سباق

بيـن بشـري وجـبل الشيخ... خطــوات أصـدقاء في عناية المغاوير
إعداد: ندين البلعة

1049 مشاركًا... رقم جديد حقّقه سباق «إغارة الأرز» الذي يقترب عامًا بعد عامٍ من المعايير الدولية. وللمرة الرابعة على التوالي، نجح فوج المغاوير في الجيش اللبناني بدمج المدنيين والعسكريين اللبنانيين والأجانب، في نشاط فريد من نوعه بات الجميع يعرف أهدافه الرئيسة: تعريف اللبنانيين بأرضهم، والأجانب بالطبيعة الساحرة وحسن الضيافة في لبنان... وتعزيز التواصل بين المجتمع المدني والمجتمع العسكري وكسر الحواجز بينهما...

 

التحضيرات
إنجاح هذا السباق يتطلّب مثابرةً وجهودًا لم يتأخّر فوج المغاوير عن بذلها ما سمح لـ«إغارة الأرز» بالاستمرار وسط تقدير وإعجاب يتصاعدان عامًا بعد عام.
رئيس اللجنة الإعلامية للسباق، يلفت إلى أن التحضيرات بدأت قبل موعده بشهرين، ضمن خطة إعلامية متكاملة شملت: الإعلان عن السباق وتفاصيله وشروط المشاركة فيه على موقع الجيش الإلكتروني، وفيلمًا إعلانيًا قصيرًا شارك بتصويره عناصر من الفوج وتمّ عرضه على مختلف المحطات التلفزيونية، بالإضافة إلى المدنيين الذين تحدّثوا عبر وسائل الإعلام الإذاعية والتلفزيونية عن تفاصيل هذا السباق وأهدافه.
الحملة الإعلامية تشهد تقدّمًا ملحوظًا عامًا بعد عام، بفضل تعاون المدنيين ورغبتهم في تقديم الأفضل للجيش. وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ المساهمين هذا العام كانوا: Alfa - Fransabank - Mike Sport - شركة كليمنتين التي نفّذت الإعلانات - Apermoon التي اهتمّت بالمطبوعات.
رئيس اللجنة الفنية في السباق يشرح من جهته مسؤوليات هذه اللجنة التي تولّت تحضير المسالك الثلاثة (45 كلم، 30 كلم و18 كلم) وتأريفها. وقد كان من أبرز اهتماماتها تأمين السلامة والأمان على طول المسلك حيث ركّزت 16 نقطة تفتيش (Check points) للتأكد من وصول المتسابقين. وكالعادة خُصِّصت غرفة عمليات مؤلّلة لمتابعة السباق وتحديد النتائج وتسجيلها. كما تولَّت هذه اللجنة تسجيل المشتركين وتوزيعهم بالأرقام والفئات، حيث استمرّ التسجيل حتى الساعة الرابعة من فجر يوم السباق.
يجدر بالإشارة أنّه بالنظر إلى تراكم الثلوج، تعذّر وصول الآليات إلى نقطة الوصول في غابة الأرز، ممّا اضطر عناصر الفوج إلى شقِّ طريقٍ للمشاة ونقل اللوجستية اللازمة بمجهودهم الخاص.

 

سهرة مميزة
لم يعد سباق إغارة الأرز يعبّر عن علاقةٍ وطيدة بين الجيش والمدنيين فحسب، بل أصبح دليلاً ملموسًا على «تلاحم» الطرفَين، والذي ظهر جليًا ليلة السبت 25 شباط 2012. تجمّع المشاركون في ثكنة غسان رمان - رومية وانتقلوا بالباصات العسكرية إلى حدث الجبة، فكثافة الثلوج حالت دون اعتماد غابة أرز تنورين نقطة للتجمّع كما جرت العادة.
بعد النشيد الوطني اللبناني، افتتح العميد الركن شامل روكز قائد فوج المغاوير اللقاء بشرح تفاصيل السباق وشروطه وشدّد على تدابير الحيطة، وتجنّب وقوع أي حادث. ثم تكلّم أحد المشاركين الأجانب، من الجنسية السويسرية، وهو من المشاركين في السباق السويسري الشهير Patrouille des Glaciers، مشيرًا إلى أهمية الجبال بالنسبة الى الرياضيين، ومنوهًا بروعة الطبيعة اللبنانية، لتبدأ حول النار سهرة انخرط في أجوائها المرحة الجميع رقصًا ودبكةً وغناءً...
وكان لافتًا وصول فريق من الجنسية السويسرية، يضمّ حوالى 200 رياضي، اجتاز المسافة بين البترون ونقطة اللقاء في حدث الجبّة على الدراجات الهوائية (50 كلم) خلال أربع ساعاتٍ ونصف الساعة، للمشاركة في السباق.
 

