تخريج

تخريج دورة الأركان الواحدة والثلاثين
إعداد: روجينا خليل الشختورة

 اللواء الركن حاتم ملّاك: الشارات إشعار بالمسؤولية

 

«تذكّروا دائمًا أنّ الشارات الحمراء التي ستزيّن أكتافكم من الآن وصاعدًا، هي إشعار بالمسؤولية القيادية التي ستوكل إليكم، ورمز للكفاءة التي تبنى في الأساس على الموهبة، لكنها لا تكتمل إلّا بالجهد والتعب والمثابرة. جيشكم يعقد عليكم الكثير من الأمل في مقبل الأيام، فلا تدّخروا إرادةً وعزمًا وعطاءً في معرض أدائكم الواجب. هكذا تسمو الجيوش وهكذا تصان الأوطان».
كلام اللواء الركن ملّاك هذا جاء خلال ترؤسه احتفال تخريج دورة الأركان الواحدة والثلاثين في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، ممثلًا قائد الجيش العماد جوزاف عون.


الوقائع
أقيم في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان في الريحانية، احتفال تخريج دورة الأركان الواحدة والثلاثين، التي ضمّت تسعة وستين ضابطًا من الجيش ومن الأجهزة الأمنية، ومن مصر والأردن والسودان وفرنسا.
ترأس الاحتفال رئيس الأركان اللواء الركن حاتم ملّاك ممثلاً قائد الجيش العماد جوزاف عون، وحضره عدد من السفراء والملحقين العسكريين وممثلي قادة الأجهزة الأمنية والجامعات الوطنية والإدارات الرسمية، ووفدان عسكريان من مصر والسودان، إلى جانب عدد من كبار ضباط الجيش وعائلات المتخرجين.
بعد النشيد الوطني اللبناني، تلا العميد الركن حسن فقيه النتيجة النهائية والمذكرات الخاصة بالتخرج، وجرى تسليم الشهادات وتبادل الدروع بين طليع الدورة المقدم البحري حسين بزي وقائد الكلية العميد الركن الطيار بسام ياسين. وبعد كلمتي طليع الدورة وممثل الضباط العرب والأجانب، ألقى قائد الكلية كلمته، ثمّ كانت الكلمة للواء الركن حاتم ملّاك.


