وقاية و ارشاد

تعزيز جهاز المناعة يقينا الأمراض والشيخوخة المبكرة
إعداد: رويدا السمرا

المطلوب: عدم إهمال الفيتامينات والمعادن ومحاربة الإرهاق

 

من أجل المحافظة على لياقة صحية جيدة خلال الشتاء، يمكن أن نساعد أجسامنا على مقاومة الميكروبات والإرهاق الجسدي والنفسي ومظاهر التلوّث.
ويتزايد مع الوقت عدد الذين أصبحوا يعتمدون أسلوب الوقاية الصحية. فهم لا ينتظرون أن يصابوا بالمرض حتى يهتموا بصحتهم، بل على العكس من ذلك، يسعى الكثيرون اليوم للمحافظة على لياقة بدنية جيدة من خلال نظام وقائي يعزز دفاعات الجسم الطبيعية، فيصبح هذا الأخير أكثر مقاومة لاعتداءات الميكروب، وللملوثات وعوامل الأكسدة وأيضاً للضغوطات النفسية.

 

 لماذا يجب تعزيز جهاز المناعة؟

من شأن ذلك أن يبعد عنا الإصابات المتكررة بأمراض الشتاء، والتي «تعطي الأفضلية» للأجسام الضعيفة. ولكن ليس هذا كل شيء. فالفائدة من تقوية جهاز المناعة تكمن في إبعاد الأمراض المزمنة التي ترافق عادة مرحلة التقدم في العمر، كالأمراض البصرية وأمراض أخرى مثل باركنسون وألزهايمر. والهدف من الوقاية، هو محاربة الشيخوخة المبكرة التي تصيب الخلايا المقاومة للأمراض، إذ كلما تقدمنا في السن، أصبح جهاز المناعة لدينا أقل نشاطاً وفاعلية. كما أن تعزيز وسائل الدفاع في الجسم يساعد على الحماية من الأمراض السرطانية. هذا ما يؤكده البروفسور مونتانيي الذي يعمل منذ وقت طويل على دراسة فيروس السيدا المعروف بتدميره لخلايا جهاز المناعة.

 

كيف نزيد من فاعلية جهاز المناعة؟

يساهم التلقيح في الوقاية من الأمراض المعدية. واللقاح يشارك في بناء مناعة نكتسبها مع الوقت. أما مناعة الجسم الطبيعية والأصلية، فلا بد من حمايتها من الضعف والإنهيار، وذلك باتباع نصائح الإختصاصيين في هذا المجال.

 

ما يجب تجنبه

العادات السيئة في الأكل هي أول ما يجب تجنبه، وتحديداً لا بد من مراعاة ما يأتي:

 

- تحاشي نقص الفيتامينات والمعادن:
يؤثر مثل هذا النقص في جهاز المناعة بشكل سلبي، لا سيما في مرحلة الطفولة، ومرحلة ما بعد الستين من العمر، حيث يصبح مخزون الجسم من هذه المواد الضرورية، ضعيفاً ومعرّضاً للنفاذ بسرعة.

 

- عدم الإكثار من الدهون:
كلنا يعلم أن المواد الدهنية ترفع عالياً معـدل الكولستيـرول في الدم وتسد الشرايين. لكن الكثيرين منا يجهلون أن الإكثار من الدهون يزيد من احتمال الإصابة بعدوى الأمراض الفيروسية. لذلك يجب الإبتعاد ما أمكن عن المقالي والمآكل التي تحتوي على الكثير من الزبدة.
- التنبه الى نظام الأكل الذي يفتقر الى البروتينات:
معظم الأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً نباتياً غير متوازن ويفتقر بالتالي الى البروتين، يساهمون بإضعاف جهاز المناعة لديهم، إذ تصبح الأجسام الضدية (anticorps)، المقاومة للأمراض، أقل فاعلية. ولا بد من الإشارة هنا الى أن السمك واللحم الخالي من الشحوم، يشكلان مصدراً ممتازاً لمادة البروتين.

 

- السكاكر:
السكـــــر، المربى أو حتى العسل، كلها مواد ترفع فجأة من معدل السكر في الدم. والمعروف أن ارتفاع كمية السكر عند المصابين بمرض السكري هو الذي يخفف من مقاومتهم للإلتهابات. فمن الأفضل إذن أن نحصل على المواد السكرية، من النشويات والمعجنات والخبز والبطاطا وغيرها، فالجسم يمتص هذه المواد ببطء.

