ثقافة وفنون

تكريم
إعداد: الدكتور بديع أبو جودة

وسام الأرز لموسى زغيب المتألق على منابر الزجل

لاقى الشاعر موسى زغيب خلال مسيرته الشعرية وتألقه ملكاً على منابر الزجل, أكثرمن تكريم وإحتفاء بإبداعه. وإن كان التكريم الحقيقي لأي شاعر أو فنان هو قبل كل شيء في مدى حضوره في وجدان الناس, فإن المبادرات التي تأتي من جهات رسمية أو مؤسسات وهيئات, لها أيضاً أهميتها في إيفاء المبدع بعضاً من حقوقه وفي تحفيزه على مواصلة مسيرة العطاء.
موسى زغيب الحامل, الى تقدير المتذوقين لشعره في لبنان والخارج, وسام الإستحقاق اللبناني ودرع الثقافة, منحه أخيراً رئيس الجمهورية وسام الأرز من رتبة فارس.
جاء هذا الوسام خلال إحتفال تكريمي نظمته بلدية حراجل بالإشتراك مع إتحاد بلديات كسروان ¬ الفتوح وكلية الآداب في جامعة الروح القدس, والمناسبة شهادة تقدير منحتها الحكومة الأوسترالية لزغيب.
أقيم الإحتفال في قاعة البابا يوحنا بولس الثاني في جامعة الروح القدس ¬ الكسليك في 3 آذار المنصرم, ورعاه رئيس الجمهورية العماد إميل لحود ممثلاً بوزير الصناعة جورج افرام, وحضره نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي ممثلاً رئيس المجلس, والنائب أحمد فتفت ممثلاً رئيس الحكومة وعدد من النواب, والعقيد أسعد مخول ممثلاً العماد ميشال سليمان قائد الجيش, الى عدد من الشخصيات السياسية والروحية والإجتماعية والثقافية وأهل وأصدقاء ومحبين.
بعد النشيد الوطني افتتاحاً كلمة هيام أبو شديد عريفة الإحتفال التي رحبت بالحضور, ومن ثم كلمة عميد كلية الآداب في جامعة الروح القدس الدكتور طانيوس نجيم. ومما قاله:
“أي عيد في صرحنا اليوم؟...أنه عيد حراجل حيث الرضّع يكاغون زجلاً, إنه عرس التراث في كسروان الوفية لتقاليدها وأعماقها الثقافية...”.
وتحدث نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي الذي أثنى على موسى زغيب شاعر الهجاء والفروسية والحب والمديح, وكانت له قصيدة من وحي المناسبة.
نقيب المحامين السابق عصام كرم تناول في كلمته الفولكلور وإختلاف معانيه من بلد الى آخر. وأعقبت كرم الدكتورة إلهام كلاب البساط التي تحدثت عن ذكرياتها وطفولة موسى زغيب في عمشيت وقالت “أنت إبن حراجل واليوم مواطن العالم”.
رئيس إتحاد بلديات كسروان ¬ الفتوح نهاد نوفل قال في كلمته: “لا نعرف بالضبط متى بدأت رحلة موسى مع الشعر, لكننا نعرف أنه جديد كل يوم, مدهش كل يوم, مبدع كل يوم...”.
وألقى نقيب شعراء الزجل في لبنان خليل شحرور قصيدة معدداً فيها مزايا المحتفى به. وتلاه رئيس بلدية حراجل شحادة عقيقي في كلمة قال فيها: “... كبر موسى إبن الجرد, فلا الزمان يسعه بعد ولا المكان. ونثر فوق المعمورة شعره, فجدد وطوّر وحدّث, حتى غدا مدرسة في ذاته داعية لتكريمه”.
الختام كان قصيدة شكر لموسى زغيب الذي قلّده الوزير إفرام وسام الأرز من رتبة فارس باسم رئيس الجمهورية لمساهمته في إغناء الزجل اللبناني وحمله الى بلاد الإغتراب.


“ملك وتاج وصولجان”

وزع خلال الإحتفال كتيب عن المحتفى به عنوانه “موسى زغيب ملك, تاجه دف, صولجانه قلم, عرشه منبر”.
وفي الكتيّب, حياة الشاعر ومسيرته الزجلية بدءاً من “جوقة باز الجبل” الى “جوقة القلعة” مروراً بـ”جوقة خليل روكز”, ومؤلفاته وبعض ما كتبته عنه الصحف والمجلات, الى صور ومحطات كرّم خلالها الشاعر في لبنان وخارجه.


