونانيون بالأرزّ واللحم ويطبخونه بالطريقة التي يحشون بها الكوسى وورق العنب، ويتمّ إستعمال قشرة اليقطين السميكة لصنع صلصة خاصة بعد سلقها، كذلك يقوم بعض الناس بسلق اليقطين وشويه وتبخيره وتحميصه. وإلى جانب تنعيمه كالبطاطا بعد سلقه، وجد اليقطين طريقه إلى مختلف أنواع الحساء خصوصًا في الولايات المتّحدة الأميركيّة. وفي الشرق الأوسط يستخدم اليقطين كثيرًا في صناعة الحلوى وأشهرها حلاوة اليقطين، وعادة ما يعثر على حلوى اليقطين في محلاّت الحلوى الخاصة في لبنان وسوريا وفلسطين وتركيا. أما في آسيا فالهنود يقومون بقليه مع الزبدة والسكّر والمطيّبات من البهارات والتوابل ويطلقون عليه إسم «كادوكا حلوى»، وفي كينيا في أفريقيا وإقليم غوانغخي في الصين يستخدمون أوراق اليقطين في الطبخ كالسبانخ والسلق ويصنعون منها الحساء أيضًا...
ويستخدم اليقطين لإعداد أصناف كثيرة من الحلويات منها، كيك اليقطين بالقرفة، فطيرة اليقطين وسواها...
أما في لبنان فتشتهر حلوى الجزريّة التي تصنع من اليقطين الأحمر «فرستين» أو الأبيض والجزر والسكّر والبهارات (جوزة الطيب والزنجبيل والقرنفل)، ويضاف إليها الجوز أو الفستق الحلبي ومكسّرات أخرى.