عبارة

بين الأبيض والأسود
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

إثنان نعرف أنّهما عند أبواب حدودنا، أحدهما أبيض وعريق في تاريخنا، عزيز على أجيالنا، صديق لأرضنا ولكلّ أرض، وهو الثلج الأبيض الجميل، والآخر أسود طارئ في حاضرنا، معادٍ للإنسان في بلادنا وفي كلّ بلاد، وهو الإرهاب المجرم.
الأوّل ننتظر حلوله بفارغ الصبر، نفرح به، وهو يوشّح قمم جبالنا ببساط الخير ويزيدها ألقًا وشموخًا، والآخر نرفضه ونواجه خطره، ونسعى جاهدين لإطفاء ناره، وقد يستشهد بعضنا ونحن نتقدّم لدحره والقضاء عليه.
الفروق عديدة بين هذين الكائنين، وجليّة واضحة أيضًا، كيف لا، ولون كلّ منهما مغاير للون الآخر، فـ«إمّا الأبيض وإمّا الأسود»، كما يقول أيّ منّا للآخرين حينما يحتدم النقاش وتلحّ النتيجة المطلوبة، وكم من مرّة شكا النّاس من الّلون الرمادي الباهت، لأنه يؤدّي إلى خلط الأمور وضياع الحقائق.
إلاّ أنّ هناك أمرًا يجمع بين الكائنين المذكورين، ألا وهو الأثر العميق الذي يتركه كلّ منهما بين ظهرانينا، فالأوّل من مخزون الخير في آبارنا، ويؤكد امتداد الخضرة فوق سهولنا، أمّا الثاني فيزيد من قناعتنا بأن الوحدة الوطنية هي سلاح أمضى من كلّ سلاح، وبأن التنوّع في الناس والدين والثقافة هو مصدر غنىً ومحرّك نشاط وأمل، وبأنّ قبول الإنسان أخاه الإنسان أمرٌ حتميّ، لأنّ كلّ واحد منهما يحتاج الآخر، ولا بدّ من أن يتعاون معه ويتكامل، فكيف إذا كان يجمع بينهما تاريخ واحد وتضحيات مشتركة، ويقرآن في كتاب واحد هو كتاب الوطن.
في ذلك كلّه، ترتسم صورة جيش البلاد، هذا الجيش الذي يحمي الأسوار ويحكم ضبط الأبواب، مميّزًا بين الصديق والعدوّ، مسرعًا إلى إنقاذ المواطنين من قساوة الطبيعة الأمّ إن هي بالغت في سكب خيراتها وإرسال رعودها، وإلى ضرب الإرهاب، إذا ما حاول غرز مخالبه في أقفال منازلنا، أو في أكتاف مواطنينا الأبرياء.