وقفة وفاء

برعاية العماد سليمان وحضوره

قداس لراحة أنفس الشهداء في جبيل الأب قدوم: الشهادة تحمل بذاتها عزاءً

 

برعاية وحضور قائد الجيش العماد ميشال سليمان وحضوره الى جانب زوجته السيد وفاء، أقامت رعية منطقة جبيل قداساً إحتفالياً لراحة أنفس شهداء الجيش، ترأسه رئيس الأنطش الأب مارون قدوم في كاتدرائية مار يوحنا مرقص - جبيل.
شارك في القداس حشد من أبناء الرعية وعدد من الشخصيات الرسمية والوطنية وفعاليات المنطقة، وأهالي 21 شهيداً من فوج مغاوير البحر.
وألقى الأب قدوم كلمة في أثناء القداس أشاد فيها بتضحيات شهداء الجيش الذين افتدوا بأرواحهم لبنان ليبقى موطن الرسالة والحضارة، ونوّه بدور المؤسسة العسكرية التي جسّدت بوحدتها صورة عن وحدة الوطن العصية على التفرقة والتشرذم.
ومما قاله:
«نلتقي اليوم لنتذكر ونستحضر شهداء جيشنا الحبيب، إنه أولاً موقف صلاة، فيه فعل إيمان بالله كما بالإنسان، وموقف رهبة قدر رهبة الموت، وليس أي موت، بل موت من بذلوا أنفسهم من أجل أحبائهم، كي يبقوا في وطن الفرادة الحضارية، وطن الرسالة، وموقف ثقة بمؤسسة إختصرت في بوتقتها كل ألوان الوطن، فكثّفتها في مسيرة صائرة أبداً الى الترقي نحو الوحدة الوطنية، من دون التباس يسوّس تماسك مداميكها، أو تمخّض في عقيدتها، أعني بها مؤسسة جيشنا الحبيب. وتراني أختصر المواقف الثلاثة بالإيمان بوطن وجيش يوحد الإيمان والوطن بدم أبنائه».
وإذ تطـرق الى معنى الاستشهـاد في الدين المسيحي وفي الأديـان الأخرى، تناول الأب قدوم «شراكة الإنسان مع أخيه الإنسان، في زمن الخلاص، شراكة الصورة الإلهية، التي لا يمكنها أن ترتقي الى مستوى بذل الذات من أجل الآخر، إلا لأن الآخـر هو أيضاً صـورة الله على الأرض، ولأن الأرض بفعـل الشراكة والحب المتبادل هذا مدعوة لأن تكون صورة للسماء، وطن الشراكة الإلهية، فلا شراكة مع الله من دون شراكـة مع الآخر، ولا استشهاد إلا من أجل الآخر، ولا حضارة لقاء إلا حضارة بذل الذات المجانية بشعاع نور على أيقونة الوطن».
وأضاف قائلاً:
«وتراني هنا، أمام مؤسسة الجيش اللبناني، نواة الأيقونة الوطنية، ومركزيتها ومحورها وعمادها. مدرسة هي هذه المؤسسة، نعم، لا بل أكثر، إنها أرقى تجسّدات الوطن. وإن ضاعت صورة الوطن في ما يجب أن تكون، فلننثر واقع جيشنا بذاراً في أرجائه، فتكتمل الصورة. وكيف لا، وتناغم تماسكها عثار لمؤامرات التفرقة والتجزئة، ودعوة صارخة لكل نية صادقة كامنة في عمق الصادقين مع الوطن، صرخة تقول: أكملوا المسيرة، لأن وطناً له جيش كجيشنا الحبيب يليق به الوجود ويستحقه.
وفي الإبحار عبر أمواج صيرورة وطننا، نتمسك بجيشه خشبة خلاص، وكي لا تضيع البوصلة على خط الأفق الهارب من الوصول، تطلع علينا لؤلؤات دم شهدائنا، نجمات صبح تقول لنا: من هنا الطريق...».
وتوجه الى العماد سليمان بالقول:
«سيكتب التاريخ يوماً أن رجلاً من منطقتنا الحبيبة، اتحد بالمؤسسة التي يدين لها لبنان ببقائه. فإن بقي لبنان واحداً، لأن جيشنا واحد موحّد، ولأن قائده صَلَبَ كل أنانية ومصلحة ذاتية وكأنه ترهّب لتتجلى وحدة الجيش خشبة قيامة لوحدة لبنان. أعطيت إيقاع الوحدة من تناغم شخصيتك ورسوخ وطنيتك وصدق تعاطيك وكبر تواضعك وحنكة قيادتك.
لقد استقيت من عائلتك وبيتك ومن رحم المؤسسة العسكرية صلابة الصمود على الصدق مع الوطن، فبادلتها بمصداقية قائد ومرافقة أخ. مرافقة وصلت الى حد التضامن مع كل من انتمى الى المؤسسة العسكرية وأحب الوطن في رحمها ومن خلالها. تضامن وصل بكم الى درجة أنكم كنتم الجريح مع كل جريح أصابه حديد الحقد والغدر، وكنتم شهيداً حياً مع كل شهيد وكأن نبضة من نبض قلبكم تنسلخ لينبض قلب الوطن. وعندما حانت ساعة النصر كان لتواضعكم القوي أن يشرق تعزية على الحزن الجاثم على قلب أهل الشهداء ويُهدي للمؤسسة العسكرية ثمار مواسم النصر علها تضمد جراحها وتزداد وحدتها وحدة...
حضوركم اليوم لنشارك بالصلاة لراحة أنفس شهداء جيشنا الأبرار هو برهان ساطع، وعذراً من تواضعكم، أن كل قائد ينحني لدماء شهدائه هو قائد يصل الى حد الضمانة على أن دماءهم لن تذهب هدراً. فالشهادة هنا تحمل بذاتها عزاءً...
فليكن جرحكم وحزنكم كوة رجاء ينطلق منها نور إيمانكم ليشعّ على حاضر الوطن ومستقبله، وترفعونه صلاة الى ساكن الأعالي ليتغمّد شهداءنا برحمته وحبّه».