أخبار جيشنا

بالتزامـن مع الذكـرى الثانيـة للتحـريــر
إعداد: نينا عقل خليل

بدء المرحلة الثانية من مشروع التضامن الإماراتي لنزع الألغام
الوزير الهراوي: ما تحقق يدعو الى الإرتياح وعدد الإصابات انخفض نتيجة لحملات التوعية

 

في الذكرى الثانية لتحرير الجنوب والبقاع الغربي, أطلقت المرحلة الثانية من مشروع التضامن الإماراتي لنزع الألغام في الجنوب. وأعلن إطلاق المرحلة الثانية خلال إحتفال أقيم في مركز التنسيق الفرعي في صور, ترأسه وزير الدفاع الوطني خليل الهراوي وحضره وزير الإعلام الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان, وممثل العماد قائد الجيش العميد الركن جورج مسعد, والممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في جنوب لبنان ستيفان دو ميستورا وقائد القوة الدولية العاملة في الجنوب الجنرال لاليت موهان تيواري.
كذلك, حضر 28 سفيراً وقائماً بالأعمال ومسؤولون عن الشركتين الدوليتين اللتين رست عليهما المناقصة لنزع الألغام “باكتيك” البريطانية و”ماينتك” الأفريقية.
وللمناسبة ألقى الوزير الهراوي الكلمة الآتي نصها:
يسعدني أن أرحب بكم جميعاً على أرض الجنوب المحررة في إفتتاح الجلسة الخامسة لمجموعة الدعم الدولي “I.S.G”, في مركز صور التنسيقي لنزع الألغام الذي أنشئ عملاً ببنود مذكرة التفاهم الموقّعة بين الحكومة اللبنانية ودولة الإمارات, بهدف الإشراف على تنفيذ مشروع التضامن الإماراتي في الجنوب.
يصادف عقد إجتماعنا اليوم إحتفال لبنان بالذكرى الثانية لتحرير معظم الأراضي في الجنوب والبقاع الغربي, من الإحتلال الإسرائيلي بعد أكثر من عقدين من الزمن, بفضل المقاومة اللبنانية ووقوف الشعب اللبناني بأسره بجانبها ونتيجة التحالف الإستراتيجي اللبناني السوري. وإني أنتهز المناسبة لأتوجه الى الشعب اللبناني والى الجنوبيين خاصة بأحر التهاني على هذا الإنجاز الوطني الرائع.
لكن فرحتنا بالتحرير تبقى ناقصة لحين عودة كامل التراب اللبناني الى كنف الوطن وخروج القوات الإسرائيلية من مزارع شبعا, وتحرير الأسرى والمعتقلين اللبنانيين في سجون العدو وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى أرضهم, ولحين تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط.
هذا السلام الذي تأملنا به خيراً, يبدو اليوم بعيد المنال في ظل سعي إسرائيل الى فرض شروطها لمعاودة المفاوضات. إن هذه الشروط لا تبقي أي مغزى لمؤتمر السلام الموعود, بل تفرغه من مضمونه, لذلك فهي مرفوضة ومردودة, لأن العرب اتخذوا خيارهم بالسلام الشامل والعادل في مؤتمر مدريد على أساس قرارات الشرعية الدولية المرتكزة الى مبدأ الأرض مقابل السلام, والتي لا تنص على أي شروط. ولقد جددت قمة بيروت العربية التزام العرب خيار السلام وجسدته في مبادرة متكاملة, إلا أن إسرائيل رفضت هذه المبادرة وقابلتها بتصعيد مواقفها سياسياً وعسكرياً! فالمطلوب التزام دولي بهذه المبادرة والضغط على إسرائيل لحملها على تطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي, لتنعم منطقة الشرق الأوسط بالأمن والإستقرار.

