من هنا وهناك

تراث لبنان الطبيعي في «مركز التراث اللبناني»
إعداد: جان دارك أبي ياغي

فرادةٌ عالمية في غنى أَزهاره النادرة والموثقة

ضمن سلسلة الإِضاءات الشهرية على التراث اللبناني من كلّ نوع، نظم «مركز التراث اللبناني في الجامعة اللبنانية الأَميركية (LAU) لقاءً حواريًا في موضوع «تراث لبنان الطبيعي فرادةٌ عالَـمية في غنى أَزهاره» مع الباحثَين في هذا الحقل الدكتور أَحمد حوري والدكتورة ميرنا سمعان.
بداية، شرح  مدير المركز الشاعر هنري زغيب أهمية التنوُّع في مواضيع اللقاءات الشهرية للمركز ما يتيح الإحاطة «بمختلف أنواع التراث اللبناني» وحقوله وميادينه وأعلامه وأعماله وعلاماته. ثم أدار الحوار مع المحاضرَين اللذين جالا في النُّصوص والصور على الشاشة في هذا الحقل الغنيّ من أرض لبنان.
وعرض الدكتور حوري على الشاشة صفحات كثيرة من هذا الميدان، متوقفًا عند كثافة عدد الأَزهار الفريدة في أرض لبنان، وضرورة العمل على حفظ المحميات الطبيعية، ودور العلماء في شرح أهميتها للمواطنين والمسؤولين. وأَشار إلى أن الرائد في هذه الإضاءات كان الدكتور مصطفى نعمة الذي بدأ منذ العام 1981  بوضع كتب مصوَّرة حول الموضوع، تلاه الدكتور جورج طعمة والدكتورة هنريات طعمة اللذان باتا مرجعًا علميًا عالـميًا فيه.
وبعد إشارته إلى المناطق الإيكولوجية المهمة في العالم، ركَّز على طوبوغرافيّة لبنان وخارطة الأَمطار فيه ونباتاته، التي تتوزّع في 124 عائلة، و757 جنسًا، و2863 نوعًا، وهنا أهمية المحميات الطبيعية التي يجب الحفاظ عليها. وفيما كشف كتاب الدكتور نعمة (1981) عن 165 نبتة، كشف كتاب طعمة (2002) عن 1025 نبتة، وكتاب أَحمد ونسرين حوري الدليل الحقلي (2001) عن 240 نبتة، وكتابهما الآخر (2008) عن 400 نبتة، وكتاب ميرنا سمعان (2009) عن 86 أوركيدة و100 نبتة.
أما الدكتورة سمعان فتحدثت عن التنوُّع الزهوري الكبير، والأَزهار التي تحمل اسم لبنان في جذر أسمائها، بفضل مستشرقين جالوا في أرضه واكتشفوا غناه الطبيعي وتعدُّد أَزهاره التي اكتشفوا منها نحو 3000 نوع، معظمها ليس موجودًا إلا فيه. كما أشارت إلى 150 نوعًا من الأزهار تحمل إسم لبنان عمومًا، أو بعض مناطقه خصوصًا (حاصبيّا، كسروان، القرنة السوداء، صوفر...)، وهو ما بات اليوم موثَّقًا في عدة مراكز علمية عالمية، ما يشكّل إرثًا علميًا وحضاريًا كبيرًا للبنان.
وقالت: إنّ الفضل الأَول في تلك الاكتشافات يعود إلى المستشرق الألماني ليونهارت رولوف الذي جاء إلى لبنان ونزل في ميناء طرابلس العام 1535 وبقي أربع سنوات ينقّب ويكتشف ويسمّي الأزهار على اسم لبنان. وفتح بذلك رغبة مستشرقين آخرين أخذت تجذُبهم أرض السحر والفرادة في لبنان، فتعاقب على اكتشافها علماء آخرون منهم كارل لينهاوس (1707-1778)، ثم تلميذه السويدي فريدريك هاسلكويست (1722-1752)، وهو زار صور وصيدا وزار الأَراضي المقدسة في فلسطين، والفرنسي جاك جوليان دولابيلارديير (1755-1834) الذي أمضى وقتًا طويلاً في بشري ووادي قاديشا وكتب الكثير عن جمالات لبنان. ثم النمساوي تيودور كوتشي (1813-1866) الذي زار زحلة وصنين وبعلبك.
وختمَت بالمراكز العلمية التي تحتضن أَزهارنا مجفَّفة وموثَّقة باسم لبنان، وأَبرزها «الحدائق الملكية» في كيو (إنكلترا)، و»الحدائق الطبيعية» في ولاية ميزوري الأميركية، و«الحدائق الطبيعية» في جنيف.