- En
- Fr
- عربي
ترشيد إستخدام أراضي المشاعات وانعكاساته على عملية التنمية في لبنان
إن الأراضي هي أهم الموارد التي تملكها الدولة، وأصبح الاستخدام الرشيد والأمثل في الدول المتحضرة والنامية هو الأساس الذي يقوم عليه التخطيط بأنواعه، ومستوياته و أهدافه كافة.
ما حدث أخيرًا في بعض المناطق اللبنانية من وضع اليد على بعض أملاك الدولة والمشاعات وما نتج عنه من استباحة لمساحات واسعة من الأراضي البرية والبحرية وإقامة لأبنية عشوائية لا تراعي السلامة العامة ومتطلّبات السكن اللائق من حيث وجود البنية التحتية اللائقة وزيادة الكثافة السكانية، أعاد إلى الضوء المشاكل التنموية المرتبطة باستعمالات الأراضي في هذا البلد.
على اللبنانيين أن يدركوا مدى التغيير النوعي الذي حصل في لبنان بفعل تزايد سكّانه من مليون نسمة في زمن الاستقلال، إلى أربعة ملايين نسمة عام 2000 يعيشون ضمن رقعة جغرافية ثابتة، علمًا ان هذا العدد سيتجاوز حتمًا الخمسة ملايين إذا أضفنا الأجانب الذين يعيشون على الأراضي اللبنانية.
من هنا وبناءً على ما تقدّم، يكمن الغرض المباشر من هذا البحث في ترشيد استخدام الأراضي المشاعية في لبنان من خلال إيجاد الآليات المناسبة التي من شأنها أن تؤمّن المواءمة مع متطلّبات الخطة الشاملة لترتيب استعمالات الأراضي وجعلها مصدر استثمار ووسيلة لتحقيق منافع متعدّدة، مما يساهم في دعم الدولة في دورها التنموي.
يطرح هذا البحث العديد من الإشكاليات، إلا أنّ الإشكالية الأساس هي: آلية ترشيد استخدام الأراضي المشاعية في لبنان، وتفعيل دورها في دفع عملية التنمية وزيادة إيرادات الدولة والسلطات المحلية.
وللإجابة عن هذه الإشكالية المطروحة، سنقوم بتقسيم البحث إلى ثلاثة فصول، وكل فصل ينقسم إلى ثلاث نقاط، تتكامل في ما بينها لإعطاء صورة واضحة عن طبيعة الأراضي المشاعية وواقعها في لبنان وعن حال هذه الأراضي وصولاً إلى دورها المأمول في عملية التنمية من خلال الآلية المناسبة.
الفصل الاول: الإطار القانوني والمؤسساتي لأراضي المشاعات في لبنان
سوف نتناول نظام الملكية العقارية في لبنان، لنحدّد أوّلاً كيفية التصنيف القانوني للأراضي، وثم طبيعة الأملاك العامة والأهداف المتوخاة منها والتصرّفات الجائزة عليها، وصولاً إلى تحديد مفهوم أراضي المشاع، إدارتها الحالية، أساليب التعدّي المستمرّ عليها، وطرق الاستفادة منها بحيث تساهم في تنمية البلد على مختلف الصعد.
*هذا البحث تمّ بتمويل من المركز الوطني للبحوث العلمية CNRS
التصنيف القانوني للأراضي في لبنان[1]
ورد التصنيف القانوني للأراضي في لبنان، في الفصل الثاني من قانون الملكية العقارية (المواد من ٥ إلى ٩) حيث صنّفت الأراضي اللبنانية في خمسة أنواع وهي على الشكل الآتي:
1- الأراضي الملك
العقارات الملك، وفق نص المادة الخامسة من قانون الملكية العقارية، هي العقارات داخل مناطق الأماكن المبنية كما هي (أي المناطق) محدّدة إداريًا، والتي يجري عليها حقّ الملكية المطلقة.
2- الأراضي الأميرية
العقارات الأميرية، وفق نص المادة السادسة من قانون الملكية العقارية، هي العقارات التي تكون ملكية رقبتها للدولة، والتي يمكن أن يجري عليها حق التصرّف. وملكية الدولة للرقبة، لا تظهر عمليًا، سوى من خلال إجراء تخمين تعويض الاستملاك الذي يتمّ لتحقيق المنفعة العامّة، إذ إنّ مالك حق التصرّف لا يستحقّ التعويض عن رقبة الدولة. ويعود للشخص الذي له حق التصرّف على عقار من النوع الشرعي الأميري ثلاثة أرباع العقار، بينما يعود للدولة الربع الباقي.
ولا شكّ في أنّ توسيع مساحة العمران يؤدّي إلى تقلّص مساحة الأراضي الأميرية. فالدولة يمكنها توسيع الحدود الإدارية للمدن والبلدان، ويؤدّي ذلك إلى انقلاب النوع الشرعي للأراضي الواقعة ضمن نطاق المدينة أو البلدة من أميري إلى ملك.
3- العقارات المتروكة المرفقة
العقارات المتروكة المرفقة التي تخصّ الدولة ويكون عليها لإحدى الجماعات حق استعمال محدّدة ميزاته ومداه بالعادات المحلية أو بالأنظمة الإدارية. وتعتبر هذه العقارات ملكًا خاصًا للبلدية إذا كانت داخلة في نطاقها.
وكانت المادة ١٢٧١ من المجلة القضائية قد عرّفت هذه الأراضي بقولها، إنّها القريبة من العمران والتي تترك للأهالي مرعى وبيدرًا ومحتطبًا. ويعود اعتبار هذه الأراضي مرفقة، إلى أنّ عليها للأهالي حق ارتفاق، إذ هي تركت وخصّصت منذ القدم لخدمتهم، كالبيادر والمراعي والغابات والأحراج، إلا أنّ الارتفاق العائد للأهالي ليس حق ارتفاق بالمعنى القانوني للكلمة، إذ هو ليس تكليفًا مرتبًا على عقار لمصلحة عقار آخر، بل هو حق للأهالي، وهو حق شخصي يقوم بوجود الشخص في القرية وليس بوجود عقار له فيها. وتعتبر هذه الأراضي ملكًا خاصًا للبلدية، إذا كانت واقعة ضمن النطاق البلدي، أو للدولة إذا كانت خارج النطاق البلدي.
4- الأراضي المتروكة المحميّة
العقارات المتروكة المحميّة، هي العقارات التي تخصّ الدولة أو البلديات وتكون جزءًا من الأملاك العامّة.
وتشمل هذه الأراضي الطرقات العامة والشوارع والساحات العامّة، كما تشمل الحدائق العامّة والأسواق العامّة ...وهي متروكة لاستعمال الجميع استعمالاً عاديًا وليس للأفراد حق انتفاع خاص بها.
5- العقارات الخالية المباحة
العقارات الخالية المباحة أو الأراضي الموات، هي الأراضي الأميرية التي تخصّ الدولة، إلاّ أنه لم يجر التعرّف عليها أو تحديدها، فيصبح لمن يشغلها أولًا، بموجب رخصة من الدولة، حق أفضلية فيها ضمن الشروط المعيّنة في أنظمة أملاك الدولة، وتعتبر هذه الأراضي من أملاك الدولة الخاصّة، حيث أنّ هذه الأخيرة تضم الأراضي الخالية والأحراج والغابات والجبال وبالجملة جميع الأملاك غير المنقولة التي تشملها في قانون لفظة الأراضي الموات.
