تمرين مشترك

تأهبوا، نفّذوا وعادوا بتقديرٍ وافر
إعداد: ندين البلعة خيرالله

لا يفوّت جيشنا العظيم بطاقاته الفكرية والبدنية فرصة لإظهار قدراته ومهاراته، ولتحقيق الإنجازات تلو الأخرى، ورفع اسم لبنان عاليًا بين كبرى جيوش العالم. آخر هذه الفرص الدورة التاسعة من تمرين «الأسد المتأهب» الذي أُقيم من ٢٢/٨ لغاية ٥/٩/٢٠١٩، بنسخته التاسعة هذا العام، في المملكة الأردنية الهاشمية.


شاركت في هذا التمرين فصيلتان من فوجَي التدخل الخامس والسادس، بعديد ٤ ضباط و٦٠ رتيبًا وفردًا، من ضمن ٨٠٠٠ مشارك من ٢٩ دولة بالإضافة إلى الأردن. شارك جيشنا في واحد من أهم التمارين الاستراتيجية على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي يُعدّ الأكبر هذا العام من حيث عدد الدول المشاركة. حضّر، تدرّب ونفّذ، فكانت تحضيراته السابقة للمشاركة تفوق المهارات المطلوبة لتنفيذ المناورات في التمرين.


سيناريوهات متنوعة
نُفِّذت مراحل التمرين ومناوراته على مدى ١٥ يومًا في ميادين ومراكز ومدارس التدريب التابعة للقوات المسلحة الأردنية. وقد حاكى العمليات العسكرية التقليدية وغير التقليدية في الحروب الحديثة، وعمليات إخلاء غير المقاتلين والبعثات الدبلوماسية من مراكز النزاع، بالإضافة إلى التدريب على عمليات إعادة الاستقرار والسلطة المحلية للدولة، والتركيز على الدور المهم للإعلام في العمليات العسكرية. وتخلّلته تدريبات مشتركة مختصة في الأمن السيبراني وعمليات المعلومات، وإدارة الأزمات، وعمليات مكافحة الإرهاب والتطرف.
كذلك، تضمنت المناورات تمرينًا مهمًا جدًا يحاكي التعامل مع الأزمات المتزامنة مع العمليات العسكرية كمشاكل اللاجئين، وانتشار الأوبئة، وحركة السكان المحليين ونقص المواد الغذائية.
نفّذت التمرين قوات برية وجوية من مختلف القطع العسكرية، استخدمت رمايات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بالإضافة إلى رمايات المدفعية والراجمات، والقصف الاستراتيجي، والتعامل مع حقول الألغام وعمليات الاستطلاع والقتال في المناطق المبنية.
تميّز التمرين بالشمولية التي عكستها أهدافه وأبرزها:
- تلبية المتطلبات العملياتية والتدريبية واللوجستية الخاصة بالقوات المشاركة، مع التركيز على العمليات المدنية العسكرية والدور الإنساني.
- تدريب هيئات الأركان على التخطيط العملياتي واللوجستي، والتدريب على كيفية التعاون والتنسيق مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الدولية.
- توطيد علاقات التعاون بين الوحدات والقطاعات والمؤسسات المشاركة، في مجال مكافحة الإرهاب، وتطوير القدرات الأمنية لقوات حرس الحدود، وإجراءات القيادة والسيطرة والاتصالات والتدريب على العمليات التقليدية وغير التقليدية.
- التركيز على الدروس المُستفادة من الحروب الحديثة وطبيعة التهديدات غير التقليدية التـي تواجـه الأمـن الدولـي.


إشادة بالأداء اللبناني
يخبرنا مساعد قائد فوج التدخل السادس العقيد حسين برّو، رئيس الفريق اللبناني المُشارك في التمرين، عن هذه التجربة المميزة التي تركت الكثير من مشاعر الفخر والاعتزاز لدى المشاركين ضباطًا ورتباء وأفراد. ويؤكد أنّهم تميّزوا وحظوا بإشادةٍ كبيرة وصادقة من المدربين الأردنيين والأجانب.
شارك فريق الجيش اللبناني ضمن مجموعة القوات الخاصة في مركز الملك عبداللـه الثاني لتدريب العمليات الخاصة KASOTC الذي يضمّ مساحات وقدرات تدريبية هائلة وفائقة التطور، ونُفِّذت المناورات بين المركز والقرى التدريبية الآهلة في الصحراء. انضمّ العقيد برّو إلى مجموعة غرفة القيادة والسيطرة المخصصة للتمرين التي ترأسها العميد الركن الأردني محمد ثلجي. وعن مجريات التمرين ومراحله، يوضح أنّ الضباط كانوا يتابعون في الغرفة إيجازًا صباحيًا يوميًا عن المهمة السابقة مع تقييم عملاني، إداري، لوجستي وطبي لها، يليه عرض لما تتضمّنه المهمة اللاحقة.
توزّعت فصائل الجيش اللبناني ضمن مجموعتَين: مجموعة «جراسة» التي ضمت عسكريين من الجيش الأردني، الفرنسي، الأميركي، القبرصي واليوناني، وشملت مهمتها عمليات بحث وإنقاذ واقتحام جوي واستطلاع بعيد المدى. والمجموعة الثانية «هيبوس» التي ضمت أميركيين، أردنيين، فرنسيين، قطريين، سعوديين، إماراتيين ورومان، وكانت مهمتها تحرير رهائن، واعتراض آلية واقتحامها، ورمايات مختلفة.
تجدر الإشارة إلى أنّ الفريق اللبناني في هاتَين المجموعتَين كان الفريق الأكبر عددًا، وكان يتولّى إلى جانب الأردنيين التنفيذ الأساسي في المناورات، في حين كان الفريق الأميركي يتولى الإدارة والتنسيق، والدول الأخرى شكّلت هيئات سيطرة وتحكيم ورقابة.
انقسمت المناورات التي نُفِّذت بالتتابع، إلى ثلاث مراحل:
- مرحلة الإعداد والتحضير: في هذه المرحلة، يتبلّغ الضابط في غرفة القيادة والسيطرة بمهمة فريقه، وبدوره يحيل هذه المهمة إلى الضباط الذين ينظمون أمر العمليات، ويتمّ التدريب على أساسه.
- مرحلة التدريب على كيفية التنفيذ.
- مرحلة تنفيذ المناورة التي تشمل ما تدربوا عليه.


