محاضرة

بايمان يحاضر في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان
إعداد: روجينا خليل الشختورة

حول بناء النزاهة  في قطاعي الدفاع والأمن


تعتبر ممارسة الفساد في قطاعي الدفاع والأمن قضية حيوية ومهمة بالنسبة إلى الأمن الوطني والعالمي. فالفساد أمرٌ خطيرٌ، يؤدي إلى الانشقاق وهدر الموارد.
هذا الكلام جاء في المحاضرة التي ألقاها مدير برنامج الدفاع والأمن في فرع منظمة الشفافية الدولية في المملكة المتحدة، الأستاذ مارك بايمان، بعنوان «بناء النزاهة في قطاعي الدفاع والأمن»، وذلك في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان. وقد نظمت قيادة الجيش هذه المحاضرة ضمن إطار أعمال مؤتمر «مؤشر مكافحة الفساد في قطاع الدفاع في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، الذي أقامته «الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية – لا فساد» بالتعاون مع منظمة الشفافية الدولية في المملكة المتحدة.


حضر المحاضرة قائد كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان العميد الركن علي مكة ممثلًا قائد الجيش العماد جان قهوجي وضباط من مختلف قطع الجيش ووحداته.
بعد النشيد الوطني اللبناني والوقوف دقيقة صمت تحيةً  لشهداء جريمة عرسال، استهل الأستاذ بايمان كلامه قائلاً: «الفساد هو قضية تهمّ المواطنين وتهدد أمنهم وتهمّ الجنود أيضًا، وهي كذلك مهمة بالنسبة إلى الأمن العالمي. فخلال العامين الماضيين، احتلت سلسلة من التحركات التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط، والتي طالبت بمؤسسات شفافة للدولة، صميم الأحداث العالمية. وقد كان دور مؤسسات الدفاع والأمن في هذه الثورات بالغ الأهمية. ومع الصراعات المختلفة والتحولات السياسية السريعة التي تحدث، فإنه لن يكون هناك من وقت أفضل لتحليل الشفافية والقدرة المؤسسية لمؤسسات الدفاع والأمن في بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا. ونظرًا إلى كون الصفة العسكرية هي السمة المهيمنة في العديد من دول المنطقة، وبما أنّ القطاع العسكري يحظى بحصة كبيرة في القيادة السياسية، فإنّ قضية الفساد في قطاع الدفاع قد أضحت قضية أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى».
وتابع قائلاً: «يزود مؤشر مكافحة الفساد في قطاع الدفاع الحكومي الحكومات والمواطنين المعلومات التي تتيح مقارنة ما يحصل لديهم بما يحصل لدى حكومات أخرى، من حيث معالجة مشكلة الفساد في قطاع الدفاع. كما يقيس هذا المؤشر درجة خطورة الفساد ومدى كون مؤسسات الدفاع الحكومية - وزارة الدفاع، والقوات المسلحة والمؤسسات الحكومية الأخرى عرضة له. وفي هذا الإطار، جرت دراسات تشمل تحليل اثنين وثمانين بلدًا حول العالم، من بينها تسعة عشر بلدًا من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وقد قام خبراء مستقلون بإجراء بحث دام سنتين وتضمن استبيانًا مؤلفًا من 77 سؤالاً عن مخاطر الفساد في مجالات مختلفة. وتبين في النتائج، أنّ درجة خطورة الفساد في لبنان مرتفعة، غير أنها تبقى الأدنى في محيطها».