أقاصيص من دافنشي

ليوناردو دافنشي نعرفه جيداً كواحد من ألمع الفنانين الذين شهد العالم لعبقريتهم في الرسم. اليوم نتعرف إليه كاتباً للأقاصيص والحكايات التي أنطق من خلالها الحيوان والنبات والحجر, ليوصل عبرة أو حكمة.

 

الحسون المغرّد
افتقد حسون عشه فرآه خالياً, ووجد صغاره في قفص من صنع الإنسان. وما إن رأوه, حتى أخذوا يزقزقون طالبين منه أن يحملهم بعيداً, بعيداً!...
حاول تحطيم حواجز السجن بمنقاره, بساقيه, بجناحيه, وعاود الكرة مرة, ولم يفلح... فحمل لصغاره المقيّدين عشباً ساماً, فلاقى كل منها حتفه, وصاح:
¬ نعمَ الموت بدلاً من فقدان الحرية!

 

الورقة والقلم
¬ الورقـة: لمَ جعلـتني أتسـخ بمدادك, ذاك الجحيم الأسود؟
¬ القلم: كسوتك بالشعارات, فلست أنت ورقاً بعد الآن, أنت رسالة... إنّك تحرسين فكر الإنسان.

 

الثعلب والغراب
تصنّع الثعلب الموت وتمدد فاغراً فاه.
تجرّأ غراب نهم نقر فمه.
أطبق المحتال فمه وأهلك من لا يتوقف “جوعه” عند حد!

 

البجعة
شعرت البجعة, بغريزتها المرهفة, بدنو ساعتها.
وأخذ شعاع حياتها ينطفئ مع غروب الشمس, فعرّجت بريشها الأبيض الناعم, الى جذع شجرة صفصاف, وأخذت تشدو بنبرات مفعمة بحب الطبيعة, وسحر السماء وجمال الأرض, وحنين الماء...
وأخذت البحيرة تكتسي لونها الأرجواني, ورددت أسماك البحار, وطيور الغابة وحيوانات الحوض: إنها البجعة تودعنا... وتودّع الحياة!

 

الكمثري والغار والريحان
¬ أين غطرستك يا شجرة الكمثري, ترى أين سيذهب بك هذان الفلاحان اللذان اقتلعاك من جذورك؟
¬ سينحتني فنان إلهةً, ويرفعني فوق المذابح, وسيتوافد الناس لعبادتي... وأنتما, يا من تعيّرانني, يا ريحانة, ويا شجرة الغار, فستنزع أوراقكم لتتويجي, ولتقديم التكريم الخليق بالآلهة... وستبقى أغصانكم مقصفة, ومنزوعة الأوراق!

 

اللسان والأسنان
قالت الأسنان للسان: ألا تكف ثانية عن الثرثرة؟
فأجاب: ألا يكفيكن همساً بحقي, يا من وضعكن الله في خدمتي!
وشاء صاحب اللسان أن يأتي بفعلة مؤذية, فسمح للسان أن يتفوه بكذبة كبيرة. قضمت الأسنان لسانه, فدمي, واحمر لونه خجلاً... وما زال أحمر حتى تاريخه!

 

شجرة الكستناء والتينة
¬ كم يليق بك أن تلومي أمك الطبيعة, يا شجرة التين, فهذا يثني فروعك, وذاك ينزع ثمارك الناضجة, وأولئك يلتهمونها بأسنانهم الصلبة.
أما أنا ¬ والكلام لشجرة الكستناء ¬ فقد ألبستني قميصاً رقيقاً, ووضعت عليه سترة من الجلد الخشن المبطن, وزرعت شوكاً حاداً لحماية ثماري!
¬ ولكنّ الإنسان سينزع ثمارك هزاً متتابعاً لأغصانك وسينال منك بالعصي والحجارة وسيسحق ثمارك ويحرقها بناره... وسيخرج صغارك وهم محطمون, محروقون, ألا ارتدعي عن النيل, بعد اليوم, من الأيدي الناعمة والحانية التي أسمح لها أن تلامس ثماري.

