أخبار ونشاطات

تخريج دورة قائد كتيبة السابعة والثلاثين
إعداد: نينا عقل خليل

ممثل قائد الجيش: لا تستعجلوا النجاح إنه الأخير في رحلة مشوار طويل


أقيم في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان احتفال تخريج دورة قائد كتيبة السابعة والثلاثين ترأسه العميد الركن علي الحاج سليمان قائد الكلية، ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي وحضره ضباط ممثلون عن القيادة ووحدات الضباط المتخرِّجين وضباط ملاك الكلية، وأساتذة منتدبون من الجامعة اللبنانية ومحاضرون عسكريون ومدنيون.
إستهلّ الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني أعقبه تلاوة مذكرة النتيجة النهائية للدورة وتلاوة لائحة الشرف. بعدها سلَّم العميد الركن علي الحاج سليمان الشهادات للضباط المتخرِّجين،  كما هنّأ الضباط المميَّزين وتبادل مع طليع الدورة الرائد الياس عاد الدروع التذكارية.
وللمناسبة ألقى ممثل قائد الجيش الكلمة الآتي نصها:
 

السادة الضباط المدعوون
السادة الضباط المدربون
السادة الاساتذة المحاضرون
أيها الضباط التلامذة المتخرِّجون

بين قضاء قضى باستمراري في المهمات حتى النهاية...
وقدر قدّر الرابع من شباط زمنًا لنهاية الخدمة، وموعدًا لتخريج دفعة...
كانت الصدفة، وفي الصدف تكمن العبر إنها لمن أجمل الصدف وأكرمها، أن أقف في اليوم الأخير من خدمتي على قمة الأربعين حولاً أو ما دونها بقليل، ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي في تخريج الدورة السابعة والثلاثين لقائد كتيبة، والخامسة على التوالي، له منّي كل الشكر والمحبة والإحترام.
إنها لمن أسعد الفرص وأنبلها، أن أرى في اليوم الأخير من خدمتي، ضباطًا كبارًا ضيوفًا أعزاء لي في مصنع القادة يشهدون تخريج مرؤوسين لهم، بعدما رأيتهم في الماضي البعيد تلامذة ضباط في مصنع الرجولة يصغون إليَّ في مقاعدهم، ويتأهَّبون للذود عن الوطن.
إنها لمن أصدق المناسبات وأوفاها، أن أشكر في اليوم الأخير من خدمتي فريق عملي من الضباط المدرِّبين والإداريين. صدقوا العهد، بذلوا الجهد، تعوَّدوا السهد، فكانوا الساعد الأيمن في رفعة هذا الصرح وتقدُّمه.
إنها لمن أسمى الأوقات وأرفعها، أن أترك في اليوم الأخير من خدمتي وديعة نصح إلى ضباط تلامذة ساهموا في مسيرة تطوُّر الكلية، وأودعوها إرثًا للقادم من الأيام، فبتولّي هؤلاء زمام المسؤولية والقيادة، سيسهمون من دون أدنى شك في رفعة الجيش وسموه.
إنها لمن أعز الظروف إلى قلبي، أن أرى في اليوم الأخير من خدمتي، ضباطًا أشدّاء في قوى الأمن الداخلي، وضباطًا عربًا أوفياء، يشاركون إخوانًا لهم في الجيش خبز العلم وملح المعرفة، فلهم منا كل التقدير والعرفان.
إنها لمن أزكى الأيام وأعطرها، أن أرى في اليوم الأخير من خدمتي أساتذة جامعيين ومعلمين محاضرين، جهّزوا أقلام فكرهم، وشبكوها إلى بنادق جيشهم، ليسهموا في تكامل الدفاع عن لبنان. لهم منا تحية شكر وامتنان.
فمن هذا المشهد أو ذاك، يفوح أريج الرضى، وتخيم شباك الأمان، وتكتمل مع الجميع صورة الأمل بغد مشرق.

 

