تخريج

تخريج الدورة السابعة والعشرين للأركان
إعداد: تريز منصور

القوة البشرية كانت وستبقى الأساس في جيشنا
والسعي مستمر لتأمين ما يلزم من سلاح وعتاد

بمناسبة تخريج دورة الأركان السابعة والعشرين، أقيم في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان احتفال حضره أمين عام المجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمد خير ممثلًا العماد قائد الجيش، العميد الركن فؤاد عثمان ممثلًا مدير عام الأمن الداخلي، العميد بشارة جبور ممثلًا مدير عام الأمن العام، العميد محمد مكحّل ممثلًا مدير عام أمن الدولة، إضافة إلى قائد الكلية العميد الركن علي مكه وقادة الكلية السابقين، وعدد من ضباط القيادة، وممثلين عن الجامعات الوطنية، أساتذة الكلية وأهالي المتخرجين.
بعد النشيد الوطني اللبناني، تليت المذكرات التي تضمّنت منح لقب ركن لكل من المتخرجين، تهاني قائد الجيش لطليع الدورة ولأفضل بحث، إضافة الى تهاني قائد الكلية العميد الركن مكه للضباط الأوائل.
ومن ثم سلّم ممثل قائد الجيش اللواء الركن خير وقائد الكلية العميد الركن مكه الشهادات إلى المتخرجين، وجرى تبادل الدروع بين قائد الكلية وطليع الدورة.

 

اللواء الركن خير
ألقى أمين عام المجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمد خير كلمة قائد الجيش العماد جان قهوجي التي جاء فيها:
«سنة كاملة من الجدّ والتحصيل والمثابرة، سارت بنا جميعًا إلى هذا اللقاء في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، لنحتفل معًا باختتام دورة الأركان السابعة والعشرين التي تكللّت بنجاح مميّز. وهذا النجاح ما كان ليتحقّق على هذا النحو لولا جهود الضباط القادة الذين تابعوا الدورة، ووقوف عائلاتهم إلى جانبهم خلال هذه الفترة المضنية، ولولا المسؤولية العالية التي تحلّى بها القيّمون على الكلية والمدرّبون والأساتذة الذين قدّموا ما لديهم من علم ومعرفة لإغناء جيش بلادهم ونذروا أنفسهم للإرتقاء بالكلية ودفع مسيرتها قدمًا إلى الأمام. ولا شكّ في أن تحوّل الضابط القائد المدرّب الموجّه إلى متدرّب نشيط منضبط مندفع، مسألة تجدّد شباب الذاكرة وهمّة الجسد، بعد سنوات غير قليلة من الإرهاق والتعب اللذين يرافقان الخدمة العسكرية في الميدان».
وأضاف: «لقد ساورتكم من دون شكّ، وانتم تتابعون الدورة، أمنيات الإنتقال المباشر إلى ساحات يتيسّر فيها السلاح المتطوّر والتقنيات الحديثة، كيف لا ومهماتنا كثيرة وصعبة، ومواجهاتنا تتمّ في الغالب ضدّ أعتدة ووسائل عصرية فتّاكة، لا بدّ من التصدّي لها بما هو مناسب وكافٍ وفعّال. إن ذلك هو همّكم الكبير على الصعيد العملاني، وهو يتماهى تمامًا مع مسعى قيادة الجيش وحرصها على تأمين المطلوب، وحرصها التام على مقابلة تضحيات عسكرييكم بتأمين ما يلزم من السلاح والعتاد، سواء من الموازنة المخصّصة للجيش على محدوديتها، أو من خلال المساعدات التي يقدّمها العديد من الدول الصديقة، وفي هذا الإطار أعدّت القيادة الخطة الخمسية لتسليح الجيش وهي تأمل في وضعها على سكّة التنفيذ في أقرب فرصة ممكنة.
في مقابل ذلك كلّه، لا بدّ من التأكيد أن القدرة البشرية في جيشنا كانت وستبقى، الردّ الفعّال على النواقص الحاصلة، فالإنسان هو الأساس وهو المحور، فما نفع المعدّات من دون جندي، تسلّح قبل البندقية والمدفع، بالعقيدة العسكرية الوطنية؟ وما أثرها من دون جندي يمتلك القدرة على المواجهة بالجسد والعقل، متضامنًا مع رفاق السلاح، ومع أبناء الوطن؟
وتابع قائلاً: «إن لبنان يتعرّض في هذه المرحلة إلى الكثير من الأخطار والتحدّيات، بفعل احتدام الصراع الإقليمي واقتراب الأحداث من حدوده أكثر فأكثر. لكن الجيش يستنفر كامل طاقاته في اتجاهين: الإستعداد الدائم على الحدود الجنوبية لمواجهة مخطّطات العدو الإسرائيلي، والعمل الدؤوب على منع امتداد ألسنة النار والفتنة، أو تسلّل الإرهاب إلى داخل المجتمع اللبناني، جنبًا إلى جنب مع حماية مؤسـسات الدولة وتوفير الظروف الأمنية المناسبة للإستحقاقات الدستورية على اختلافها.
أما قوة الجيش في مواجهة تلك الأخطار والتحدّيات، فهي تستمدّ من وحدته وتماسكه، ومن ولاء جنوده المطلق للمؤسسـة والوطن، وابتعادهم عن الطائفية البغيضة، والتجاذبات السياسية، فالجيش هو لكل لبنان، ويعمل لمصلحة جميع أبنائه على قدم العدالة والمساواة، ولن يستتر يومًا خلف محدودية إمكاناته، لأننا أقوياء بإبماننا وإرادتنا كما دأب قائد الجيش العماد جان قهوجي على التوضيح في أكثر من مناسبة. الوحدة الوطنية ستبقى هدفنا الأسمى، ونحن ندعو دائمًا إلى رفع الغطاء السياسي عن المترّبصين بأمن البلاد لكي نضع حدًا أكيدًا لتجاوزاتهم، وهذا ما حصل أخيرًا في طرابلس ومناطق أخرى، وصولاً إلى معمودية التضحية التي خاضتها وحداتنا العسكرية بالأمس القريب في منطقة صيدا، والتي حققّ الجيش بنتيجنها إنتصارًا سريعًا وكاملاً على تلك العصابات، بفضل استبسال رجاله ودماء شهدائه الأبرار. إننا في مطلق الأحوال ندعو إلى تغليب لغة الحوار في البيت السياسي اللبناني، وسنستمرّ في تلك الدعوة، مع إدراكنا التام بأن التأخير لن يكون في مصلحة أحد».
وختم: «بإسم حضرة العماد جان قهوجي قائد الجيش، أتوجّه بالتهنئة إلى الضباط المتخرجين ومن بينهم رفاق أعزاء من المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية الشقيقتين، أبدوا كل إهتمام وجدية وانضباط خلال الدورة، وأعطوا خير مثال عن روح الأخوّة التي تجمع بيننا، ونحن نعوّل على مزيد من التعاون في المراحل المقبلة، لما فيه مصلحة جيوشنا، ومستقبل أوطاننا».