حول أملاك الدولة: موضوعها، أهدافها، النتائج المتوخاة منها
تتألف أملاك الدولة من:
1- الأملاك العمومية
الأملاك العمومية، أو الملك العام، أمر معروف منذ أقدم الأزمنة، ولاسيما بعد ظهور الحياة الاجتماعية على الأرض، فطبيعة هذه الحياة تقضي بأن يكون هناك أملاك عقارية كانت أم غير عقارية، يعود حق استعمالها للجميع، ومن دون مقابل. وتكون متميّزة عن الأملاك الخاصة التي لا يعود حق استعمالها أو التصرّف بها، إلا لصاحبها.
يرعى التشريع الأساس القرار رقم 144/ء الصادر في 10 حزيران/يونيو1925، أي منذ 88 عام وتقول المادة الأولى منه: تشمل الأملاك العمومية جميع الأشياء المعدّة بسبب طبيعتها، لاستعمال الجميع أو لمصلحة عمومية، وهي لا تباع ولا تكتسب ملكيتها بمرور الزمن.
نلاحظ إذًا أن معيار التمييز الذي استعمل في التشريع اللبناني، هو الاستعمال من قبل الجميع، أو من قبل مصلحة عامة (Service public). ونلاحظ أيضًا عدم قابلية الأملاك العمومية للبيع، فالأملاك العمومية لا تباع، وإذا ما أريد بيعها أو بيع جزء منها، فذلك يستلزم أولاً إسقاط المراد بيعه من الملك العام إلى ملك الدولة (أو البلدية) الخاص، وبعد ذلك يجري البيع.
هنا، يبدو جليًا أن العقار، لم يعد مجرّد قطعة أرض، أو بناية، للإنسان عليها حقّ تصرّف واستعمال مطلقان، وحق تجميد وإبادة، هكذا، لمجرّد أنه هو سيّد ذلك العقار، بل إن العقار، أصبح، في النظرية الجديدة، شيئًا له وظيفة اقتصادية، واجتماعية.
2- أملاك الدولة الخاصة
أملاك الدولة الخاصة هي التي تملكها الدولة بصفتها شخصًا معنويًا ولا تكون مخصّصة للمنفعة العامة، سواء كانت تحت تصرّف الدولة الفعلي، أو تحت تصرّف أشخاص آخرين، كالأراضي المتروكة المرفقة الموضوعة تحت تصرّف الجماعات. يمكن تقسيم أملاك الدولة الخاصة إلى فئتين حسب ما تكون هذه الأملاك بالتصرّف الفعلي للدولة، أو بتصرّف الأشخاص الآخرين.
القسم الأوّل: يتضمن العقارات التي رقبتها وحقوق التصرّف فيها معًا تعود للدولة.
القسم الثاني: يشمل نوعان من الأراضي:
أ- الأراضي الأميرية، أي الأراضي التي تكون رقبتها للدولة، ويكون للأشخاص الفرديين أو الحكميين عليها حق التصرّف.
ب- الأراضي المتروكة المرفقة أي الأراضي التي تخصّ الدولة ويكون لجماعة ما حق استعمال عليها، مميزاته واتساعه معينان وفق العادات المحلية أو الأنظمة الإدارية.
التصرّفات الجائزة على أملاك الدولة
التصرّفات الجائزة على الملك العام
إن قاعدة عدم جواز التصرّف بالملك العام لا تنفي إمكان الترخيص ببعض الحقوق عليه، ولكن شرط أن يتمّ من دون المساس بتخصيص العقار للاستعمال العام، ومن ذلك ما أقرّه القرار رقم 144/1925 في المادة 14 لناحية إمكان الترخيص بصفة مؤقّتة قابلة للإلغاء ومقابل رسم ما بإشغال قطعة من الأملاك العمومية إشغالاً شخصيًا مانعًا، ولاسيما إذا كانت المسألة تتعلّق بمشروع ما. يعدّ المشروع امتيازًا إذا كان منُشأ كمصلحة عمومية، وأما الإجازة بالإشغال فلا تكون لمصلحة عمومية. يعطى الامتياز أو الإجازة بالإشغال المؤقّت العمومي بشرط "المحافظة على حقوق الآخرين".
التصرّفات الجائزة على أملاك الدولة الخاصة
على عكس التصرّف بالأملاك العامة، تتصرّف الدولة بملكها الخاص تصرّف الأشخاص العاديين بملكها الخاص. نتيجة ذلك، قسّم القانون هذه الأملاك إلى أراضٍ زراعية تباع وتؤجّر وإلى أراضٍ غير زراعية تباع وتؤجّر بوجه خاص بالمزايدة العمومية، وبعد تخمين تضعه لجنة خبراء خاصة.
أحكام قانونية أخرى
قانون الملكية العقارية الصادر بالقرار رقم 3339 في 12/11/1930
عرّف هذا القانون العقارات، وأشار إلى أنواع الأملاك، وبعد ذلك أفرد حماية خاصة للأملاك وفق ما يأتي:
لا يسري مرور الزمن على الحقوق العقارية، ولا تكتسب ملكيتها بوضع اليد إذا كانت تتعلّق بالأملاك العائدة للدولة والبلديات وبالمشاعات التي تملكها القرى ملكية جماعية.
لايكتسب بمرور الزمن حق على العقارات المتروكة والمحمية والمرفقة.
*قانون رقم 110 في 26/6/،2010 الذي ينص على تعديل أحكام القانون رقم 332 تاريخ 24/3/ 1994 وتمديد العمل بها. سمح هذا القانون للمهجر بالبناء على العقار الذي يملك فيه حصة بالشيّوع، شرط الحصول على موافقة جميع مالكي الأسهم. ويستفيد من أحكام هذا القانون أيضًا كل من ثبت تضرّر منازلهم بفعل الكوارث الطبيعية في العام 2003.
الفصل الثاني: الإدارة المشاعية ودورها التنموي
إن لبنان بلد التنوّع في الأراضي، إلاّ أنه ونتيجة لتزايد عدد سكّانه وحاجاتهم اليومية الدائمة والمستمرّة في ظل الظروف الراهنة، ونتيجة لعدم استقرارالأوضاع السياسية في ظل الظروف الصعبة للدولة اللبنانية، أصبح التعدّي على الأملاك أمرًا ملحوظًا. إلا أن هذا التعدّي لم يعد يقتصر على أملاك السكان الخاصة في ما بينهم لا بل قد طال شمل الإستيلاء وبطرق مختلفة، بعضها قانوني والبعض الآخر غير قانوني، على الأراضي المشاعية التابعة لأملاك الدولة والسلطات المحلية.
أراضي المشاعات في لبنان: تعريفها، نسبتها وأهميتها
المشاعات هي الأراضي التي يحقّ استعمالها لجماعة معيّنة من الناس، بشكل شائع، وطبعًا ضمن القانون أو ضمن الأعراف والعادات. أما الملكية فتكون، إما للدولة و إما للبلدة، حسب ما يكون المشاع واقعًا في منطقة جبل لبنان، القديم، أو في مناطق الولاية.
