نشاطات العيد

تكريم الضباط المتقاعدين بمناسبة الأول من آب
إعداد: ريما سليم ضومط _ نينا عقل خليل

معاهداً أنه سيبقى صورةً زاهية مشرقة ومصدر إفتخار وإعتزاز للجميع

العماد ميشال سليمان: الجيش بحاجة إلى تعزيز امكانياته لكنه لن يقصّر ولن يسمح بإشعال الفتنة

سنقبل مساعدة الجيوش الصديقة من دون أن يتغير الدور الوطني للجيش

 

تناول قائد الجيش العماد ميشال سليمان أبرز القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية وارتباطاتها بالقضايا الاقليمية والدولية. كما تطرق في ما يشبه "جردة حساب" إلى الأحداث والتطورات التي شهدها لبنان خلال الأشهر الماضية.
وأعلن العماد سليمان جملة من المواقف حيث قال ان الجيش اللبناني الذي يحتاج الى تعزيز امكانياته، سوف يقبل مساعدات الجيوش الصديقة، وإن دوره الوطني لن يتغير. وفي حين وعد اللبنانيين بأن الجيش سيواظب على القيام بواجبه كاملاً، قال ان الجيش لن يشهر سلاحه في وجه المقاومة، وانه "يعرف كيف يضبط الوضع الفلسطيني من دون أن يخرج الأمر عن المصلحة العربية واللبنانية".
كلام قائد الجيش العماد ميشال سليمان جاء في خلال احتفال أقامته القيادة بمناسبة الأول من آب تكريماً للضباط المتقاعدين.


إفتتاح بكلمة المتقاعدين

كرّمت قيادة الجيش في العيد الستين للجيش ضباطها المتقاعدين في احتفالٍ أقيم في قاعة العماد نجيم في اليرزة، ترأسه قائد الجيش العماد ميشال سليمان بحضور عدد من ضباط الخدمة الفعلية.
إفتتح الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني، ثم كانت كلمة للواء الركن المتقاعد محمود طي أبو ضرغم تحدث فيها بإسم الضباط المتقاعدين شاكراً للقيادة اهتمامها ومحبتها وتقديرها لمن أعطوا هذه المؤسسة كل طاقاتهم وتفانوا في خدمتها السنين الطوال. كما توجّه إلى قائد الجيش "العصامي" مشيراً إلى أنه برهن في مناسبات عدة حرجة تعرّض لها الجيش والشعب والوطن كيف يُصان الجيش ويعامل الجيش ويحفظ الوطن، وذلك بالحكمة والشجاعة وصواب الرؤيا وصلابة الموقف.
وتطرّق اللواء الركن أبو ضرغم إلى دور الجيش الذي "ليس هو سياج لبنان فحسب بل عاموده الفقري الذي بدونه قوياً، قادراً، متحفّزاً، كم كانت تعتري الهشاشة جسم الوطن وتضنيه". كما أكد أنه مهما تقلّبت الظروف وتتالت الصعاب يبقى هذا الجيش الملاذ والأمل لأنه عمق المواطنية السليمة الذي تتلاشى فيه فوارق المجتمع اللبناني وتتحوّل إلى دوافع وطنية يلتف حولها الجميع، وتكون من مسؤوليتهم لتحقيق الغايات والأهداف الإيجابية فقط لمصلحة الشعب والوطن.
ثم تحدث عن دور المتقاعدين تجاه "المؤسسة النبيلة" التي ينتسبون إليها ملخّصاً إياه بكلمات ثلاث هي: الوفاء، الاخلاص، والواجب، مؤكداً شكره ورفاقه للقيادة الحكيمة الشجاعة التي ينظرون إليها بعين الأمل والشكر معاً لأنها لم تتوانَ يوماً عن الإلتفات إليهم في نصرة حقوقهم واحترامهم وتقديرهم.
وأضاف، إن شريحة المتقاعدين العسكريين تعي تماماً دقة المرحلة والتحديات التي تدور في منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى الدور الحالي للجيش في حفظ لبنان الوطن والرسالة وملتقى الحضارات، والمعنى الإنساني الفريد بين الأمم.
في الختام، كرّر اللواء الركن المتقاعد أبو ضرغم شكره للقيادة متمنياً للجيش أصدق التهاني في عيده الستين، ومعاهداً إياه بإسمه وإسم زملائه أمام الله والتاريخ بالبقاء أوفياء.