 

العميد الركن مكه
قائد كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان العميد الركن علي مكّه ألقى كلمة جاء فيها:
يسعدني ويشرّفني أن أرحّب بكم في رحاب كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، أهلاً وسهلاً بكم جميعًا في هذا الصرح العسكري العلمي، حيث نحتفل في هذا اليوم المشرق بتخرج دورة جديدة من الضباط القادة الأركان الذين يشكّلون الحلقة السابعة والعشرين من سلسلة دورات الأركان في الكلية.
لا ريب في أن للتخرّج بريقه اللامع دائمًا، فمن خلاله يفخر الضباط المتخرجون بالإنجاز الذي حققوه والنتائج التي حصدوها، وتشعر الكلية قيادة ومدربين بالرضا، وهي ترى ثمرة العطاء قد نضجت. كذلك تتأكد قيادة الجيش بأن انتظام عمل المنشآت التعليمية خصوصًا في هذه الكلية يسير حثيثًا على الطريق الصحيح، والمرسوم بكل دقّة وأمانة. إن دورات الأركان تشكّل إحدى أهم الركائز التي تستند إليها الجيوش لتحقيق أهدافها بتطوير ذاتها وأدائها، إنطلاقًا من المرتبة الرفيعة التي تحتلّ هذه الدورات في سلّم درجات التعليم العسكري العالي الحديث، إذ توفّر للضابط القائد المتدرّب قاعدة واسعة من العلوم العسكرية العامة، لا سيّما في مجالات القيادة والتخطيط والتنظيم وأصول إدارة العمليات التكتية، ما يكفل تعزيز قدرته على تجاوز العقبات والتكيّف مع الظروف الطارئة والتعامل معها علميًا وواقعيًا، وبالتالي ضمان تحقيق النجاح في العمليات العسكرية وإنجاز الأهداف المحدّدة لها».
وأضاف العميد الركن مكّه: «لقد أولت قيادة الجيش وبتوجيهات من حضرة العماد قائد الجيش، الأهمية القصوى للتدريب والتعليم، خصوصًا تدريب الضباط القادة، فقدّمت كل الإمكانات والتسهيلات للكلية، يقينًا منها بأن التعليم العالي هو حاجة قصوى من أجل بناء القوات المسلحة الحديثة. وبنتيجة ذلك، أصبحت الكلية ذات مستوى متقدم في برامجها ووسائلها وكوادرها. وعلى سبيل المثال باتت تضمّ في هيكليّتها التعليمية ضباطًا خبراء من القوات المسلّحة التابعة لبعض الدول الصديقة بخاصة منها القوات الفرنسية، إضافة إلى احتضانها الدائم نخبة الضباط القادة في الجيوش العربية الشقيقة، كان من بينهم هذا العام، ضباط من القوات المسلّحة الأردنية والمصرية، حلّوا إخوة أعزاء ورفاق سلاح، تابعوا جميع مراحل الدورة ونشاطاتها بجهد مميّز واهتمام لافت، فكان حضورهم تعبيرًا عن ثقة قياداتهم بالجيش اللبناني، وبالمستوى العالي للكلية وجميع المعاهد العسكرية اللبنانية، كذلك كان حضورهم فرصة ثمينة لتبادل الخبرات والتجارب، بالإضافة إلى اكتساب المعارف على اختلافها».
وتوجّه إلى الضباط بالقول: «إن العقول المستنيرة بالعلم والمعرفة هي قوة الجيش الدافعة إلى العطاء الأمثل، لتكن معارفكم هدى لسلاحكم، وليكن سلاحكم القوة العادلة والحازمة من أجل صون الوطن ودرء المخاطر عنه، واعلموا أن الشعب اللبناني بجميع مكوناته، يشخص إلى جيشنا اليوم في هذه المرحلة الصعبة التي يمرّ بها لبنان، لمتابعة مسيرة إنقاذه من براثن القلق والخوف على المصير. وهذا ما يشكل حافزًا إضافيًا لكم، للتحلي بأقصى درجات المسؤولية القيادية، وبذل المزيد من الجهد والتضحيات، للإرتقاء بأداء وحداتكم على مختلف الصعد. واعلموا ايضًا أن حصولكم على إجازة الأركان وعلى أهميتها، ليس نهاية المطاف في مسيرة العلم وبناء الذات، فثابروا على نهل المزيد من العلوم في كل زمان ومكان وفي كل اتجاه. إن وصيّة قيادة الكلية لكم هي ان تؤمنوا بأهمية دوركم في وحداتكم، وأن تتقنوا استخدام المعارف التي اكتسبتموها، وتتمرّسوا فيها باستمرار، وتعملوا على تقديمها إلى عناصر وحداتكم بأسهل الطرق الممكنة، وانتم على ذلك خير مؤتمنين».
 وختم كلمته بتوجيه الشكر إلى حضرة العماد قائد الجيش، ممثلاً بحضرة اللواء الركن محمد خير الدين على رعايته هذا الإحتفال، وإلى الحاضرين والمدربين والمتخرجين.

