صحة ووقاية

تكيّس المبيض لدى المرأة
إعداد: روجينا خليل الشختورة

شعر زائد، وزن زائد... ومشاكل قد تسبب أمراضًا خطيرة إذا تأخّر العلاج
واحدةٌ من خمسة عشر امرأة تصيبها متلازمة تكيّس المبيض التي غالبًا ما تبدأ أعراضها بالظهور في سنّ المراهقة. ومن أبرز هذه الأعراض الشعر الزائد وانخفاض كثافة شعر الرأس وعدم انتظام الدورة الشهرية...
الدكتور توفيق اسكندر نكد (إختصاصي في الجراحة النسائية والتوليد وتقنيات الإخصاب والجراحة التنظيرية)، يتحدّث عن هذا المرض الشائع وطرق علاجه.

 

تعريف المرض
يعرّف الدكتور نكد متلازمة تكيّس المبيض (Polycystic Ovary Syndrom) على أنّها مشكلة سببها خلل في توازن الهرمونات لدى المرأة، وقد يؤدي إلى مشاكل في الدورة الشهرية، وإلى الحدّ من قدرة المرأة على الحمل، بالإضافة إلى تغيرات غير مرغوب فيها على صعيد الشكل. وعدم معالجتها، قد تؤدي مع مرور الوقت إلى تداعيات خطيرة، مثل أمراض السكري والقلب.

 

الأعراض
تتميز أعراض متلازمة تكيّس المبيض، في مراحلها الأولية، بكونها أعراضًا طفيفة، في الغالب. منها أوّلاً الخلل في الدورة الشهرية (من عمر المراهقة)؛ ووفق ما يوضح الدكتور نكد، تنمو في الوضع الطبيعي لدى المرأة، حوالى خمسة جريبات (Follicules) خلال الدورة الشهرية، ويحرر الجريب الواحد بويضة ناضجة عندما تحين الإباضة. لكن في حالة المبيض المتكيّس، ينضج ما لا يقلّ عن ضعف ذلك نظرًا لوجود جريبات أكثر من المعتاد، ويكبر معظمها وينضج من دون تحرير أيّ بويضة. من هنا تتأخر الدورة الشهرية (Olygo-ovulation) أو حتى تنقطع نهائيًا (Unovulation).
ثاني الأعراض، الخلل في توازن الهرمونات الجنسية، ما قد يؤدي إلى ظهور حبّ الشباب، ونمو الشعر على الوجه والصدر والجزء الأسفل من البطن، وانخفاض كثافة الشعر على الرأس.
كذلك، فإنّ ارتفاع مستوى هرمون الأنسولين في أكثر من 50% من الحالات، هو مؤشر لاحتمال الإصابة بالمرض. وارتفاع مستوى هذا الهرمون يؤثر في عمل المبايض ويؤدي إلى اضطراب استجابتها للإشارات الهرمونية الصادرة عن الدماغ والمسؤولة عن تكوّن البويضات، فيتوقف نموّها وتبقى في المبايض على شكل أكياس صغيرة متجاورة. يضاف إلى ذلك اكتساب الوزن الزائد وعدم القدرة على خسارته من جديد.
ويقدّر عالميًا أنّ متلازمة تكيّس المبيض تصيب ما بين 10 و15 بالمئة من النساء في سنّ الإنجاب، ويعتقد أنّها أكثر شيوعًا لدى النساء الآسيويات.

 

المشاكل
تختلف المشاكل الناجمة عن هذا المرض من مريضة إلى أخرى، فتأثيره على امرأةٍ لا تريد الإنجاب ليس نفسه على من ترغب في أن تصبح أمًّا. إجمالا الفتاة المراهقة في سنّ الـ 19 مثلاً مشكلتها جمالية محضة، وتتمثّل في الإزعاج الذي يسببه الشعر الزائد وحب الشباب وعدم انتظام الطمث... أمّا المرأة المتزوجة التي تريد الإنجاب وتكوين عائلة، فمشكلتها تكمن في صعوبة الحمل، وبالتالي فإنّ العلاج يختلف بين الحالتين.

