عبارة

توحيد الجهود

حين تُقيم الدول علاقات تعاون عسكري على مستوى جيوشها، تسعى إلى تحقيق الاستفادة المتبادلة من هذا التعاون خدمة لأهدافها ومصالحها، ودرءًا للأخطار التي تهدّدها. وتأتي المناورات والتمارين المشتركة بين الجيوش لتُتوّج هذا المسار بصورة تعكس الرغبة في توحيد الجهود وتمتين العلاقات، والعمل على تحصيل أفضل ما يمكن من الإيجابيات المتأتية عن التمرين، ولا سيما إذا كان على نطاق واسع، بما يشمل عدة وحدات وأسلحة.

تتيح هذه التمارين بالدرجة الأولى تدريب العسكريين من مختلف الرتب على خوض المعركة، من خلال محاكاة ظروف الميدان وحث العناصر على تحمُّل الضغوط ومواجهة الأخطار، والمضي قدمًا وإيجاد الحلول المبتكرة للمعضلات التكتية. كما تسمح بتبادل الخبرات القتالية والعملانية بين الجيوش الحليفة المشارِكة، ما يعني تعزيز نقاط القوة والمساهَمة في سد الثغرات في الأداء، إذ إن لكل جيش طريقته ونهجه في تقدير الموقف وتحليل المعطيات، ومن ثم تنفيذ المهمة.

لكلّ ما سبق، تسعى قيادة الجيش إلى تنفيذ التمارين المشتركة مع الجيوش الصديقة، على أن يشمل ذلك أكبر عدد ممكن من الوحدات والعسكريين، حتى يتمكنوا من تطبيق مكتسَبات التدريب ويستفيدوا من طريقة عمل الجيوش الأخرى لتطوير أدائهم. ويأتي في هذا السياق تمرين Resolute Union الذي تم تنفيذه مؤخرًا، بمشاركة وحدات خاصة ووحدات أخرى من مختلف الأسلحة والتخصصات، إلى جانب عناصر من الجيشين الأميركي والأردني. وهذا إنْ دلّ على شيء، فإنّه يدل على عمق العلاقة التي تجمع تلك البلدان وجيوشها، والرغبة الصادقة لديها في تبادُل الدعم في وجه التحديات.

ومن الطبيعي إذًا أن يشكّل التمرين محطّة مهمة في مسيرة الجيش لتنمية قدراته على مختلف الصُّعُد، بدءًا من المستويات العليا لدى الضباط المسؤولين عن قيادة الوحدات، مرورًا بالضباط المرؤوسين الذين يُصدِرون الأوامر ويتابعون التنفيذ، وصولًا إلى العناصر المنفّذين الذين يتوقف عليهم أيضًا بلوغ الهدف بفاعلية واحتراف.

وقد رأينا في نجاح التمرين والخلاصة الإيجابية التي خرجت بها قيادتا الجيشين الأميركي والأردني، دليلًا على الثقة والاحترام اللَّذَين تتمتع بهما المؤسسة العسكرية بين أصدقائها، وحافزًا يدفعنا إلى مزيد من العطاء لتنمية قدراتنا، وإلى مواصلة الجهود في سبيل وطننا. فإرث مؤسستنا لا ينحصر بالتضحيات الكبرى لأجل لبنان، بل يمتد ليرسم شبكة علاقات تعاون وثيق مع الجيوش الصديقة، بما يساهم في تعزيز أمننا واستقرارنا، وذلك إرث غالٍ سنسعى دائمًا إلى صونه بمزيد من الخطوات المفصلية في المستقبل.

العميد علي قانصو

مدير التوجيه