رئيس الأركان في الأردن
ضمن فعاليات تمرين «الأسد المتأهب ٢٠١٩»، شارك رئيس الأركان اللبناني اللواء الركن أمين العرم في ندوة كبار القادة، في حضور رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردني اللواء الركن الطيار يوسف أحمد الحنيطي وكبار القادة العسكريين من الدول المدعوة.
وقد ناقش الحضور أوجه التعاون بين القوات المسلحة والقضايا ذات الاهتمام المُشترك، لا سيما الأمن السيبراني ومكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والتعامل مع مخاطر الأسلحة الكيماوية والنووية وأدواتها، بالإضافة إلى الإفادة من تنفيذ تمارين مُشتركة متعددة الأطراف على المستوى الإقليمي.
على هامش الندوة، التقى اللواء الركن العرم يرافقه الملحق العسكري اللبناني في الأردن العميد الركن عماد الدين مراد، اللواء الركن الحنيطي في جلسة تعارف نُوقش خلالها موضوع التعاون بين الجيشَين. وقد أبدى اللواء الركن الحنيطي، إعجابه بالجيش اللبناني وقدرته على التأقلم مع مختلف الظروف بكفاءةٍ عالية، سواء في حفظ الأمن أو العمليات القتالية، وذلك على الرغم من الأوضاع التي يواجهها.
كذلك، اجتمع اللواء الركن العرم في مركز الملك عبداللـه الثاني لتدريب العمليات الخاصة، بالعسكريين المُنتدبين لتمثيل الجيش اللبناني في التمرين، وحضر بعض التدريبات التحضيرية التي سبقت تنفيذه، وأثنى على أدائهم وانضباطهم الذي لفت انتباه القادة الأردنيين والأجانب. كما حثّهم على اكتساب الخبرات وإظهار الصورة الحسنة.


٨٠٠٠ عنصر من ٢٩ دولة
شاركت ٢٩ دولة في تمرين «الأسد المتأهب ٢٠١٩»، وهي: الولايات المتحدة الأميركية، أستراليا، النمسا، العراق، السعودية، مصر، عُمان، إيطاليا، قبرص، البحرين، قطر، بلجيكا، بروناي، كندا، التشيك، فرنسا، ألمانيا، اليونان، هولندا، اليابان، كينيا، الكويت، لبنان، باكستان، إسبانيا، الإمارات، بريطانيا، طاجيكستان، النروج، بالإضافة إلى الأردن.
الملحق العسكري اللبناني في الأردن العميد الركن عماد الدين مراد


شهادة نعتز بها
في كلمةٍ لـ«الجيش» يقول الملحق العسكري اللبناني في الأردن العميد الركن عماد الدين مراد عن المشاركة اللبنانية في «الأسد المتأهب ٢٠١٩»: «أظهر ضباطنا وجنودنا فعالية واحترافًا بشهادة المدرّبين في المركز المذكور. وقد أشاد مدير المركز العقيد الركن عمر شقيرات بقدرات الجنود اللبنانيين على التفاعل مع الأخطار ومجابهتها، وبالحرفية التي تميّز بها أداؤهم. كما أثنى على مناقبيتهم والتزامهم الأوامر وتقيّدهم بالأوقات المحددة».
ويضيف العميد الركن مراد: إنّ مشاركة الجيش اللبناني في مثل هذه النشاطات تعزّز سمعته ورصيده من الاحترام والتقدير اللذَين لحظتهما لدى قيادة الجيش العربي الأردني. ففي جولاتي سواء على قيادة القوات المسلحة الأردنية أو على قيادة المدارس والمعاهد العسكرية، وخصوصًا كلية الدفاع الوطني وكلية القيادة والأركان، ألاقي نظرة احترام وتقدير للمستوى الرفيع لضباط الجيش اللبناني وعسكرييه، وإشادة دائمة بمثابرتهم وتلقفهم العلوم العسكرية، وهذا ما تظهره علاماتهم المميزة والتقديرات المعطاة لهم.