- En
- Fr
- عربي
نشاطات القيادة
العماد ميشال سليمان: حضور الجيش ووحدته خشبة الخلاص وشعاع الأمل
برعاية قائد الجيش العماد ميشال سليمان وحضوره، أقيم في نادي الضباط في جونية احتفال تكريمي لقادة مقر عام الجيش الذين تعاقبوا على قيادته.
حضر الاحتفال رئيس الأركان اللواء الركن شوقي المصري ونوابه وعدد من قادة الجيش ورؤساء الاركان السابقين وضباط في الخدمة الفعلية.
العماد سليمان ارتجل كلمة بالمناسبة نوّه فيها بجهود قادة المقر والضباط والعسكريين الذين دافعوا بعناد وثبات عن القيادة، وصنعوا بالتزامهم وتضحياتهم رمزية هذا المكان بعنفوانه وكبريائه.
كما عرض العماد ميشال سليمان في كلمته، الاوضاع الداخلية في البلاد ودور المؤسسة العسكرية، فأشار إلى أن الوطن يقف على مفترق تاريخي ويمرّ بفترات صعبة، لكن حضور الجيش بوحدته وعسكرييه الملتزمين قدسية الرسالة، يبقى خشبة الخلاص وشعاع الأمل اللامع وسط الظلام.
وأضاف: ان المعيار الاساسي الذي يرتكز عليه الجيش في عقيدته وأدائه هو الوحدة الوطنية التي بفضلها أضحى الجيش اللبناني نموذجاً يحتذى، فلا جيش في العالم يضم في صفوفه عسكريين من طوائف ومذاهب متعددة مثل الجيش اللبناني، وفي الوقت ذاته ينفذون الأوامر نفسها بقيادة واحدة من دون تردد او تلكّؤ.
كذلك، أكد العماد سليمان قوة المؤسسة العسكرية ومناعتها تجاه التجاذبات السياسية القائمة بين الأفرقاء السياسيين وقدرتها على القيام بمهامها كاملة على امتداد مساحة الوطن.
وختم قائد الجيش شاكراً الجميع على حضورهم، متمنياً على الضباط المتقاعدين، أن يظلّوا دائماً على مقربة من مؤسستهم الأم ووعي دوافع موقف الجيش في كل مرحلة، والاطلاع على ما يجري في داخله، ليكونوا خير مدافعين عنه في محيطهم ومجتمعهم المدني.
كلمة قائد المقر
بعد كلمة العماد قائد الجيش، كانت لقائد مقر عام الجيش الحالي العميد الركن طعان حرب كلمة قال فيها:
سيدي العماد قائد الجيش
أيها الحضور الكريم
إنه لشرف كبير حضوركم سيدي العماد قائد الجيش بيننا اليوم، ورعايتكم الطيبة هذا الاحتفال المعبّر أبهى تعبير عن عراقة قيمنا وتقاليدنا العسكرية، التي ابديتم كل الحرص منذ توليتم سدة القيادة، على التمسك بها وإحيائها بإستمرار، إيماناً منكم بأنها من العوامل الرئيسة التي تسهم في الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية، وتواصل أبنائها جيلاً بعد جيل، وتعزيز ارتباطهم بمؤسستهم ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، فلكم خالص الشكر والامتنان على حضوركم الذي ينم عن اهتمامكم اللافت، وثقتكم الغالية التي تغمر النفوس بمشاعر الامل والفرح. كما نعرب عن عميق شكرنا وتقديرنا حضوركم أيها السادة، قادة الجيش ورؤساء الاركان السابقين، في عرينكم الأصيل، مؤسسة الجيش، التي وهبتم دقائق حياتكم في سبيل خدمتها ورفعتها، وزرعتم في محرابها اغراس الايمان بلبنان سيد مستقل معافى، يجسد آمالكم وتطلعاتكم.
أيها الرفاق
لطالما كانت اللقاءات والاحتفالات التي يحييها أخوة السلاح، المتقاعدون منهم أو الذين يزالون في الخدمة الفعلية، مساحة رحبة تعيد إلى البصائر والاذهان مشاهد وتذكارات مسيرة حياة خطّوا صفحاتها معاً، بحزنها وفرحها، بتعبها وراحتها، بقلقها وسلامها، حتى تجذرت في النفوس واصبحت مصدر فخر واعتزاز يتباهون به، وإرثاً معنوياً يستمدون منه قوة العزم والارادة والاستمرار بخطى ثابتة على طريق المستقبل.
