أبنية ومنشآت

ثكنة جديدة للمجوقل في غوسطا: من هنا تنطلق النسور
إعداد: الرقيب كرستينا عباس

هو فوج، أثبت جدارته في المهمات، برهن عن براعته في القتال، واستطاع حسم أشرس المعارك بأقل أضرار ممكنة. فمن الضنية في العام ٢٠٠٠، مرورًا بنهر البارد ٢٠٠٧، وصولًا إلى معركة «فجر الجرود» في العام ٢٠١٧، كان الفوج المجوقل وما زال متأهبًا وجاهزًا للانقضاض على أعداء الوطن.

 

منذ تأسيسه في العام ١٩٩٢، تمركز الفوج المجوقل في بلدة غوسطا الكسروانية، ونشأت بينه وبين أبناء المنطقة علاقات وطيدة يتوّجها الود والتعاطف والاحترام. كانت هذه العلاقات تجد ترجمتها العملية في المناسبات المختلفة، من المشاركة في إحياء الأعياد الوطنية، وتكريم الشهداء، إلى تقديم الدعم المادي للفوج.

 

أحلام الأعداء تكسرت عند أقدام جنودنا
في إطار هذا الدعم قدم آل محاسب للجيش قطعة أرض لإنشاء ثكنة جديدة للفوج.
قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي أطلق مشروع بناء الثكنة الجديدة في غوسطا، شدّد في كلمته على دور الوحدات الخاصة في الجيش اللبناني التي طالما شكلت قوات النخبة، «محقّقة النصر تلوَ النصر في معارك واجهها الجيش ضد أعداء كُثُر حلموا بكسر هيبة الوطن وعقيدة جيشه، لكنّ أحلامهم تكسرت عند أقدام جنودنا الأبطال، فكانوا فخرًا للمؤسسة كما للبنان». وأضاف العماد عون: «وحدات النخبة، من مغاوير ومغاوير بحر ومجوقل تثبت يومًا بعد يوم، قدراتها العسكرية والقتالية العالية، وكفاءة ضباطها وأفرادها في مواجهة الأخطار والدفاع عن لبنان. من هنا اهتمام القيادة بتوفير كل الإمكانات التي تحتاجونها لتطوير قدراتكم، والتي تجعلكم في جهوزية تامة ودائمة، في ظل وضع أمني، رغم استقراره، يتطلب منا البقاء على أهبّة الاستعداد».


٤٧ شهيدًا وأكثر من ٦٠٠ جريح
وفي لفتة منه إلى تضحيات الفوج، قال قائد الجيش: «٤٧ شهيدًا وأكثر من ٦٠٠ جريح، قدّمهم الفوج المجوقل على مذبح الوطن منذ تأسيسه في العام ١٩٩٢ وحتى اليوم. هؤلاء الأبطال ليسوا مجرّد أرقام تُضاف في سجلات الشرف والتضحية والوفاء في المؤسّسة العسكرية، بل هم سرّ انتصار الجيش على أعدائه، وسرّ قوّتنا وعزيمتنا. لم ولن ننساهم، ولن ننسى عائلاتهم أيضًا». كما لفت إلى تميّز الفوج واحترافه قائلًا: «لقد أثبت الفوج المجوقل خلال مسيرته العسكرية، رغم فتوّته، قدرته على التميّز والاحتراف والجهوزية الدائمة عتادًا وعديدًا، مبرهنًا قدرته على مفاجأة العدو خلف خطوط دفاعه. خَبِر أرض المعارك، وبخاصةٍ الحدود الشرقية، فأضحت الجرود، تلك الأرض القاسية التي احتلّها الإرهاب، بقعة تحدٍّ، لكنّه تمكّن بفضل قدراته العسكرية والتدريبية التي عمل على تطويرها، من استعادتها بأقل الخسائر».
 

الواحد للكل والكل للواحد
ونوّه قائد الجيش بعصبية القطعة، والروح العائلية التي تجمع عناصر الفوج، فقال: «كنتم الواحد للكل والكل للواحد، ما جعلكم جسمًا واحدًا عصيًّا على الكسر، لا تلينون ولا تنحنون، إلا لخالقكم ومن بعده لبنان. لقد تمكّنتم من حجز مكان لكم في قلوب اللبنانيين، الذين يترجمون حبّهم لكم دعمًا وسندًا وتقديرًا.
من هذا المكان، أرض النسور حيث تمشي الهامات مرفوعة الجبين، نطلق مشروع بناء ثكنة جديدة للفوج المجوقل. ثكنة تحاكي بمنشآتها المتطلّبات العسكرية والتدريبية واللوجستية التي يحتاجها لتطوير قدراته. من لواءٍ مع إعادة هيكلة الجيش في الثمانينيات، إلى فوجٍ في التسعينيات، رحلة بناء وتطوير، عُمّدت بالدم ومُهرت بختم البطولة أينما حللتم، فكنتم رجالًا، لقسمكم أوفياء. علّمتم الأعداء درسًا، لا يمشي على أرضكم، أرض النسور، إلا من كان مرفوع الجبين».