 

التشخيص
تشخيص المرض بحسب الدكتور نكد، ليس بالأمر الصعب؛ والخطوة الأولى التي يقوم بها الطبيب هي طرح أسئلة عن التاريخ الطبي للمريضة، الأعراض التي تعانيها، والدورة الشهرية لديها. ثمّ يجري فحصًا سريريًّا للكشف عن أعراض المتلازمة (وجود شعر زائد، ارتفاع ضغط الدم)، ويفحص الطول والوزن، كي يتأكد من أنّ كتلة الجسم طبيعية (Body Mass Index - BMI). يعقب ذلك إجراء فحوصات مخبرية لقياس مستوى السكر في الدم، الأنسولين ومستويات الهرمونات الذكرية، الحليب، الأسترادايول والأسترون. ففحص الهرمونات يساعد على التأكد من عدم وجود خلل في الغدة الدرقية (Thyroid gland)، أو في الغدد الاخرى، والتي يمكن أن تسبب أعراضًا مشابهة لأعراض تكيّس المبيض.
تصوير الحوض بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound) هو أيضًا من تقنيات التشخيص، وقد لا يكون ضروريًا دائمًا لكن إجراءه يساعد على نفي وجود أمراض أخرى.

 

العلاج
ينطلق العلاج المعتمد في حال تكيّس المبيض من وضعية المريضة. فعلاج الفتاة العزباء يقتصر على استخدام حبوب منع الحمل التي تنظم الدورة الشهرية وتحدّ من نمو الشعر الزائد. وفي حال كان الشعر كثيفًا جدًا وخشنًا، يتم وصف حبوب مضادة للهرمون الذكري – بالإضافة إلى حبوب منع الحمل- لفترة محددة. وينصح الدكتور نكد باستخدام الطرق الأخرى لإزالة الشعر مثل الكي بالليزر كحلّ مؤقت بانتظار أن يكون العلاج قد حلّ المشكلة. لكنّه يؤكد في المقابل أنّ المشكلة ستبقى قائمة إذا لم تعالج طبيًا.
في الحالات التي تبيّن فيها الفحوصات ارتفاع نسبة الأنسولين في الدم والتي تترافق عادةً مع زيادة في الوزن، ينصح باتباع حمية غذائية وبممارسة التمارين الرياضية، بالإضافة إلى تناول حبوب تنطم عمل الأنسولين في الدم «Insulin Sensitizer».
أما علاجات الحالة التي يصعب فيها على المرأة الحمل بسبب تكيّس المبيض، فتقوم في الدرجة الأولى على تناول حبوب تنظيم عمل الأنسولين في الدم التي تساعد على انتظام هرمونات الجسم وتخفّف من حدّة المرض وتزيد في الوقت نفسه من استجابة المبايض للعلاجات المنشطة. يجب الاستمرار بهذا العلاج لمدة تراوح بين 3 و12 شهرًا؛ وذلك وفق مستوى هرمون الأنسولين. ويساعد هذا العلاج على عدم حدوث استجابة مفرطة عند استخدام إبر أو حبوب تنشيط المبايض، وينصح باستخدامـه أيضًـا خلال الأشهـر الأولى من الحمل لتقليل نسبـة الإسـقاط.
في الدرجة الثانية، يعطي الطبيب هرمونات تحريض الإباضة إما على شكل حبوب أو إبر مع المراقبة الدقيقة للمبايض وتحديـد أيـام الإباضـة، فتكون نسبة الحمل عند حدوث الإباضة حوالى 40%.
وإذا باءت كلّ هذه العلاجات بالفشل، يختم الدكتور نكد، نلجأ كخيار أخير إلى العلاج الجراحي الذي تصل نسبة نجاحه إلى 70%.