 

كلمة العماد سليمان

بعد الوقوف دقيقة صمت عن أرواح الشهداء ألقى قائد الجيش العماد ميشال سليمان، الكلمة التالي نصها:
أشكر حضوركم بمناسبة عيد الجيش، كما أشكر وجودكم المعنوي الدائم والداعم لمواقف الجيش، وتواصلكم المستمر على المستوى الفردي مع القيادة.
نحن كما تعلمون نعيش وسط وضع عام نتأثر به، ويتمحور هذا الوضع بالدرجة الأولى حول الإرهاب الذي يشغل العالم في هذه الأيام. فالإرهاب لا يقتصر على عملية لقتل إنسان، الإرهاب أصبح شبيهاً بحرب عالمية ثالثة من حيث شمولية وجوده، فهو يضرب في كل الدول، يسقط ضحايا من كل الطوائف، وله امتدادات مادية وشبكات اتصالات، ومواجهته ربما تكون أصعب من مواجهة الجيوش المنظمة كونه غير مكشوف. إن أسباب الإرهاب كلها معروفة لدينا، لكن مهما كانت هذه  الأسباب فهي تشوِّه الصورة وتخلق حالة غير مستقرة بالعالم، فيما تعمد إسرائيل إلى استغلال الحملة ضده رغم أنها الأساس في حجة الإرهابيين، من خلال الظلم الواقع على الفلسطينيين وتجاهل حقوق المسلمين في القدس، وذلك بهدف تحقيق مصالحها، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وكل ما نشهده حولنا هو حلقة من حلقات الاستغلال الإسرائيلي، لهذا الموضوع.
نحن من أول الناس الذين وقفوا ضد الإرهاب وقد عانينا منه منذ زمن طويل، ويكفي الإرهاب الإسرائيلي الذي انتج عندنا في لبنان حالة صعبة وغير مستقرة، استمرت نحو خمسين عاماً.
أمّا على صعيد الوضع الداخلي فإن لبنان بدأ يستعيد دوره إقليمياً ودولياً بعد حصول التحرير في أيار من عام 2000، وفي المقابل كانت إسرائيل تتطلع إلى دور لها في العالم وفي المنطقة، تستطيع من خلاله استقطاب مجمل النشاطات الاقتصادية والثقافية، لكن تبين خلال السنوات الأخيرة أنها غير قادرة على أخذ مكانة لبنان. ورغم أن دور لبنان لم يصل إلى المنحى العملي المنشود إلاّ ببعض النواحي، لكنه يتقدم خطوة بعد خطوة باتجاه استقطاب معظم النشاطات الجارية في منطقة الشرق الأوسط.
رأينا في السابق محاولات عدة لضرب الاستقرار اللبناني، بدأت بقصف العدو لمنشآت حيوية، وحين فشلت هذه المحاولات تطورت إلى حصول اغتيالات متعددة داخل المناطق لمقاومين ومسؤولين، وعندما لم تؤد هذه العملية إلى نتيجة، جرى توسيع دائرة استهداف الاستقرار الأمني في البلاد، عبر محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة، مروراً بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى اغتيال الصحافي سمير قصير وجورج حاوي، وصولاً إلى محاولة اغتيال نائب رئيس الحكومة ووزير الدفاع الوطني الياس المر، إضافة إلى المتفجرات المتنوعة التي رافقت هذه المرحلة. رغم كل ذلك ظل لبنان متماسكاً وهذه حقيقة نعتز بها ويجب أن تبقى مفخرة لنا، فأحياناً كثيرة في بعض الدول، يؤدي مقتل شخص أقل بكثير من الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى حصول أزمة كبيرة.
اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان عملاً إجرامياً كبيراً المقصود فيه زعزعة الكيان اللبناني وإسقاط خط الدفاع الأساسي عن هذا الوطن، لما للشهيد من دور كبير على صعيد الاقتصاد والأمن، والقضايا الأساسية التي كان يدافع عنها في مختلف منتديات العالم. وهكذا استطاع الجيش مع الشعب إجهاض الهدف الرئيسي من العملية، وإجهاض الفتنة المطلوبة من وراء الحادث، لذلك لن يسمح الجيش بإشعال الفتنة من جديد عبر أساليب أخرى، وقد اتخذنا الاحتياطات اللازمة لها، كما لن نسمح بالتعرض لوحدة لبنان، أو تمرير مشاريع مشبوهة ترمي إلى استهداف المقاومة اللبنانية، والجنوح إلى مقاربة سياسية لأي شكل من أشكال التقسيم أو الفيدرالية التي جرى تداولها مؤخراً في مرحلة الانتخابات النيابية وبعدها.