 

موس الحلاقة
تخلت شفرة موس الحلاقة عن مقبضها, وتاهت جمالاً وتباهياً, وهي تلمع تحت أشعة الشمس, واستسلمت للراحة في مخبأ أمين معتكفة, بعد اليوم عن أي عمل.
وحوّلها ركودها قبيحة المنظر. يعلوها الصدأ, ولا تعكس بريق الشمس... ولعنت الساعة التي تخلّت فيها عن العمل!

 

التوتة والشحرورة
¬ متى ستتخلين, يا شحرورة, عن قرض أفناني بمنقارك, وعن خدشها بمخالبك, وعن حرماني من القشرة الليّنة؟ أما تكتفين بثماري المفضلة لديك, ولدى بني جنسك؟
¬ أولم تخلقي, يا توتة, لتقدمي لي الطعام, كما خلق جذعك لإطعام النار؟
وشاء قدر الشحرورة أن يكون نصيبها في قفص من قضبان التوت فسمعت التوتة تقول لها:
¬ أغصاني التي خدشت نعومتها, تحرمك الآن من الحرية, عقاباً على تخديشك إياي, قبل أن تشاهديني ملقاة في النار!

 

الفراشة وضوء القنديل
حامت فراشة حول ضوء قنديل في خفة وعجب!
ففقدت إحدى قائمتيها, ولسعت النار أحد جناحيها فسقطت في الزيت الذي كان يغذي اللهبة التي كانت تحوم حولها.


فقال المصباح:
¬ أنا لست سوى صورة مصغرة عن الشمس, أسعد من يتأنى في استخدامي فأنير طريقه وأهديه, وأحرق وأهلك من يجازف, ويخترق حرمتي!

الجوزة وبرج الأجراس
استجاب جدار البرج لنداء الجوزة التي سقطت من منقار الغراب. وسمح أن تختبئ في فتحة منه... فنذرت أن تقضي حياتها فيه مغمورة, زاهدة.
وعبثاً حاولت الأجراس أن تثني الجدار عمّا تملكه من عطف وشفقة تجاه هذا الضيف الطارئ, الغريب!
وحنثت الجوزة بوعدها, ونبتت شجرة, وتضخمت الجذور, وطردت الأحجار القديمة, وأخذ الجدار يتداعى.
فتمّ فيها ما قيل: “اتق شرّ من أحسنت إليه”.

 

الصقر والبطة
أعاد الصقر مرات, إنقضاضه على بطة كانت تخادعه في غطسها تحت الماء, كلما صار على قاب قوسين منها. عيل صبراً, وقرر اللحاق بها تحت الماء فالتوت وصعدت الى الأعلى, وفردت جناحيها وحلقت فوقه قائلة:
¬ إنني أعرف كيف أحلق في السماء, بينما أنت, يا مبتل الريش, تجهل أصول الغطس والعوم في أعماق مياهي.

 

النسر
دفع الفضول أحد النسور الى التغلغل بين أغصان شجرة تعشش فيها بومة, فقال لها:
¬ أسمعيني صوتك, فإن كان جميلاً مثل وجهك, يجدر بي أن أسد أذني...
ولم يكن يدري أنه علق في الدبق.
فأجابت البومة:
¬ سيكون مصيرك السجن أو القتل انتقاماً لما افترست من حملان, وعقاباً عن تخليك عن أجوائك المنيعة... ولهزئك بطائر مسكين مثلي!

 

البيضة المسروقة
اختلس أحد الطيور الى عشه, بيضة من عش طير آخر...
فلما فقص البيض, ونبت الريش, وطار كل من كان فيه... عاد اليه الجميع إلا واحد: لقد دفعته الغريزة الى عش أبويه, الذي أخذ منه!

 

شجرة عاتية
بسقت شجرة عاتية وامتدت الى الأعالي, وراحت تتضايق مما نبت قربها من أشجار... وأزالوا عنها, بناءً على طلبها, شجرة الجوز ثم شجرة التين, وبعدها شجرة التفاح...
... وكانت عاصفة قوية! تشبثت بالأرض بجذورها الطويلة والمتفرعة في كل جانب. تضاعف هبوب الريح وهزّها بشدة, ولم تكن بقربها أي شجرة لتخفف من حدّته, فأسقطها أرضاً!

