على خطى القائد

تعقيبًا على حالة الاحتقان التي يعيشها لبنان

قائد الجيش: حصّنوا الداخل حتى يتفرّغ الجيش للحدود

شدّد قائد الجيش العماد جان قهوجي على وجوب قيام المسؤولين السياسيين بدورهم لتحصين الوضع الداخلي في البلاد، بما يتيح للجيش التفرّغ للحدود. هذا الموقف نقلته عنه صحيفتا « الأخبار» (16 آذار 2013) و«السفير»(19 آذار 2013)، وقد جاء تعقيبًا على حالة الاحتقان السياسي التي يشهدها لبنان والذي يترجم على الأرض حوادث أمنية تقتضي تدخّل الجيش لمعالجتها ومنع تفاقمها. جهود الجيش جنّبت البلاد أكثر من «قطوع» خطير في الأيام الأخيرة، لكن يبقى على المسؤولين السياسيين تحمّل مسؤولياتهم للحفاظ على الأمن والاستقرار.

 

الأخبار: قائد الجيش اختار الطريق الأصعب
في مقال تحت عنوان «الجيش في حقول الألغام: جردة حساب سياسية وعسكرية»، قالت الزميلة هيام القصيفي: «في جلسة المجلس الأعلى للدفاع التي عقدت أخيرًا، طرح قائد الجيش على الحضور من رؤساء ووزراء وقادة أمنيّين ان يُسحب الجيش من الداخل من أجل نشره على الحدود.
كانت المطالبة بانتشار الجيش ترتفع تدريجًا، وقد ردّد العماد قهوجي أمام العديد من السياسيين:
«أريحوا الجيش في الداخل لننتشر على الحدود».
فكيف يمكن تحقيق التوازن بين الاستقرار الداخلي وحماية الحدود؟
يحتاج الجيش اللبناني حاليًا إلى ما لا يقلّ عن أربعة ألوية، أي ما يزيد على عشرة آلاف جندي لنشرهم على الحدود، لا يمكن تأمينهم في الوقت الراهن بسبب عملية انتشار الجيش في الداخل، إضافة إلى معدات وآليات لا تزال غير متوافرة. وهو أمر لحظته الخطة الخمسية للجيش لإنشاء فوج خاص للحدود من الجيش فقط إضافة إلى فوج الحدود المشترك. وفيما يتزايد الضغط الأمني على الحدود، نفّذ الجيش في الأسابيع الأخيرة عملية انتشار كبيرة غير مسبوقة على كل الأراضي اللبنانية، شملت تعزيز ألويته في طرابلس وعكار، وبيروت وصيدا والإقليم، بالإضافة إلى عرسال. وهذا يعني أن إعادة الانتشار الواسعة شملت البقع الأمنية الحساسة التي يمكن أن تشعل فتيل انفجار الوضع الداخلي... مع العلم أن الجيش في ظلّ هذا الاستنفار، قد يتعرّض للإنهاك إذا استمرّت لعبة الكرّ والفرّ بينه وبين العاملين على توتير الوضع.
وقالت القصيفي: هناك مخاوف من ملف الحدود، لكن الجيش يؤكد أنه سيلتزم أي قرار تتخذه الحكومة في هذا الشأن، كما يؤكد أن الحدود الشمالية مضبوطة وأن جزءًا كبيرًا من الحدود البقاعية يُضبط بالإمكانات المتوافرة. أما المخاوف الأخرى فتتمثل في حدّة الشحن المذهبي وارتفاع منسوب الخطر الإرهابي.
وتابعت، إنّ ما جرى في عرسال وسقوط شهيدين للجيش، عرّض المؤسسة العسكرية لجدل حولها، بين دعوة تصاعدية إلى الدخول إلى عرسال والردّ على مطلقي النار على عناصر الجيش، وبين الدعوة إلى التعاطي برويّة على طريقة أن الجيش يمهل ولا يهمل.
للجيش رواية مفصّلة عمّا جرى في عرسال، والتحقيق الداخلي أثبت كثيرًا من الوقائع. في المقابل لا يريد الجيش أن يستخدم أي طرف لبناني أو خارجي عرسال أو جردها وتحويلها منطلقًا لأعمال إرهابية...
وأشارت القصيفي إلى أن الجميع يعرف مدى الضغط الذي تعرّض له قائد الجيش للدخول إلى عرسال، قائلة إنه كان يردّ على الجميع: «ليجلس مكاني من يطلب مني الدخول إلى عرسال وليرني ماذا سيفعل».
وتضيف: أراد قائد الجيش تحقيق توازن مدروس في ما يتعلّق بهذه القضية، لذا اختار الطريق الأصعب عبر خطّة أمنية شاملة ومُحكمة وطويلة الأمد لتوقيف المطلوبين فقط، من دون التعرّض لأبناء البلدة. وقد تمكّن في الآونة الأخيرة من توقيف عدد من المتورطين والمطلوبين من دون أن يعلن عن ذلك، حفاظًا على سرّية العمل والتحقيقات...

 

السفير: العسكريون يكادون يمضون أيامًا بلا ساعة نوم!
نقلت «السفير» عن قائد الجيش قوله عقب حادثة التعرّض لعدد من المشايخ في بيروت، «إن لبنان مرّ بأخطر استحقاق أمني منذ ثماني سنوات»، مشيرًا إلى أن ما حصل يدلّ بوضوح إلى أين يمكن أن يقود الشحن الطائفي والسياسي والمذهبي المستمر على مدار الساعة، مناشدًا السياسيين ورجال الدين أن يتحمّلوا مسؤولياتهم من أجل وضع حدٍ لكل من يساهم في التحريض ضدّ الآخرين في وطنه.
وأضاف العماد قهوجي مخاطبًا السياسيين بحسب صحيفة «السفير»: «حصّنوا الداخل حتى يتفرّغ الجيش للحدود»، مستغربًا كيف أن هناك من ينادي الجيش بتحمّل مسؤولياته الحدودية، بينما يساهم في خطابه بجعل الجيش ينهك بين الداخل والحدود.
وقال قائد الجيش، إن عشرات آلاف العسكريين المنتشرين من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال مرورًا بالعاصمة والبقاع والجبل «يكادون يمضون أيامًا بلا أي ساعة نوم»، وأهاب بالجميع تحسّس حجم المخاطر المحدقة بالبلد، لكنه طمأن اللبنانيين «بأن بلدهم قادر على تجاوز كل المصاعب» مؤكدًا أن «المؤسسة أخذت على عاتقها مهمة حماية لبنان واللبنانيين وهي ستسعى بكل ما أوتيت من إمكانات لدرء الفتنة والتصدّي الحاسم والسريع لكل مخلٍّ بالأمن...».