صحة ووقاية

تأثير الضوء والإضاءة على صحة الإنسان
إعداد: روجينا خليل الشختورة

للضوء الطبيعي أي ضوء النهار دور كبير في حياتنا اليومية، فهو يساعدنا على الاستيقاظ بحيوية ومزاج جيد، وعندما يخفت في الليل، يشير إلى حلول موعد النوم. وبالتالي، فإنّ جسم الإنسان يحتاج إلى كمية جيدة من الضوء الطبيعي، وفي وقت ملائم من اليوم، حتى يتمكن من ضبط إيقاعه البيولوجي أو ما يعرف بـ «الساعة البيولوجية» التي تعمل تلقائيًا انطلاقًا من حاجات الجسم. أما وجودنا تحت الضوء الصناعي في مجمل أوقات النهار، فيؤثر كثيرًا على صحتنا، لذلك علينا معرفة اختيار الإضاءة الفضلى التي تريح نظرنا ولا تسيء إلى مزاجنا.

 

الحصول على كمية كافية من الضوء
تعتمد كمية الضوء التي نحتاجها على الوقت والأنشطة التي نحاول إنجازها في اليوم، حيث نحتاج إلى مستويات عالية من الضوء لنبقى مستيقظين في المدرسة أو العمل، بينما في المساء نحتاج الى الشعور بمزيد من الراحة والاستعداد للنوم.
وينصح الاختصاصيون في مجال الاضطرابات العاطفية الموسمية، بقضاء ساعة أو أكثر من اليوم في الخارج، لكي نتمكن من الحصول على كمية كافية من الضوء، إذ يعد الخروج للسير في ساعة الغداء وحتى في شمس الشتاء، جيدًا للصحة، فالضوء المحيط بنا أفضل للجسم من الضوء الصناعي، لأنه أقوى وأكثر إشراقًا. وإذا أجرينا مقارنة يتبين أنّ قوة الضوء التي نحصل عليها من أشعة الشمس هي خمسة أو عشرة أضعاف ما يؤمنه المصباح الكهربائي العادي الذي تصل قوته إلى عشرة آلاف وحدة ضوئية.
أما في أثناء النوم فينبغي تخفيف الأنوار وإطفاء التلفاز (قبل النوم بساعة) لأنّ أجسادنا تستيقظ أو تبقى مستيقظة عندما يكون الضوء قويًا، ولكي نشعر بالنعاس ينبغي جعل المحيط معتمًا.
إلى ذلك، فإنّ استخدام الأنوار الصناعية في الليل، يقلل من مستوى «الميلاتونين» في الجسم، وهو هورمون تفرزه الغدة الصنبورية في الدماغ ما بين الساعة التاسعة مساءً والثامنة صباحًا.
ويعتبر هذا الهورمون ضروريًا لصحة أجسادنا، بسبب تحكمه بإيقاعاتنا البيولوجية، فإذا تعرض إفرازه للخلل (لناحيتي الوقت والكمية)، تتأثر الوظائف النفسية والذهنية بشكل سلبي. هذا التأثير قد يطال قدرتنا على النوم جيدًا، والتفكير بوضوح، وتوقيت إفراز الهورمونات وتنظيم ضغط الدم ومستويات الغلوكوز، مما يؤدي بالتالي إلى زيادة مخاطر تشكل أمراض واضطرابات كالسكري والإكتئاب.

 

تأثير الضوء على النظر
تؤدي الإضاءة السيئة إلى إجهاد العين، ولا يوجد تعريف طبي دقيق لوصف هذه الحالة، فيستخدم عادةً مصطلح التعب البصري، وهو ما يتمثل في الاحمرار والآلام في العينين والرؤيا المشوشة والصداع. وتحدث الأعراض غالبًا بعد القراءة، أو العمل أمام الحاسوب، أو في أعمال تتطلب تركيزًا في الرؤيا. فعند التركيز على هدف معين، يمكن أن تتقلص عضلات العين الداخلية، مما يسبب تهيجًا وجفافًا في العين.
وليس من المطلوب تغيير طبيعة عملنا أو تفادي كل العوامل التي تسبب إجهاد العين، لكن يمكن اتخاذ الخطوات المناسبة لتخفيف تأثيراته، كإجراء تعديلات بسيطة في طريقة القراءة أو العمل أو تصفح الانترنت، مما قد يساعد في منح العينين الراحة الضرورية.
في أثناء القراءة، ضع مصدر الضوء وراءك، ووجه الضوء إلى الصفحة. وعند القراءة أمام مكتب، استخدم الضوء المظلل الموضوع أمامك. كذلك، امنح العين استراحات متواترة خلال النهار وحاول الوقوف والتحرك مرة على الأقل كل ساعة تقريبًا. كما يمكنك أن تطرف عينيك من وقت إلى آخر، فهذه الحركة تؤدي إلى إفراز سوائل تمنع جفاف العين. وبما أن العديد من الأشخاص يطرفون عيونهم أقل من المعتاد في أثناء العمل أمام شاشة الحاسوب، فهم يصابون غالبًا بجفاف العينين ولا سيما بعد استعمال الحاسوب لفترة طويلة.

 

... وتأثيره على المزاج والنفسية
 الضوء لا يؤثر فقط على النعاس والنظر، بل إنه قد يسيء أيضًا إلى مزاجنا ونفسيتنا. وتؤدي الغدة الصنوبرية دورًا مهمًا في ذلك. تقع هذه الغدة تحت سطح المخ وعند قاعدته، وتفرز الميلاتونين كلما تلاشى ضوء النهار وقصر، فيكون الإفراز في الشتاء أكثر مما هو عليه في الصيف، ويمكن قياس حساسية المرء للضوء من خلال كمية الهورمون الذي يفرز في جسمه، فكلما زاد الهورمون كلما أعطى الجسم مؤشرات لمرض الكآبة. من هنا، يشعر الإنسان بضيق يشبه الكآبة عند الغروب وفي فصل الشتاء أكثر منه في الربيع، لأنّ ليل الشتاء أطول.