 

البخيل
قيل لبخيل:
¬ لم لا تأكل حتّى الشبع!
فأجاب:
¬ خشية على الطعام من أن يفقد!

 

النملة وحبة القمح
أوقفت حبة القمح النملة, وهي تنوء بحملها:
¬ لماذا لا تدعيني وشأني أيتها النملة؟
¬ إني أبحث عن مؤونة لفصل الشتاء القارس.
¬ ولكن, أنا بذرة مفعمة بالحياة وسآتيك بمائة حبة إذا تخليت عن إقتيادي أسيرة الى وكرك... اطمريني في هذه الحفرة وعودي اليّ بعد عام من الآن.
وعادت النملة! ووفت القمحة بوعدها!


طلاب جامعة بلغراد قرأوا شعراً لبنانياً وغنّوا لفيروز

بدعوة من القنصل الفخري لجمهورية يوغوسلافيا الإتحادية في لبنان والمجلس الثقافي في بلاد جبيل, أحيا عدد من الطلاب المستشرقين من جامعة بلغراد, في قاعة البطريرك الحويك لثانوية مار يوسف ¬ جبيل, أمسية ثقافية وفنية وفولكلورية باللغتين العربية واليوغوسلافية.
حضر الأمسية عدد من النواب, والعقيد أسعد مخول ممثلاً قائد الجيش وعميد الطلبة في جامعة بلغراد رايد بوزوفيتش وحشد من المدعوين.
بعد النشيدين اللبناني واليوغوسلافي عزفتهما الفرقة الموسيقية للأمن الداخلي وترحيب من أمين سر المجلس الثقافي توفيق صفير, ألقى القنصل العام جوزف مرتينوس كلمة أكد فيها أن هذا النشاط هو لتعزيز العلاقات وتطويرها لمصلحة البلدين, مشيراً الى أن هؤلاء الطلاب أتوا الى بلد آمنوا بلغته وتعمقوا بجبران ونعيمة وأبو ماضي وأبو شبكة وسعيد عقل ويونس الإبن, وترعرعوا على البحث والمعرفة والثقافة واتقنوا اللغة العربية وعشقوا المتنبي وأبو النواس وتخطوا الأسلاك ليصلوا الى الجاهلية ما قبل الإسلام.
وألقى رئيس المجلس الثقافي الفنان ميشال صقر كلمة أكد فيها على أهمية مثل هذه النشاطات التي تتيح للشعوب الإطلاع والإنفتاح على جميع ثقافات الشعوب الصديقة والتعاون معها, خصوصاً وأن الثقافة هي خط دفاع أول عن الأوطان.
بعد ذلك قام الطلاب اليوغوسلاف بقراءة نصوص شعرية لكبار شعراء لبنان وأنشدوا أغانٍ للسيدة فيروز, الى رقصات فولكلورية وعزف على الآلات الطربية, تلاها عزف لأستاذ الموسيقى في الجامعة اللبنانية الأميركية الفنان جوزف خليفة لمقطوعة من تأليفه أدتها غناءً رنا يونس مع قراءة شعرية للدكتور عصام حداد.
وتناوب كل من ملكة جمال بلاد جبيل ماري منصف والإعلامي فادي روحانا على تقديم البرنامج.


“جمهورية الباطون” لفيليب سكاف

صدر حديثاً عن دار النهار للنشر كتاب “جمهورية الباطون” لفيليب سكاف. ويعالج الكتاب موضوع إنعدام التخطيط في البلد منذ الإستقلال وإنعدام الرؤية, والتشويه الذي تتعرض له المدن والقرى اللبنانية, مطلقاً صرخة تدعو الى وضع حد لما يحصل من تشويه عمراني.
يقع الكتاب في 389 صفحة من القطع الكبير, ويتضمن في جزئه الأول “مقتطفات خطاب لرئيس لم يأت بعد”, ويعرض في القسم الثاني 2200 صورة فوتوغرافية بالأبيض والأسود لـ250 قرية ومدينة من كل المحافظات والأقضية تم إختيارها عبر الخريطة من دون تفريق لإبراز وجهة نظر شاملة عن التشويه الحاصل”.
ويعتبر الكتاب رسالة لا يهدف مضمونها الى إظهار تشويه الوطن, بل الدعوة الى إنقاذه لأن لبنان لم يبق لبنان الأخضر.