هذا الاحتفال التكريمي الذي يجمعنا معاً تحت راية مؤسسة الشرف والتضحية والوفاء، ليس إلا قبساً من وفاء لكم، تجاه ما بذلتم من جهود وتضحيات من أجل إعلاء شأن المقر، الذي دأبتم على بنائه بالعرق والتعب، لبنةً لبنة. فمن خير سلف إلى خير خلف، ومن يد أمينة إلى أخرى، ومن إنجاز إلى آخر، تراكم العطاء ليغدو هذا الصرح بنياناً مرصوصاً شامخاً، يليق بما طمحتم اليه وقدمتم في سبيله الكثير الكثير.
وما يضفي على لقائنا أيها الرفاق الاعزاء، تلك الإشراقة المعنوية التي تغمرنا جميعاً بنورها المتوهج، النابعة من خصوصية موقع مقر عام الجيش واهميته، والمسؤوليات الملقاة على عاتقه. فهذه الوحدة كانت ولا تزال عصب قيادة الجيش بأركانها ومديرياتها. كما يعتبر نجاحها في أداء مهامها، حاجة لا بد منها، لتسهيل عمل القيادة وتعزيز قدرتها على السيطرة والسرعة في التنفيذ، وخلق السبل الكفيلة بالإنطلاق نحو مزيد من التطوير بغية تحقيق مختلف الأهداف المرسومة.
أيها الحفل الكريم
إن لقاءنا اليوم، هو مناسبة لتجديد الثقة والتزام النهج المؤسساتي الذي خطه قادة الجيش السابقون وأركانه، وجعلوا من المؤسسة العسكرية بحق، جيش الوطن، كل الوطن، جيش الإيمان بالقيم الإنسانية والأخلاقية، والأمثولة في التضحية والشهادة والعطاء بلا حدود، والقدوة في المناقبية والولاء الوطني والتجرد والشفافية في القيادة والادارة والموقف، جيشاً تمرّس على مواجهة الصعاب والاخطار، وكلما خاض غمار التجارب القاسية خرج منها اكثر قوة وتماسكاً ونجاحاً.
وفي ظل الظروف الحرجة التي مرّ بها لبنان وما يزال، تمكّن الجيش بفضل عصامية وجرأة وحكمة قائده العماد ميشال سليمان، من الاضطلاع بواجبه الدفاعي في الجنوب والانتشار على إمتداد الحدود البرية والبحرية، ومن القيام بدوره الأمني في الداخل، عبر تصدّيه للفتنة والسيطرة على الحوادث الامنية وإحتواء تداعياتها، الامر الذي أدخل الأمل إلى قلوب اللبنانيين وعزز ثقتهم بالمستقبل.
كلمة قادة المقر السابقين
بعد توزيع الدروع التذكارية على الضباط المكرّمين، كانت للعميد الركن المتقاعد الدكتور ميشال أبو رزق كلمة باسم قادة مقر عام الجيش السابقين ومما قاله:
حضرة العماد قائد الجيش
أيها الحفل الكريم
لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتذكر وإياكم اوقاتاً حلوة ومرّة قضيناها في جنبات وزارة الدفاع وردهاتها، وعند حدودها وابعد، وفي كلا الأمرين كنا نقود عسكرنا، نبث فيهم روح البذل والعطاء. في مقرنا عملنا بكل دأب وصبر، ونهضنا بواجبنا، فحوّلناه معقل خدمة وسهرنا مع عسكرنا على توفير الخدمات المطلوبة بكل براعة ودقة. وبفضل توجيهاتكم، ضبطت الأمور على ساعة البذل والتفاني، فكان لكل ذي حق حقه. حتى الجماد نال إهتماماً فتحول في مكان جنائن ورود وفي آخر موطئ نصب وتماثيل ومنحوتات، ليس آخرها نصب شهداء عدوان 12 تموز المنصرم الرابض ذكرى وعبرة، يذكرنا بشهداء لن ننساهم، وبهم يعتبر ليحتذوا في سبيل لبنان.
