ذكراهم خالدة

تفتقده القاعدة وطائرته والسماء...

أربعون النقيب حنا في تنورين

 

قيادة الجيش والأهل والرفاق في إحياء الذكرى

لمناسبة مرور أربعين يوماً على استشهاد النقيب الطيار سامر حنا، أقيم قداس وجناز لراحة نفسه في كنيسة سيدة الإنتقال في تنورين الفوقا، ترأسه كاهن الرعية الأب أغناطيوس داغر وحضره النائب بطرس حرب، العميد الركن الطيار سمير المعلولي قائد القوات الجوية ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، الرائد شربل أنطون ممثلاً المدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني، النقيب سيمون مخايل ممثلاً المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، رئيس إتحاد بلديات منطقة البترون السيد جورج سلوم وعدد كبير من الضباط ومن رؤساء البلديات والمخاتير والفاعليات وأهل الشهيد.

 

العظة
الأب داغر ألقى بعد الإنجيل عظة استهلها بالتذكير بقول السيد المسيح لا تخافوا ممن يقتل الجسد وليس له أن يهلك النفس. وقال:
«اجتمعنا اليوم مع الأهل والرفاق، مع الأقارب والأصدقاء، نعيد ذكرى الأربعين لاستشهاد النقيب الغالي سامر حنا. ونعلن أمام الله والتاريخ والوطن ردنا الإيجابي على مصابنا والعذاب، نحتفل بتوزيع الأوسمة والدروع وننشد أناشيد القيامة.
هو البريء الهادئ، المتفوّق المتواضع، والمناقبية الشاهدة، وقد نذر حياته لخدمة وطنه، يبنيه على الحب والسلام، على الحرية والعدالة ويحمي شعبه من التعديات والخطر. كالفراشة البيضاء قُتل وهو يرفرف في سماء بلاده، يبشّر بالسلام.
لقد استحق سامر والمواسم في البواكير أوسمة الشرف والبطولة في الأرض. واستحق الوسام الأعلى وهو في قلب الله، وقد أعطي له أن يكون فدية وطن الفكر والروح، وضحية ترفض أن تكون القاتل، فدخل في دراما الصليب وعمل الفداء والخلاص، وهنا يكمن المعنى وكل السر، وليس لنا سواه.
في ذكرى رحيل سامر ما عسانا نقول، وهو الكلمة الباقية والصوت الهادر.
هو وسام على صدر تنورين، وهي تنجب الأبطال في الأمانة للوطن وخدمة الحياة بالشرف والتضحية والوفاء.
هو وسام على صدر مؤسسة الجيش اللبناني التي تخرّج أمثاله لينتصر الخير على الشر وينهزم الموت. كيف لا ومناعة وهيبة الجيش شهداؤه وضمانة الإنتصار قوة الدم.
هو وسام في ضمير الوطن الذي اشتراه الأبطال بالحياة، وصار اسمه الجديد وطن الشهداء...».

 

كلمة قيادة الجيش
وألقى ممثل قائد الجيش العميد الطيار المعلولي الكلمة الآتي نصها:
«إنتظرك أهل القرية عريساً، فجئنا بك شهيداً، قالوا، إرفعوا الهامات عالياً فخراً واعتزازاً، إنه اليوم عرس تنورين، عرس الجيش ولبنان. كم أنت أبيّة يا تنورين.
يا شهيد لبنان، يا عريس الشهداء، أربعون يوماً والعيون تشخص الى صورتك البهية، والضمائر تهتف بإسمك، والأقلام تفيض بمآثر بطولتك. أربعون يوماً ساكناً قلوب رفاقك ومحبيك في القوات الجوية، لم تغب ولو لحظة عن بالهم، تعيش معهم في أحاديثهم وإجتماعاتهم اليومية. قاعدتك الجوية في رياق تفتقدك بساحاتها ومدارجها، أروقة السرب الثامن تسأل عنك، طائرتك ما زالت جاثمة على الأرض موشّحة بالسواد حزناً على وحيدها، برج المراقبة إشتاق الى سماع صوتك الدافئ، سماء لبنان تنادي مَن كان يحميها ويدافع عنها حتى الرمق الأخير.
أقلب ملفك الجوي الشخصي فأقرأ: طيار مميز بأدائه، مدهش بسرعة استيعابه، يتمتع بخامة القائد والطيار المبدع.
يا شهيد القوات الجوية، عرفناك ضابطاً مثقفاً، مثالياً في انضباطه، قدوة في تهذيبه، كريماً في أخلاقه، سخياً في عطائه، قوياً وصلباً في مواقفه كصخور جبال تنورين العنيدة على الزمن، وأضحيت بعد استشهادك أرزة شامخة على روابي هذه البلدة الصامدة.
قالوا إن الموت يمحو السلبيات والشوائب والأخطاء، أما معك فلم أجد شيئاً لأخفيه وأطمره، عتبي عليك الوحيد أنك اختصرت الطريق ورحلت عنا باكراً من دون استئذان، رحيل الكبار بصمت مهيب، على رؤوس أناملك، حتى رفيقك لم يشعر بغيابك. كنت ساكناً في حياتك وصامتاً عند رحيلك، لكن استشهادك أدمى قلوب الشعب اللبناني بكامله وهزّ الوطن بأسره حسرة على شبابك، وكأن دمك سُفك قرباناً على مذبح هذا الوطن ربما ليدفع بالقيادات السياسية الى تهدئة النفوس والسير بعملية المصالحة الوطنية الشاملة على أمل انبعاث لبنان جديد.
يا شهيد الجيش، يا نسراً هوى من عليائه، بربك أخبرنا هل ما زال هناك متسعاً لشهداء الجيش، ثق بأن أرض لبنان ستظل مرتعاً للأبطال، وسماءه ستبقى ملعباً للنسور، نحمل جميعاً شعلة واحدة وهدفاً واحداً للحفاظ على الحرية والديمقراطية والسيادة والإستقلال، لبقاء هذا الوطن العزيز على قلوب جميع اللبنانيين.
أخيراً أتوجّه الى الوالد والوالدة وأشقاء سامر والى خطيبته ميريم، وأهالي تنورين الأوفياء لأقول، ليس لكلماتي قوة ألمكم ولا عظمة حزنكم، نم يا سامر قرير العين مطمئناً فأنت في حمى الأرز الخالد ولتزهر في كل ربيع من طيف روحك الطاهرة شقائق النعمان وزهر البيلسان لتبقى ذكراك مؤبدة.
العزاء لكم، والبقاء للوطن».
كذلك، ألقى شقيق الشهيد مروان كلمة بإسم العائلة شدّد فيها على «ضرورة كشف الحقيقة لمعرفة أسباب اغتيال شقيقه الشهيد سامر» مشيداً بمناقبية الجيش وبالتضحيات التي يقدّمها في سبيل الحفاظ على سيادة الوطن.