على المسلك
الخامسة فجرًا... دقّت ساعة الإنطلاق... تجمّع المشاركون بحسب الفئات (راكيت وراندونيه)، وعند أول طلقة نارية اجتاحوا الجبال! لم تكن ظروف السباق سهلة البتّة، فالمسلك طويل، وعلى الرغم من الطقس المشمس، واجه المتسابقون صقيعًا حادًا وضبابًا يعمي البصيرة، ممّا عرقل تقدّمهم. إلاّ أنّ عناصر فوج المغاوير توزّعوا على طول المسلك لتوجيه المتسابقين وتجنّب أي حادث، وتمّ نقل كل من لم يستطع متابعة السباق إلى نقطة الوصول، بواسطة الـ«Skidoo» والـ«Ratrack»، بينما كان الصليب الأحمر اللبناني يتابع السباق لحظة بلحظة، جاهزًا لإسعاف المصابين.
وفي تمام الساعة الثامنة والنصف، وصل الفريق الأول من فئة 18 كلم (راكيت) مفتتحًا نقطة الوصول، وتبعته الفرق الأخرى مع فارقٍ واضحٍ بالتوقيتات. الإنطباعات متشابهة لدى العسكريين كما لدى المدنيين: فالمسلك صعب، والظروف المناخية قاسية، ولكن إرادة متابعة السباق حتى النهاية كانت أقوى من أن تقف حاجزًا بينهم وبين الربح. وقد كان الجميع يعي أنّ تكاتف عناصر الفريق وتعاونهم هو العامل الأساسي لوصولهم إلى نهاية السباق.
الفرق الأجنبية أبدت من جهتها حماسةً للمشاركة إلى جانب الجيش والشعب اللبناني في مثل هذا النشاط. الملحق العسكري الفرنسي Colonel Philippe Petrel الذي يشارك للمرة الرابعة على التوالي في «إغارة الأرز»، أشاد بالتنظيم الدقيق والمميّز الذي يزداد إتقانًا عامًا بعد عام، وشكر المؤسسة العسكرية وخصوصًا فوج المغاوير.
الملحق العسكري الأميركي شبّه هذا السباق «بالشعب اللبناني المليء بالتحديات والمفاجآت». وإذ يشارك للمرة الأولى بهذا السباق، لفته عدد المدنيين الكبير، وسمات الفرح التي ارتسمت على وجوههم على الرغم من شعورهم بالإرهاق، ويثني على التعاون بين الجيش والمدنيين والعلاقة المميزة التي تجمعهما.

 

تسليم الجوائز
بعد التأكد من وصول جميع المشاركين في السباق، تمّ الإنتقال إلى وسط غابة أرز بشري حيث سُلِّمَت الجوائز إلى الفرق الرابحة في حفل حضره العميد الركن شامل روكز ممثلاً العماد قائد الجيش، والذي وجّه كلمة شكر إلى المتسابقين والصليب الأحمر اللبناني والبلديات الداعمة للسباق وكل من ساهم بنجاحه، منوهًا بجهود ضباط الفوج وعناصره.
وقد جاءت النتائج على الشكل الآتي:

 

• 18 كلم راكيت:
أ - فئة العسكريين:

- المرتبة الأولى: المؤهل جبرايل عماد، الرقيب الأول عبد الباسط عبد الله، الرقيب الأول عمر عبد اللطيف (بتوقيت 3.32).
- المرتبة الثانية: الملازم الياس البلعة، الجندي احمد مصطفى، الجندي احمد نظام (بتوقيت 3.54).
- المرتبة الثالثة: الجندي احمد المصري، الجندي ابراهيم الشيخ، الجندي ابراهيم عبدو (بتوقيت 3.54.31).

 

ب - فئة المدنيين (الذكور):

- المرتبة الأولى: سامر سليم،    Alex Ray، فادي صالح (بتوقيت 4.54.30).    

- المرتبة الثانية: كريستوف صليبا، مارك الحاج، داني حنا (بتوقيت 5.53.50).    