وسط جو القلق الذي نعيش أتتنا لحظة التكريم هذه. ومن يستطيع أن ينكر أن ساعة تكريم من هذا الحضور، ليست ساعة مجد في حياته تبث الفرح والسعادة في نفوسنا جميعاً.
فباسمي، وباسم رفاقي، قادة مقر عام الجيش السابقين، قادة «كتيبة الجنرال» كما كان يحلو لنا أن نسميها، نشكر العماد سليمان قائد الجيش الذي أعطى هذه الفكرة قدرها وأقرّها، ونشكره بالأخص لحضوره الشخصي، وسط همومه واهتماماته وإنشغالاته، في جو يؤرق العين ويشغل البال. كيف لا وهو الحريص الأمين على توارث التقاليد العسكرية الأصيلة من جيل إلى جيل.
كما ونشكر حضرة القادة السابقين للجيش، وحضرة رؤساء الأركان، ونفتقد من بينكم الغائبين، لأن لكم جميعاً الفضل في حفظ الأمانة، وتناقلها من يد أمينة إلى يد لا تقل عنها أمانة.
إن مدرسة الجيش مدرسة عظيمة. فهي مدرسة بسالة وأخلاق، مدرسة بعيدة عن المذهبية والطائفية، بعيدة عن الفئوية، تطغى فيها المناقبية العسكرية فيسقط أمامها منطق العنف الارعن. إنها، بكلمة، مدرسة وطنية عربية خالصة. هذا هو جيشنا يحمل هموم المواطن، بحريته وأمنه ومصالحه، ويجعل مهرجانه الأضخم مهرجان العطاء والصمت والتأمل.
ضمن هذه المبادئ تطوّعنا، تعلمنا، ثم عملنا وعلَّمنا وتقاعدنا. قاعدتنا في عملنا حكمة جليلة: «ميدانكم أنفسكم، فإن قدرتم عليها فأنتم على غيرها أقدر، وإن عجزتم عنها فأنتم عن غيرها أعجز». وذلك إيماناً منا بأن قيمة الدولة على المدى البعيد هي قيمة الافراد الذين يكونونها، فإذا كانوا صغار النفوس فإن الامة لا تستطيع يوماً تحقيق شيء عظيم.
هاجسنا كان دائماً الوفاء لقسمنا. هذا القسم يلاحقنا منذ مهده، لحظة تسلّم السيف، سيف الحق والعدالة والقانون... ونحن إذ نشعر بالإطمئنان الكامل والمريح لصورة الجيش، لا نخفيكم أنه يعترينا بعض الهاجس والقلق عندما ننظر إلى صورة الوطن. فنحن شعب يدعي العلم والمعرفة والثقافة والحضارة، ولا يجوز لنا أن لا نتعظ بما حدث في بلدنا خلال هذه المحنة وقد عايشناها يوماً بيوم وساعة بساعة...
إن عقلنا ليس مخرّباً لكي نخوض التجربة مرة أخرى. إن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين. إن خشبة الخلاص الوحيد هي الإنتماء إلى الوطن الواحد الموحد والمشترك بين جميع أبنائه، خياراً وحيداً وأوحد، وضمانة للعيش المشترك في حمى الحق والعدل والمساواة والأمان...
إن جيشنا يجسد الوحدة الوطنية في أبهى معانيها. لذلك يهرع إليه اللبنانيون، جميع اللبنانيين، في الملمات الجسام. الجيش ملك الأمة كلها من دون قيد أو شرط. لا يقتسم بين فئاتها إقتساماً بل هو بكلّيته لأي منها. إنه جيش الشعب، جيش الكل طالما الكل مع نفسه...
بعد غياب دام ثلاثين عاماً، توجّه الجيش إلى الجنوب الغالي، وعلى رأسه قائده يفترش الارض ويلتحف الخيمة، ليغلق جرح الجنوب المفتوح منذ ثلاثة عقود، جرح الكرامة والشرف في هذا الشرق. ولكم كان على حق حين قال: «سقط لبنان أول ما سقط في الجنوب ولن أقبل بأن يسقط ثانية في الجنوب».
جيشنا أنت حصن الوطن الحصين. أنت زارع الأمل في النفوس. وسوف تستمر بدورك الريادي تلقي بذار الرجاء بشجاعة وإيمان. من يمس الجيش، بغير طبق من الورد، يمس حدقة عين اللبنانيين، جميع اللبنانيين.