 

كلمة طليع الدورة
ألقى طليع الدورة المقدم الركن جورج صقر كلمة بإسم زملائه الضباط استهلّها باستذكار» شهداء رفاق لنا، سقطوا في الأمس أثناء محاربة الإرهاب الذي طال أمن مجتمعنا المتنوّع، ننحني أمام تضحياتهم ونأخذ العبر لنبني معًا لبنان قويًا بجيشه وبجميع مقوّماته الوطنية».
وقال: «إن القائد الكفؤ هو القادر على تطبيق ما تعلّمه في ساحات القتال، بشجاعة ودون تهوّر، لذا نحن مدعوين اليوم للتكاتف والتعاون بهدف وئد الفتنة والتصدّي للإرهاب من أي جهة أتى، واستخدام ما تعلّمناه في مهماتنا المستقبلية، لنكون على قدر المسؤولية التي ألقيت على عاتقنا في سبيل خدمة الجيش ورفعته وتقدمه».

 

كلمة الضباط العرب
كلمة الضباط العرب ألقاها العقيد الركن دانيل جنكات (من الجيش الأردني) إعتبر فيها أن «دورات الأركان للضباط توفّر قاعدة واسعة من العلوم العسكرية والعامة، وقد لمسنا بكل جديّة واحتراف، حرص كوادر هذا الصرح العسكري العريق على إعداد الضباط المشاركين، إعدادًا يؤهّلهم لإشغال وظائف القيادة والأركان المتقدمة من خلال الأبحاث والتمارين المكثّفة، واعتماد الأسلوب العلمي في التحليل والاستنتاج والقدرة على مواجهة التحدّيات المختلفة وإيجاد الحلول المبدعة والمناسبة لها...».
وأضاف: «من الجميل حقًا، في وطن الأرز، وإن تعدّدت وجهات النظر واختلفت الرؤى والحلول تجاه التحدّيات، إنّ الجميع يتلاقون ويتفقون على شيء واحد ألا وهو مؤسسـة الجيش اللبناني».
وتمنى أخيرًا للبنان والجيش كل التقدّم والإزدهار، موجّهًا تعازيه الحارة بشهدائه الذين سقطوا في صيدا.
وفي الختام وقّع ممثل قائد الجيش اللواء خير على سجلّ الكلية الذهبي، ثم أخذت الصور التذكارية، بعدها توجّه الجميع إلى مقصف الكلية لتبادل نخب المناسبة.