 

أنواع مخاطر الفساد
وتناول المحاضر أنواع مخاطر الفساد، فقال: «تبين من تحليل الأنواع الخمسة الرئيسة من الفساد أنّ مخاطر الفساد السياسي مرتبطة بالمساومة على التشريعات والضوابط الخاصة بقطاع الدفاع، وإنه إما ألا تمتلك هذه البلدان هيئة تشريعية مستقلة أو أنها تمتلك مثل هذه الهيئة لكن من دون امتلاك الحقوق الرسمية. وهذا يتطابق مع الافتقار إلى وجود نقاش حول سياسة قطاع الدفاع وغياب المشاركة مع المجتمع المدني.
أما مخاطر الفساد المالي، فترتبط بإساءة استخدام ميزانيات قطاع الدفاع الكبيرة والسرية، بصورة محتملة، وأيضًا إساءة استخدام دخل هذا القطاع. إن الغالبية العظمى من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا (84%) لا تزود هيئاتها التشريعية المعلومات المتصلة بالإنفاق على البنود والبرامج السرية».
وفي ما يخص مخاطر فساد الموظفين (والمقصود بذلك استشراء الفساد بين موظفي القوات المسلحة وموظفي وزارة الدفاع في بلد ما)، قال: لا توجد في أي بلد من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ثقة في أحكام التبليغ عن الفساد. علاوة على ذلك، فإنه لا يتوافر في الغالبية العظمى من بلدان هذه المنطقة دليل قابل للتحقق منه علنًا على وجود المتطلبات الخاصة في ما يخص التحقق من الموظفين الذين يشغلون المناصب الحساسة.
وتحدث عن مخاطر الفساد في العمليات، وهي تلك التي تظهر خلال تنفيذ العمليات العسكرية سواء داخل البلد أو في الخارج، إذ لا يمتلك أي من البلدان في المنطقة مبدأً عسكريًا يعالج مخاطر الفساد في العمليات.
وأخيرًا وليس آخرًا، هناك مخاطر الفساد في عمليات الاستيراد وهي المخاطر الناشئة عن عمليات شراء المعدات والأسلحة اللازمة لقطاع الدفاع. والتحليل الذي جرى تنفيذه في إطار هذا التقرير يتناول البلدان التي تشهد صراعًا وتلك التي تمر بمراحل انتقالية، وكذلك البلدان الغنية بالموارد مقارنةً بتلك التي هي أفقر منها. وقد تبين ضعف أعمال التدقيق والرقابة في هذه الدول، مع العلم أنّ البلدان الغنية بالموارد في المنطقة تظهر أداءًا أسوأ من البلدان الفقيرة بالموارد. من هنا، فإنّ امتلاك البلد أي ميزات في الثروة الناشئة عن كونه غنيًا بالموارد، لا يترجم إلى ضوابط أفضل لمكافحة الفساد في قطاع الدفاع.

 

التوصيات
وختم بايمان بالتوصيات، قال: «من خلال استخدام هذا التحليل كنقطة انطلاق، يمكن لوزراء الدفاع والأمن، ورؤساء وزارة الدفاع ومسؤوليها مراجعة مخاطر الفساد في مؤسساتهم والعمل على تطوير خطة مركزة يتم فيها إدراج الأولويات للحد من هذه المخاطر والتخفيف منها. وينبغي أن تشكل قضية استشراء الفساد في قطاع الدفاع والأمن جزءًا لايتجزأ من أي استراتيجية وطنية للإصلاح. كما يمكن للمجتمع المدني استخدام المعلومات الواردة في هذا المؤشر للمطالبة بقدر أكبر من إخضاع المؤسسات الامنية ومؤسسات الدفاع في بلدانهم لمساءلة، والسعي إلى الانخراط مع حكوماتهم والعمل مع وسائل الإعلام لتسليط الضوء على أبرز القضايا المرتبطة بقطاع الدفاع. كذلك، يمكن للمشرعين تطبيق النتائج بغية رصد المخاطر الرئيسة للفساد في بلدانهم، ولفتح حوار في البرلمان مع مؤسسة الدفاع حول هذا الموضوع».
وفي الختام، شكر قائد الكلية العميد الركن مكة المحاضر بايمان على معلوماته، وقدم له درعًا تقديريًا باسم المؤسسة العسكرية وقائدها العماد جان قهوجي.