 

أيها السادة
لقد انسحبت إسرائيل من أرضنا في ايار عام 2000, لكن إنسحابها كان ملتبساً إذ أنهاخلّفت وراءها جنوداً مخفيين على شكل مئات الآلاف من الألغام الأرضية, وآلاف غيرها من المتفجرات على إختلاف أنواعها, ونحن نعمل منذ ذلك التاريخ على تنظيف أرضنا منها بالكامل, فعندها فقط يكتمل التحرير.
وإن الهدف من إجتماعنا هو الإحتفال بإطلاق العمل على الأرض لمشروع التضامن الإماراتي, وذلك بعد أن تعاقدت دولة الإمارات مع شركتين عالميتين متخصصتين في مجال نزع الألغام تتمتعان بمواصفات عالمية عالية, تعهدتا بتنفيذ أعمالهما في المناطق المحددة لهما في مذكرة التفاهم في فترة لا تتعدى السنتين.
ويأتي هذا الإحتفال بعد مرور سنة على “ورشة العمل الدولية لنزع الألغام” التي عقدناها في أيار من العام الماضي في قصر الأونيسكو برعاية فخامة رئيس الجمهورية العماد إميل لحود وبحضوره وبمؤازرة المجتمع الدولي المتمثل بحضوركم وبمشاركة الأمم المتحدة الفاعلة. يومها كنا نتلمس الطريق لكيفية التصدي لهذه المشكلة الضخمة, التي تتخطى قدرات لبنان الذاتية, وكان الجيش اللبناني, يسانده الجيش السوري, يواجه بإمكاناته المحدودة هذه المشكلة التي كانت تهدد بكارثة إنسانية. وعلى أثر ورشة العمل هذه, أعربت دول عديدة عن إستعدادها لمساعدة لبنان فقدمت الهبات من آليات وعتاد وتمويل وخبرات ودورات تدريب, وأود هنا أن أشكر جميع من ساهم معنا لإنهاء معاناة الجنوبيين من آفة الألغام.
وعندما نتطلع اليوم الى الوراء لنستعرض ما أنجزناه سوياً في السنة الماضية, نرى أن ما قد تحقق حتى الآن يدعو الى الإرتياح. لقد وضعنا خلال هذه السنة الأسس المتينة والآليات الفعّالة التي تنظم عملية نزع الألغام. فوقّعنا بتاريخ 25 تشرين الأول 2001 مذكرة التفاهم بين كل من دولة الإمارات العربية والحكومة اللبنانية وهي تشكل العمود الفقري لعملية نزع الألغام تحت إسم “مشروع التضامن الإماراتي”, والذي كان لسمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان اليد الطولى والسخية لتبني هذا المشروع الإنساني ودعمه ­ وقد حددت مذكرة التفاهم المناطق التي سيقوم الجانب الإماراتي بواسطة شركات خاصة بنزع الألغام منها ­ وقد أعطينا الضوء الأخضر الى الشركتين المتعاقدتين لبدء عملهما.
أما المحطة الثانية والهامة التي تحققت فهي إقدام المكتب الوطني لنزع الألغام على إنشاء هذا المركز الذي نحن فيه مجتمعون, ليكون المركز التنسيقي لكافة أوجه عمليات نزع الألغام, وهو يعمل بمشاركة كل من الجانب الإماراتي والأمم المتحدة والجيش اللبناني. لقد شاهدنا بأم العين أن هذه المجموعات الثلاث, تعمل كفريق واحد متجانس, يلبي كل متطلبات أعمال نزع الألغام من مختلف جوانبها ­ ويمكننا القول أن هذا المركز والفريق المشرف عليه يعتبر المحرّك الأساسي لهذا المشروع ­ وأود أن أغتنم هذه الفرصة, لأعرب لهم باسمي وباسمكم عن تقديرنا للدور الهام الذي يقومون به.
أما الركيزة الثالثة والأساسية لمشروع نزع الألغام, والتي تحققت في 12 تشرين الثاني من العام 2001, فهي بمثابة الخزان للمشروع ومصادر تمويله مادياً وتقنياً, وهي فريق الدعم الدولي الذي يعرف بـI.S.G. وهو يضم حتى الآن 26 دولة معتمدة في لبنان بالإضافة الى مشاركة الأمم المتحدة الفعّالة ومنظماتها المتخصصة أمثال منظمة اليونيسف, ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ­ وكذلك العديد من المنظمات غير الحكومية الوطنية والعالمية.
وقد عمد هذا الفريق منذ إنشائه الى تكوين أربع مجموعات عمل, تعنى بحملات التوعية ومساعفة ضحايا الألغام, وإجراء المسح للأماكن الملغومة, وجمع المعلومات ومكننتها وكذلك تعزيز قدرات الجيش اللبناني, وتنفيذ مشاريع إنمائية ­ إجتماعية في المناطق المتضررة من الألغام. حققت حملة التوعية في الجنوب نتائج إيجابية, بدليل تراجع عدد الإصابات إستناداً للإحصاءات التي أجراها المكتب الوطني لنزع الألغام. إذ دلّت الأرقام على تراجع الإصابات من 79 حالة عام 2000 الى 46 السنة الماضية, فخمس إصابات فقط في الأشهر الأولى من العام الحالي منها قتيل واحد وأربعة جرحى.
في هذه الأثناء كانت فرقة الهندسة في الجيش اللبناني, تواصل بشجاعة عملها في نزع الألغام من الأراضي اللبنانية, حيث تمكنت من تنظيف مساحات واسعة وإزالة آلاف الألغام, في ظروف عمل محفوفة بالمخاطر الكبرى, نظراً لافتقار الجيش اللبناني الى التجهيزات الحديثة, مما أدى الى إصابة الكثيرين من عناصره وسقوط عدد من الشهداء في صفوفهم.