أريد أن أقول لكم كيف أسقط الجيش المؤامرة. على أثر اغتيال الرئيس الحريري، حصلت انفعالات كبيرة في الشارع ومظاهرات متعددة دامت حوالى الشهر والنصف. الجيش تعاطى مع الموضوع بشكل متوازن واعتبر أن الشعب هو مصدر قوة الجيش وقراره، لذلك كان هم الجيش هو حفظ الأمن في مختلف الأمكنة وتحديداً في الساحتين المعروفتين، والثوابت التي يؤمن بها الجيش هي نفسها لدى كل المواطنين، هي مطلب الناس أكانوا في ساحة الشهداء أو في ساحة رياض الصلح، طبعاً ربما تتفاوت قليلاً هذه الثوابت عند البعض في الساحة الواحدة أو بين الساحتين، ولكني على يقين أن أي لبناني يجد وطنه في الجيش، يجد آماله في الجيش، وحين نتكلم عن الحرية فالجيش مع الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية، وتاريخه حافل بالتضحيات في سبيل  الحفاظ على هذه القيم خصوصاً في مواجهة العدو الإسرائيلي الغاصب. أما بالنسبة إلى سوريا، فنحن بالتأكيد على علاقة ثابتة ومميزة معها. وباعتقادي أن 99% من المواطنين الذين ملأوا الساحات المختلفة كانوا يتلاقون بثوابتهم الوطنية مع ثوابت الجيش، لذلك لم يكن هناك من مجال إلاّ التصرف كما تصرفنا ولا يجب أن ننسى انهم نزلوا جميعاً تحت راية العلم اللبناني، وهذا ما كنا نتوخاه منذ زمن بعيد. وهو أمر بالغ الأهمية حصل على الساحة اللبنانية، فيما شكل الجيش قاسماً مشتركاً التفّ حوله جميع المواطنين.
إن ما جرى كان يحتاج إلى شجاعة من العسكريين الذين نزلوا وسط مئات الآلاف من المواطنين المحتشدين، أما ما أشيع عن تنفيذ القرار السياسي أو عدم تنفيذه، فلا يساوركم الشك يوماً أن الجيش لا ينفذ القرار السياسي، لقد قام بتنفيذه بأفضل ما يمكن تنفيذه. وهذا القرار في النهاية إنما يهدف إلى حفظ الأمن وحماية المؤسسات العامة وفي طليعتها المجلس النيابي ليتمكن من اتخاذ قراره، وكذلك حماية المؤسسات الخاصة وممتلكات المواطنين، ولا يهدف إلى منع حرية التعبير التي كفلها الدستور.
إن القرار السياسي يعود للدولة، أمّا كيفية التنفيذ فهذه من اختصاص القيادة، وانطلاقاً من ذلك وضعنا الخطة اللازمة واتخذنا القرار المناسب مع الأركان مجتمعين في كيفية حفظ الأمن.
لقد استطاع الجيش بهذه الذهنية احتواء التداعيات كافة التي كانت متوقعة إثر الحوادث الأخرى التي حصلت من تفجيرات وغيرها، ومن تحولات أساسية شهدتها البلاد، كخروج الجيش العربي السوري خلال ثلاثين يوماً بعد 30 سنة من الوجود في لبنان، إذاً من بعد حصول المظاهرات وانسحاب الجيش العربي السوري، قام الجيش بملء الفراغ الأمني. ومن أحد القرارات الأساسية المتخذة توليه حفظ الأمن في مدينة طرابلس التي أصبحت الآن بعهدة الجيش أمنياً مثل بقية المناطق الأخرى.
الأمر الآخر الذي أدى إلى إسقاط المؤامرة هو ضمان إجراء الانتخابات النيابية بموعدها المقرر، وقد اسهم الجيش بتأمين حرية الناخبين وتوفير المناخ السليم لتمكين المواطنين من ممارسة حقوقهم، وبقي الجيش متجرداً وغير منحاز لأي طرف من الأطراف. وقد عبّر الناس عن آرائهم بحرية تامة رغم التجاذبات السياسية الحادة التي كانت موجودة في الشارع، ولا نزال نشهد جزءاً منها ولكن بوتيرة أخف، إلى جانب ذلك فإن الجيش لن يتوقف عن أداء مهامه الأخرى ومنها توفير الأمن اللازم لإجراء الامتحانات الرسمية في البلاد إلى باقي المهام المعروفة التي ينفذها منذ عشرات السنين في ما يتعلق بمجال الإنماء.
حصلت هذه الأحداث في ظل تعديل قانون خدمة العلم. ففي شهري أيار وحزيران الفائتين نقص عديد الجيش نحو 20 ألفاً وأصبح عديد المجندين 3 آلاف بعد أن كان نحو 23 ألفاً، وبعد انخفاض هذا العدد بشكل مفاجئ، استطاع الجيش أن يعيد تنظيمه من خلال إعادة هيكلة الألوية ليتابع تنفيذ المهام بتفاصيلها كافة.