 

الإرهاق عدو كبير للمناعة

الإرهاق عدو كبير لجهاز المناعة في الجسم إذ يجعله حساساً تجاه الأمراض المعدية. وقد عاين كثيرون منا هذا الأمر بشكل أو بآخر. إذ يكفي أن نمر بفترة من الضغط الجسدي أو النفسي حتى نصاب مثلاً بالقوباء (herpès)، علماً أن المسبب لهذا المرض الجلدي، هو فيروس يبقى كامناً في جسمنا بشكل طبيعي.
والإرهاق، إن لم يكن المسؤول المباشر عن الإصابة بالسرطان، فهو يدخل في عملية تفاقم الأورام، إذ يخفف بالفعل من نشاط الخلايا الدفاعية «القاتلة» ومهمتها تدمير الخلايا الخبيثة في الجسم.

 

أسلوب حياة مضاد للإرهاق

- ليكن حكمك على الأشياء نسبياً:
حاول ما أمكن عدم تضخيم الإزعاجات اليومية، التي ثبُتَ أن أثرها على الصحة هو أكثر ضرراً من المشاكل الخطيرة التي تواجهنا من وقت لآخر. والواقع أن التفسير الذي نعطيه للواقع المزعج، هو ما يثير فينا الشعور بالقلق، وليس الواقع بحد ذاته، سواء تمثّل ذلك بزحمة سير خانقة أو برسوب أحد أولادنا في امتحانه أو بعدوانية أحد الزملاء في العمل.

 

- كن إيجابياً في التعاطي مع الأمور:
النظر فقط للنواحي الإيجابية في الحياة، التفكير بالأشياء التي تبعث في نفسنا الفرح والبهجة... كل ذلك يبدو ساذجاً ومبسطاً للغاية، لكنه يعطي بالتأكيد نتائج حلوة. والأمر شبيه بتحريك حبيبات السكر الراكدة في قعر الكأس لإعطاء الماء

فيها مذاقاً أطيب. والواقع أن الجسم يتفاعل بحسب طبيعة أفكارنا، سوداء كانت أم إيجابية.

 

- تعلّم الإسترخاء:
تظهر الأبحاث تأثير الإسترخاء الجيد على جهاز المناعة في الجسم، لا سيما مع زيادة معدل مادة الغلوبيلين المناعي (تعمل كمضاد للحيويات) في اللعاب الذي يشكّل أول خطّ دفاعي ضد الميكروبات الآتية من خارج الجسم. وبالتالي فإن

 

الاستماع الى قطعة موسيقية هادئة بعد يوم من العمل المرهق، أفضل بكثير من مشاهدة أحد أفلام العنف على الشاشة الصغيرة.

 

- مارس الرياضة:
الهروَلَة، السباحة وغيرها... أنواع من الرياضة يجب ممارسة واحد منها أو أكثر، مرتين في الأسبوع على الأقل. فمن شأن هذه النشاطات البدنية، أن تُفرغ التوتر الذي يختزنه الجسم، وتجدد الطاقة في مواجهة الصعوبات اليومية.
- إضحك تضحك لك الدنيا!
الضحك مفيد للمعنويات وبالتالي فهو يفيد جهاز المناعة في الجسم.

 

ما يجب تفضيله

- نظام غذائي يعزز دفاعات الجسم:
أبرز مقومات هذا النظام هي الإكثار من الفواكه والخضار، نظراً لما تحتويه من فيتامينات ومعادن مضادة للأكسدة فالفواكه والخضار ضرورية لتعزيز دفاعات الجسم. ويجب اختيار المنتوجات الموسمية الناضجة والطازجة، للاستفادة من أكبر كمية من الجزرين (صبغ برتقالي مضاد للأكسدة، يعطي للثمار لونها الجميل).
هل يجب تناول الخضار نيئة أم مطبوخة؟ الإثنان معاً. فهناك أنواع من الفيتامينات التي تفسد بفعل الحرارة كالفيتامين ث، الموجود في الخضار مثل البروكولي والفليفلة. وبالمقابل فإن الطهي يكثّف بعض المواد المفيدة، فيزيد مفعولها، مثل مادة الليكوبين المضادة للأكسدة الموجودة في البندورة.