- المرتبة الثالثة: ماريو مراد، جان حلبي، يوسف عزيزة (بتوقيت 6.00.00).

 

ج - فئــة المدنيــات (الإناث):
- المرتبة الأولى: كارول عقل، ميرنا عقل، ايليز بو نصر (بتوقيت 6.30.20).
- المرتبة الثانية: كلود عبد الله، ورده غبريل، ماري شديد (بتوقيت 9.05.23).
- المرتبة الثالثة: جويل قمر، راشيل نوجا، نورا دياب (بتوقيت 9.11.28).

 

• 18 كلم راندونيه:
أ - فئة العسكريين:

- المرتبة الأولى: العريف هادي سرايا، الجندي أحمد الموسوي، الجندي وليم لطوف (بتوقيت 5.24.20).
- المرتبة الثانية: العريف الأول عباس امهز، الرقيب الأول علي عبد الرزاق، العريف أكرم المبيـــض (بتوقيت 5.27.42).
- المرتبة الثالثة: المعاون الأول حسين علي، الجندي علي غاوي، الجندي عبد الله عمر (بتوقيت 6.14.40).

 

ب - فئة المدنيين (الذكور):
- المرتبة الأولى: نقولا سعادة، جورج مخايل، نادي صخن (بتوقيت 5.39.33).    

- المرتبة الثانية: ادغار صعب، راني شربل، باسم الحاج (بتوقيت 6.50.30).

 

• 30 كلم:
أ - فئة العسكريين:

- المرتبــة الأولى: العريف الأول حسن موسى، العريــف محمـد صوفــان، الجنــدي مصطــفى حموضــة (بتوقيت 6.43.19).
- المرتبة الثانية: الرقيب الاول جان فتح الله، الجندي يزبك زيدان، الجندي محمد ناصر الدين (بتوقيت 7.10.40).
- المرتبة الثالثة: العريف بلال اسماعيل، العريف ابراهيم سعيد، الجندي أكرم غازي (بتوقيت 8.09.40).

 

ب - فئــة المدنييــن (الذكور):
- المـــرتبـــــة الأولـى: Lindos Dau - Avedis kalpaklian - Georges Sawaya (بتوقيت 7.49.40).    

 

• 45 كلم:
- المرتبة الأولى: النقيب رودولف عقل، الملازم الأول حسن عميري، العريف الأول علي أبو بكر (بتوقيت 8.19.35).
- المرتبة الثانية: Bugnion Rene - Pasquer Arnaud - Geha Chady (بتوقيت 8.59.00).
- المرتبة الثالثة: الملازم الاول عطية بو حيدر، الجندي لواء ابو غوش، الجندي عدي عيسى (بتوقيت 9.10.00).

 

جبل الشيخ
شارك ما يقارب الـ500 شخص من المتسابقين في الجزء الثاني من «إغارة الأرز»، في منطقة راشيا - جبل الشيخ، بهدف التعرّف إلى طبيعة هذه المنطقة التاريخية.
«جبل الشيخ»، «جبل الثلج»، «الجبل المقدّس»، «جبل حرمون»... تسميات أطلِقت على هذا الجبل الذي يطلّ على أماكن واسعة من البلاد السورية من دمشق وسهول حوران إلى بادية الشام وهضبة الجولان، وقسمٍ من المناطق الأردنية الشمالية وعلى هضاب فلسطين وجبال الجليل وبحيرة طبريا. كما يطلّ على سهلَي البقاع ومرجعيون وجبل عامل وجبل الريحان وهضاب سلسلة جبال لبنان الغربية وقممها المطلة على البقاع، ويمكن أيضًا رؤية البحر الأبيض المتوسط وجزيرة قبرص من على قمّته.
يضمّ جبل الشيخ على منحدراته وقممه وفي أوديته آثارًا مهمّة تجعله مقدسًا ومركزًا للعبادة بالنسبة إلى الديانات السماوية. وقد برزت في السنوات القليلة الماضية ظاهرةً جديدة تتمثل بزيارة قمة الجبل سيرًا على الأقدام للصلاة وإضاءة الشموع بمناسبة «عيد التجلّي» في السادس من آب من كل سنة.

