إقتصاد ومال

تطبيقات الهواتف الذكية قطاع ينمو بسرعة ولبنان يصدّر ابتكاراته إلى الخارج
إعداد: تريز منصور

يشهد لبنان نموًّا فائق السرعة لقطاع تطبيقات الهواتف الذكية، فقد بات عدد الشركات العاملة فيه نحو 80 شركة، وهي تصدّر قسمًا كبيرًا من إنتاجها إلى الدول الخليجية ودولٍ أخرى.


اللبناني وعصر التكنولوجيا
كشفت دراسة حديثة أجرتها وحدة مختبرات المستهلك في شركة إريكسون حول كيفية تأثير الإنترنت وتطبيقات الأجهزة المحمولة على سلوك المستهلكين، أنّ المستهلكين اللبنانيين نشطون اجتماعيًا في عالم التواصل الرقمي، بما يفوق المعدل العالمي بنسبة 8 في المئة.
إضافة إلى ذلك، كشفت الدراسة أن 54 في المئة من المستهلكين اللبنانيين يستخدمون شبكات البرودباند Broadband النقّال (هي تقنية نقل إشارات مختلفة متعددة التردّد، تنتقل كحزمة بواسطة كابلات محورية أو ألياف بصرية أو أسلاك مضفّرة) للوصول إلى الإنترنت، فيما النسبة العالمية هي 25 في المئة، أما نسب اللبنانيين الذين يستخدمون البرودباند الثابت فهي 12 في المئة مقارنة بنسبة 18 في المئة عالميًا، ممّا يعني أن المستخدم اللبناني، اندمج في عصر التكنولوجيا بشكل سريع، وهو قابل لاستخدام التطبيقات الإلكترونية على اختلافها عبر هاتفه النقّال.
وفي موازاة إقبال اللبنانيين على استخدام تطبيقات الهواتف الذكية، تنشط صناعة هذه التطبيقات كجزء من قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في لبنان، وفق ما يؤكّده رالف نادر مدير تطوير أعمال إحدى الشركات المختصّة. وفي حديث لمجلة «الجيش» يقول نادر إن صناعة أو تطوير تطبيقات الهواتف الذكية في لبنان قد بدأ منذ العام 2009، ولكن التركيز على إنتاج هذه التطبيقات للسوق المحلي تنامى مع تنامي اهتمام المستخدم User اللبناني بهذه التطبيقات في السنوات العشر الأخيرة، نظرًا إلى حاجة استخدامها تجاريًا، اجتماعيًا، سياسيًا ويشمل هذا الاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل Facebook، وTwitter، وWhatsapp وغيرها، عبر منصّات الهواتف الذكية، أو اللوحات الإلكترونية وأجهزة الكومبيوتر...
ويوضح السيد نادر أن: التطبيق الإلكتروني يتألف من قسمين، القسم الأول هو الأمامي Front-End الذي يتعامل أو (يتفاعل) معه المستخدم، والقسم الثاني أي الخلفي Backward-End تتحكّم من خلاله الشركة المصنّعة للتطبيق وتديره وتطوّره update.
يحتاج تطوير هذا المُنتج إلى جهود عدّة جهات... فالفكرة تنطلق من قسم الابتكار والإبداع، ومن ثم يتمّ رسمها WireFrames، ثمّ يوضع تصميمها النهائي الذي يتضمن المحتوى وأماكن الأزرار Features Bottoms، لنصل بعد ذلك إلى مرحلة الإنتاج التي تستغرق المدة الأكبر من مرحلة تطوير التطبيق أو الموقع الإلكتروني...
هل تنطلق فكرة التطبيق من حاجة السوق بعد دراسته، أو من طلبات الزبائن؟ يوضح السيد نادر أنّ الابتكار ينطلق من حاجة الزبون (مصرف، وزارة، سوبر ماركت، مؤسـسة تجارية...)، وأيضًا من حاجة السوق.

