أخبار ونشاطات

تخريج دورة الأركان الثانية والعشرين
إعداد: نينا عقل خليل

اللواء الركن المصري:لم يعد جائزاً القبول بنصف المعرفة
أقيم في قاعة العماد نجيم في وزارة الدفاع الوطني، احتفال تخريج دورة الأركان الثانية والعشرين، التي ضمت ضباطاً من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، ومن الجيشين الشقيقين الأردني والقطري.
ترأس الاحتفال قائد الجيش بالنيابة اللواء الركن شوقي المصري وحضره ممثلو المدراء العامين لكل من قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة، وعدد من كبار ضباط القيادة وقادة المناطق والألوية والأفراج، إلى جانب قائد الكلية العميد الركن الياس فرحات والضباط المدربين وعائلات المتخرجين، وقادة الكلية السابقين والاساتذة الجامعيين فيها.
استهل الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني، ثم تليت مذكرة منح لقب ركن ومذكرة تهنئة الضباط المميزين ولائحة الشرف، كما تم تبادل الدروع بين ضباط الدورة وقيادة الكلية ليتم بعدها تسليم الشهادات إلى الضباط المتخرجين.

 

كلمة اللواء الركن المصري
قائد الجيش بالنيابة اللواء الركن المصري، ألقى بالمناسبة كلمة شدد فيها على أهمية مواكبة الضباط بمعارفهم للتقدم الحاصل والاحاطة بجوانبه المختلفة. وقد استهل كلمته مخاطباً الضباط المتخرجين بالقول:
«منذ نحو سنة التحقتم بصرح تعليمي عسكري كبير، تحدوكم مشاعر القلق والرهبة امام عودتكم إلى مقاعد الدراسة من جهة، والاعباء والمتطلبات الكثيرة التي توجبها دورة الأركان عليكم من جهة أخرى، غير أنكم ومن موقع الاحساس بالمسؤولية المعنوية تجاه انفسكم ومؤسستكم، تسلّحتم بالعزم والصبر والثبات، وثابرتم على متابعة الدورة بكل جدية واهتمام، حتى استطعتم بفضل جهودكم المضنية وسهركم الطويل، تذليل ما اعترض سبيلكم من عقبات وصعاب، وها انتم اليوم تتخرجون بملء الفخر والاعتزاز والثقة العارمة بالنفس، بعد ان حققتم نجاحاً مشرّفاً، يؤهلكم لتسلم وظائف قيادية، وأداء مهماتكم بصورة اكثر إنتاجية وفاعلية».
وأضاف قائلاً:
«يعتبر التدريب بشقيه النظري والعملي، عصب الجيوش، والمعيار الاساس في تحديد كفاءتها القتالية، ولقد اولت قيادة الجيش اهتماماً خاصاً بهذا المجال الحيوي، على اختلاف مستوياته ومراحله، بحيث لم تدّخر جهداً في سبيل تطويره وتوفير الامكانات اللازمة له. وفي عصرنا الراهن الذي يشهد قفزات نوعية ومتسارعة في مجال التقدم العلمي والعسكري، حيث بات على الضابط ان يتحلى بصفات وميّزات استثنائية، تمكنه من مواكبة هذ التقدم والاحاطة بجوانبه المختلفة، فإزاء ما تفرضه المستجدات من تحديات، لم يعد هدر الوقت جائزاً، ولا الاكتفاء بنصف المعرفة مقبولاً، من هنا تبرز اهمية التعليم العسكري العالي لا سيما منه دورة الركن، إحدى حلقاته الرئيسة التي تشكّل إلى حد بعيد، مختبراً حقيقياً لقدرات الضابط القائد، ومنهلاً يتزود منه قاعدة واسعة من العلوم العسكرية والثقافية، خصوصاً في مجالات التنظيم والتخطيط والتنفيذ وصنع القرار، وأصول قيادة الوحدات وإدارتها لوجستياً وتكتياً، وفي سبل التكيف مع مختلف ظروف المعركة، بما يكفل استثمار الطاقات المتاحة واستخدام الوسائل المتوافرة بالطرق السليمة التي تؤدي إلى تحقيق اعلى قدر من الانتاجية».
وإذ ذكّر بما مرّ به الجيش من تجارب قاسية خلال السنوات الاخيرة وبما حققه من انجازات على الصعيد الوطني، أردف قائلاً:
«لا يسعنا اليوم إلا أن نستذكر بفخر واعتزاز، الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي اطلق اسمه على الكلية، تيمناً بعطاءاته وإنجازاته الوطنية الكبيرة، وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد مع تولي العماد سليمان سدة رئاسة البلاد، حيث بدوره ارسى دعائم الجيش على أسس متينة صلبة شهد له بها الجميع، ولديه الآن كل الارادة والعزم للنهوض بالدولة والارتقاء بمؤسساتها، لتكون على قدر آمال اللبنانيين وتطلعاتهم. لكن هذا المنعطف المهم في مسيرة الوطن، الذي أكسب الجيش عظيم الشرف، إنما يلقي على عاتقه مسؤوليات إضافية، ويحتم على العسكريين بذل المزيد من الجهود والتضحيات للحفاظ على ثقة الشعب بالمؤسسة، ولمواكبة العهد الجديد على مختلف الاصعدة، لذا أدعوكم اليوم من موقعكم كضباط اركان، أن تكونوا على قدر المسؤولية والواجب، فجيشكم ينتظر منكم الكثير، لتضعوا كل ما اكتسبتموه في خدمة وحداتكم، ومن أولى وأجدر منكم للقيام بذلك».
وقال:
«أغتنمها فرصة الآن، لأشكر الدول الشقيقة والصديقة التي سارعت الى دعم الجيش اللبناني خلال الظروف العصيبة التي مر بها الوطن، واتطلع بكل أمل وثقة إلى تعزيز علاقات التعاون العسكري، خصوصاً في مجال التدريب، وزيادة عديد المتدربين في دورات التعليم العسكري العالي، ولن انسى بالتأكيد شكر المدربين الفرنسيين والاساتذة الجامعيين على جهودهم، والترحيب بالضباط الاشقاء العرب من المملكة الاردنية الهاشمية ودولة قطر، الذين تابعوا هذه الدورة بكل جدية ونشاط وانضباط وتميزوا خلالها بدماثة الاخلاق، وبروح المحبة والتعاون، والتعطش الى اكتساب المعرفة، فلكم ايها الاخوة أقول: اهلاً وسهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان، على أمل ان تضم دورة الاركان المقبلة ضباطاً أشقاء من دول عربية اخرى».
وأخيراً ختم بتهنئة المتخرجين قائلاً.
«ليكن هذا اليوم المشرق الواعد، حافزاً لكم نحو مزيد من البذل والعطاء في خدمة مؤسستكم، فتسموا ويسمو بكم وطنكم لبنان».