 

الرحلة
للسنة الثانية على التوالي تجمّع المشتركون بعد ظهر يوم السبت 3 آذار 2012 وتوجّهوا إلى منطقة راشيا حيث استقبلهم أهالي البلدة في تكميليّة راشيا, ورحّب بهم رئيس البلدية شاكرًا فوج المغاوير لتنظيمه هذه الرحلة التعريفيّة في المنطقة.
بدورها طالبت جمعية «راشيا ماراتون» بإنشاء حلبة للتزلّج في المنطقة، ثم شرح العميد الركن شامل روكز تفاصيل هذه الرحلة وشروطها وأهميتها، ثم أقيم عشاء قروي شارك فيه الجميع في أجواء من الفرح والرقص.
عند الساعة السابعة من صباح يوم الأحد، انطلق الجميع من سوق راشيا وساروا باتجاه جبل الشيخ لمسافة بلغت حوالى 20 كلم ذهابًا وإيابًا، إذ لم تسمح الظروف المناخية الصعبة وتساقط الأمطار والثلوج بالسير لمسافة أطول.
المشتركون اجتازوا هذه المسافة إمّا سيرًا على الأقدام أو بواسطة الراكيت أو الراندونيه.
وفي ختام الرحلة، سُلِّمَت شهادات تقديريّة إلى كل من شارك فيها.
يجــدر بالإشارة أنّ فــوج المغاوير نفّذ في هذا اليوم مهمّتَـين:
سريّة شاركت المواطنين متعة التــنزّه في الطبيعة الجبليّـة، فتابعت هذه الرحلـة وتأكّدت من إنهائها من دون وقوع أي حادثٍ، بينما شاركت السرايا الباقية في مهمّة حفـظ أمنٍ في بيروت إلى جانب قطع عسكريّة أخرى، حيث جرت تظاهـرتان في ساحة الشهداء.

 

«إغارة الأرز» على صفحات «La Liberté»
سباق إغارة الأرز الذي نظمه فوج المغاوير في الجيش اللبناني حلّ على صفحات المجلّة السويسرية «La Liberté» التي حدّدت بعض الإنطباعات عن السباق بعد انتهائه.
وأبرز ما جاء في المقال: «ترك لبنان انطباعات قويّة في قلوب المشاركين الأجانب الــ30 الذين تسابقوا مع ألف متبارٍ تقريبًا، عاد الأجانب إلى بلدانهم وقد أنهكتهم الليالي القصيرة والمجهود الكبير الذي بذلوه، من أجل تحقيق الغاية التي ينشدون؛ إلاّ أن روح هذا البلد ظلّت تسكن في قلوبهم بفضل جمال جباله والمحبة والإلفة بين أبنائه».
وقد أشاد المقال أيضًا «بحسن ضيافة اللبنانيين ولطافتهم واندفاعهم»، بحسب رأي رئيس جمعية السباقات المتنوعة René Bugnion. ويتذكّر أحد المشاركين Jean Christophe Boillat اللحظة المفعمة بالمشاعر حين عبرت أول 3 فرق في الوقت نفسه ارتفاع الـ3 آلاف متر قبل النزول إلى سهل البقاع.
كما أضاف المقال: «لولا فنسان نصّار، لما كان هناك سباق إغارة الأرز، فهو من أطلق أول نسخة من هذا السباق العام 2008».
والعام نفسه دعي الجيش اللبناني للمشاركة في سباق إغارة الجبال الجليديّة الذي نظّمه الجيش السويسري، الأمر الذي أثار اهتمام قائد فوج المغاوير اللبناني العميــد الركن شامل روكز الذي دعا بدوره، بالتعاون مع جمعية PolyLiban المدنية، إلى تنظيــم أول سبــاق لإغارة الأرز الذي أبصر النور العام 2009، وهدف إلى توعية اللبنانيين وحثّهم على احترام البيئة، حيث قام كل متبارٍ بغرس شجرة خلال السباق الذي نظم العام 2010.

 

المشاركون
391 عسكريًا من مختلف القوى الأمنية والقطع العسكرية... خمسون من التلامذة الضباط في الكلية الحربية التي تشارك للمرة الأولى في هذا السباق... عدد من أولاد الشهداء شجّعتهم مؤسسة المقدّم المغوار الشهيد صبحي العاقوري على المشاركة... والباقون مدنيّون لبنانيون وأجانب من بلدان مختلفة (أميركا، فرنسا، سويسرا، الأرجنتين، بولندا، بلغاريا، هنغاريا، بلجيكا، كوريا، واليابان...).