 

نمو عالمي ومحلي
يؤكد السيد نادر أن قطاع التطبيقات الإلكترونية يشهد نموًّا عالميًا من خلال الشركات الكبرى مثل IOS الخاصة بـ«أبل» Apple وAndroid الخاصة بـ«غوغل» Google، إضافة إلى الشركات الصغرى. وفي لبنان، ينمو هذا القطاع بصورة سريعة، بحيث بلغ عدد الشركات فيه نحو الـ80 شركة، أما أسواق منتجاتها فهي إضافة إلى لبنان، دول الخليج، وسوريا والعراق وشمال أفريقيا. والعاملون في هذه الشركات جميعهم لبنانيون من فئة الشباب ولا تتجاوز أعمارهم الـ25 عامًا، ويحملون شهادات جامعية عالية (مهندسون ومبرمجو معلوماتية computer Science ومحلّلو المعلومات Data Analysis) ويتمتّعون بمهارات skills عالية جدًا.
ويؤكد نادر أن «التطبيقات الإلكترونية تنمو بسرعة مذهلة، ولا سيّما في مجال التجارة الإلكترونية، وهي تسهم بنسبة مهمة من الناتج المحلي الإجمالي اللبناني، ويؤّمن مدخولاً كبيرًا للدولة».
في ما يخصّ العوامل التي تساهم في نموّ القطاع، يذكّر نادر بالتعميم رقم 331 الذي أصدره مصرف لبنان منذ نحو أربع سنوات، وأطلق عليه الـ Circular331  لدعم الشركات الناشئة العاملة في مجال التطوير التكنولوجي، بهدف توظيف الموارد والمهارت البشرية واستغلالها. ولكن المشكلة هنا أن الشركات تواجه صعوبات جمّة، أبرزها الضرائب الكبيرة، المباشرة وغير المباشرة، إضافة إلى بطء الانترنت وانقطاعه Not Connected المتكرر، الأمر الذي يعيق العمل، ولا سيّما أن معظم التطبيقات موجودة على ما يسمى بـ Cloud، وبالتالي يجب أن تبقى Connected على مدار الساعة. وأضاف: معظم الزبائن أجانب، ونجد صعوبة في تبرير الأخطاء التي تحصل، بسبب واقع الإنترنت لدينا.
في دبي مثلاً، وعلى الرغم من غلاء الإيجارات، ينمو الإنتاج الصناعي للتطبيقات الإلكترونية بسرعة مذهلة، بفضل توافر العوامل الضرورية، كسرعة الإنترنت (تفوق سرعتها في لبنان بــ20 مرّة)، وتوافر التيار الكهربائي بشكل دائم، والتأمين، والمواصلات.  
في المقابل يعتبر نادر أنه تمّ تحقيق أنجاز مهمّ على صعيد تكنولوجيا المعلومات في لبنان من خلال إنشاء ما يسمى بـBeirut Digital District في منطقة الباشورة، وهو عبارة عن تجمّع لشركات تكنولوجية تُعنى بكل ما هو رقمي، من إعلانات وبرامج وغيرها...
هل من نقابة أو جمعية تعنى بهذا القطاع؟ يجيب نادر بالقول: لا وجود لنقابة أو جمعية لشركات تطوير التطبيقات في لبنان، لكن مشاركتها في المعارض داخل لبنان وخارجه توفّر لها فرصة عرض منتجاتها التي تعكس صورة لبنان الحضارية والابداعية في العالم. فهذا القطاع يشارك في المؤتمر والمعرض السنويين Accelerate BDL اللذين ينظّمهما مصرف لبنان في «الـفوروم دو بيروت»، إضافة إلى ArabNet ومعارض أخرى خارج لبنان، وهو يحظى بدعم المؤســـسة العامة للاستثمارات «إيدال» من خلال تخصيص منصّات لمنتجاته في المعارض.
وعن حماية الملكية الفكرية للمُنتجات الإلكترونية، يوضح أن الفكرة تبقى ملكًا لمخترعها وتسجّل في مصلحة الحماية الفكرية (وزارة الاقتصاد)، قبل بيعها ومتابعة عملها وحركة استخدام منصّتها، لقاء اشتراك شهري محددّ. ولكن الحماية الكاملة لهذه الملكية تبقى صعبة جدًا على الرغم من وجود القوانين التي ترعاها، فثمّة أحكام تصدر ضدّ السرقة ولكنها لا تطبّق في أحيان كثيرة.