1- تعريف الأراضي المشاعية
في أيام السلطنة العثمانية، كان لمنطقة جبل لبنان، الممتدّة من بشرّي إلى جزين، حق إدارة ذاتية. فالحاكم العثماني، ترك لأهالي هذه المنطقة، إدارة أحوالهم وأموالهم. أي ترك لهم الابقاء على أنظمة أحوالهم الشخصية، كما ترك لهم ملكيتهم لأموالهم المنقولة وغير المنقولة، حسب ما كانت هذه الملكية قائمة، أما بقية المناطق، فاعتبرها السلطان ملحقة بالسلطنة، واعتبر أراضيها أراضي أميرية، أي تخصّ الحاكم.
فكيف تكون الملكية في هذه الأراضي؟
حقّ الملكية يتكوّن من ثلاثة عناصر بحسب المفهوم الروماني، هي usus، fructus و abusus – أي الاستعمال، والاستغلال أو الاستثمار والتصرّف. فمن يملك الشيء، يملك عليه هذه الحقوق الثلاثة.
في القانون الفرنسي، لدينا l’usufruit و la nu-propriété.
في القانون اللبناني، لدينا الرقبة والانتفاع. وهذا الأخير يشمل الاستعمال والاستثمار. فالرقبة هي حق الملكية، مجردًا من حق الانتفاع c’est la nu-propriété. وحق الانتفاع، هو حق الاستعمال والاستثمار، من دون حق ملكية الرقبة.
أراضي منطقة جبل لبنان، هي من نوع الملك الصرف، أي أن من يملكها، له عليها حق الانتفاع وحق الرقبة. بينما أراضي الولاية، هي من النوع الأميري، أي أن صاحبها، (ولا أقول مالكها) له عليها حقّ خاص يسمّى حق التصرّف، الذي يسقط إذا تخلى صاحب الأرض الأميرية عن استعمالها مدة خمس سنوات متتالية، ففي هذه الحالة، يسقط حقه، وتعود الأرض، رقبة وتصرّفًا الى الدولة، كملك خاص لها، وليس كملك عام.
السلطان العثماني، وفي مناطق الولاية، إستثنى من النوع الأميري، المجمّعات السكنية، أي المدن والقرى، والأراضي الواقعة ضمنها والتي هي من ملحقات البيوت (حواكير وجدرانًا) وكل ما هو واقع ضمن خط وهمي محيط بالمجمع السكني لغاية 300م.
ولكن، إن كان ذلك في منطقة جبل لبنان، أو في مناطق الولاية، فهناك عقارات، أو أمكنة أو مواقع، يستعملها العموم، وملكيتها لا تخص الأفراد. فهذه شبيهة بالملك العام، إنما استعمالها محصور بجماعة معيّنة من الناس، قد تكون أهالي البلديّة، وقد تكون عائلة معيّنة واسعة الانتشار. هذه الأراضي، إذا كانت واقعة في منطقة جبل لبنان القديم، تسمّى مشاعات، فيكون حق استعمالها، إما لأهالي البلدة أو لأهالي القضاء، ويكون حق الرقبة فيها (nu-propriété) للبلدة. وإذا كانت واقعة في مناطق الولاية، تسمّى متروكة – مرفقة، فيكون حق استعمالها لأهالي البلدة، أما الرقبة Domaine Eminent فتكون للدولة. وقد صدر في العام 1971 قانون قضى باعتبار الأراضي المتروكة المرفقة ملكًا للبلدية إذا كانت داخلة في نطاقها البلدي. كما صدر قانون خاص بتوزيع بعض المشاعات على القرى، بحيث لا يعود للدولة فيها حقوق.
وفي الخلاصة يتبيّن أن الاراضي المشاعية في لبنان تشمل قسمًا من الأراضي الأميرية وجزءًا من الأراضي المتروكة المرفقة، والأراضي المحمية بكاملها.
2- نسبتها وأهميتها
في الواقع العملي، قد نجد أغلب أشكال الملكية داخل أي مجتمع كان، إلاّ أنّ العديد من التغييرات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي تؤثّر على المجتمعات الريفية في الاقتصاديات النامية، تتسبّب بصورة متزايدة في تهميش من هم أقل الناس إستعدادًا لمواجهة هذه التغيّرات، إذ إن الناس بحاجة للحصول على الأرض.
وخير مثال على ذلك ما يحصل في لبنان، فعلى الرغم من صغر مساحته الجغرافية التي تبلغ تقريبًا ١٠٤٥٢كلم2، فإن نسبة الأراضي الممسوحة النهائية من مساحته الكاملة الإجمالية تبلغ ٥٠٪ (مسح نهائي، أي أنه مربوط بإحداثيات، معنى أنّه محدّد للوصول إليه)، و٣٠٪ ممسوح تقريبًا (أي أنه مأخوذ عن صور جوّية)، و٢٠٪ من مساحته الإجمالية غير ممسوح أبدًا، وتقوم الدولة حاليًا بكيل الأراضي الممسوحة تقريبًا عن طريق تلزيمها لمتعهدين وتحرير وكيل الأراضي غير الممسوحة عن طريقهم[2].
وبالنظر إلى الكثافة السكانية التي تتزايد بشكل دائم ومستمر، ونتيجة حاجة الإنسان إلى الأراضي وإستغلاله لها، فإن أراضي لبنان بأنواعها المتعدّدة تتعرّض بصورة سلبية لسوء استخدام أو لاستيلاء، منه ما يحصل بشكل قانوني وآخر بشكل غير قانوني، وبالتحديد "الأراضي المشاعية"، إذ إنها تشكّل ما يتجاوز ال20% من أراضي لبنان (تقريبًا22%)، والتي بإمكانها أن تكون عنصرًا أساسًا ومهمًا في تحفيز عملية التنمية على عدّة أصعدة ودفعها وفي مجالات مختلفة، وبالتالي في التخفيف من عبء عجز الدولة اللبنانية و حدّتها.
إنّ الأراضي المشاعية في لبنان، تتوزّع ما بين سلسلة جبال لبنان الشرقية و سلسلة جبال لبنان الغربية. وتكمن أهمّيتها في عدّة مستويات، كما وأنّها تشكّل مقصد السيّاح ومحطّ أنظارهم، وبشكل عام الأجانب الذين يأتون من جميع الدول الأجنبية، نظرًا للموقع الجغرافي الذي يحتلّه لبنان، ولمناخه المعتدل. هذه الأراضي التي تعود للدولة، بإمكانها أن تشكّل عنصرًا أساسًا في تحريك العجلة الاقتصادية، وقد يتم ذلك عبر تنشيط حركة السياحة وإقامة العديد من المشاريع الأخرى، من هنا ضرورة المحافظة عليها، خصوصًا في ما يتعلّق بالأحراج والغابات، وتفعيل هذه الأراضي المشاعية، كي تساعد الدولة على النهوض بأعبائها، وبالتالي تنمية المجتمع والوطن بأكمله.
الإدارة الحالية للمشاعات وطرق التعدي عليها
1- الإدارة الحالية
لا تقع مسؤولية إدارة أملاك الدولة اللبنانية في الوقت الراهن على جهة واحدة، بل تتوزّع الصلاحيات المتعلّقة بإدارتها بين وزارة المالية والوزارات الأخرى (بحسب القانون 275/ 1926)، بحيث تتحمّل كل وزارة مسؤولية إدارة الأملاك المخصّصة لها (أملاك الدولة الخاصة والعامة) من أجل تلبية حاجات الخدمة العامة المكلّفة إياها. وتقوم كل من الوزارات بتحديد حاجاتها لاكتساب العقارات أو التنازل عنها، كما يتم استئجار العقارات وفق حاجات الدولة من قبل كل وزارة ولحسابها الخاص بعد موافقة مجلس الوزارء على قرار للإيجار.
