اخبار ونشاطات

تخريج دورة الاركان التاسعة عشرة
إعداد: نينا عقل خليل

ممثل قائد الجيش اللواء الركن رمزي ابو حمزة:
المهام العسكرية تتغير أما العقيدة فثابتة

في ختام عشرة أشهر من التمرّس في المعارف العسكرية والاستراتيجية، وتنمية الروح القيادية وصقلها، تم تخريج دورة الأركان التاسعة عشرة في كلية القيادة والأركان التي ضمت ضباطاً لبنانيين وأردنيين وسعوديين وسوريين وقطريين.
أقيم احتفال التخريج في قاعة العماد نجيم في اليرزة برئاسة رئيس الأركان اللواء الركن رمزي أبو حمزه ممثلاً العماد سليمان قائد الجيش، وبحضور قائد كلية القيادة والاركان العميد الركن محمد عباس، والملحق العسكري السعودي العميد المهندس محمد بن ابراهيم الحجاج، والسكرتير الأول والقائم بالأعمال القطري السيد أحمد الكواري والمستشار الثقافي في السفارة الأردنية السيد محمد أمين الخرابشة، إضافة إلى عدد من ضباط الجيش اللبناني ومدرّبي الكلية، وحشد من أهالي المتخرجين وعائلاتهم.
إفتتح الحفل بالنشيد الوطني اللبناني، تلاه كلمة طليع الدورة المقدم الركن فؤاد ناصر التي أكد فيها أن التفوّق يتطلب الكثير من الجهد والسهر، ومشدداً على أهمية دورة الأركان في تفعيل روح القيادة لدى الضباط وفي توسيع معارفهم الستراتيجية الدولية، إضافة إلى تثبيت مفهوم العقيدة القتالية التي يتبعها الجيش اللبناني.
ثم تحدث بإسم الضباط العرب الرائد فواز اللبّان من المملكة الأردنية الهاشمية فشكر قيادة الجيش وقيادة كلية القيادة والأركان لما بذلوه لإنجاح هذه الدورة، كما نوّه بجهد "المدربين الأكفاء العسكريين منهم والمدنيين" الذين زوّدوا الضباط المتخرجين بمعارف عسكرية واستراتيجية مختلفة، كما شدّد على أهمية تبادل الخبرات والمعارف بين الجيوش العربية لا سيما في هذه المرحلة، مؤكداً في الوقت نفسه أن البحث على العلوم والخبرة لا يقل أهمية عن روح الأخوة التي سادت بين جميع ضباط الدورة التاسعة عشرة للأركان.

 

العميد الركن عباس: ثابروا على التحصيل والبحث

بعدها كانت كلمة لقائد كلية القيادة والأركان العميد الركن محمد عباس، جاء فيها ما يلي:


الحضور الكرام، أيها الضباط المتخرجون
بعد أحد عشر شهراً من بدء هذه الدورة، وقد ثابرتم خلالها لنيل المعارف والعلوم العسكرية التي ترفع من قدراتكم القتالية، ها نحن اليوم نحتفل بتخرجكم.
هذه الدورة التي جاءت متميزة بنتائجها قياساً على دورات سبقت، بذلتم فيها من الجهد جلّ ما استطعتم، وأعطى فيها المدربون والمحاضرون زبدة معلوماتهم، وهو ما يفسر أهمية النتائج المحصلة. اليوم نحن مطمئنون أنكم ستعودون إلى وحداتكم، مستشعرين عن حق بامتلاككم لإمكانيات علمية ومعرفية كبيرة، تزيد من ثقتكم بأنفسكم وتجعل منكم قادة حقيقيين قادرين على اتخاذ القرارات الصائبة في أصعب الظروف، وهذا بالضبط هو هدف الدورات العسكرية وبخاصة دورة الأركان التي تعوِّد الضباط على التفكير المنهجي وعلى الأسلوب الأسلم في التحليل والإستنتاج للتمكن بالتالي من أخذ القرار المناسب.
وأريد أن أشير هنا إلى نقطة هامة، وهي أن التحصيل العلمي ليس وقفاً على الدورات وحدها، وهي ليست خاتمة العلوم ونهاية المطاف، فالمطلوب منكم استمرار التحصيل واستمرار البحث في كافة المجالات العسكرية وغيرها، وليكن ذلك هاجسكم، فالضابط المثقف والواعي تتبلور شخصيته وتقوى، ويرفع بها من شأن جيشه وبلده، والجيوش صنو قادتها، فالتاريخ العسكري الذي بحثتم فيه يكاد يختصر سيرة الجيوش والدول بسِيَرِ قادتها الأفذاذ.
يسعدنا وجود ضباط أشقاء عرب بيننا من سوريا والأردن والسعودية وقطر، نخبة ممتازة من الضباط عملت بجدّ ونشاط وحازت نتائج مشرفة، وكانت على مستوى ثقة بلدانها بها.