اللواء الركن ملّاك
استهلّ رئيس الأركان كلمته بالقول: «يكفي هذه الكليّة فخرًا أنّها تحمل اسم القائد الأوّل للجيش اللبناني والرئيس الثالث للجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال، أعني اللواء الراحل فؤاد شهاب، وهو أحد قاماتنا الوطنية والعسكرية التي نجلُّ ونقدّر. ويكفيها فخرًا كذلك، أنّها استحقّت بالقول والفعل شعارها الثلاثي: معرفة، تطوّر، نجاح. كيف لا، والمعرفة هي سراج الفكر وبوصلة الطريق إلى إدراك الحقّ والحقيقة، والتطوّر هو سنّة الحياة ونبضها، ومن دونه تبقى المعرفة ومهما علا شأنها، قاصرة عن مواكبة العصر وتلبية احتياجاته، وأخيرًا النجاح، وهو الهدف الأسمى الذي طالما سعت إليه الكليّة، لتهديه عهدًا ووعدًا للمؤسسة والوطن».
وتوجّه إلى الضباط القادة المتخرجين، فقال: «في زمن ثورة التكنولوجيا والتقدّم العسكري الهائل في مختلف الحقول والاختصاصات، بات من البديهي أن تكون دورة الأركان، محطّ طموح كلّ ضابطٍ قائدٍ يسعى إلى الارتقاء بنفسه، ليكون في مقبل الأيام جديرًا بتسلّم قيادة وحدةٍ كبرى أو أحد أركانها، فينتقل من وظيفة الضابط الموجّه والمنفّذ والمشرف، إلى وظيفة الضابط المخطّط وصانع القرار. ولا شكّ في أنّكم قد لمستم ذلك كلّه على مقاعد الدراسة، سواء من خلال ما اكتسبتم من علوم عسكرية وثقافية بصورة مكثفة وشاملة، أو من خلال المهارات والتقنيات الحديثة التي تمرستم في أدائها، وفق المناهج التعليمية للكليّة، والتي باتت تحاكي بمضمونها وأساليبها، تلك المعتمدة في أكثر جيوش العالم تقدّمًا.
غير أنّ ذلك وعلى أهميته لا يجب أن يكون نهاية المطاف بالنسبة إليكم، فالمعرفة بحرٌ لا ينضب، والأساليب والقدرات العسكرية وظروف القتال، في تطوّر أو تغيير مستمرين. من هنا تحتّم عليكم المسؤوليات المرتقبة، أن تراكموا المزيد على ما بنيتم، وأن تبذلوا قصارى جهدكم لمواكبة كلّ جديدٍ في مختلف هذه المجالات».
وتابع: «تتخرّجون اليوم في وقتٍ يواصل فيه جيشكم مقارعة الإرهاب بكلّ عزمٍ وقوّة، مستبقًا خطره حينًا من خلال عمليات نوعية وقائية، تحبط مخطّطاته في مهدها وتقتلع أشواكه الإجرامية، وحينًا آخر من خلال التصدّي المباشر له على الحدود الشرقية. وهذه المهمّة النبيلة التي تحصّن لبنان من عبث الإرهابيين ومن رياح الحروب التي ما انفكت تعصف بالمنطقة، لا تشغل الجيش على الإطلاق، عن مهمّته الموازية في الدفاع عن الحدود الجنوبية ضدّ العدوّ الإسرائيلي، أو في مكافحة الجرائم المنظمة وحفظ الاستقرار الداخلي، وضمان إجراء الاستحقاقات الوطنية على أنواعها.
وللتذكير فقط، فإنّ الجيش اللبناني كان السبّاق في استشعار خطر التنظيمات الإرهابية، فمنذ معركة الضنية في مطلع العام 2000، وهو يخوض المواجهة تلو الأخرى ضدّ تلك التنظيمات بمختلف أشكالها ومسمّياتها، محقّقًا الانتصار عليها في جميع هذه المواجهات. واعلموا أنّ معركتنا ستبقى مفتوحة مع الإرهاب، حتى دحره واستئصال براثنه نهائيًا من جسم الوطن، لأنّها معركة الدفاع عن وحدة لبنان، وعن رسالته الإنسانية التاريخية، كنموذجٍ فذّ لتلاقي الثقافات والحضارات، ولنجاح تجربة التنوّع في الوحدة والوحدة في التنوّع».
وباسم قائد الجيش العماد جوزاف عون، توجّه اللواء الركن ملّاك إلى الضباط المتخرجين بالتهنئة الخالصة والتشجيع المستمرّ، وقال: «أخصّ بينكم رفاقًا من جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية السودان والجمهورية الفرنسية، استحقوا بجهودهم ومناقبيتهم شرف تمثيل جيوشهم خير تمثيل. ولن أنسى بالتأكيد توجيه الشكر إلى ملاك الكلية من ضباط وأساتذة جامعيين، بعد أن أثبتوا بجدارة عالية أنّهم على قدر المسؤولية التعليمية الملقاة على عاتقهم، كذلك الشكر إلى عائلاتكم التي كان لها نصيب وافر من الصبر والأعباء الاجتماعية والحياتية، في ظلّ انصرافكم إلى متابعة التدريب».
وختم قائلًا: «تذكّروا دائمًا أنّ الشارات الحمراء التي ستزيّن أكتافكم من الآن وصاعدًا، هي إشعار بالمسؤولية القيادية التي ستوكل إليكم، ورمز للكفاءة التي تبنى في الأساس على الموهبة، لكنها لا تكتمل إلّا بالجهد والتعب والمثابرة. جيشكم يعقد عليكم الكثير من الأمل في مقبل الأيام، فلا تدّخروا إرادة وعزمًا وعطاءً في معرض أدائكم الواجب. هكذا تسمو الجيوش وهكذا تصان الأوطان».