 

أنواع التطبيقات
ما هي أنواع التطبيقات التي تُنتجها الشركات اللبنانية وتصدّر إلى الأسواق الخارجية؟ يوضح نادر أنه ثمّة أنواع مختلفة تتوزّع على أربعة قطاعات: أولاً، قطاع الإدارة والخدمات، حيث يتمّ انتاج تطبيقات خاصة بعمل إدارات الدولة والوزارات مثل «بلدتي» لبلديات لبنان. ثانيًا، القطاع التجاري، والتطبيقات الخاصة بـ E-Commerce، بحيث يتمّ ابتكار التطبيقات المتعلّقة بالتجارة الإلكترونية. وثالثًا، في قطاع الاتصالات Telecom. أما القطاع الرابع فهو قطاع المصارف الذي يتمّ فيه العمل بصورة مستمرّة نظرًا لتطوّره. والتطبيقات الخاصة بهذا القطاع متنوّعة ويطلق عليها إسم Fintech App، ومنها على سبيل المثال Omni Channel، وهو عبارة عن تطبيق متشعّب يمكن استخدامه لتخليص معاملات مصرفية (دفع، قبض...) عبر مختلف الموجات Different Channels، فيمكن للزبون إنجاز معاملاته عبر الهاتف الذكي، و جهاز الكومبيوتر الـWeb، وكذلك عبر منصّة «أي تي أم» ATM. وثمّة تطبيقات أخرى متعلّقة بعملية الدفع من خلال الهاتف الذكي من دون الحاجة إلى بطاقة الدفع Tap To Pay، بالإضافة إلى تطبيق Virtual Reality الذي يتيح للمستخدم الدخول إلى الفرع افتراضيَا والتواصل مع فريق عمل المصرف وإنهاء جميع المعاملات...
ولا بدّ من الاشارة هنا إلى أن reality virtual كان مطلوبًا جدًا العام الماضي، وقد تطوّرت التطبيقات الخاصة به، وبفضل ما يسمى Artificial Intelligence AI يمكن للمستخدم من التحدّث مع إنسان آلي (روبوت) والاستعلام منه عن عدة منتجات في متاجر في العالم، أو الاستعلام عن أحوال الطقس، أو عن مكان معيّن...
واعتبر نادر أن التطوّر التكنولوجي وخصوصًا في مجال التطبيقات الإلكترونية، ساهم في نمو الاقتصاد ولا سيّما المعرفي منه، وسهّل حياة المستخدمين وقصّر المسافات بين دول العالم، كما ساهم في تخفيض الكلفة، ولكن في الوقت عينه أدّى هذا التطور إلى اختصار فرص العمل.
وختم أخيرًا بالقول إن طموحنا هو دعم الدولة لهذا القطاع وتأمين الوظائف للشباب المبدع في ظروف إنتاجية مؤاتية تتيح لهم تطور قدراتهم وبلدهم في الوقت نفسه.

 

تطبيقات أمنية
تعوّل السلطات اللبنانية على تطبيقات الهواتف الذكية وأنظمة إنذار أخرى لتعزيز التدابير الهادفة إلى حفظ الأمن وإشراك المواطنين في تحمّل المسؤولية من خلال التبليغ الفوري عن أي أمر يثير الشبهات.
وفي هذا الإطار أطلقت قيادة الجيش اللبناني تطبيق «لاف شيلد» LAF Shield على الهواتف الذكية، وهو يتيح للمواطنين تسجيل فيديو أو التقاط صور لسيارات مشبوهة او أجسام غريبة، وإرسالها الى قيادة الجيش. ويسمح التطبيق للمواطنين بالتعرف إلى «المواقع الخطرة» من خلال خريطة تفاعلية.
كما أن تطبيق «لاف هيرو» LAF Hero الذي يمكن تحميله على الهواتف المحمولة، يتيح لمستخدميه استكشاف مهمات الجيش اللبناني الطويلة والشاقة، بدءًا من التدريب وصولًا إلى المواجهات على خط الدفاع الأخير، ويتضمن التطبيق سلسلة ألعاب ترفيهية ومعلومات تفاعلية.

 


فرص استثمار
في العام 2016 بلغ حجم سوق قطاع تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في لبنان 436 مليون دولار، وفق المعطيات التي نشرتها المؤســسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان «إيدال»، وذلك في معرض بحثها عن فرص الاستثمار فيه. وتوقّعت المؤسسة نسبة نمو تصل إلى 9.7 في المئة بحلول العام 2019 ما يجعل حجم هذا السوق في لبنان 543.3 مليون دولار.