 

- كمية وافرة من الحديد:
الحديد يبعد فقر الدم ويجنبنا الإحساس بالتعب وفرط الحساسية التي تتفاقم حدتها مع المرض. لذلك يجب تناول الأطعمة الغنية بهذا المعدن الأساس، مثل ثمار البحر الصدفية كالمحار وغيره. ولا مانع أبداً من إعطاء الأولاد حليب النمو المضاف اليه الحديد.

 

الأطعمة الغنية بالتوتياء أو الزنك:
هذه الأطعمة ضرورية لتأمين تكاثر خلايانا الدفاعية. ويكفي تناول بيضتين مع مئة غرام من الخبز الكامل (رغيف تقريباً) أو أيضاً ست حبات من ثمار البحر الصدفي كالمحار لتغطية حاجتنا اليومية من معدن التوتياء.

 

- خميرة البيرة:
أهم مصدر للفيتامين «ب». وهي تساهم في قيام أنظمة الدفاع في الجسم بوظيفتها على نحو جيد. أما الكمية اللازمة، فهي ملعقتان صغيرتان من مسحوق الخميرة، تُرشّ على صحن السلطة المعتاد.

 

- الفيتامين ث:
مضاد للأكسدة هام جداً، يؤمن الحماية لجهاز المناعة وينشطه. إذا كنت ممن يتعرضون للرشح تكراراً، أو يقومون بجهد كبير خلال الشتاء، لا تتردد بتناول الفيتامين «ث» الذي يلعب دوراً في الوقاية من الأمراض المعدية. أما الجرعة المناسبة، فهي تتراوح بين مئة ومئتين ملغرام في اليوم، لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر. والجدير بالذكر أن حبة واحدة من ثمار الكيوي، تؤمن للجسم حاجته اليومية من الفيتامين «ث». كذلك يمكن أن نحصل على هذه الكمية من عصير حبتين من البرتقال، على أن يكون العصير طازجاً، إذ أن الفيتامين «ث» يتعرض للأكسدة بسرعة فائقة.

 

- تناول الفيتامين «ث» لاستعادة اللياقة البدنية:
عند الإصابة بعدوى فيروسية يخفف الفيتامين ث من مدة ظهور أعراض الإصابة وقوتها. وبالتالي يجب تناول غرام واحد من هذا الفيتامين، مع بدء ظهور الأعراض الأولى للمرض (الرشح، إلتهاب الحلق...) وذلك لمدة عشرة أيام.
ومن ناحية أخرى، فإن عملية جراحية، أو عدوى مرضية، أو إرهاق وتعب... كلها ضغوطات تستنفر مخزون الجسم من الفيتامينات. الأمر الذي يستدعي علاجاً بالفيتامين «ث» لمدة أسبوعين بمعدل جرعة من خمسمئة ملغرام في اليوم، ويُفضل تناول الأقراص المستخرجة من ثمرة الورد البري (gélules de cynorrhodon) التي نجدها في الصيدلية، والتي تشكّل أحد أغنى المصادر الطبيعية بالفيتامين ث.

 

تحصين الجسم ضد الأمراض

- العلاج بالمواد الضرورية للجسم مثل الفيتامينات قبل فصل الشتاء.
يمكن اعتماد علاج وقائي لمدة ثلاثة أشهر يرتكز على هذه المواد الضرورية. وهي تتوفر في الصيدلية على شكل حقن أو أقراص للمص، تؤخذ قبل موعد الأكل بربع ساعة أو بعد ساعة من الموعد.
 

- هل يفتقر جسمك للمقاومة؟
تناول مادة الكبريت، مناوبة مع خليط المنغنيز والنحاس. وذلك مرة كل يومين، لمدة ثلاثة أسابيع في الشهر.
- تجاوزت سن الخمسين وأنت عرضة لالتهابات متكررة في الحنجرة والأنف والأذن؟
تناول مادة الكبريت، واستبدل خليط المنغنيز والنحاس، بمزيج من النحاس - الذهب - الفضة.

 

Santé Magazine Nov. 2004