تخريج

تخريج الدورة الثالثة والعشرين لتلامذة الرتباء
إعداد: الرقيب جيهان جبور - الجندي كرستينا عباس

اللواء ملّاك: أنتم ذراع الجيش القوية


بعد ثلاث سنوات من التدريبات والمشقات، ترافقت مع ابتعادٍ شبه كلّي عمّا قد تقدّمه لهم الحياة المدنية من رفاهية، كلّل التلامذة الرتباء جهودهم الحثيثة بتخرّجهم من مدرسة الرتباء في بعلبك. في هذه المدرسة: تعلّموا القوانين العسكرية، تحلّوْا بالانضباط، طوّروا مهاراتهم القتالية، نمّوا معارفهم، واكتملت جهوزيتهم لتسلم مهمّاتهم...


أُقيم احتفال تخريج الدورة الثالثة والعشرين لتلامذة الرتباء، دورة «المعاون الشهيد إبراهيم زهرمان» في معهد التعليم – ثكنة محمد مكي في بعلبك، برئاسة رئيس الأركان اللواء الركن حاتم ملّاك ممـثلًا قائد الجيش العماد جوزاف عون، وفي حضور عدد من الضباط والفاعليات الرسمية والاجتماعية وعائلة المعاون الشهيد زهرمان وأهالي المتخرجين. استُهل الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني، أعقبه نشيد شهداء الجيش مع وقفة تكريمية لهم. بعد تسليم بيرق المدرسة وتسمية الدورة، تمّ تسليم الشهادات إلى المتخرجين الذين أدّوا القسم.


عصب الجيش
ألقى ممثل قائد الجيش اللواء الركن ملّاك، كلمةً شدّد فيها على أهمية دور الرتباء، إذ إنهم يشكلون «عصب الجيش وجسر التواصل بين ضباطه وأفراده، والذراع القوية في تنفيذ مهمّاته». وتوجّه إلى المتخرجين قائلًا: «إعلموا أنّ الرتيب عنصرٌ حيوي وركنٌ أساسي في بناء الجيوش، بحيث تزداد فعالية الوحدة وقدرتها على تنفيذ المهمات الموكلة إليها، كلّما ارتفع مستوى رتبائها وتطوّر أداؤهم، بل إنّ نهوض الوحدة بواجباتها لا يتم ويكتمل إلّا بأداء رتبائها لمسؤولياتهم في إيصال الأوامر إلى المرؤوسين وتوجيههم والإشراف المباشر عليهم. وإذا كان سلاحكم لتحمّل هذه المسؤوليات يكمن في التنشئة الوطنية والعسكرية التي تلقّيتموها في معهد التعليم، فإنّ هذا السلاح يبقى دائمًا في حاجةٍ إلى الصقل والاعتناء، من خلال العمل المستمرّ على توسيع آفاقكم العسكرية وتطوير قدراتكم القتالية».
وأضاف: «لقد أثبت الجيش قدرته على إحباط مخططات الأعداء، وتذليل العقبات وتجاوز التحديات، وحماية السّلم الأهلي خلال أدقّ المراحل التي مرّت بها البلاد. وفي هذا الإطار، لا بدّ من ذكر الإنجاز الوطنيّ المشرّف الذي حقّقته المؤسسة العسكرية بوحداتها وعناصرها كافة، عبر مواكبة العملية الانتخابية بدقةٍ عالية ومهنيّةٍ مشهودةٍ، بحيث كان العسكريون من مختلف الرتب والوظائف مثالًا يُحتذى في المناقبية، مؤكّدين مرةً أخرى وقوف الجيش على مسافةٍ واحدة من جميع الأفرقاء، وذلك إنجاز لامع ووسام رفيع يتشارك فيه العسكريون جميعًا.
إنّ تاريخ الجيش حافلٌ بالبطولات التي سطّرها زملاء سبقوكم في درب الشرف والتضحية والوفاء، فهم اليوم نجومٌ زاهرة تزيّن سماء الوطن، ومن بينهم ذلك البطل المقدام المعاون الشهيد إبراهيم زهرمان، الذي اخترتم تسمية دورتكم باسمه، والذي ارتقى بعد مواجهةٍ مع الإرهاب، فكونوا أوفياء لروحه ولأرواح الشهداء الأبرار، واضعين نصب أعينكم أنّ مسؤولية الدفاع عن الوطن في وجه العدوّين الإسرائيلي والإرهابي هي أمانة في أعناقكم».
وختم كلمته مهنئًا المتخرجين وذويهم باسم قائد الجيش العماد جوزاف عون، ومتوجّهًا بالتقدير إلى قيادة معهد التعليم ومدرسة الرتباء وجميع المدربين الذين واكبوا هذه الدورة بمختلف مراحلها، متمنيًا لهم مستقبلًا واعدًا بالنجاح والتقدم.