أيها الضباط المتخرِّجون
ما بين أمسكم الذي وطئتم فيه أرض هذا الصرح، ويومكم هذا الذي فيه تتخرَّجون، زمن مضى من دون أن يهدر، وجزء من العمر انقضى من دون أن يخسر، إذ أسّستم خلاله بجهدكم واجتهادكم القواعد الصلبة والأرضية الصالحة لحياة مهنية عملية، أكثر علمية وموضوعية، بعيدة عن كل ارتجال وعشوائية. تقرنون أداءكم وقراركم فيها، بمبادىء العلم ونور الثقافة التي منها نهلتم، وبمزايا القيادة وفنها وحسن الإدارة وانضباطها التي منها ارتويتم، وما شهاداتكم التي تقلَّدتموها اليوم إلاَّ خير شاهد وأصدق دليل، شهاداتكم هذه خططتم حروفها بحبر العرق وسواد الأرق، فكانت المدماك الأساسي لحياة عسكرية معاصرة، وقاعدة انطلاق نحو دورات قادمة أكثر حداثة وأوسع شمولاً: لأن الماضي بكل تأكيد لن يتساوى مع الحاضر فكيف المستقبل؟
تغادرون اليوم إلى مهماتكم التي أنتم عليها مؤتمنون، في حماية الأرض وصون وحدة الشعب، فأنّى كان موقعكم احفظوا الأمانة على قدر الإستقامة ومدى صوت الضمير، وعزِّزوا شأنها على قدر ما تحملون من مناقبية وولاء، وتذكَّروا أنكم تواجهون عدوًا ظاهرًا خلف الحدود، يتربَّص بكم الفتنة، فجابهوه بالوحدة لا بالتفرقة، بالوطنية لا بالمذهبية أو الطائفية، بالكفاءة والجدارة لا بالتبعية والإستزلام، وعدوًا آخر مستترًا في ثنايا الظلمة، إنه الإرهاب الذي يتوثَّب لضربكم في عقر داركم، فحاربوه بالإعتدال والإيمان لا بالتطرُّف أو التعصُّب بيقظة البصيرة قبل البصر، ولتكن شرعية وجودكم أينما حللتم، مصدر قوتكم ومنطلق العزيمة لديكم.
أيها الضباط المتخرِّجون
إعلموا أن القيادة التي أنتم إليها سائرون، تبدأ بالشعور بأهمية الرسالة التي لها أنفسكم نذرتم وتنذرون. إنها الإيمان بالقدرة على مواجهة الظروف الصعبة بشجاعة وإقدام، إنها إخلاص لرؤساء بما يمثلون من سلطة وقانون، ووفاء لمرؤوسين يشاركونكم تعب الوصول إلى الأهداف، إنها نصح وتفهم، وعي وإدراك، إنها بصيرة وحكمة، طاقة ونشاط، تعفُّف وترفُّع، حزم ومرونة، تضحية وتفانٍ، مهارات اتصال وتخاطب، وهي في الخلاصة قدرة على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، وتشكيل فرق العمل وتقويم الأداء، فاستخدموا مهارتكم وما تعلمتموه في هذا المجال.

 

أيها الضباط المتخرِّجون
لا تستعجلوا النجاح في حياتكم، لأنه بالفكر يبدأ، وبالشعور يدفع ويحفِّز، وبالعمل والصبر يترجم، إنه في الأخير في مشوار طويل أوصيكم خلالها: بالعلم، فهو سبيلكم إلى الإحتراف... وبالثقافة فهي الثقة التي تغلِّف شخص كل واحد منكم... وبالعلم والثقافة تعبِّدون طريقكم نحو الكبر.
أوصيكم بالمثابرة، إنها النبض الذي تحيا به أعمالكم، ويكبر عبرها تاريخكم.
بمكارم الأخلاق، إنها جسر العبور إلى عقول الآخرين وقلوبهم في أي زمان ومكان.
أوصيكم بمحاسبة النفس والضمير دومًا، وعدم الجمع بين القناعة والخمول... ولا بين العزة والغرور... ولا بين التواضع والمذلة.
أوصيكم بالتقاط النصيحة، إنها خبرة الحياة وقد تعتّقت في خوابي الماضي، لتقدم على موائد حاضركم.

 

أيها الضباط المتخرِّجون
وقبل أن يتوقَّف قطار خدمتي وأترجل، أستودعكم كلمة وحلمًا. كلمة قالها جبران في اليقظة الأخيرة:
«لقد أحببتكم كثيرًا... أحببت الواحد منكم كما لو كان كلكم، وأحببتكم جميعًا كما لو كنتم واحدًا، ففي ربيع قلبي كنت أترنّم في جنانكم وفي صيف قلبي كنت أحرس بيادركم... أحببت من يلتمس منكم سبيله في الظلام كمن يرقص أيامه على الجبال والآكام».
أستودعكم حلمًا راود مارتن لوثر كينغ إلى أن عاشه حقيقة عندما قال: «إنني أحلم اليوم بأن أطفالي سيعيشون يومًا في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم».
أخيرًا باسم العماد قهوجي قائد الجيش أهنّئكم على تخرّجكم الميمون الذي كرّس إنتصار إرادتكم بقهركم كل العقبات والتحديات، وأدعوكم إلى الإستذكار بأن «الأمة لا تسعد إلا بثلاثة: حاكم صالح، وعالم ناصح، وعامل مخلص».
فأينما كنتم أو حللتم، أضيئوا مشاعل هؤلاء، لتسعد فيكم الأمة ويزهو بكم الجيش والوطن.
 

عشتم-عاش الجيش
عاش لبنان