هل تعرفون مصطفى كريديّة؟

في أواسط الشهر الماضي, غيّب الموت الفنان مصطفى كريدية عن ست وسبعين سنة, أمضى أكثر من عقد في ختامها مقعداً بسبب داء ألمّ به.
عمل الفنان الراحل في الفنّ تلحيناً وغناءً, وقد بدأ نشاطه في الأربعينيات وهو صغير, مع ما كان لاحتراف الفن آنذاك من موانع عائلية وإجتماعية.
كان من الأسماء الناشئة في تلك الفترة: صابر الصفح, فؤاد زيدان, إبراهيم عليوان, ناصيف عرموني, فيلمون وهبي, جميل كرم, عبد القادر رمضان... أما وديع الصافي فقد أتى في وقت لاحق. ويقول كريدية أنه اصطحبه في رحلة تشجيعية الى دمشق حيث “حشر” وديع نفسه بين فنانين معروفين في تلبية دعوة فنية بمنزل فريد العلم "صاحب شركة علم فون للأسطوانات", وقد سمح له بالغناء بعد طول رجاء, وكانت النتيجة أنه نال كل استحسان, وتمّ تكليفه بتسجيل عشر أغنيات.
من ذكريات كريدية التعيسة أنه كسر رجله عند شاطئ الروشة وهو هارب من تعنيف والده الذي رفض ميله الفني. وأنه نال ما يكفي من الضرب من قبل الحارس السنغالي في الإذاعة حين حاول الدخول إليها بدون بطاقة العمل. وأنه نال ما لا يرضيه من صاحب مستودع ألبسة قديمة استأجر منه قميصاً وسروالاً وأعادهما ممزقين بعد أن غنّى في حفلة لم يسمعه فيها أكثر من سبعة أشخاص.
أما من ذكرياته الجميلة فيذكر أنه رافق مرة الشيخ زكريا أحمد بالضرب على الطبلة في إحدى الحفلات بسبب غياب الضارب الأساسي.
تلقى الفنـان الراحــل توجيهاتــه الموسيقيــــة الأولى من الفنان نقولا المنّي الذي كان مشهـوراً آنذاك الى جانــب سليم الحلــو, ويوسف فاضل, ونجيـب الشلفــون. وقد نهج نهجه لاحقــاً بترسيــخ ما عــرف آنــذاك بالأغنيــة اللبنــانيـة الخاصة بعد أن ارتفعـت الأصــوات المطالبـة بعدم الإكتفاء بالأغنـيـة المصـرية في الإذاعـة اللبنانيــة.
وكان هذا النهج حالــة وسيطــة بين الغنــاء الريفي اللبناني وبين الغناء المصــري, إذ أنه اعتمــد الليــالي والمـوّال والطقطــوقة الخفيفــة, وهذا ما تميـزت به مدينـة بيروت.
تــرك مصطفى كريديــة عشرات الأغنيات والألحان, منها ما غنته فائزة أحمـد ونازك ونجاح سلام.
أما المشهــورة بين ما تركــه فهي أغنية “يا فجر لمّا تطل” التي تمتاز بعفويتــها ورقّتهــا كلاماً ولحناً. يقول مطلعها:
يــا فجـــر لمــــا تطـــل ملــوّن بلـــون الفـــلّ
صحّي عيون النّاس ومحبوبي قبل الكلّ
وقصتها, كما رواها صاحبها, أن أحد باعة أكلة “الفلافل” في بيروت, ويدعى أحمد البدوي, قدّم كلماتها إليه وتمنى أن يغنيها. استلمها كريدية وعرضها على الشاعر محمد علي فتّوح, وفي ظنه أن كلام بائع “الفلافل” لا يؤدي الى النجاح. أعجب فتوح بالكلمات, ولم يعدّل فيها شيئاً, بل اكتفى بإضافة موّال اليها, يقول مطلعه:
يا فجر روح لحبيبي, وصحّيه على مهلك...
وقد تمّ تدوين “فتوح وبدوي” على غلاف الأسطوانة كمؤلفين للأغنية, وقد عرفت بصوت نهاوند, وصوت أحمد السبكي, وصوت مصطفى كريدية نفسه, إضافة الى أصوات هواة كثيرين.

أ. م.