قائد الكلية
في كلمته، قال قائد الكلية العميد الركن الطيار بسام ياسين: «يسعدني ويشرّفني أن أرحّب بكم ضيوفًا أعزّاء في رحاب كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، أهلاً وسهلاً بكم جميعًا في هذا الصرح الأكاديمي العريق، في حفل تخريج دورة الأركان الواحدة والثلاثين.
يمتزج الفرح بتخرّج الضباط ونيلهم شارة الركن، بالرضا الذي يغمر الكلية، ضباطًا، مدربين، وإداريين، وعسكريين من مختلف الرتب، وهم يفخرون اليوم بنتائج عملهم وكدّهم، وبارتياح قيادة الجيش وأركانها إزاء أداء الكلية ووفق الدور المعطى لها، كأعلى مؤسسة تعليمية في الجيش، مهمّـتها الأساسية، تدريب الضباط القادة وإعدادهم ليتولّوا مراكز قيادية وعملانية وإدارية عليا في مختلف الوحدات العسكرية».
وأضاف: «تُعتبر دورة الأركان في الجيش اللبناني محطّةً مفصلية في مسيرة الضابط اللبناني لتبوّء مراكز قيادية حسّاسة، انطلاقًا من شمولية المناهج التعليمية الموضوعة لهذه الدورة، بحيث تتضمن إلى جانب المواد التعليمية، محاضرات وزيارات داخلية وخارجية، ودراسة العديد من معارك الجيوش وتقييمها ونقدها. والأهم من ذلك كلّه، تنفيذ تمارين قتالية متنوّعة تحاكي مهمّات جيشنا، ليتمكّن الضابط الركن من مجابهة مختلف الأوضاع والظروف الطارئة في عمله الميداني، خصوصًا لجهة التخطيط السريع للقتال والإشراف التلقائي على سير المعارك».
وتابع العميد الطيار ياسين، قائلًا: «ما كانت الكلية لتصل إلى ما وصلت إليه من مستوىً تعليمي عالٍ، لولا متابعة قيادة الجيش لأوضاعها، وسهرها على توفير الدعم لها، الدعم المعنوي المتمثل بتعزيز موقعها ودورها، ورفدها بخيرة الضباط والأساتذة المدربين. والدعم المادي المتمثل بتأمين احتياجاتها الإدارية واللوجستية على أنواعها، وتوفير الوسائل والتقنيات الحديثة التي تلبّي تحقيق الأهداف المرسومة لمناهج التعليم. وهنا أودّ التأكيد بأنّ عملية تطوير هذه المناهج هي عملية مستمرّة بفعل تراكم التجارب والخبرات المستقاة من المعارك التي تخوضها الجيوش المعاصرة، وأيضًا بفعل تقدّم العلم العسكري والتكنولوجيا العسكرية والمدنية. ولا شكّ في أنّ حصول الجيش تباعًا على أسلحة ومعدّات متطوّرة وحديثة سيُواكَب بإجراء تعديلات أو إضافات على المواد التعليمية، خصوصًا تلك المرتبطة بأسلحة الدعم والتكتيك وتمارين القتال على المشبّه التكتي».
وللضباط المتخرجين، قال: «تغادرون اليوم هذه الكلية، ويعود بعضكم من الرفاق الأصدقاء إلى بلدانهم، بعدما أمضيتم عامًا كاملاً جنبًا إلى جنب، تتشاركون الجهد والتعب والعطاء، لذا أدعوكم جميعًا إلى المحافظة على العلاقة المميّزة التي طبعت دورتكم، والتواصل الدائم في ما بينكم، وكونوا على ثقة بأنّ الكلية ستبقى مشرّعةً أمامكم، ومكتبتها ستبقى على استعداد لتزويدكم كلّ ما ستحتاجون إليه من موادٍّ تعليمية وكتب ودراسات ومحاضرات».
ختامًا، توجّه إليهم بخالص التهنئة في مناسبة تخرّجهم ضباطًا أركانًا، كما وجّه التهنئة إلى أفراد عائلاتهم، وخصوصًا عقيلاتهم اللواتي تقاسموا وإيّاهن، بشكل أو بآخر، عناء هذه الدورة وشجونها.
كما وجّه تحيّة تقدير «إلى الضباط والأساتذة المدرّبين الذين وضعوا عصارة علمهم وخبرتهـم بتصرف ضباط الدورة، فكانوا على المسؤولية والثقة خير مؤتمنين». وعبّر عن «الشكر الجزيل لجيوش الدول الصديقة التي أوفدت ضباطها إلى الكلية لمتابعة هذه الدورة، كتعبيرٍ عن ثقتها بلبنان أولاً، وجيشه ثانيًا، وبالكلية أخيرًا». وشكر المؤسسات الأمنية اللبنانية التي «أوفدت خيرة ضباطها لمتابعة الدورة، على أمل أن يكونوا روّادًا في هذه المؤسسات».