أما وزارة المالية، فتتولّى من خلال مديرية الشؤون العقارية والمساحة لديها، إدارة العقارات التي تندرج ضمن إطار أملاك الدولة الخاصة. وفي هذا الاطار، إستحدثت في وزارة المالية العام 2002 المديرية العامة للشؤون العقارية والمساحة (بعدما كانت مديرية قبل ذلك التاريخ) لكي تقوم بإدارة أعمال السجل العقاري والمساحة، وإدارة أملاك الدولة الخاصة غير منقولة، وشؤون تملك الأجانب في لبنان، فضلاً عن شؤون المعلوماتية.
وقد أجرت المديرية حتى الآن جردة عينية لأملاك الدولة الخاصة في بيروت وجبل لبنان، وجمعت البيانات في أنظمة معلومات خاصة بالعقارات والمساحة. أما في ما يتعلّق بأملاك الدولة العامة، فما من إحصاء مركزي، بحيث تقوم كل وزارة مسؤولة بعملية الجرد وتحديد استخدام هذه الاملاك بوجه عام.
تمثّل المعرفة القاعدة الأولية لتطوير السياسات العامة وتطبيق الإصلاحات العملية اللازمة في جميع المجالات، وإذا كانت الدولة اللبنانية جادة في تطبيق الإدارة الحديثة والدينامية لأملاكها، فإنه يتوجب عليها نشر المعلومات وتحسين المعرفة الوطنية بأملاكها وخصوصيتها، بما في ذلك نشر البيانات المالية حول قيمة العقارات، ومعلومات شاملة حول العقارات المؤجّرة أو تلك التي تخضع للاستثمار أو الإنتقال. من هذا المنطلق، لابد من الإشارة إلى الشح الحالي في المعلومات المتعلقة بأملاك الدولة ولاسيما المشاعية منها، بحيث تعذّر علينا الحصول على معلومات تُذكر عن دائرتي العقارية والمساحة اللذين وجّهانا إلى مقام مجلس الوزراء للحصول على بعض المعلومات.
من هنا تبدو أهمية المباشرة في تعميم إستراتيجية عقارية شاملة توفّر المعلومات الدقيقة حول الملك الذي تديره الدولة، وشروط استخدام الممتلكات، إضافةً إلى العائدات والأعباء الناتجة عن العمليات الإدارية. وبالتالي يجب إتمام الاحصاء العيني بعملية إحصاء مالي تهدف إلى تحديد قيمة الملك العام بحسب نوع الممتلكات وطبيعة المالكين، تسهيلاً لعمليات الإيجار أو الإنتقال، وبالتالي حسن ترشيد استخدام هذه الاملاك.
2- طرق الاستغلال التي تتعرّض لها
في لبنان أراضٍ يطلق عليها إسم الأراضي المشاع، وهي في القانون لا تباع ولا تشترى، ولا يمكن التنازل عنها، ولا تُكتسب بمرور الزمن، ما لم يصدر تشريع خلافًا لذلك[3]. سوف نقوم في ما يأتي حصرًا بذكر أشكال التعديات التي تتعرّض لها تلك الأراضي من دون التوقّف عند عملية تقويمها، وذلك بسبب تعذّر وجود المعلومات الإحصائية التي لها شأن وأهمية في هذا المجال.
-العرف والقانون السائد
إن عمليات المسح لتحديد الملكيات عامة كانت أو خاصة أو مشاعًا، لم تتم ( 20% من الأراضي اللبنانية لم يتم مسحها حتى الآن)، فاتحة الباب إما لاستمرار العرف والقانون السائدين الذين يلقيان عبء تحديد الملكية على عاتق المختارين وذلك عبر إصدار "العلم والخبر" الذي يتم بموجبه تأكيد الملكية الخاصة في سياق إجراء متبع يقضي بإبلاغ المخفر المعني بالعلم والخبر، ولاحقًا الدوائر الرسمية المعنية.
إن الإلتباس الحاصل حول تحديد الملكية طرح تساؤلات وشكاوى عديدة عن إمكان الإستيلاء على أجزاء واسعة من الأراضي المشاعية، تحت حجة العلم والخبر، حيث برزت شكاوى حول تزوير ملكية أراضٍ لدى وزارة الداخلية. وقد برزت في الفترة الأخيرة، عمليات نهب منظّمة في بعض المناطق، وتحت حجة العلم والخبر، ومن خلال إشراك عدد كبير من المختارين، كما أن غض النظر من قبل القوى المسؤولة أدّت إلى السطو على مساحات هائلة من أراضي المشاعات.
-التعديات العشوائية تحت حجة بناء للمهجرين
إن القانون رقم 110 تاريخ 26/6/2010، الذي ينصّ على تعديل بأحكام القانون رقم 332 تاريخ 24/3/1994 وتمديد العمل به، وهو الذي سمح للمهجَر بالبناء على العقار الذي يملك فيه حصة بالشيوع شرط الحصول على موافقة جميع مالكي الأسهم، كان مصدرًا أساسًا لكثير من التعديات على الأراضي المشاع[4]
-"الإيجازات بالأشغال" المغايرة للواقع
كنا قد نوهنا في الفصل السابق بإمكان الترخيص بصفة مؤقّتة ومقابل رسم ما بإشغال قطعة من الأملاك العمومية إشغالاً شخصيًا مانعًا إذا كانت المسألة تتعلّق بمشروعٍ ما. في هذا الإطار، ونتيجة المقابلات مع أصحاب الاختصاص، فإنه تجدر الإشارة إلى إمكان حدوث نوعين من التعديات على الملك العام: الأول تقليدي ويتمثّل ببدلات بيع أو إيجار غير عادلة بالنسبة للدولة مقابل عمولة ما، أما الثاني والأخطر فهو يتمثّل بإشغال للأرض (أرض مشاعية) بصورة مغايرة للواقع كأن تتحوّل مثلاً رخصة حفر بئر إلى بناء لمرفق سياحي على أرض المشاع[5].
- حرائق الغابات
إنّ القول:"لبنان مجدّدًا في قبضة النار.....وألسنتها تلتهم ما تبقى من أخضر" يروي أنّ حكاية حرائق أحراج لبنان لا تنتهي فصولها. إذ إنه، ووفق دراسة أعدّها البنك الدولي بالتعاون مع وزراتي البيئة والزراعة وجمعية "الثروة الحرجية والتنمية"، فقد تقلّصت مساحة أحراجنا إلى١٣%، بعدما كانت ٣٥% في الستينيات و٢٢% في السبعينيات. ويلاحظ أنّ النسبة الأعلى للحرائق في لبنان (٩٥٪) هي من فعل الإنسان، ثمّة حرائق مفتعلة بسبب وجود أشجار صمغية كالصنوبر والشربين والأرز والشوح، التي يمنع القانون قطعها حتى في الملكيات الخاصّة. فيكون الحريق هو الحل، يليه الجرف الأرض وتحويل وجهة استعمالها، إضافةً إلى الحرائق المفتعلة بداعي تنظيف الأرض والتحطيب، أو للحصول على موسم رعي أفضل.