 

كلمة قائد الكلية
بدوره ألقى قائد الكلية العميد الركن فرحات كلمة اعتبر فيها «ان هذا اليوم يأتي في لحظة حاسمة يمر بها الوطن بعد أزمات اشتدت مراراً وتكراراً، وكانت لمؤسسة الجيش جهود وتضحيات في سبيل استيعابها والحد من تأثيراتها السلبية، وصولاً إلى ضبط الاوضاع في البلاد والتمهيد إلى الحل الذي ينشده الجميع، ونعيش اليوم فصوله المتتالية.
لقد تحقق الانفراج الدستوري بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وهو انتقل من قيادة الجيش إلى قيادة البلاد، حاملاً معه المناقبية العسكرية والمثل والقيم التي ارساها في هذه المؤسسة، والتي نشعر جميعاً، وبكل ثقة، انه سوف يتمكن من ارسائها في البلاد بفضل عزيمته والتفاف كل فئات الشعب حوله.
لقد أدرك الضباط المتخرجون هذه الحقيقة لأنهم عايشوها في الوحدات، وتبلورت معهم في دراساتهم وابحاثهم، ولهم نقول: إن التخرج على جماله وروعته ليس نهاية المطاف، واعلموا انكم بالكد والجد والبحث، تحافظوا على المستوى الأكاديمي والثقافي، وتواكبوا ما قد يستجد من علوم عسكرية وعامة.
وللمدربين نقول: لقد بذلتم جهوداً حثيثة من اجل تقديم المادة التعليمية، بأفضل الطرق والاساليب التي تؤدي إلى ترسيخ المعارف والمفاهيم في أذهان الضباط التلامذة، الذين شعروا بالفعل انهم تغيروا نحو الأمام.
أما الأساتذة المدنيين من الجامعة اللبنانية فنقول لهم: شكراً على عنائكم وجدكم وتكبدكم المشقات، التي ظهرت جلية في التحضير الدقيق للمواد العلمية والثقافية والقانونية والسياسية والاقتصادية، والسهر المتواصل على الدراسات والبحوث.
وللخبيرين الفرنسيين نقول: شكراً لجهودكما التي اسهمت في إبقاء المشبّه التكتي جانوس في جهوزية دائمة، وفي رفع مستوى اللغة الفرنسية في الكلية، إلى جانب مواظبتكما على تقديم محاضرات وخبرات قيمة استفدنا منها جميعاً.
وللضباط الاشقاء العرب المتخرجين نقول: لقد كان وجودكم بيننا وإصراركم على إكمال الدورة على الرغم من الظروف الصعبة التي مر بها الوطن، وتميزكم بالجدية والانضباط، والحرص الشديد على اكتساب المعارف، خير تعبير عن مناقبيتكم العسكرية، ومشاعركم الاخوية الصادقة تجاه بلدكم الثاني لبنان».
ختاماً توجه إلى قادة الكلية السابقين والحضور من الزملاء الضباط بالقول: إنه بفضل توجيهات القيادة وسهرها على تطوير المؤسسات التعليمية، تستمر كلية فؤاد شهاب، للقيادة والاركان بتطوير المناهج والانفتاح على المراكز الاستراتيجية في العالم، وترشيد التدريب بما يتلاءم مع التقدم العلمي والعسكري كي تبقى الكلية صرحاً تعليمياً مشرقاً. وشكر قيادة الجيش التي منحت الكلية الاولوية والاهتمام الكافي.

 

طليع الدورة والضباط العرب
وتخلل الحفل، كلمة لطليع الدورة الذي قال: «من تمتع بالعزيمة والارادة، وكانت لديه رؤية واضحة، لن يضل الطريق، وإن تعثّر أو واجهته الصعوبات، فيعمل جاهداً ويذلّلها حتى تحقيق الهدف، فالحياة سفينة والانسان ربّانها، والحقيقية ساطعة مضيئة كمثل نجمة تلمع وتسبح في سماء الله الواسعة».
أما كلمة الضباط العرب فألقاها العقيد محمد فرحان عبدالله من المملكة الاردنية الهاشمية، الذي اعتبر أن كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان لم تكن إلا رمزاً رفيع المستوى صنعه هذا الجيش العريق، وقد تعلمنا في هذا المعهد العريق الكثير الكثير، وتكاتف الجميع لتذليل الصعاب امامنا، فمن رأس الهرم في الكلية قائدها العميد الركن فرحات الذي تعلمنا منه كيف يجب أن نكون قادة مميزين، إلى هيئة التوجيه وهيئة التدريب والهيئة الادارية الذين لا نملك إلا أن نقدم لهم كل شكر وتقدير وامتنان».