غناء ومسرح

بين حدي الرومانسية والثورة
إعداد: إلهام نصر تابت

جوليا بطرس صوت يضرم جمر الأحاسيس

منذ مطلع مشوارها الفني استطاعت جوليا بطرس أن تضرم جمر الأحاسيس العميق في نفوس محبيها. من أيام «غابت شمس الحق» ولقاءاتها بجمهورها تفيض حرارة وإحساساً. لقاءات إبنة الأرض بأهل أرضها، بأناس جعلت صوتها منذ البداية شريكاً لهم، يسرح في حقول تبغهم والقمح، يتلوّن بأوجاعهم ومعاناتهم، كما بصمودهم ومقاومتهم وانتصارهم.
تلك هي نقطة البداية وفيها الكثير من جوهر الموضوع. فهذه المطربة الممتلكة جمال الصوت وبهاء الإطلالة، والمنصرفة الى فنٍ متأنٍ راقٍ، حمّلت صوتها رسالة واضحة لا لبس فيها. «غابت شمس الحق» كانت التعبير الفني الأول عن إيمانها بوطنها وانحيازها الى قضيته.
استمر الاحتلال سنوات طويلة بعدها، واستمرت جوليا في مسيرتها، بصوتها الجميل وعذوبة أدائها غنّت الحب والفرح والجمال كما غنّت الوطن وقضايا الناس، وشهرت أغانيها صرخة تحدٍ في وجه الظلم والطغيان.
على امتداد مسيرتها الفنية حافظت جوليا بطرس على نقاء فنها، وأعلنت التزامها النابع من إيمانها إنسانية الإنسان وحقه بالكرامة في وطنه وأرضه. فكان فنها صدى لهذا الايمان، سواء غنّت الحب أم الوطن والحرية، وفي ذلك الكثير من أسباب تعلّق جمهورها بها وتقديره العالي لها.
لقاء جوليا المقيمة في دبي بجمهورها اللبناني منذ أسابيع في كازينو لبنان كان الأول منذ ما يقرب السنتين، وقد اختارت له عنوان «جوليا تغني لبنان».
بعد مقدمة موسيقية رائعة عزفتها الفرقة بقيادة المايسترو هاروت فزليان، أطلت جوليا وحيّت الحضور: «مساء الخير، اشتقتلكن». لا كلفة ولا تكلّف بين جوليا وجمهورها الذي رد «نحنا كمان اشتقنالك».
الإفتتاح كان أغنية «للي بحبو كتير». أغنية جديدة لم يتأخر الجمهور في حفظ مطلعها وترداده معها، ليكتشف في آخر الأغنية أن الحبيب الذي تغنيه هو لبنان.
أغنية تلو الأخرى أسرت جوليا جمهورها بصوتها العذب وأدائها الراقي العميق المتنوع إحساساً بين حدي الرومانسية والثورة وما بينهما من حالات. أتقنت جوليا الانتقال من جو غنائي الى آخر مفاجئة الجمهور أكثر من مرة. والى أغاني الحب عكست بعض الأغاني مرارة القلق في عالم ملؤه الظلم، يحكمه غياب الضمير (مش عم  بفهم عربي كتير فهّمني شو يعني ضمير... أنا خوفي عَ ولادي من ظلم الايام، عَ أرضي عَ بلادي، خوفي عَ الأحلام...). وبدت خفيفة الظل رشيقة كفراشة في أغاني مثل «منحبك ايه منحبك» و«على ما يبدو» (رائعة لحناً وكلمات وأداء) و«على شو بتحبو على شو...».
أما حين انتقلت الى «نقاوم» و«نحنا الثورة والغضب نحنا»، و«أنا بتنفس حرية»، فقد أشعلت الجمهور الذي وقف ليغني معها ويمطرها هتافات وتصفيقاً.
كان من المفترض أن تنتهي الحفلة مع أغنية «خلص انتهينا»، لكن الجمهور أعاد جوليا عدة مرات مطالباً بالمزيد وتحديداً بأغاني الانتصار، وما إن عادت وأنشدت «من لوّث أرضي بدمائه قد رحل الآن»... حتى بدا أن اللقاء يبدأ من جديد، من حيث أراده الجمهور أن يبدأ ولا ينتهي.
«انتصر لبنان» عبارة كانت كافية لتشعل الصالة بمن فيها. ومع «أحبائي» بلغ المشهد ذروته: جمهور يلتصق بصوت مطربة التصقت بقضاياه.
غنّت جوليا أكثر من ساعتين وكان الجمهور مستعداً لإعادتها الى المسرح مرات ومرات بعد، غير أن اللقاء كان لا بد أن ينتهي مهما طال، فكان الختام مع أغنية الافتتاح «لبنان»، ووقفة طويلة حيّا خلالها الحاضرون من أعماقهم امرأة غنّت لبنان في وجعه وحزنه كما في فرحه وانتصاره.


أحبائي
خلال حرب تموز شعرت جوليا بطرس أن واجبها الوطني يدفعها الى تحرّك ما، فكان مشروع حملة «أحبائي» الذي انطلق عقب الحرب، وبموجبه جنّدت جوليا صوتها ليكون شريكاً للبنانيين الذين فقدوا أحباءهم أو بيوتهم وأرزاقهم.
حصيلة هذه الحملة بلغت 3 ملايين دولار جمعت من عائدات حفلات جوليا في لبنان وعدة بلدان عربية، الى مبيعات «CD أحبائي» وتبرعات لبنانيين وعرب.
المبلغ في الأساس كان مرصوداً لعائلات شهداء حرب تموز 2006 لكن عقب الاعتداء الذي تعرّض له الجيش اللبناني في نهر البارد والمعارك التي أسفرت عن استشهاد العشرات من عسكرييه، قررت جوليا ضم عائلات شهداء الجيش الى حملة «أحبائي».
وفي هذا السياق زارت قائد الجيش (العماد ميشال سليمان يومها) وقدّمت مبلغاً من عائدات الحملة الى عائلات الشهداء.

 

ألبومات
رافق جوليا في غالبية أعمالها شقيقها المؤلف والملحن زياد بطرس.
ومن ألبوماتها:
• غابت شمس الحق 1991.
• وين مسافر 1992.
• حكايات عتب 1993.
• يا قصص 1994.
• القرار 1996.
• شي غريب 1998.
• بصراحة 2001.
• لا بأحلامك 2004.
• تعودنا عليك 2006 - 2007.
• أحبائي 2006.