أيها الضباط الأشقاء
إن وجودكم بيننا دليل حي على عمق العلاقة التي تربط بلداننا وجيوشنا، والتي تحرص قيادة الجيش على استمرارها لما فيه مصالحنا المشتركة، وقد أكد حضرة العماد ميشال سليمان قائد الجيش على هذا الأمر مراراً وخاصة خلال تفقده الأخير للكلية.


أيها الضباط
إن المرحلة الراهنة دقيقة وحساسة ولا تخلو من مخاطر يجب أخذها بالحسبان، ومن هنا تزداد المسؤوليات الملقاة على عاتقكم، خاصة بعد انسحاب الجيش العربي السوري الشقيق، وأصبح بالتالي لزاماً عليكم بذل جهود مضاعفة لاتمام المهام المنوطة بكم، سواء على صعيد الدفاع عن حدود الوطن بوجه العدو الصهيوني الطامع دوماً وأبداً في أرضكم ومياهكم، أو على صعيد حفظ الأمن الداخلي الذي يعتريه خلال هذه الفترة بعض الثغرات، والتي يسعى الجيش جاهداً مع باقي القوى المسلحة لسدّها. وعلى هذا الأساس يشدّد العماد قائد الجيش خلال اجتماعاته الدورية مع الضباط على الثابتة التي مؤدّاها "مضاعفة الجهود ورفع الكفاءة القتالية لنتمكن بعدد أقل من تنفيذ مهام أشمل وأوسع وبفعالية أكبر".


أيها الضباط
في ظل التحولات الجذرية التي حصلت في لبنان على المستوى السياسي والشعبي، برزت مسلّمات راسخة في وجدان عامة الناس وهو الإقتناع العميق بالتعايش السلمي بين كافة مكونات الشعب اللبناني، وثقة المواطنين وتقديرهم لدور الجيش المركزي في صون هذا التعايش والحفاظ عليه، وعلى هذا الأساس يستمر الجيش بالقيام بواجباته بقدرة وكفاءة عالية ­ رغم الأصوات المشككة بقدرته ­ وقوته نابعة من التفاف اللبنانيين بمختلف توجهاتهم حوله واقتناعهم التام بدوره، والمطلوب من الطبقة السياسية في المرحلة الحالية والقادمة دعم الجيش ورفع ميزانيته وعدم التذرع بالحالة الإقتصادية الصعبة لأن الأمن، والجيش عنوان هذا الأمن هو أهم استثمار، فلا اقتصاد بلا أمن ولا أمن بلا جيش قوي ومجهّز وقادر.