إلى حلم ٍيتحقق!
من جهته، أشار قائد الفوج العميد الركن جان نهرا إلى أنّ الفوج يضمّ نحو ٦٠٠ عسكري، وهو بحاجةٍ إلى مبانٍ متطوّرة تحاكي مستوى الاحتراف الذي بلغه وحجم عتاده. وقال في كلمته خلال الاحتفال: «تمثّل هذه الخطوة بداية المشروع الحلم، وتجعلنا أقرب من أي وقت مضى إلى تأسيس ثكنة نموذجية متكاملة للفوج المجوقل، تكون على قدر تطلعات ضباط الفوج وعسكرييه، الذين خطّوا عبر تاريخ الجيش مسيرة معمّدة بدماء الشهداء في المعارك ضد أعداء الوطن، وفي طليعتهم العدو الإسرائيلي والإرهاب».
وتوجّه بالشكر إلى قيادة الجيش، وعلى رأسها العماد جوزاف عون، «على الاهتمام البالغ بأفواج القوات الخاصة بشكلٍ عام، والفوج المجوقل بشكلٍ خاص، وعلى الجهود الجبارة التي بُذلت في هذا المجال، لدفع مسيرة النهوض ومواكبتها، حتى أضحى هذا العهد عهد البناء والتطوير والتحديث في المؤسسة». وأضاف: «كذلك، أوجّه أسمى معاني المحبة والتقدير للجهات الداعمة محليًا ودوليًا، وأخصّ بالشكر عائلة محاسب التي قدّمت الأرض هبة لمصلحة الجيش، فجمعت العطاء الروحي بالعطاء المادي، وأثبتت أنّها حارسة للقيم الوطنية والاجتماعية».
وختم العميد الركن نهرا متعهدًا بأن يبقى الفوج المجوقل أمينًا لمبادئ الشرف والتضحية والوفاء، وأن تكون هذه الثكنة ملتقى كل من يؤمن بمسيرة الجيش، وأن نبقى مستعدين للتضحية بالغالي والنفيس ليبقى بلدنا قِبلة الأنظار، ووطنًا للإنسان ومثالًا ناصعًا في الكرامة.
 

ثكنة على كتف الوادي
على هامش الاحتفال، تحدّث مساعد قائد الفوج العقيد الركن مارون أبو هلّون عن الثكنة الجديدة، فأوضح أنّها تقسم إلى ثلاث بُقع. الأولى بقعة لوجستية تضمّ المشغل ومحطة وقود ومنشآت أخرى، الثانية مخصّصة للتدريب (جولة المقاتل، جولة المخاطرة، حقل الرماية، مهابط طوافات)، والثالثة مجموعة المباني (قيادة الفوج وسرايا القتال).
وأشار إلى أنّ مشروع البناء يراعي وجود المساحات الخضراء علمًا أنّ الفوج منذ تمركزه في المنطقة حرص على الاهتمام بالبيئة من خلال عدم قطع الأشجار، ومنع الصيد في المحيط، ومعالجة النباتات التي تحتاج إلى عناية.

 

المباني والأقسام

وفق المقدم غياث المختار، تتألف الثكنة من: ١١ مبنى للسرايا ومبنى لقيادة الفوج، فضلًا عن مبانٍ أخرى تشمل: مشغل آليات، ملاعب رياضية، مساحة تدريب، مطاعم ومطبخ، محطة وقود، محطة تكرير، مهبط طوافات، مخازن وغرفة عمليات تحت الأرض... وسيُضم إلى الثكنة مشبه الرمي الحالي والمتحف وحديقة الشهداء.
تشرف الثكنة الجديدة على الوادي، وقد تمّ استثمار المساحة بأفضل ما يمكن لتكون المنشأة نموذجية بكل المقاييس.

 

مميزات وأرقام

- ٢٦ مبنى على مساحة ١٧٦ ألف متر مربع.
- أبراج مراقبة على مساحة ١،٦ كلم٢.
- خدمات وبنى تحتية بيئية ومتطوّرة.
- منشآت تلائم مختلف الظروف المناخية.
- كلفة المشروع ٢٥ مليون دولار.

 

الأرض هبة
تقع ثكنة الفوج على أرض تابعة لوقف دير مار شليطا، وفي العام ٢٠٠٧ عقدت لقاءات مع آل محاسب القيّمين على أملاك الوقف، كانت نتيجتها اتّفاق حول استملاك جزء من الأرض، قدّمها الوقف كهبةٍ. وبفضل دعم المحبين من أبناء المنطقة والوطن، تمكن الفوج من تشييد مبانٍ إضافية، إذ كانت سريتان منه تقيمان في شوادر.
ويخبرنا قائد الفوج السابق العميد الركن المتقاعد جورج نادر، أنّه في حين بدأت عملية إعادة تأهيل الثكنة وبناء مبانٍ جديدة، كانت القيادة تدرس هندسيًا وماديًا مشروع بناء ثكنة جديدة للفوج في الأرض المستملكة. فقد كان لا بدّ من إنشاء ثكنة جديدة لاستيعاب العديد والعتاد، ومواكبة ما وصل إليه الفوج من تطور على صعيد قدراته البشرية. إذ اعتبره قائد القوات الخاصة الأميركية أفضل أفواج القوات الخاصة في الشرق الأوسط.

 

تصوير: العريف مارون بدر - العريف روي الحلو - العريف جاك البيطار