 

المتخرجون اللبنانيون
كلمة الضباط اللبنانيين في الدورة ألقاها طليعها المقدم البحري حسين بزي الذي قال: أقف اليوم أمامكم متحدِّثًا باسم زملائي في دورة الأركان الواحدة والثلاثين، فتمتزج في نفسي مشاعر الفخر والاعتزاز، بمشاعر هيبة الموقف والمكان، كيف لا، وها هو حلمنا الكبير باستحقاق لقب ركن، يبصر النور بعد حوالى عشرة أشهر من الدرس والتعب والمثابرة، صقلت شخصيتنا العسكرية وأشبعت طموحاتنا العلمية.
وأضاف: إنَّ ما تمّ اكتسابه من معارف وخبرات متنوعة في هذا الصرح التعليمي العريق، هو بمثابة محطّة أساسية لا بدّ منها للانطلاق بزخم واندفاع نحو المستقبل... كما إنّ لقب الركن هو تكليف لنا قبل أن يكون تشريفًا... وإجازة الركن هي بمنزلة تأشيرة دخول إلى عالم المسؤولية الكبرى...
وشكر باسمه وباسم زملائه، قيادة الجيش بشخص العماد جوزاف عون قائد الجيش، الذي تابع عن كثب أوضاع الدورة وشؤونها التدريبية وحاجاتها المختلفة، كما شكر قائد الكلية ومدير الدورة والضباط والأساتذة المدرّبين، الذين تقاسموا وإيّاهم السهر والتعب، ليصلوا جميعًا إلى هذه الخاتمة السعيدة...

 

المتخرجون العرب والأجانب
أمّا كلمة المتخرجين العرب والأجانب فألقاها العقيد الركن جمال عمر محمد علي (من الجيش السوداني)، الذي قال: «...إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن نكون من ضمن الدارسين في هذه الكلية العريقة التي أفادتنا خلال مدة الدورة علمًا، وفكرًا، وكان التلاقُح بين مختلف العلوم والعقائد العسكرية التى تسهم فى تثقيف الضابط وتسمو بفكره العسكري لمعالجة كل الصعوبات والمشاكل التي قد تواجهه أثناء الخدمة العسكرية.
وأضاف: إنّ دورة الأركان الواحدة والثلاثين هي من الدورات التي تميزت بالانضباط العسكري، والفكر البناء، والنقاش الهادف الذي ستظهر ثمرته عند عودة الضباط المتخرجين إلى وحداتهم وتقلّدهم لمناصبهم الجديدة...».
وشكر قيادة الجيش اللبناني، وقيادة كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان لما قامت به من جهدٍ لتهيئة الأجواء وتذليل الصعاب حتى نتفرغ للدراسة والتحصيل الأكاديمي.
وأضاف: «لجميع القيّمين على الدورة من ضباط وأساتذة جامعيين نقول: شكر الله صنيعكم وأوفاكم خير جزاء، هنيئًا لكم زرعكم الذي قطفتم اليوم ثماره، وإلى رفاق الدورة أقول: كنّا نعمَ الإخوة ترابطًا، وتعاونًا، واحترامًا، أدامكم الله بالعافية وحفظكم لخدمة بلدِكم، إعلاءً لرايته، وحفظًا لوحدة تراب أرضه. وأخصّ رفاقي اللبنانيين بالقول: أيام من خُلاصة الوفاء والأُخوّة الصادقة قضيناها في معيتكم، كرم لا يحده حدود، يبيّن معدنكم وأصلكم النبيل، لن ننسى صنيعكم وحفاوتكم، نحن نحمل الجميل ونعلقه على جدار ذاكرتنا أبدًا لا يزول، وتبقى المدة التى أمضيناها بينكم فى القلب، لن ننسى طيب معشر ودماثة خُلق إنسان لبنان الأبي...».

 

التصنيفات
صُنّف المقدم البحري حسين بزي طليع الدورة، بينما صُنّف العقيد هارون سيور في المرتبة الثانية والعقيد أوليفر حاكمه في المرتبة الثالثة.
كما صُنّف الرائد الركن محمد مدالله مسلم من الجيش الأردني في المرتبة الأولى بين الضباط العرب والأجانب، تبعه العقيد الركن جمال عمر محمد علي من الجيش السوداني في المرتبة الثانية، والرائد الركن محمد رفيق محمد من الجيش الأردني في المرتبة الثالثة.
أمّا لناحية تصنيف الأبحاث العلمية، فقد صُنّف بحث العقيد أوليفر حاكمه في المرتبة الأولى، وصُنّف في المرتبة نفسها عن فئة الضباط العرب والأجانب بحث المقدم الركن البحري معاوية علي أحمد عيسى من الجيش السوداني.