ــ المقالع والكسارات
لابدّ من التأكيد أنّه في حال كانت الأرض ملكًا خاصًا، أو في حال الحصول على ترخيص قانوني، ليس هناك من أضرار سوى على الصعيد البيئي، أماّ في الحالات الأخرى، فيجب القيام بتنظيم عمل المقالع والكسارات وضبط جميع المخالفات، علمًا أن في لبنان ٧١٠ كسارات (عاملة ومتوقّفة عن العمل)، ٤٦٪ منها غير مرخصة قانونيًا، أي إنها تمثّل تعديًا على الملك العام.
آلية الاستفادة منها
نظرًا لأهمية الأراضي المشاعية في لبنان، هناك طرق متعدّدة تمكّن الدولة من تفعيلها للأراضي، فتصبح عنصرًا إيجابيًا في دفع عملية التنمية. والطرق هي على الشكل الآتي:
أولاً- قيام الدولة بإستغلال هذه الأراضي عن طريق إنشاء مشاريع رسمية، ضمنها، وهي بأغلبيتها أراضٍ حرجية، هذا الاستغلال، يكون عن طريق إقامة المشاريع السياحية والترفيهية، أو عن طريق إنشاء العديد من المجمّعات السكنية، ممّا يسهّل عملية الحراك الاجتماعي، في العديد من المناطق اللبنانية التي تمتاز بكثافة سكانية هائلة.
ثانيًا - تعمّد الدولة إلى فرز هذه الأراضي، وتأجيرها من السكان في مختلف المناطق، بحيث يصار إلى استغلالها في مشاريع متعدّدة، تكون لها أهمية بالغة على عدّة مستويات، وبخاصةٍ على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، فمن خلال تأجيرها ويجري استثمارها في مجالات عدّة، تعود بالمنفعة على المجتمع والدولة ككّل.
ثالثًا- مساهمة الدولة اللبنانية بعملية فرز هذه الأراضي، ومن ثمّ بيعها من المواطنين، مما يساعد في تنمية المجتمع والوطن بكامله، عن طريق إقامة مختلف أنواع المشاريع، التي تساعد في تنمية الاقتصاد الوطني، منها على سبيل المثال مشاريع تجارية أو صناعية أو غيرها.
الفصل الثالث : خارطة طريق لترشيد استخدام الأراضي المشاع في لبنان
في 20/6/2009 صدر المرسوم رقم 2366 المتعلّق بإقرار خطة ترتيب استعمالات الأراضي في لبنان[6]. تمثّل هذه الخطة الإطار العام لاستراتيجية تنظيم استعمالات الأراضي وتجهيز المناطق على المدى الطويل وهي تُعدّ مرجعًا أساسًا لوضع أنظمة التنظيم المدني المحلية من جهة ولبرمجة الاستثمارات العامة من جهة أخرى.
في ما يأتي سوف نقوم بمرحلة أولى بالإطلاع على الوجهة المقترحة لاستعمالات الأراضي في لبنان، ومن ثم استعراض متطلباتها التنموية، قبل الانتقال بمرحلة أخيرة إلى إقتراح آلية تؤمّن المواءمة بين ترشيد استخدام الأراضي والبعد التنموي للبلد.
الوجهة المقترحة لاستعمالات الأراضي
تصنّف الخطة الأراضي اللبنانية في أربع فئات وفق خصائصها الأساسية ومواقعها في التوازن العام في البلاد، وهي تشجّع على تحديد وجهة استعمال تتناسب مع هذا التصنيف.
أ- المناطق المدينيَة
تتوافق هذه المناطق مع نطاق المدن الكبرى في البلاد، التي تستقطب حاليًا ثلثي السكان المقيمين والحصة الكبرى من الأنشطة الرئيسة لقطاعات الخدمات والصناعة. وتتميّز هذه المناطق بأهميتها على الصعيد الوطني، وبقدراتها على توفير السكن بجميع أنواعه، والأنشطة الاقتصادية والترفيهية المتنوّعة، وبتوفير البنى التحتية والتجهيزات الكبرى ضمن إطار تنظيمي حديث ومتكامل يضمن الحفاظ على المساحات الخضراء والتراث.
ب- المناطق الريفية
تشمل هذه المناطق مدنًا صغيرة وقرى وأراضي زراعية ومواقع طبيعية ذات أهمية أكيدة على الصعيد المحلي، أكثر منها على الصعيد الوطني. وتمثّل الخصائص الريفية لهذه المناطق العنصر الأساس لحلاوة العيش التي تتميّز بها، ولقدرتها على المحافظة على سكّانها واستقطاب السياح والأنشطة. وعليه، فإن تطوير هذه المناطق يجب أن يتم ضمن مبدأ الحفاظ على الطابع الريفي المميّز.
ج- مناطق الثروة الزراعية الوطنية
وهي تشمل مناطق القمم بارتفاع يزيد على 1900م، وشريط الأرز اللبناني، والبساتين الجبلية على ارتفاعات ترواح بين 1600 و1900م. كما تشمل الأودية الكبرى، وأهم الأحراج والغابات فضلاً عن مناطق التواصل الحيوي.
د- مناطق الثروة الزراعية الوطنية
تُعدّ هذه الاراضي الأغنى والأكثر خصوبة في البلاد، وقد أنفقت الدولة مبالغ هائلة لتنفيذ مشاريع الريَ فيها. لذا تقتضي المصلحة الوطنية حصر استعمال هذه الأراضي للغايات الزراعية من دون غيرها بوجه عام، كما يجب أن تحظى هذه المناطق بالمشاريع الرامية إلى تعزيز الإنتاج الزراعي، كتوفير الطرق الزراعية وتجهيزات الريّ وتعزيز الملكيات الزراعية بواسطة الضم والفرز....إلخ، على أن تصاغ هذه المشاريع في إطار إستراتيجية وطنية للتنمية الزراعية تهدف إلى تحديث شبكات الإنتاج وتسويق المنتوجات وتوزيعها.
متطلبات الخطة التنموية لأراضي المشاع
تمرّ تنمية المناطق عبر إشراكها الكامل في اقتصاد البلاد بجميع جوانبه، وليس عبر آليات توزيع المداخيل عليها مما تنتجه منطقة مزدهرة واحدة.
- تنتظم الحركة الاقتصادية والحياة الإجتماعية في كل المناطق الكبرى في البلاد (المنطقة المدينية المركزية والشمال والبقاع والجنوب)، في إطار هيكلية مدينية متكاملة مكوّنة من قطب رئيسي يؤدّي دور المحرّك الإقتصادي الرئيسي (قطب المنطقة المدينية المركزية، وقطب طرابلس وضواحيها، وقطب زحلة- شتورا، وقطب النبطية)، ومن أقطاب ثانوية متخصّصة نسبيًا (جبيل وصيدا وبعلبك وصور)، ومن مجموعة من الأقطاب المحلية، وأخيرًا من نسيج القرى الواقعة في محيط هذه الأقطاب المحلية.
- تتميّز كل من مدينتي جبيل وصيدا بمزايا المدن المعابر، أما الإستراتيجية المقترحة لتنميتها فتقوم على المبادئ الآتية: تجنّب ابتلاعهما كضواحي للمنطقة المدينية المركزية، الإفادة من موقعهما كمعابر ما بين بيروت والشمال من جهة، والجنوب من جهة أخرى، تعزيز الأنشطة الاقتصادية التي تتلاءم مع هذين الموقعين ومع ثروتهما التراثية (التجارة، تخزين البضائع، زراعة الخضار، الاستجمام، السياحة) هذا إضافة إلى الأنشطة الصناعية القريبة منهما، وإلى موقعهما الإداري (مركز قضاء ومركز محافظة).