من جهة ثانية لا نريد الافتراض دائماً أن المواطنين في لبنان سيتقاتلون في ما بينهم، لا بالعكس نحن موجودون لتنفيذ إرادتهم للأمن، وردع  الخارجين عن القانون أو عن الإرادة الوطنية الجامعة، الجيش لا ولن ينقسم إطلاقاً، احمد الله إنني استطعت من البداية أن أقول هذا الكلام ومررنا بالتجربة وأثبتنا صحة هذا الأمر، وكل عسكري اليوم يفتخر بالتجربة التي مر بها ويتحلى بمعنويات عالية جداً .
الموضوع هو أهمية دور الجيش وفعاليته التي أثبتها في الفترة الأخيرة. وإذا ابتعد الجيش عن الإرادة الوطنية يصبح فريقاً ويتقلص دوره الوطني إلى أن ينعدم إطلاقاً. أنا على ثقة بأن دور الجيش يبقى دوراً وطنياً ومطلوباً عندما يلتزم الثوابت الوطنية التي ننتهجها، وتبدأ أولاً بالابتعاد عن الطائفية والتجاذبات السياسية، خصوصاً حول الموقف من العدو الإسرائيلي، واعتماد مبدأ العدالة والعمل المؤسساتي داخل الجيش...
كذلك فإن الجيش يمثل صورة لبنان الحقيقية، الصورة الأساسية للبنان الذي نحبه ونريده، وتمسكنا بالثوابت الوطنية المنيعة جداً لا يمكن أن يعتريه أي وهن، لا بل سيكون في المستقبل اكثر فاعلية وقوة من الآن، أما لجهة الخلل الأمني الذي حصل خلال الأشهر المنصرمة والمتمثل بالتفجيرات والجرائم الإرهابية، فإني أقول وليس من باب التهرب من المسؤولية أبداً، لا توجد دولة لديها مناعة مسبقة وكاملة ضد الأعمال الإرهابية، إنما تتمايز دولة عن أخرى في مدى قدرتها على مواجهة تداعيات هذه الأعمال. وفي لبنان مثلاً، يهدف العمل الإرهابي إلى خلق الفتنة، وهذا الهدف لم يتحقق، مما يدل على وجود مناعة حقيقية، كما أن كشف الإرهاب مسبقاً هو أمر صعب، ولكن غير مستحيل، لدينا واجب كبير جداً بهذا الموضوع لكشف الفاعلين ومصدرهم، وهذا ما نعمل عليه، مع التفكير جدياً بإعادة هيكلة وتفعيل مديرية المخابرات التي يناط بها حالياً مهام الأمن العسكري فقط. ورغم ذلك لدينا شعور بالمسؤولية ونحن مع الحكومة ورئيسها بصدد إعادة درس هيكليات الأجهزة وتنظيم عملها وتوزيع مهامها بما يتوافق مع صلاحياتها. إذاً لا بدّ من إعادة  توزيع المهمات وتوفير الوسائل والتقنيات والميزانيات.
الأمر الآخر الذي سأتحدث عنه، هو عن ماهية العلاقة مع الجيوش الصديقة ومع الجيش العربي السوري الشقيق. طبعاً رافقتم عملية انسحاب الجيش العربي السوري والتي كانت بالتعاون مع الجيش اللبناني وبالتنسيق بين اللجان المشتركة، وقد تأمن خروج الجيش السوري بكل كرامة من قبل الجيش اللبناني، أما التجاوزات التي حصلت في الشارع فهذه بالتأكيد لم يوافق عليها الجيش بل لاحق مرتكبيها وأحال من القي القبض عليه إلى القضاء.
إن علاقتنا مع الجيش السوري لن تتغير، نحن جيش حليف وشقيق له، وهو الذي مدَّ يد العون لنا في الظروف الصعبة وسنبقى على تنسيق دائم، وكما ذكرت بأمر اليوم سيستمر الدعم المتبادل في ما بيننا لأن مصيبتنا واحدة وعدونا واحد وأرضنا مشتركة وهواءنا مشترك،  فهذا الأمر مفروغ منه وعلاقتنا مع الجيوش الصديقة لن تكون على حساب هذه العلاقة.