 

أيها السادة
إن كل هذه الإنجازات ما كانت لتتحقق, لولا إيمان اللبنانيين بوطنهم وبأرضهم, ولولا الدعم القوي الذي قُدّم للبنان من العديد من دولكم الشقيقة والصديقة, وكذلك من الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة, ومن المنظمات غير الحكومية الوطنية والعالمية, وذلك في شتى مجالات المسح الفني والتدريب, وإزالة الألغام.
ولكن بالرغم من كل هذه التقديمات, لا يزال الجيش اللبناني بحاجة ماسة الى تعزيز قدراته في مجال التجهيز والتدريب, من ألبسة وعتاد وأجهزة إتصالات وكاسحات للألغام, ليتمكن من إنجاز مهماته بالسرعة المطلوبة في المنطقة التي يتولى نزع الألغام منها, وإني على ثقة بأن دولكم ومنظماتكم ستتجاوب كما عوّدتنا لتوفير هذا العتاد.
وفي الختام أود أن أكرر شكر لبنان حكومةً وشعباً لكم شخصياً ولدولكم وللأمم المتحدة ومنظماتها, ولفريقها الفاعل في لبنان, والى جميع المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية, على جهودكم لخدمة قضية إنسانية عقدتم العزم جميعاً على التصدي لها لتأمين السلام والطمأنينة لأهلنا في الجنوب.
 

عشتم وعاش لبنان

 

ثم ألقى السفير الأميركي فنسنت باتل كلمة جاء فيها: “أنا مرتاح لحضوري الى الجنوب, وليست هذه الزيارة الأولى لكنها الأولى الى بيت ياحون. وأشكر الأهالي الذين استقبلونا. وبيت ياحون كان اسمها يتكرر في الإعلام العالمي, وزرنا الأراضي المزروعة بالألغام وتأثرت كثيراً لعمل الشركتين, وأتمنى لهم السلامة والتوفيق. وأتمنى أن تتبدل هذه الألغام بمزروعات تعود بالخير على الأهالي فأزور الجنوب وأشاهد المزارعين يزرعون ويحصدون أرضهم بعدما كانت الألغام تمنعهم من ذلك”.
وكان قد سبق إطـلاق المشروع الإماراتي لنـزع الألغام, جولة لوزير الإعلام الإماراتي والوزير الهراوي والوفد المرافق, شملت مناطق حقول الألغام في بيت ياحون, كونين وبرعشيت بدءاً ببلدة تبنين. وقد شهدوا خلالها عمليات ميدانية لنزع الألغام بواسطة خبراء وكلاب مدرّبة لهذه المهمة. كما شاهدوا عملية تفجير حيّة لثلاثة أنواع من الألغام, إضافة الى عمل معدات نزع الألغام كالكاسحات وغيرها.
تبـع ذلك حفل غـداء على شرف المشاركين والضيوف, ثم عقد إجتماع مغـلق شـارك فـيه سـفـراء الدول المانحة للمساعـدات (أميـركا, اليابان, بريطانيا, روسيا, أوكرانيا, هولـندا, تشيكـيا, باكستان) ومملثون عن سفارات بقـية الدول المانحـة.