أيها الضباط
إن حماية لبنان من التحديات والأخطار الماثلة هذه الأيام تتمثل في:
­ رسوخ الوحدة الوطنية من خلال الحوار البناء والهادف بين مختلف الفئات، مع ضرورة الإبتعاد عن الإيديولوجيات القصوى التي تعتبر نفسها هي الحقيقة وطروحاتها هي الحل، وتسعى إلى تعميم ثقافة التمييز بين فئات الشعب اللبناني مع التأكيد على حق الإختلاف السياسي شرط أن يكون هذا الإختلاف تنافساً لمصلحة الدولة.
­ تحصين السلم الأهلي في الداخل وهنا يأتي دوركم فأنتم العين الساهرة التي تحمي الوطن وتمنع العبث بأمنه وتردع الذين يحاولون العودة بالأوضاع إلى سنيّ الحرب المشؤومة.
­ استمرار التعاون والتنسيق مع الجيش العربي السوري الشقيق والتأكيد على أن الجيش سيبقى سنداً وحامياً لخاصرة سوريا ووفياً لمن عضده وأيّده مهما تغيرت الظروف وادلهمت الأجواء.
­ بقاء الجيش على أهبة واستعداد وجهوزية دائمة للرد على الإعتداءات الإسرائيلية والتأكيد على دوره في حماية ظهر المقاومة، التي ستبقى خيارنا الإستراتيجي حتى تحقيق السلام الشامل والعادل، مع التشديد على ضرورة ابعاد المقاومة عن المشاحنات السياسية وتسجيل النقاط، لأن ذلك من شأنه الإساءة لها والتنكر لدورها ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، فالمقاومة التي انطلقت بقرار لتحرير لبنان وطرد العدو من أراضيه لن تقف إلا بقرار بعد تحرير كامل الأرض وإيجاد الصيغ المناسبة والصالحة لحماية لبنان من أي عدوان، ولا يجوز بأي حال التفريط مجاناً بأوراق القوة التي تمثلها.
بالإضافة إلى ما سبق من ثوابت ومرتكزات يجب الحفاظ عليها والتمسك بها، فإن المطلوب من الدولة أن تتحرك على خطين، خط التضامن العربي وبالأخص مع الشقيقة سوريا من خلال إقامة علاقات ممتازة ومتوازنة معها. وخط الشرعية الدولية والدول الفاعلة الكبرى بهدف توضيح موقف لبنان في ما يتعلق بحقه في تحرير ما تبقى من أرضه وحماية نفسه بوجه المخاطر التي تتهدده، وحقه في رفض التوطين.


أيها الضباط
لا يراودنكم في أي يوم شعور بالضعف قياساً على الإمكانيات المحدودة التي تمتلكونها، فالإصرار والتصميم والتضحية والتسلح بالوعي والمعرفة والتمسك بالثوابت الوطنية، ستمنحكم القوة الكافية للقيام بمهامكم. فلتستمروا بالمثابرة والجهد واكتساب المعارف، ولترسّخوا مبادئكم وأفكاركم في أذهان مرؤوسيكم، فبدونكم وبدون الجيش وبدون الأمن، فإن الوطن في خطر ويتربّصه الأعداء.

 

تسليم الشهادات
وكلمة ممثل قائد الجيش

إثر الانتهاء من كلمته، تبادل العميد الركن عباس الدروع مع طليع الدورة، ثم كانت تلاوة مذكرات لقب ركن، ومن بعدها تسليم الشهادات للمتخرجين مع تهنئة المميزين من بينهم وتلاوة لائحة الشرف.
ختاماً، كان توقيع السجل الذهبي وأخذ صورة تذكارية لممثل قائد الجيش مع الضباط المتخرجين، وذلك بعد كلمة رئيس الأركان اللواء الركن أبو حمزه، ممثِلاً القائد وقد جاء فيها ما يلي:
تتميز مسيرة المجتمعات الحديثة بمتغيرات متعددة وثوابت محددة.
سياسات الدول متغيرة بأشكالها وأساليبها ومسؤولياتها، اما المبادئ التي تنطلق منها تلك السياسات "يفترض" أن تكون ثابتة.
كذلك الامر بالنسبة الى الجيش، فالمهام التي توكل اليه ويقوم بتنفيذها تتغير، اما العقيدة العسكرية، التي تنفذ هذه المهام بوحيها وضمن اطارها، فهي ثابتة لا تتغير.
ان تحضير العسكريين للقيام بمهامهم بكفاءة وجدارة، مسؤولية اساسية ملقاة على عاتق مراكز التدريب في الجيش بمختلف مستوياتها، مستلهمة "الثوابت" التي هي المبادئ الاساسية للعقيدة العسكرية.
هكذا هي "كلية القيادة والاركان" مركز التدريب الاساسي الذي يقوم بتدريب الضباط القادة وتأهيلهم لاستلام وظائف قيادية والقيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم بأفضل اسلوب.
باسم العماد ميشال سليمان قائد الجيش، اتقدم بالتهنئة من كافة ضباط ورتباء وافراد الكلية على الجهود التي تبذل لإعطاء احسن النتائج في التدريب، على امل الوصول الى الأفضل بعد الانتقال الى المباني الجديدة للكلية بأقرب فرصة ممكنة، كما اهنئ الضباط المتخرجين متمنياً لهم مستقبلاً زاهراً.