- تمتاز كل من مدينتي بعلبك وصور كذلك بمزايا مماثلة من حيث عظمة مواقعهما الأثرية وشهرتها. فهما قطبان تراثيان بامتياز، في استطاعتهما الإفادة من هذا الواقع لتعزيز دورهما السياحي على نطاق واسع. ويتطلّب ذلك استثمارات مهمة في قطاع الفنادق وسياسة سياحية تعزّز التكامل بين كل من هاتين المدينتين وجوارهما، عبر إبراز الثروات السياحية في المدن والقرى المكوّنة لهذا الجوار. هذا بالإضافة إلى دور كل من هاتين المدينتين كمركزين تجاريين يؤمّنان الخدمات لكامل المناطق المجاورة لهما، بما في ذلك الإنتاج الزراعي.
- وسوف تتعزّز أوضاع صور وبعلبك وغيرهما من المدن الأطراف مثل حلبا والهرمل وراشيا وحاصبيا وغيرها، بفضل الطريق الدائري السريع التي تدعو الخطة إلى تنفيذها عبر الجنوب والبقاع والشمال.
- أما تنمية المدن الصغرى والأرياف، فستتعزّز بفضل رفع مستوى البنى التحتية والخدمات الأساسية
- (المياه والكهرباء والطرق المحلية....إلخ) بصورة ملحوظة وعبر تحديث نمط توفير العقارات المجهّزة للبناء، وذلك من خلال استحداث وكالة وطنية للتطوير العقاري تعمل لمصلحة الدولة أو لمصلحة البلديات التي تطلب منها ذلك.
- وسوف تتعزّز الوظيفة السكانية (الاصطياف والسكن خارج التجمّعات السكنية الكبرى) في الأرياف والقرى بمقدار محافظتها على طابعها الريفي.
كما تشجّع الخطة إقامة الصناعات الخفيفة غير الملوّثة والأنشطة الحرفية وسائر الخدمات والأنشطة التجارية في الأرياف، ولاسيما في الأقضية المحلية الواقعة في وسطها (من بينها الأقضية والبلدات الكبرى).
يتبيّن مما تقدّم، أن للأراضي دورًا تنمويًا مهمًا يتمثّل بوجهة الاستعمال الأمثل للأراضي. في بعض الأمكنة، ويجب تخصيص الأراضي للتجمعات السكنية، في البعض الآخر يجب التفكير بالتخطيط الأمثل والأفعل للبنى التحتية (طرقات، أوتوسترادات، إلخ...) وذلك قبل أن يصبح تنفيذها مستحيلاً بفعل البناء العشوائي وغير المنظّم، كما حصل مع مشروع إليسار، وفي أمكنة أخرى يجب وقف الزحف العمراني لصالح نشاطات أخرى زراعية أو سياحية وهكذا دواليك.
هذه الاستعمالات المثلى للأرض يجب أن يواكبها عمل تطويري من قبل شركات متخصّصة ومحترفة في اختصاصات متعدّدة ( مطَور عقاري، تجاري، سياحي، زراعي، خدماتي)، وتكون منتشرة على رقعة الوطن،
إذ أنه بحكم القانون المعمول به من أيام العثمانيين، والذي لم يتغيّر كثيرًا، فإن اراضي المشاعات تحيط بمراكز القرى والبلدات والمدن ( بدءًا من قطر 300 متر بعيدًا عن التجمَعات السكنية)، كما في داخلها. هذا الواقع شكّل أحزمة طبيعية أثّرت على توسّع هذه البلدات والقرى والمدن ومع غياب لافت للدولة ولتطوّر القوانين أدّى في مرحلة لاحقة إلى ظهور تجمّعات غير منظّمة وغير مخطّطة، مما أثر سلبًا على قابلية هذه المناطق للتنمية المستدامة.
الدور التنموي لترشيد استخدام الأراضي المشاعية
لترشيد استخدام الأراضي بُعد مزدوج مبني على زيادة عائدات أملاك الدولة (إقتصاديًا أو ماليًا) بالتوازي مع خفض تكاليف الإدارة والحد من مساوئ سوء استخدامها (عمرانيًا وإجتماعيًا). تتبلور إدارة الترشيد من خلال وضع رؤية متوسّطة الأمد لاستراتيجية عقارية متعدّدة السنوات تمكّن القيّمين على إدارة المشاعات من ترشيد استعمالها، وتحديد الوجهة المثلى للإفادة منها.
هذه الرؤية يجب أن تتضمّن أوجهًا عدة، منها المشاركة في قطاع المساكن الاجتماعية، التي ترعى متطلّبات الذوق والخدمات....، ومنها تحريك العمليات العقارية العامة، ومنها الحفاظ على الأماكن السياحية والطبيعية والتركيز عليها، ومنها إنشاء البنى التحتية، وبإحضار كل ما من شأنه تأمين المواءمة مع متطلّبات الخطة الشاملة، بهدف ترتيب استعمال الأراضي اللبنانية. وسنقوم بمعالجة النقاط الآتية:
1- الأسباب الموجبة لآلية جديدة.
2- آلية الخطة.
3- فوائد الآلية الجديدة.
1- الأسباب الموجبة
إن التطوّر والارتفاع الكبير في أسعار الأراضي وخصوصًا في المناطق المأهولة و المنظمة (المدن، القرى، البلدات ومحيطها)، رافقهما ظهور مشاكل كثيرة تمثّلت في مشاكل الشراكة على الشيوع في قطع الأراضي التي تحيط بطبيعتها بهذه المدن والبلدات والقرى (أراضٍ أميرية أو متروكة مرفقة)، والتي أدّت إلى إعاقة هذا التطوّر وخلقت سلبيات إقتصادية تمثّلت في الحدّ من الإيرادات المتدفّقة على الدولة، وهروب مستثمرين ومطورين عقاريين، مما أدّى إلى إيجاد ضغط كبيرعلى الدولة بمختلف أجهزتها وعلى ميزانيتها، نتيجة الحاجة إلى تطوير مناطق بعيدة عن الخدمات وتأهيلها لكي تستوعب هذا النشاط الجديد في حال رغب المستثمر في تلك المناطق الجديدة. ترافق ذلك مع تعديات وبناء عشوائي في الأراضي المشاعية التي تنتظر عمليات الضم والفرز.
إن مشكلة الشيوع ستتطوّر وتزداد خطورة مستقبلاً، ولن يحلّها التقادم بل سيزداد مجموع شركاء الشيوع مما يؤدّي إلى استحالة حلها، مع الإشارة إلى سلبيات القوانين الحالية التي أدّت إلى أشكال متعدّدة من التعدي على هذه المشاعات بطرق قانونية وأخرى ملتوية (كما بيّنا في مرحلة سابقة)، مع ما رافق ذلك من هدر للموارد وزيادة للأكلاف البيئية ( مقالع وكسارات)، والإجتماعية ( سكن عشوائي، كثافة سكانية)، مما يحتّم التفكير جديًا بتعديل القوانين المرعية الإجراء وتطويرها.
إن النشاط العمراني والعقاري والسكاني الذي شهده لبنان في السنوات الماضية، ولايزال يشهده، يعدّ من أهم مبرّرات التعديل لكي تلائم القوانين هذه النهضة وتسايرها علمًا بأن عدد سكان لبنان مرشّح للارتفاع بشدّة في السنوات المقبلة.
