تحية لها

تريسي شمعون: إرث الماضي حاضر لكن المسألة في شخصية المرأة وكفاءتها

تريسي شمعون سفيرة لبنان في الأردن. الدبلوماسية الآتية من بيت سياسي عريق تمتلك إلى حيوية الكاريزما، قوة الإصرار على صنع مسيرة ركيزتها الأساسية حب العطاء من أجل الوطن وكرامة الإنسان. عن إرث يجري في دمها وعناوين اختارتها لعملها في السياسة والدبلوماسية، هذه السطور.

 

تعيينها كسفير في المملكة الأردنية الهاشمية هو أول منصب دبلوماسي لها. بدأ جدها الرئيس كميل شمعون مسيرته الدبلوماسية كسفير للبنان لدى الأمم المتحدة وبريطانيا لا تعرف ما إذا كان يمكن القول إنّ الدبلوماسية تجري في الدم، لكنّها تؤكد أنّ انتقالها من العمل السياسي إلى العمل الدبلوماسي كان أمرًا طبيعيًا.
تستمتع بعملها كدبلوماسية وكسفيرة في الأردن بشكل خاص، لأنّه متشعب المجالات، يشمل التجارة والاقتصاد والأمن والجيش والتعليم والثقافة. من جهة أخرى لبنان والأردن يمران بالظروف الصعبة نفسها، بما فيها مكافحة الإرهاب وعبء اللاجئين السوريين والفلسطينيين والوضع الاقتصادي الصعب والدين العام المرهق.
على الرغم من ذلك، ستبقى السياسة طاغية في داخلها، وهي تشرح ذلك بالقول: «هذه هي طبيعتي لكن في النهاية طريقة تفكيري موجهة نحو الخدمة العامة لمصلحة بلدي لبنان، أيًا يكن شكل هذه الخدمة».
لا تحبذ تريسي شمعون فكرة التمييز بين الرجل والمرأة. تعتقد أنّ شخصية الإنسان هي العامل الحاسم في نجاحه سواء كان رجلًا أم إمرأة، وفي أي مجال. في الماضي شهدنا الكثير من التمييز ضد المرأة القادرة على الوصول إلى المناصب العليا في السياسة والدبلوماسية. لقد تغير هذا الوضع وأصبحت مشاركة النساء في أي عملية صنع قرار أمرًا جيدًا لأنّ النساء يدقّقن أكثر في تفاصيل عملهنّ، كما أنّهنّ رائدات إداريًا ولديهن قدرة على خلق بيئة تكاملية في أي مسار مهني على نقيض الممارسات التي تميل نحو التحكم والحصرية.

 

بصمة الجد وشخصية الحفيدة
هي من بيت سياسي ووطني عريق، فهل حمّلها ذلك أعباء ومسؤوليات إضافية؟ تقول في هذا الإطار: «ولدت في عائلة سياسية، على رأسها رجل استثنائي هو كميل شمعون، الذي كان يتمتع برؤية وشغف استثنائيين للبنــان، تــرك بالتأكيــد بصمــة مؤثــرة في شخصيتــي.
تميّز كميل شمعون بكاريزما فريدة، إذ كان باستطاعته إقناع أي شخص بأي موضوع يريده، وقبل كل شيء كان قلبه دائمًا ينحو باتجاه الآخرين. يفكر بغيره قبل نفسه وبالخير الذي يمكن أن يجلبه للعامة ولبلاده. وهو بذلك شكّل قدوة لي، فبتّ أفكر دائمًا: ما هو أفضل ما يمكنني أن أقدمه للبنان؟
هــذا التفانــي من أجــل رفاهيــة الآخريــن، والسعــي لتأمين حيــاة أفضــل لهــم، والحفــاظ علــى البيئــة، وصون كرامة الإنســان، أمــور باتــت جزءًا لا يتجزًأ من معتقداتــي الخاصــة. ما كنت لأتبنّــى هــذه المبــادئ لو لم أتأثر بجدّي. جدي كميل جسد مثال الجرأة والشجاعة والنزاهة، وجدتي زلفا مثال اللطف والتعاطف والتضحية».


درسان لمواجهة الصعوبات
تتابع حديثها حول حضور إرث جدها في حياتها، فتقول:

«أود أن أضيف درسَين مهمين للغاية تعلّمتهما من جدي: في السياسة لا يوجد شيء لا تستطيع معدتك هضمه» و«السياسة مثل ركوب المصعد، يجب أن تكون قادرًا على الخروج على كل المستويات». أقدّر هذين القولين واستعنت بهما مرات عديدة في حياتي للتكيّف مع صعوبات العمل السياسي».
أخيرًا، تتحدث عن عملها كامرأة في الحقل الدبلوماسي فتؤكد أنّ عملها كدبلوماسية، لا يمكن النظر إليه كميزة أو عائق. فقد حقّقت المرأة قفزات نوعية في الشأن الدبلوماسي. وتضيف: «في الأردن اليوم، نحن 12 سفيرة يمثل بعضنا بعضًا في أكثر الدول نفوذًا وقوة في العالم. في لبنان، تمثل النساء 21٪ من السفراء. بين السفراء العرب في الأردن، أنا حاليًاالمرأة الوحيدة، لكن هذا الأمر لم يشكل عائقًا وتمّ تقبله من دون تمييز، وزملائي السفراء العرب يتعاملون معي بندّية ولياقة. كما قلت هي ليست مسألة جندرية إنما المسألة تتعلق بشخصية وكفاءة المرأة في مركزها».