عبارة

بين التّهديد والمواجهة
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

من بين العناصر التي يعتمد عليها الإرهاب، عنصر المفاجأة الذي يسعى من خلاله إلى إيقاع أكبر قدر من الضرر في صفوف المواطنين الأبرياء، وتفويت الفرصة على الأجهزة العسكرية والأمنية للرد عليه واحباط ما يخطط له.
وقد نجح الجيش اللبناني في تقزيم هذا العنصر وتحجيمه، لا بل في إلغائه أحيانًا، وذلك بفعل التمرّس على مواجهة الأخطار، واعتماد الجهوزية الدائمة، وإبقاء الحذر عنوانًا في كل عمل، وكأنه النار التي لا تنطفىء.
وقد انعكس ذلك شعورًا بالثقة لدى الناس، فراحوا بدورهم يجمعون في نفوسهم ما بين التحسب والاستعداد تلافيًا للتعرض للأخطار، مع التهيئة للتضحية من قبلهم في الوقت عينه، متمسكين بالوطن، مقتنعين بضرورة المواجهة والاصرار على البقاء. ولا يغيب عن بال أيّ من هؤلاء أن تلك الأخطار تطلّ برؤوسها في أكثر من ناحية من العالم، وقد يصطدمون بها في أي مكان، ولا بد إذًا من التصدي لها بدلًا من الانسحاب من ساحاتها. وبذلك لم لا يواجهونها في وطنهم، بحيث يكسبون في نهاية المطاف ترسيخ انتمائهم إليه ومواصلة التجذر فيه، وتجنب الغربة عنه والوقوع في المجهول بعيدًا من ربوعه: مجهول الحرب ومجهول السلم، حيث يصعب أن يلتقي الإنسان بإخوانه فيشاركهم في الأحزان والأفراح.
إن رفع نسبة الحذر لا يعني أبدًا تراجعًا في علامات النجاح، فالامتحان دائم، وليس من عطلة في هذا النوع في المدارس الوطنية، كما أنه ليس لتدني الحذر ما يبرّره على الإطلاق، فالخلايا النائمة جاهزة بدورها للنهوض في أيّ وقت، واسترخاؤها ما هو إلاّ خدعة لا تغطي على العيون الساهرة والعقول المسؤولة.
لذا، فإن وحداتنا ساهرة في الداخل، سواء نام الإرهاب أم استيقظ، ومراكزنا محصّنة مرصّنة قوية عند الحدود، سواء هاجمنا العدو اليوم، أو بدأ يحضر لعدوان في غد أو بعد غد.