إن الحل يكمن في إيجاد آلية لإدارة هذه الأراضي بشكل يحقّق العدالة والمساواة بين كل الأطراف، وفي الوقت نفسه تساهم في عملية التنمية للبلد، من خلال تحويل إدارة هذه الأراضي إلى شركات مساهمة خاصة وتطبّق عليها الشروط والقوانين والأنظمة المرتبطة بهذا المجال.
2- آلية الخطة المقترحة
تقوم الخطة على بعض الأفكار البسيطة وهي على الشكل الآتي:
أ- رأينا أن المشرّع حدّد قيمة الرقبة العائدة للدولة في العقارات الأميرية بالربع، مع إمكان توسيع الحدود الإدارية للمدن والبلديات، مما يؤدّي إلى انقلاب نوع الأراضي من مشاع إلى ملك خاص.
كما بيّنا أن طبيعة الأملاك العامة وطبيعة الحقوق التي تجري عليها، هي أمور تتغيّر مع تطوّر الأوضاع والحاجات بحد ذاتها. ومن ذلك أن العقارات لم تعد مجرّد أراضٍ للإنسان عليها حق التصرّف والاستعمال، بل إن العقار أصبح شيئًا له وظيفة اقتصادية واجتماعية. ولخدمة هذه الفكرة فإن الدولة تستطيع أن تتصرّف بملكها الخاص تصرّف الاشخاص العاديين، وبملكها العام من خلال الترخيص ببعض الحقوق عليه "كالامتيازات" أو "الإيجازات".
كما تبيّن لنا، أن للأراضي المشاعية دورًا تنمويًا مهمًا على الصعد الاقتصادية والمالية والاجتماعية والعمرانية في حال تمّ ترشيد استخدامها. وبموازاة ذلك يتبيّن لنا مدى قدم القوانين الحالية وعدم مجاراتها للتطوّر (الاقتصادي والعمراني)، الأمر الذي يستدعي تحديثها وصوغها على أسس تراعي متطلّبات المرحلة. ولعل أهم ما يقتضيه الظرف الحالي، هو ضرورة مواءمة القوانين لمتطلّبات تنمية المناطق والمدن والقرى التي تتواءم مع مندرجات الخطة الشاملة لترتيب استعمالات الأراضي اللبنانية.
ب- إن خارطة الطريق الحل لكل ما تقدّم، تكمن في رأينا في إيجاد آلية قانونية لترشيد استخدام الأراضي المشاعية بشكل يحقّق العدالة والمساواة بين كل الأطراف، وفي الوقت نفسه تساهم في تسهيل عملية التطوير والنهضة العقارية (من المفترض أن تؤدّي إلى تنمية البلد) من خلال تحويل ملكيات أراضي المشاع إلى شركات مساهمة (خاصة أو مشتركة، أنظر التفاصيل لاحقًا) يتم تسجيلها في سجل الشركات وتطبّق عليها الشروط نفسها والقوانين والأنظمة المرتبطة بهذا المجال.
ووفق هذه الآلية يتم انتخاب مجلس إدارة للشركة وتكون حصص الشركاء على مقدار حصة كل شريك في الأراضي ويكون المجلس المفوّض بالأمور الإدارية والمالية والقانونية ويتمتّع بمعظم الصلاحيات التي تكون لمجلس إدارة أي شركة مساهمة، ويتم نقل ملكية العقارات المملوكة على الشيوع إلى هذه الشخصية الاعتبارية الجديدة.
وهنا يجب التشديد على ضرورة تعديل قانون تسجيل الأراضي، والقوانين المرتبطة لإعفاء عملية نقل الملكية من رسوم البيع والتنازل، بهدف تشجيع الشركاء في قطعة أرض على الانتقال من مبدأ الملكية الفردية إلى الملكية الجماعية والإدارة المشتركة للعقارات، بحيث يكون مجلس الإدارة في هذه الشركة هو المفوّض بالبيع أو الإفراز أو التطوير، وهو المفوّض بالتفاوض مع المطورين العقاريين وتوقيع العقود المرتبطة بهذا المجال، على أن الأعضاء عند عملية البيع الأولى يتنازلان عن أسماء الشركاء في قطعة الأرض إلى إسم الشركة المساهمة، وبعد هذا التنازل فإن أي عملية بيع على هذه القطعة يتم دفع الرسوم القانونية عليها مهما تكرّرت عملية البيع.
3-فوائد الآلية الجديدة
إن إقرار هذه الآلية وتبنيها من قبل الجهات الحكومية ذات العلاقة سيوفّر مبالغ مالية كبيرة سنويًا لميزانية الدولة، وهي مبالغ لازمة لإيصال الخدمات للمناطق الجديدة (بعد عملية الضم والفرز داخلها)، حيث تتعدّى هذه الخدمات البنية التحتية إلى المقوّمات اللازمة لبناء مناطق قابلة للحياة (عمرانيًا، إجتماعيًا، إقتصاديًا، بيئيًا).
كذلك الأمر بالنسبة لتنشيط الحركة العمرانية مما سيطلق نهضة لم يسبق لها مثيل في لبنان تتمحور حول مراكز المدن والبلدات والقرى وتخلق نشاطًا تجاريًا وصناعيًا وعمرانيًا، بعودة مالكي الأراضي التي كانت مجمّدة بسبب قدرتهم الآن على استثمارها بشكل مستقل أو مع شريك (B.O.T)، أو استثمارها أو بيعها.
إن المشروع ينشّط المصارف لإقرار هذه المشاريع الناشئة والناجحة بسبب موقعها الاستراتيجي، مما سيزيد في أرباحها، ويخلق سيولة بين أيدي المستثمرين، ويحلّ بالتالي مشكلة السيولة الزائدة التي تعانيها المصارف حاليًا في لبنان، من خلال توظيفها في مشاريع إنتاجية وسكنية وخدمية عن طريق تطوير أراضي المشاعات.
إن هذه الآلية يمكن ان تساهم في تقليص الفاتورة النفطية المرشحة للازدياد إذا انتشر النمو العمراني بعيدًا من مراكز المدن والقرى والبلدات بسبب طول خطوط المواصلات، وتوفير الطاقة على مستوى لبنان بشكل مؤكد، حيث يتمّ استغلال محطات التوليد والتمويل الموجودة أو توسعتها، بدلاً من بناء محطات جديدة.
ومن مزايا المشروع أيضًا تقليل التلوث البيئي خارج مراكز السكن الحالي، وإنقاذ الأراضي الزراعية من الزحف العمراني وبالتالي إنقاذ سلة الغذاء للبلد، وكذلك الآبار والأحواض المائية التي ستندثر تحت الكتل الإسمنتية وستتلوّث، كما سيمكّن من الحفاظ أو إنشاء مناطق خضراء والمناطق الطبيعية كما تقتضيه الخطة الشاملة.
يفتح المشروع المجال على مصراعيه أمام المدن الكبرى لتخفيض إنفاقها على بناء البنية التحتية من خلال عمليات الفرز والضم الجديدة، كما يمكّنها من استغلال الأراضي الخالية والربع العائدة للدولة (حق الرقبة) لإنشاء الحدائق الخضر والملاعب وتنشيط الحركة الرياضية والمواهب.
من المتوقّع لهذه الآلية أن تساهم في رفع حجم تداول العقارات عند تطبيقها، مما سيدر دخلاً كبيرًا على إدارات الدولة المختلفة، من خلال الضرائب المتعلّقة بعمليات الانتقال، أو من خلال تحسين عائدات الإيجار والاستثمار والبيع للأراضي التي تملكها، الأمر الذي سيمكّنها من القيام بعمليات التنمية للمناطق وإطفاء جزء من الدين العام للبلد في حال تم حسن إدارة الاراضي.