كما إن علاقتنا مع الجيش الأميركي ممتازة منذ عدة سنوات وقد بدأوا برفع حجم المساعدات الخاصة بالتدريب منذ ثلاث سنوات، وكذلك هي العلاقة مع كل من الجيش الفرنسي والإيطالي والإنكليزي والمصري والسعودي إضافة إلى وجود مروحة علاقات مع العديد من جيوش دول العالم أكبر بكثير من السابق. كما توجد اتفاقات تعاون بيننا وبين قسم كبير من هذه الجيوش، نحن نفتخر ونعتز بالعلاقة مع الجيوش الصديقة وهذه ميزة الجيش اللبناني، وسنقبل المساعدات مستقبلاً كما قبلناها في الماضي بهدف تقوية الجيش اللبناني. لكنّ هذه المساعدات لا يمكن أن تعدّل في دور الجيش الوطني، الذي ينبع فقط من الإرادة الوطنية الجامعة والقرار السياسي للسلطة الإجرائية.
نحن نطالب بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وحل الموضوع اللبناني يبدأ من خلال القضية الأساسية التي من أجلها نشأت المقاومة. كونوا على ثقة بأن سلاح الجيش الذي لم يشهر بوجه المتظاهرين من 14 شباط حتى 14 آذار وما بعدها، لن يشهر على المقاومة اللبنانية، هذا الكلام نلتزم به، أما ما تسمعونه من إشاعات إسرائيلية حول وجود خلل أمني في لبنان وأن الجيش يريد أن يقمع الفلسطينيين، فهذا محض افتراء ونحن بالعكس مع القضية الفلسطينية ونعرف كيف نضبط الوضع الفلسطيني من دون أن نصل إلى أمر يخرج عن المصلحة العربية واللبنانية.
أما لجهة الحديث عن سلاح المقاومة، فلسطينية كانت أم لبنانية، وإرسال الجيش إلى الجنوب، فهذه أمور تقنية تفصيلية تعالج من خلال الإرادة الوطنية الجامعة، التي بدورها تملي القرار السياسي وتملي القرار العسكري. إذا كان المقصود حفظ الأمن في الجنوب أو الدفاع عن الحدود، فالدولة تستطيع تكليف الجيش، أو قوى الأمن أو قوى مشتركة أمنية عسكرية كما هي الحال الآن، ونحن جاهزون للتنفيذ، والمسألة بالنسبة الينا ذات طابع تقني ونحن ننفذ قرار السلطة السياسية وفقاً للتقنيات العسكرية المعروفة، ونعرف كيف ننفذ هذا القرار، لكن إذا كان المقصود هو إنهاء الصراع مع اسرائيل، فهذا ظلم بحق لبنان وضد مصلحته، ومع محبتنا للفلسطينيين نحن ضد التوطين. إذاً لكي يتمكن الجيش من اداء دوره الوطني وتنفيذ مهامه، لا بدّ من تعزيز إمكاناته وقدراته لا سيما أن مشروع خدمة العلم قد اقترب من نهاياته، لذا نحن مع بناء جيش محترف من المتطوعين وبمستوى معين.
أخيراً قد يمر البلد بحالة حرجة جداً، ومنذ اجتماعنا السابق، في العام الماضي ولغاية الآن، لم يكن هناك مجال لتحسين مستوى التقديمات الاجتماعية للمتقاعدين وعناصر الخدمة الفعلية في الجيش، ولكن الأولوية في هذه المرحلة هي لبقاء الوطن، لحفظ المؤسسة، وأعاهدكم أن هذا الجيش الذي يمثل ماضيكم وتاريخ كل واحد منكم، سيبقى صورة زاهية مشرقة ومصدر افتخار واعتزاز لنا ولكم.
 

عشتم ­ عاش لبنان