 

دورة مميزة
في حديثٍ مع قائد مدرسة الرتباء العميد الركن عبدالله حوراني، لفت إلى أنّ الدورة تميّزت باستخدام أساليب التعليم الحديثة، إذ كانت القاعات والصفوف مجهّزة بالألواح الذكية وببرنامج التعليم التفاعلي، فضلًا عن LCD Projector وأجهزة كمبيوتر متطوّرة. وأشار إلى أن المتخرّجين عملوا بجدٍ خلال السنوات الثلاث والتي يمتد برنامج كل منها على مدى خمسة وثلاثين أسبوعًا من التدريب والتعليم. وقد تضمّن تدريبهم إلى العلوم العسكرية، علومًا مدنية ونشاطات متنوعة.
وأوضح العميد الركن حوراني أنّ المتخرجين عانوا صعوبات عديدة أثناء التدريب، أهمها الظروف المناخية القاسية في منطقة بعلبك، مما صعّب التدريبات الميدانية خلال فصل الشتاء.
 ونوّه قائد مدرسة الرتباء بمستوى الدورة الرفيع، فقد قاربت معدلات المتخرجين في السنتين الأولى والثانية الـ17 من عشرين، فيما راوحت المعدلات في الاختصاصات بين 14.5 و16.5 من عشرين. وكان المشاركون بغالبيتهم من حمَلة البكالوريا القسم الثاني (115 متخرجًا من 195)، فضلًا عن حمَلة الإجازات الجامعية. وتوزّعت الاختصاصات على الشكل الآتي: 71 متخرجًا من المشاة لمصلحة القوات البرية، 38 مدفعية، 36 مدرعات، 19 هندسة قتال، 14 إشارة و7 مضاد للدروع؛ فيما انقسم 10 من المتخرجين مناصفةً بين القوات البحرية والقوات الجوية.

 

لنحمِ أرضنا
أعرب طليع الدورة الرقيب محمد حمّود (اختصاص مشاة) عن فرحه الكبير بتميّزه بين أبناء دورته (195 رقيبًا ما بين برٍ وبحرٍ وجوٍ). وقال: «إنّه لشرفٌ عظيمٌ لي أن أنتميَ إلى مؤسسة الشرف والتضحية والوفاء وأن أتمرّس على أيدي نخبة من ضباط الجيش ورتبائه لأصبح قادرًا على تسلّم حضيرة بكل مسؤولية وثقة». وأضاف: «لم تمضِ هذه السنوات من دون صعوبات: تمارين السير الطويلة، التدريبات العسكرية المكثّفة والمثابرة على التحصيل العلمي. الآن انتهت هذه المرحلة وأمامنا مراحل أخرى في خدمة وطننا».
يخبرنا الرقيب المغوار قاسم شكر الذي صُنّف ثانيًا، بأنّه تطوّع في الجيش برتبة مجنّد وحين أعلنت المؤسسة العسكرية أنها بصدد تطويع تلامذة رتباء، سارع إلى تقديم ملفه، موضحًا أنّه اكتسب خبرة عسكرية عالية لا سيّما من خلال الدورات الخاصة مع فريق التدريب الإيطالي.
وفي الختام، تحدّث الرقيب المغوار علي أحمد الذي حلّ ثالثًا في الدورة، فأوضح أنّ طموحه دفعه إلى تحمّل المراحل الصعبة والتعب النفسي والجسدي، منوهًا بجهود الضباط والمدرّبين الذين سهروا على تنشئة عناصر الدورة وتدريبهم. وفي كلمة أخيرة يقارن وضعه اليوم بما كان عليه، فيقول: «كنت مجندًا يتلقى الأوامر. الآن ينبغي أن أهتمّ بمن هم تحت إمرتي وأوجّههم لنعمل جميعًا لحماية أرضنا ووطننا».
في ختام الحفل، قدّمت القوى المتخرّجة والقوى المشاركة عرضًا عسكريًا، وسلّم اللواء الركـن مـلّاك درعًا تذكـاريًا لعائلة المعاون الشهيد زهرمان، ثمّ انتقل الجميع إلى حفل كوكتيل احتفاءً بالمناسبة.