لكن الأهمّ من كل ذلك يبقى في إتاحة الفرصة لتطبيق مندرجات الخطة الشاملة لاستعمال الأراضي من خلال احترام طبيعة الاستخدام المناسب لكل منطقة (نشاط صناعي، سياحي، سكني، زراعي، خدماتي، طبيعي) مع احترام البيئة والطبيعة والتراث.
خلاصة
إن لبنان بلد التنوّع في الأراضي، إلاّ أنه ونتيجة لتزايد عدد سكّانه وحاجاتهم اليومية الدائمة والمستمرة في ظل الظروف الراهنة، ونتيجة لعدم استقرار الأوضاع السياسية في ربوعه، أصبح التعدّي على الأملاك أمرًا ملحوظًا.
هذا التعدّي لم يعد يقتصر على أملاك السكان الخاصة في ما بينهم، لا بل قد شمل الأمر الاستيلاء، وبطرق مختلفة، بعضها قانوني والبعض الآخر غير قانوني، على الأراضي المشاعية، من خلال عمران عشوائي بشكل غير مرخّص قانونيًا، وصولاً إلى قطع الثروة الحرجية من دون حسيب أو رقيب، ومن ثم انتشار الحرائق التي طاولت لبنان من شماله إلى جنوبه والتي قضت على آلاف الهكتارات من هذه الاراضي المشاعية، إلى الكسارات والمقالع التي تدمّر البيئة، وصولاً إلى إعطاء "علم وخبر" من قبل المختارين بطريقة مغايرة للواقع وبما يؤدي إلى ضياع أجزاء كبيرة من الأراضي المشاعية، والتي قام بها البعض في ظل الظروف المعروفة.
وللتعويض عن هدر هذه الأراضي المشاعية، لابد من ترشيد الاستخدام والاستثمار بآليات متنوّعة، لعلّ أبرزها الدّفع باتجاه تحويل ملكيات هذه الأراضي إلى شركات مساهمة (خاصة ومشتركة)، مهمّتها حسن إدارة هذه الأراضي إما عبر البيع أو التأجير، أو القيام بتفعيلها في مشاريع مختلفة تساهم في دفع عملية التنمية وتحفيزها، لا بل الإنماء المتوازن في مختلف المناطق اللبنانية اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وفي مجالات أخرى، وصولاً إلى مساعدة الدولة في الحد من العجز في موازنتها وذلك عبر زيادة إيراداتها من خلال تحصيل الضرائب المختلفة (المباشرة وغير المباشرة) من المشاريع والاستثمارات المختلفة إن طبّقت الآلية التي اقترحناها بطريقة فعّالة وصحيحة، وبما يتواءم مع مندرجات الخطة الشاملة لترتيب استعمالات الأراضي اللبنانية.
[1]- د.مهاب نجا، "الملكية العقارية"، 1970، ص6-7-8.
[2]- هذه الارقام تم الحصول عليها نتيجة المقابلات مع رئيس كل من الدائرة العقارية ودائرة المساحة في الشمال.
[3]- جريدة السفير،"إنحسار موجة التعدي على الأملاك العامة في الزهراني وصور...وازدياد حدة الاحتجاجات"، 14/4/2011.
[4]- جريدة السفير، "من يشرع وضع اليد على الأملاك العامة في الجنوب"، 13/4/2011.
[5]- جريدة الاخبار، "وادي الحجير تهزمه التحديات"، 3/7/2012
[6]- وفاء شرف الدين وإبراهيم شحرور، "الخطة الشاملة لترتيب استعمالات الأراضي اللبنانية وعلاقتها بإدارة الأملاك العمومية"، مجلة السادسة ، العدد 1، حزيران/يونيو، 2011.
The rational use of joint properties and its repercussions over the development process in Lebanon
Land properties are the most important resources owned by States and the rational and idealistic investment in all developed and underdeveloped countries became the basis of all sorts, levels and objectives of any planning.
The recent seizure of State owned properties and joint properties and the resulting expropriation of vast land and naval areas and the erection of random building which does not comply with public safety measures and the requisites of decent lodging with regard to the existence of a proper infrastructure and the rise in population density shed the light once again over development problems related to the use of land in Lebanon.
The Lebanese people must realize the degree of the qualitative change in Lebanon due to the increase of its population from 1 million in the independence era to 4 million people in the year 2000, all living in a fixed geometric area, knowing that this number will surely exceed 5 million if we were to add the foreigners living in Lebanese territories.
Based on these facts, the direct objective of this research in rationalizing the use of joint properties in Lebanon through finding the appropriate mechanisms which can ensure harmony with the necessities of the comprehensive plan to organize the use of Lebanese land and transforming it into a source of investment and a means to achieve numerous gains and this will contribute to assisting the State in its development role.
This study addresses several problematic issues, however the major problematic issue is:
The mechanism of rationalizing the use of joint properties in Lebanon and boosting its role in further propelling the development process and increasing State earnings and the proceeds of local authorities.
To address the given problematic we will be dividing the search into 3 chapters and each chapter is to be divided to 3 points integrated all together to give a clear idea about the nature of joint properties and their situation in Lebanon in addition to the situation of these properties and finally by finding its desired role in the development process through the proper mechanisms.
La rationalisation de l'exploitation des terres indivises et ses répercussions sur l'opération de développement au Liban
Les terrains sont l'une des ressources les plus importantes possédées par l'état. La rationalisation de l'exploitation dans tous les pays civilisés et développés est devenue la base de la planification, sous ses différentes formes, niveaux et buts.
Ce qui s'est passé dernièrement dans certaines régions libanaises en ce qui concerne la mainmise sur des propriétés de l'état et des terres indivises, la construction de bâtiments ne répondant pas aux conditions de la sécurité générale, de l'infrastructure adéquate à la densité populaire, tous ces facteurs ont mis l'accent encore une fois sur les problèmes de développement liés à l'exploitation des terres au Liban.
Les Libanais doivent réaliser le taux de changement de qualité qui a eu lieu au Liban vu l'augmentation de sa population qui est passée d'un million au temps de l'Indépendance, à quatre millions d'habitants en 2000 et qui vivent dans une zone géographique fixe, sachant que ce nombre dépassera certainement les cinq millions si on y ajoute les étrangers vivant sur le territoire libanais.
Allant de là, le but de cette recherche émane de la rationalisation de l'exploitation des terres indivises au Liban en trouvant les mécanismes adéquats qui pourront se concorder avec les demandes du plan global pour ordonner l'exploitation des terres libanaises et en les transformant en source d'exploitation et en moyen pour réaliser des bénéfices divers, fait qui contribue à offrir le support à l'état au niveau de son rôle de développement.
Cette recherche pose plusieurs problématiques, or la problématique essentielle est: le mécanisme de la rationalisation de l'exploitation des terres indivises au Liban, l'activation de son rôle au niveau de l'opération de développement et l'augmentation des revenus de l'état et des autorités locales.
Pour répondre à cette problématique, nous répartirons cette recherche sur trois volets, chacun est divisé en trois parties qui se complètent pour donner une image claire de la nature des terres indivises au Liban et son rôle dans l'opération de développement suivant le mécanisme adéquat.